وزير الداخلية الفرنسي: الحكومة التركية تريد التدخّل في المسائل الفرنسية، وخصوصاً الدينية

قال وزير الخارجية الفرنسي: إن "لدينا عدد من المؤشّرات على أنّ الحكومة التركية تريد التدخّل في المسائل الفرنسية، وخصوصاً الدينية".

جاء ذلك في إطار الجدل الدائر بشأن تمويل جامع تبنيه جمعية "مللي غوروش" الموالية لتركيا، حيث اتّهم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بلدية مدينة ستراسبورغ (شرق فرنسا) "بتمويل تدخّل أجنبي على الأراضي الفرنسية" لموافقتها على تقديم مساهمة مالية لبناء جامع تقف خلفه جمعية إسلامية موالية لتركيا.

وقال دارمانان "لقد أتيحت لي الفرصة لأقول لرئيسة بلدية ستراسبورغ إنّنا، بالحدّ الأدنى، لا نجد هذا الأمر متماشياً مع المصالح الفرنسية"، موضحاً أنّ "هذه الجمعية الموالية لتركيا لم ترغب بالتوقيع على ميثاق قيم الجمهورية".

وأضاف دارمانان "نحن نعتبر أنّ هذه الجمعية لم يعد بوسعها أن تكون جزءاً من الهيئات التي تمثّل الإسلام في فرنسا".

وأتى تصريح دارمانان غداة تحذير الرئيس الفرنسي في تصريح متلفز من محاولات تقوم بها تركيا للتدخّل في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرّرة في 2022.

وبحسب وزير الداخلية فإنّ "هناك خصوصاً في ستراسبورغ  محاولات قوية للغاية للتدخّل في بلدنا، ولا سيّما من قبل تركيا".

وأضاف "لدينا عدد من المؤشّرات على أنّ الحكومة التركية تريد التدخّل في المسائل الفرنسية، وخصوصاً الدينية".

ووافق، الاثنين، مجلس بلدية مدينة ستراسبورغ "من حيث المبدأ على تقديم منحة مالية" بقيمة أكثر من 2.5 مليون يورو للمساهمة في تشييد مسجد تبنيه جمعية "مللي غوروش" الإسلامية الموالية لتركيا في حيّ للطبقة العاملة في المدينة.

ونفت رئيسة بلدية ستراسبورغ جان بارسيغيان، وهي من دعاة حماية البيئة، في رسالة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون أن تكون قد تلقّت أيّ تحذير من أجهزة الدولة بخصوص هذا المسجد.

ووفقاً لرئيسة البلدية فإنّ هذا المبلغ يمثّل "10 بالمئة من الكلفة الإجمالية لأعمال البناء".

وردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس، ذكّرت رئيسة البلدية بأنّ مشروع بناء المسجد يعود إلى "حوالي عشر سنوات" وأنّ وضع الحجر الأساس تمّ في 2017 "بحضور سلفها (رولان ريس) والمحافظ (ممثّل الدولة) جان-لوك ماركس، وعدد من البرلمانيين".

كما أكّدت أنّ البلدية وافقت على تقديم هذه المساهمة المالية "بشروط، هي تقديم خطة تمويل قوية وشفافة، وتأكيد صاحب المشروع على تمسّكه بقيم الجمهورية".

وأضافت "إذا كان الأمر يتعلّق بتدخل أجنبي على الأراضي الفرنسية، فهذا أمر يخصّ الدولة والحكومة، لذلك من واجب الدولة أن تتحمل مسؤولياتها وأن تتشارك المعلومات التي بحوزتها مع المسؤولين المنتخبين المحليّين".

ويأتي هذا الخلاف في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات بين فرنسا وتركيا منذ الهجوم الذي شنّته أنقرة في أكتوبر 2019 على مناطق الادارة الذاتية في شمال شرق سوريا المتحالفة مع الغرب.

كما ساهمت السياسة التوسّعية التي تنتهجها تركيا في كلّ من في ليبيا، وشرق البحر الأبيض المتوسط (حيث وقع حادث بين قطع حربية تركية وفرنسية في يونيو 2020) والسياسة التي تنتهجها فرنسا لمكافحة التطرّف الإسلامي، في تأجيج الخلاف بين باريس وأنقرة في الأشهر الأخيرة. 

ويذكر أن جمعية مللي غوروش ومعناها "الرؤية الوطنية"، هي حركة سياسية دينية ومجموعة من الأحزاب الإسلامية التركية مستلهمة من  نجم الدين أربكان الذي صار رئيس الوزراء في تركيا وأُطلق عليها اسم "منظمات الشتات التركية الرائدة في أوروبا"،  ووُصفت بأنها أكبر منظمة إسلامية تعمل في الغرب. 

تأسست مللي غوروش في عام 1969م، وأعلنت الحركة في عام 2005م أن لها 87,000 عضو في جميع أنحاء أوروبا، منهم 50,000 فقط في ألمانيا.

ويشير تقرير نشره معهد Hudson Institute أن الجماعة الإسلامية ميللي غوروش (ICMG) هي اليوم المنظمة الإسلامية الأكثر نفوذا في ألمانيا، ودول اوربية ،وواحدة من أهم الحركات الإسلامية العاملة داخل الشتات التركي في أوروبا.

وتزعم الحركة أنها تدير أكثر من 514 مسجداً ومركزاً ثقافياً في أحد عشر بلداً أوروبياً؛ 323 من هذه المؤسسات تقع في ألمانيا. يبلغ مجموع عضوية ميللي غوروش الأوروبية حوالي 87,000، مع ما يقدر بـ 30,000 عضو في ألمانيا. وتقدر المنظمة أن حوالي 000 300 شخص في أوروبا يحضرون شعائرها الدينية أسبوعيا.

ويعتقد مراقبون أن الحركة تشكل الجذور الأيديولوجية والسياسية لأردوغان وتواصل سعيها للتأثير على المواطنين من أصل تركي والمسلمين في اوربا للتأثير بشكل انتقائي على عملية صنع الإرادة السياسية وأن شبكة أردوغان الإسلامية القومية تنشط من خلال هذه الحركة وغيرها من المنظمات.