شحنات "سي 130" تفضح مساعي تركيا إيهام الشارع العربي عن توافق سري بينها وبين مصر

زعمت تركيا عبر سياستها الخارجية بالتنسيق مع الآلة الإعلامية القطرية، أن هناك توافقا مع القاهرة فيما يتعلق بالأزمة الليبية، إلا أن شحنات الـ"سي 130" الأخيرة أظهرت عكس ذلك.

جاء ذلك في تقرير نشره موقع سكاي نيوز العربية اليوم، وأوضح التقرير أن تلك المحاولات والمزاعم تجددت عبر تصريحات وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، الأربعاء، عقب اجتماع تقييم أداء وزارته خلال العام المنصرم بمقر الخارجية التركية في أنقرة.

وهي التصريحات التي أكد فيها تشاويش أوغلو أن بلاده لا ترغب في الصدام مع مصر في الملف الليبي، وسعي أنقرة لعدم تضارب مصالحها مع القاهرة سواء في ليبيا أو غيرها من الملفات الإقليمية، مشيرا إلى أن التواصل بين الجانبين مستمر على الصعيد الاستخباراتي وعلى مستوى وزارتي الخارجية.

وخلال تصريحات صحفية عقب اجتماع تقييم أداء وزارته، قال إنه "من الطبيعي أن تؤثر الأحداث في ليبيا على جارتها مصر، على غرار تأثر تركيا من تطورات الأوضاع في سوريا العراق".

وأضاف أن تركيا تسعى لتحديد خارطة طريق بشأن علاقات ثنائية جديدة مع مصر، وأن هناك مساعيا تركية للتحرك وفق مبدأ عدم التضارب بين مصالح الدولتين في المحافل الدولية، واستمرار التواصل بين البلدين عبر ممثلياتيهما في أنقرة والقاهرة.

وأشار وزير الخارجية التركي إلى زيارة الوفد المصري رفيع المستوى إلى طرابلس بعد ساعات من حضور وزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس أركانه إلى الغرب الليبي، قائلا :"إن زيارة الوفد المصري لطرابلس ليست مرتبطة بزيارة وزير الدفاع التركي خلوصي آكار إلى ليبيا".

ويؤكد المراقبون في طرابلس على سعي تركيا عبر أدواتها الاستخباراتية والإعلامية، لإيهام الشارع العربي عامة والليبي خاصة بأن هناك توافقا سريا بين مصر وتركيا بخصوص الملف الليبي.

واعتبروا أن تركيا تسعى لضرب العلاقة بين القاهرة وبنغازي من جانب، وبينها وحلفائها بالملف الليبي من جانب آخر، على غرار محاولات نفس الأدوات الاستخباراتية والإعلامية التي تحاول الآن صنع فتنة بين الأشقاء في الخليج وتحديدا بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عبر الاستغلال السيئ لواقعة تفجير مطار عدن، وهو الدور الخبيث المكلف لدى قناة الجزيرة القطرية، واللجان الإلكترونية التي يديرها عناصر الإخوان الإرهابية الهاربين من مصر والخليج إلى تركيا.

شحنات السلاح

وتأتي هذه المحاولات فيما تواصل أنقرة إرسال شحنات من الأسلحة عبر رحلات طائرات الشحن العسكرية "سي 130" إلى الغرب الليبي.

وأفادت مواقع عسكرية في أكثر من مرة برصد طائرات عسكرية تركية من طراز "سي 130" متجهة إلى الغرب الليبي، محملة سواء بأعداد من المرتزقة السوريين أو بالأسلحة، لدعم مليشيات طرابلس.

وقبل 3 أيام، ذكرت مصادر ليبية أن طائرتي شحن قادمتين من تركيا هبطتا في قاعدة الوطية، غربي ليبيا، في مؤشر على استمرار أنقرة في دعم المرتزقة.

ويأتي وصول هاتين الطائرتين إلى "قاعدة الوطية"، رغم وجود قرارات دولية تحظر إدخال الأسلحة إلى ليبيا.

محاولات فاشلة

وأوضح الخبير الليبي أشرف الباروني، أن تركيا تعتمد في سياستها الخارجية على بث الفتن وضرب العلاقات بين الأشقاء العرب منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا.

ويقول الباروني لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "كثيرا ما سعت تركيا مؤخرا للترويج على أن مصر ستفضل مصلحتها الاقتصادية مع تركيا على حساب أمنها القومي وتاريخها المشترك ووحدة المصير والدم مع الشعب الليبي".

وأضاف أن هذا التحرك "فشل أمام ثقة الشعب الليبي الكبيرة في الشقيقة الكبرى مصر وتاريخها المشرف مع كل جيرانها، في ظل تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دوما على أهمية أمن واستقرار ليبيا والتي تمثل جزءا رئيسيا من أمن واستقرار القاهرة".

وتابع أن لدى وزارة الخارجية التركية وحدة خاصة للكشف عن الملفات التي قد توتر العلاقات بين الدول العربية ببعضها البعض، وبين الشعوب العربية والأنظمة الحاكمة.

وأردف "من هنا تبدأ اللجان الإلكترونية التي تعمل في الدوحة وإسطنبول بقيادة عناصر الإخوان الهاربة في نشر أمواج من الأكاذيب كي تؤجج المشاعر بين شعوب تلك الدول من جانب، وبين الشعوب والأنظمة الحاكمة في الدولة الواحدة من جانب آخر".

تلون تركي

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية المصري الدكتور محمد الشريف، أن زيارة الوفد المصري رفيع المستوى إلى طرابلس، والتي جاءت بعد ساعات من زيارة وزير الدفاع التركي لليبيا، ألقت بظلالها على غرفة صناع ومتخذي القرار في أنقرة.

وقال الشريف لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ما عرضه الوفد المصري للجانب الليبي بخصوص رفض القاهرة لأي قواعد عسكرية أجنبية في الغرب الليبي، وضرورة وقف توريد السلاح التركي للمليشيات بغرب ليبيا، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 6 أعوام على الأقل "أربكت حسابات مديري الملف الليبي في أنقرة".

وأضاف أن "زيارة الوفد المصري لطرابلس شكلت نجاحا نوعيا للدبلوماسية المصرية أولا، وللرؤية العسكرية المصرية بالحفاظ على خطوط التماس المتمثلة في خط سرت- الجفرة ثانيا، في ظل مساعي تركيا للهجوم على الهلال النفطي من حين لأخر بالتزامن مع الحشود العسكرية الضخمة للمليشيات السورية والتركمانية غرب سرت".

واستطرد "لذلك كان من الطبيعي أن تأتي تلك التصريحات الناعمة من وزير الخارجي التركي نفسه تجاه مصر، بعد أن كشرت القاهرة عن أنيابها مجددا في الميدان الليبي".