تركيا تستمر في انتهاك حصص العراق المائية.. ووفد تفاوضي عراقي يزور أنقرة لحسم الملف

ترفض تركيا الالتزام بالبروتوكولات الموقعة مع العراق، كما ترفض الالتزام بالمعاهدات الدولية التي تصنف نهري دجلةوالفرات على أنها أنهار دولية عابرة للحدود، وبدلاً من ذلك، تتصرف أنقرة وكأن هذه الأنهار هي أنهار تركية محلية، مما بات يهدد الدول المتشاطئة للنهرين.

ترفض تركيا الالتزام بالبروتوكولات الموقعة مع العراق، كما ترفض الالتزام بالمعاهدات الدولية التي تصنف نهري دجلة والفرات على أنها أنهار دولية عابرة للحدود، وبدلاً من ذلك، تتصرف أنقرة وكأن هذه الأنهار هي أنهار تركية محلية، مما بات يهدد الدول المتشاطئة للنهرين.

وعادة ما ترفض تركيا حتى عقد اجتماعات لبحث تأمين حصة من المياه للعراق.

وضمن المساعي العراقية لحل هذا الملف العالق مع تركيا من المقرر أن تشهد العاصمة التركية أنقرة، منتصف الشهر الجاري، مفاوضات بين تركيا والعراق حول مسودة بروتوكول يتم بموجبه تحديد آليات التعاون تركيا فيما يتعلق بضرورة تطبيق مبدأ الانصاف والعدالة في توزيع الحصص المائية وضمان حقوق العراق المائية.

وبنت تركيا عدد من السدود ، بدأت في عام 2006، ببناء سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل، عام 2018، مما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد في المياه وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعية والسكان.

وخلال السنوات الأخيرة، انخفض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات بشكل واضح، مما أثار المخاوف بشأن جفاف هذين النهرين الذي يعتمد عليهما العراق بشكل كبيرة في توفير حاجته المياه للزراعة والشرب.

وبحسب تقارير إعلامية فإن وزير الموارد المائية، مهدي رشيد، سيرأس الوفد العراقي الذي يزور أنقرة في 15 كانون الثاني الجاري للتفاوض مع الجانب التركي بشأن مسودة البروتوكول الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا، والتي بموجبها تم تحديد آليات التعاون تركيا في ما يتعلق بضرورة تطبيق مبدأ الانصاف والعدالة في توزيع الحصص المائية وضمان حقوق العراق المائية.

وقال رشيد في تصريحات صحفية، اليوم الأحد، 10 كانون الثاني 2021، إن "وزارته بصدد تحديث خارطة طريق متكاملة مع الدول المتشاطئة بمشاركة جميع الوزارات وتحت مظلة مؤسسة دولية رصينة"، مبيناً أن "مسودة البروتوكول المائي التي ستجري مناقشتها مع تركيا، ستجري ترجمتها بشكل أرقام وواقع بالنسبة للإطلاقات المائية المطلوبة، بالتنسيق مع الجانب التركي".

وأضاف أن "الخطوة التي بادرت بها الحكومة ووزارة الموارد المائية لم يسبق للوزارات المتعاقبة والحكومات السابقة أن أقدمت عليها، إذ أن الوزارة هي من طلبت وقدمت صيغة التعاون التي يراد أن تكون مع الجانب التركي".

وتابع أن "الجانب التركي وبعد أن تسلم مسودة بروتوكول التعاون، طلب مدة شهرين لدراستها، إلا أن العراق أصر على عقد أول اجتماع في 15 كانون الثاني، وهو يتزامن مع الإرادة الحقيقية لحسم ملف المياه مع العراق من قبل الحكومة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان، وإنهاء معاناة الشعب العراقي الذي ترجم بصيغة بروتوكول".

وبشأن خارطة الطريق التي تعمل عليها الوزارة مع الدول المتشاطئة مع العراق، أوضح رشيد، أن "خارطة الطريق التي وضعتها الوزارة، لن تكون بعيدة عن مجال التطور في التغييرات المناخية والظروف الأخرى، وقد عملت الوزارة على إعداد دراسة شاملة اشتركت فيها جميع وزارات الدولة، بضمنها وزارات إقليم كردستان، لتقييم واقع المياه والأراضي في العراق، وتم تنفيذها من قبل شركات عالمية متخصصة توضح وضع العراق المائي لغاية عام 2035 من موارد المياه والأراضي".

 وأشار إلى أن "الدراسة تحدث كل 5 سنوات، وحصلت موافقة مجلس الوزراء على تحديث الدراسة وهي الآن في طور الاتفاق مع المؤسسات الهولندية العريقة في هذا الملف، وسيتم خلال العام الحالي 2021 تحديثها وإضافة كل المتغيرات التي حصلت في العراق لغرض تضمينها ضمن الدراسة الستراتيجية".

كما شدد وزير الموارد المائية على "ضرورة تحديث السياسة المائية وفتح قنوات تواصل مع الدول المتشاطئة"، حيث قال إنه "بموجب المتغيرات التي حصلت بعد العام 2014 والفوضى التي عمت البلاد عقب احتلال داعش لعدة محافظات، وضعنا سياسة جديدة صارمة نعمل عليها حاليا وتركيزنا الأساسي فيها هو عدم تكرار ما حصل في محافظة البصرة من شح في الايرادات المائية والذي سبب كارثة كبيرة، وهو هدفنا ونحن جادون بالمضي بهذه السياسة، وكذلك في محافظتي ذي قار والسماوة اللتين تعانيان من مشكلات في الحصول على حصصهما المائية بشكل كامل، كونهما يقعان في منطقة الذنائب".

وبخصوص خطط إنشاء سدود إضافية، أكد رشيد أن "الوزارة وصلت إلى مراحل متقدمة لإدراج (سد مكحول) بالتعاون مع وزارة التخطيط، ونحن عازمون على المباشرة بانشائه خلال العام المقبل 2022، ونأمل تأمين التخصيصات المالية لإنشاء السد، ورغم إدراكنا للأزمة التي تعيشها البلاد والمنطقة مع هبوط أسعار النفط وجائحة كورونا، إلا أننا مصرون على المباشرة على الاقل في إكمال التحضيرات لإنشاء سد مكحول لغرض المباشرة الفعلية لاحقا".

وبيّن أن "الحكومة متابعة ومهتمة بشكل كبير بتنفيذ مشروع السد  عبر تأمين التخصيصات له، فهو يعد من المشاريع الحيوية والستراتيجية التي تخدم العراقيين في تأمين المخزون المائي".

ولفت إلى أن "السدود الموجودة حاليا مع استكمال إنشاء سد مكحول، ستغطي حاجة البلاد ولا حاجة لإنشاء سدود أخرى" .

وأكد رشيد أن "العراق كدولة مصب أكثر من 90 % من وارداته المائية هي من خارج البلاد، وبالتأكيد فإن تحدياته كبيرة، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات وتفاهمات مع الدول أعالي المنبع فإن العراق سيواجه مشكلة، ولكن هذا الملف يحتاج إلى أمرين لتجنيب البلاد الأزمات والمشكلات، وهو ما أوضحته الدراسة الاستراتيجية للوزارة بأن هناك ضرورة لمعالجة المشكلات الداخلية في ما يتعلق بإزالة التجاوزات وتحسين كفاءة الإرواء واستخدام تقنيات الري الحديثة".

ولا يوجد لدى العراق اتفاقية مياه مع تركيا، لكنه وقع منذ عقود على عدد من البروتوكولات بشأن تدفق المياه إلى أراضيه، ففي عام 1920، تم التوقيع على البروتوكول الأول للمياه بين العراق وتركيا وسوريا، ونص عليه عدم بناء السدود أو الخزانات أو تحويل مجرى الأنهار، بطريقة تلحق الضرر بالأطراف الموقعين.

وفي عام 1946، أدرجت بغداد وأنقرة قضية المياه في معاهدة الصداقة وعلاقات حسن الجوار التي وقعاها، وفي عام 1978، وقع بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بعد استكمال تركيا لسد كيبان الذي أثر على حصة العراق من المياه، ومع ذلك، استمرت تركيا في بناء السدود التي تقوض حصة العراق من المياه، بما في ذلك سد أتاتورك الذي تسبب في نقص المياه في العراق في التسعينيات.