مصر: احتفال مختلف لأقدم الأعياد التي عرفتها البشرية "شم النسيم"

احتفل المصريون، أمس الاثنين، بعيد شم النسيم، الذي يعد أقدم الأعياد التي لا يزال يُحتفل بها حتى الآن على وجه البسيطة، بشكل اختلف عن السنوات السابقة التي اعتاد فيها المصريون الاحتفال به بطقوس خاصة.

لم تكن تداعيات فيروس كورونا وحدها السبب في غياب طقوس الاحتفال بعيد "شم النسيم" أحد أقدم الأعياد التاريخية، والذي يحتفل به منذ ما يزيد على سبعة آلاف سنة، لكنه كان أبرز هذه الأسباب.

لأول مرة يأتي عيد شم النسيم أيضًا في شهر رمضان، ليغير فصولا من عادات المصريين في هذا اليوم غير العادي، والذي يأتي عادة يوم الاثنين التالي لعيد القيامة، بالنسبة للمسيحيين الشرقيين، وهو بمثابة احتفال بقدوم الربيع، وهو عيد للحصاد، فيه كان المصري القديم، والذي عاش في أقدم حياة وحضارة قامت على الزراعة والثبات على ضفاف النيل، كان يمارس طقوسه الاحتفالية والتي رغم مرور الأزمان والقرون إلا أنها تضم في طياتها أعمدة الاحتفال الأصلي، عبر الاحتفال بالطبيعة وفيها فيخرج المصريون إلى الساحات الواسعة من حدائق وجنان وحقول لاستقبال هذا العيد عبر استنشاق نسمات عليلة والاختلاط مع الطبيعة التي تتحضر لتقديم أعظم هداياها للفلاح المصري بموسم الحصاد "شمو" في مصر القديمة، والذي ظل يُحرف حتى وصل إلى التسمية الحالية "شم النسيم".

وشمو كلمة هيلوغريفية تعني عيد الخلق، وبعث الحياة.

وفي عيد شم النسيم لم يختلف المصريون في طقوس احتفالهم بشكل كبير إلا أنهم قديما ولارتباطه لديعم بفكرة البعث والميلاد الجديد يخرجون إلى الحدائق والحقول والمتنزهات، لكن  ما جرى بالأمس كان مشهد مختلف.. فاليوم الذي يعتبر عيد لجميع المصريين وأجازة رسمية.. خلت الشوارع والطرقات والمنتزهات من روادها.. وطبقت إجراءات احترازية واسعة بسبب انتشار فيروس كورونا وساعد شهر رمضان في تأكيدها.. ليبق المصريون في بيوتهم في عزلة اختيارية خوفا من الوباء الفتاك الذي يهدد العالم بأسره.

وكانت من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إغلاق الشواطئ والمنتزهات والحدائق، إضافة إلى إغلاق المحميات المهمة والتي تشهد إقبالا واسعا في مثل هذا الوقت من العام، وذلك  للحد من انتشار فيروس كورونا ولحماية صحة المواطنين.

إضافة إلى ذلك فيبدو أن طقس الصيام لدى المسلمين منع قطاع واسع منهم من الاحتفال داخل المنازل أيضً حيث يرتبط الاحتفال أيضًا بمجموعة من الأكلات لها رمزية تاريخية منذ بدايات الاحتفال بهذا العيد قبل مايزيد على خمسة آلاف عام قبل الميلاد. ومن بين هذه الأطعمة البيض الملون، الأسماك المملحة، الخس والبصل الأخضر وكلها ذات معنى لدى المصري القديم، فالبيض رمز لخلق الحياة من العدم، ويلونونها بحالة لا تؤدي إلى البهجة فحسب بل لها دلالاتها وأهميتها بنقش الدعوات والأمنيات، وهو ما أخذه العالم عن المصري القديم ليصبح فيما بعد رمزا لعيد الفصح.

أما الأسماك المملحة وخاصة "الفسيخ" فهذا بمثابة  "مظهر من مظاهر تقديس النيل، إضافة إلى إظهار المصري القديم براعته في حفظ الأسماك وتجفيفها.

ورغم تأثر المشهد بوباء كورونا يبقى لدى المصريين حالة التقدير لهذا اليوم التاريخي الذي يبقى أقدم الأعياد التي يُحتفل بها على وجه البسيطة وبكافة تفاصيله التي يتوارثها المصريون عن أجدادهم.