إنكار الإبادة باتت ثقافة اجتماعية في تركيا

في الذكر ال‍ 103 لمجزرة لأرمن أوضحت المؤرخة عائشة هور أن المجتمع الذي بات تحت حكم الدولة القومية, لم يعد يعترف بمجزرة الأرمن و تحول الإنكار في ظل هذه الدولة الى ثقافة سياسية و اجتماعية.

في حوار اجرتها وكالة فرات للأنباء مع المؤرخة عائشة هور في الذكرى ال‍ 103 لإبادة الأرمن, هور أوضحت أنه ومنذ سنوات وبضغط من قبل القوى الديمقراطية و الشتات الأرمني في ما يتعلق بقضية إبادة الأرمن كان هنالك أمال على أن تتحول سياسات تركيا باتجاه الديمقراطية, لكن الدولة التركية و بسبب تلك العقلية المستبدة المتجذرة فيها عادت من جديد إلى سياسات الإنكار و عدم الاعتراف بالأخرين.

عائشة هور أضافت: لان المجتمع بكاملة انطلاقاً من المدارس وصولاً الى الخدمة العسكرية كل ما في تركيا بات تحت هيمنة الدولة القومية, بات الإنكار ثقافة اجتماعية و سياسية. هذا المجتمع بات يرفض التعرف على أي شيء أخر سوى ما تمليه عليه الدولة التركية.

هور اوضحت أنها لم تعد تستغرب رده الفعل هذه من قبل المجتمع و تابعت بالقول: في العام 2000 مسؤولين في الحكومة التركية قالوا:" الشعب الأرمني تعرض للظلم بقدر الشعب التركي", هذا التصريح كان الهدف منه اظهار المعاناة للشعبين على انها متساوية, هذا التصريح اذهلني فعلاً. هذا لان الجمهورية التركية مبنية في الاساس على الإنكار و الإبادة. تركيا عندما تعترف بالمساوات اذا عليها أن تعيد منازل و ممتلكات الشعب الارمني لهم التي سلبت منهم. عندما تعترف أن هذه الارض هي ارض ابائهم و اجدادهم اذا انت مجبر على منحهم حق المواطنة و إعادتهم الى موطنهم الاصلي. مع الاعتراف بهذه الابادة فهذا يعني أنك تزيح حجر الزاوية الاهم من تاريخ هذه الدولة, مع إزاحة هذا الحجر تبدأ الدولة بالانهيار و تركيا حتى لا تنهار عادت الى سياسات الانكار و الإبادة السابقة. في ظل هذه الصراعات العالمية تركيا تقول:" العالم أجمع عدو لتركيا, الامبريالية العالمية تحاول تقسيم تركيا" فمن الطبيعي أن لا تجد أحد يتحدث عن الإبادة التي صلت قبل مئة و ثلاثة سنوات.

عائشة هور وبالعودة الى تاريخ الإبادة قالت: في البداية الدولة العثمانية استهدفت مثقفي, قيادات و زعماء الارمن وكان الهدف هو اسكات صوت الشعب الأرمني و اضعافهم. وكان الهدف من الإبادة الاستيلاء على ممتلكات و ثروة الأرمن, الروم و اليهود بالدرجة الاولى, أما الهدف الثاني فكان يتعلق بنظرية العرق الصافي في تلك الفترة. وكان هناك قناعة تامة في حال تأسيس دولة تعتمد على تلك النظرية فستكون هذه الدولة قوية بشكل كبير. بعد هذا قام الزعيم النازي أدولف هتلر بحرق اليهود في الافران و ارتكاب المجازر بحقهم وحاول تطبيق هذه النظرية , كانت اول محاولة لتطبيق هذه النظرية عام 1915 على يد حكومة الاتحاد و الترقي في عهد الدولة العثمانية. بدأت الإبادة بحق الأرمن و كل من هو غير مسلم على يد العثمانيين وتم قتلهم وتهجيرهم من ارضهم و توطين المسلمين و من يسمون بالتركمان على ارضهم.

بالحديث عن الوضع الراهن, هور اوضحت أن سبب هذه الاوضاع في تركيا اليوم هي العقلية و القالب الذي وضع تركيا نفسها فيه. وتابعت بالقول: أن شعار" علم واحد, شعب واحد, وطن واحد, لغة واحدة و دين واحد" الذي يتبناه المسؤولين الكبار في الجمهورية التركية شعار خاطئ. والمجتمع لا يمكن أن يكون بهذا الشكل الذي يدعون إليه ولا يتقبل هذا الشعار مضيفتاً أن هذه العقلية تتعارض تماماً مع حقيقة الحياة.

هور في الختام اوضحت ان استمرار فرض هذه السياسة و ثقافة الشكل الواحد تؤدي الى نتيجة واحدة و هي إما الموت او الإبادة و قالت: لمنع تكرار الإبادة فيجب على تركيا الاعتراف بباقي الثقافات.