بعد ساعات قلائل.. بعث جديد لملوك وملكات مصر القديمة في موكب مهيب 

عاش المصري القديم حياته ولديه قناعته التامة بأن بعثا جديدا له بعد الموت ليعيش حياة أبدية سرمدية.. واليوم وبعد مرور ما يزيد على سبعة آلاف عام تعيش القاهرة ملمحا حقيقيا لهذا البعث بموكب أسطوري يٍَِِِِطل على العالم بأسره.

لم يكن ملوك مصر القديمة كغيرهم.. ولم تكن مصر، التي بدأت معها الحضارة البشرية في أزهى ملامحها كغيرها.. ليست القصة في مصري أو مصرية تتفاخر بتاريخ بلدها التليد، لكنها قصة الحضارة والأصالة والتاريخ الذي بدأ مع مصر التي قالوا عنها أم الدنيا وأم الحضارات.

عاشت مصر منذ فجر التاريخ حياة تختلف عما حولها.. صنعت الفكر والحضارة وأرّخت لتاريخ البشرية في نقوش دامت واستمرت رغم مرور آلاف السنين لتحكي قصة المصري الذي أرخ لأولى قوانين الانسانية وكان أول مدافع عن الحقوق وحامٍ لها، فكان الكل سواسية حاكما كان أو نبيلا أو من عامة الشعب، وكان الملوك في وصاياهم لأبنائهم يؤكدون على ذلك.. فيقول أحد الملوك لابنه الذي سيتولى الملك من بعده: "لا تفرق بين الخاصة والعامة"، كما يقول له أيضا: "كن عادلا يكن لك البقاء في الأرض، كفكف دمع الباكي، لاتغتصب مال الأرملة، لاتجرد ولدا من ميراث أببيه، لا تنزل موظفا كبيرا عن رتبته، لا تظلم أحدا ولا تطعنه بمدية فذلك لن يفيدك.."

ومن عدالة عجيبة أن تحيى في عصور عاش من حولها على سياسة كان التاريخ شاهد عليها، قضى المصري القديم حياته ولديه قناعته التامة بأن بعثا جديدا له بعد الموت ليعيش حياة أبدية سرمدية، حاكما كان أو محكوما، لتبدأ مسيرة الحفاظ على حسد الميت وتجهيز المقابر التي ظلت لتحكي للعالم بأسره قصة الحضارة المصرية، وما فيها من تأصيلات أخلاقية كثيرة، ولأن الحفاظ على جسد الميت كان شرطا للحياة بعد الموت، فإننا اليوم على موعد مع ٢٢ من ملوك وملكات مصر القديمة، الذين سيراقبهم العالم أجمع في السادسة مساءً بتوقيت القاهرة، وفي رحلة مهيبة وكأن القاهرة تشهد ملمحا حقيقيا لهذا البعث بموكب أسطوري يُطل على العالم بأسره.

ففي السادسة من مساء اليوم ينطلق موكب الملوك والملكات في رحلة احتفالية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وهي الرحلة التي ينتظرها العالم وتبثها أكثر من 400 قناة دولية وإقليمية ومحلية على الهواء مباشرة.

ويضم الموكب 22 مومياء من بينها ١٨ مومياء لملوك، و٤ مومياوات لملكات من بينهم، مومياوات الملك رمسيس الثاني، والملك سقنن رع، والملك تحتمس الثالث، والملك ستي الأول، والملكة حتشبوت، والملكة ميريت آمون زوجة الملك آمنحتب الأول، والملكة نفرتاري زوجة الملك أحمس قاهر الهكسوس.

وتبدأ رحلة الموكب من موقعه بالمتحف المصري في ميدان التحرير، الذي سيتم افتتاح أعمال تطويره وإزاحة الستار عن المسلة والكباش التي تتوسطه حالياً، بالتزامن مع نقل المومياوات الملكية، ثم ينطلق الموكب عبر كورنيش النيل وسور مجرى العيون، وصولاً إلى متحف الحضارة بالفسطاط.

ستتضمن مراسم النقل موكبا رسميا لكل مومياء يتم نقلها عبر عربة فرعونية مستقلة، ويستغرق نقل المومياوات حوالي 40 دقيقة.

ووستتم عملية نقل المومياوات بمنتهى الحرفية، وبأحدث الطرق العلمية، من خلال تغليف كل مومياء على حدا داخل فقاعة من النيتروجين للحفاظ على حالتها.

وستعرض المومياوات الملكية بشكل مختلف عن الطريقة التي كانت تعرض بها في المتحف المصري بالتحرير، وسيتم عرضها مع توابيت ومتعلقات الملوك وأفلام وثائقية تشرح قصصهم للجماهير بالعربية والإنجليزية.

وقد أطلقت وزارة السياحة والآثار فيلماً ترويجياً بمشاركة عدد من الفنانين المصريين، وهم حسين فهمي، وآسر ياسين، وأمينة خليل، يتضمن محتوى حصريا عن تاريخ الـ22 مومياء ملكية.

ويلقى الفيلم مزيدا من الضوء من لقطات حصرية على تاريخ كل المتحف المصري بالتحرير والمتحف القومي للحضارة المصرية، وأهم مقتنياتهما الأثرية الفريدة.

وستُطلق في الهواء طلقات ترحيبية بالملوك والملكات وترافق الموكب عروضا بالأزياء المصرية القديمة لفنانين وشخصيات ترافق الحدث العالمي.

وقال وزير الانتاج الحربي المصري إن المصابع الحربية صنّعت 22 عجلة حربية علي الطراز الفرعوني ليتم استخدامها لنقل مومياوات الملوك والملكات  22 بما يتسق مع عظمة وعراقة الحضارة المصرية القديمة.

ويأخذ الموكب رحلته في شوارع القاهرة التي وحدت واجهاتها بلون واحد، وصولا لمتحف الحضارة المصرية، ليكون في استقباله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ولفيف من الشخصيات الدولية.

وتنقل وزارة الآثار والسياحة الاحتفالية على الرابط التالي:

https://youtube.com/channel/UCxJmhXT-FbBl0quBphLvJDQ

وقدمت وزارة الآثار عرضا لسير بعض من الملوك والملكات الذين يتم نقل مومياواتهم، يقدم موجزا عنهم وعن حياتهم على النحو التالي: 

*

أمنحتب الثاني: 

الملك أمنحتب الثاني هو ابن الملك تحتمس الثالث من الأسرة الثامنة عشرة، اعتلى العرش في الثامنة عشرة من عمره تقريباً وحكم لمدة ستة وعشرين عاماً على الأقل.

كان الملك أمنحتب الثاني الأكثر طولاً من بين أسرته، يتباهى ببراعته الرياضية، وغالباً ما يمثل نفسه وهو يؤدي تدريبات رياضية تعكس القوة والمهارة، حيث كان يذكر أنه رياضي عظيم، يتمتع بقدرة كبيرة في قيادة العجلات الحربية، وأداء مذهل في رياضة القوس والسهم.

قام الملك أمنحتب الثاني بشن حملات لتأمين الثروة والقوة لمصر. كما قام بالعديد من المشروعات الإنشائية، منها عمل توسعات بمعابد الكرنك.

تم العثور على مومياء الملك عام ١٨٩٨ في مقبرته (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر، داخل تابوت من الكوارتز، وأوضحت الدراسات أنه توفي في سن الخامسة والأربعين تقريباً.

*

 تحتمس الرابع:

أما الملك تحتمس الرابع فهو ابن أمنحتب الثاني، من الأسرة الثامنة عشرة من عصر الدولة الحديثة.

تروي لنا (لوحة الحُلْم) التي أقامها الملك تحتمس الرابع بين أقدام تمثال أبي الهول بالجيزة، أنه عندما كان أميراً صغيراً، نام في ظلال هذا التمثال الضخم، أثناء رحلة صيد في الصحراء القريبة، فظهر له أبو الهول في حلمه، وأمره بإزالة الرمال التي تغطي جسمه، مقابل أن يصبح الملك التالي على عرش البلاد.

عثر على موميائه عام ١٨٩٨ في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك، واتضح من الدراسات أن الملك مات شابًا بين منتصف العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من عمره.

*

الملك أمنحتب الثالث:

‏‎عندما تدخل المتحف المصري بالتحرير يقابلك تمثال ضخم رائع للملك أمنحتب الثالث وزوجته "تي" جالسَيْن في ثبات، رمزا لقوتهما الأبدية، وفي الأقصر يتقدم معبده الجنائزي في (كوم الحيتان) تماثيل ضخمة، تعرف الآن باسم تمثالي ممنون، لقد ترك الملك أمنحتب الثالث العديد من الآثار والتماثيل.

‏‎الملك أمنحتب الثالث هو ابن الملك تحتمس الرابع، من الأسرة الثامنة عشرة، عصر الدولة الحديثة، ‏‎عثر على مومياء الملك عام 1898في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر.

‏*

الملكة تي: 

الملكة تي هي الزوجة الملكية العظيمة للملك أمنحتب الثالث وابنة يويا وتويا ، عثر على مومياء الملكة عام 1898 في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) ، بوادي الملوك بالأقصر، وسيتم نقل مومياء الملكة تي  في موكب مهيب ضمن 22مومياء ملكية أخرى من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي   للحضارة المصرية.

*

الملك ستي الاول:

في وادي الملوك مقبرة من أجمل المقابر الملكية التي مازالت تحتفظ بألوانها الزاهية، هي مقبرة الملك ستي الأول ابن الملك رمسيس الأول مؤسس الأسرة التاسعة عشر، عصر الدولة الحديثة، والذي قاد معركة ضد الحيثيين، وتم تسجيل هذه الانتصارات العسكرية في معبد آمون بالكرنك.

عُثِر على مومياء الملك عام ١٨٨١ في خبيئة الدير البحري، غرب الأقصر.

*

الملك رمسيس الثاني:

صاحب أول معاهدة سلام معروفة في التاريخ مع ملك الحيثيين، مسجلة على جدران معابد الكرنك، وقد سجل أحداث معركة (قادش) -التي دارت في السنة الخامسة من حكمه ضد مملكة الحيثيين- على آثار متعددة، إنه الملك رمسيس الثاني أشهر ملوك الدولة الحديثة، من أعظم محاربي مصر،  حكم رمسيس الثاني لنحو سبعة وستين عامًا وبنى معابد في كل أنحاء مصر، من أشهرها معبد أبي سمبل،  والرامسيوم -المكرس لعبادته الجنائزية.

كانت زوجته الرئيسة هي الملكة العظيمة نفرتاري، والتي بنى لها معبدًا بالقرب من معبده بأبي سمبل . 

عُثِر على مومياء الملك عام ١٨٨١ في خبيئة الدير البحري، غرب الأقصر.

*

الملك مرنبتاح

الملك مرنبتاح هو ابن الملك رمسيس الثاني ، من الأسرة التاسعة عشر ، تولى العرش في سن كبير وشارك في عدد من الحملات العسكرية، وترجع لعهده (لوحة النصر)، وهي واحدة من أهم القطع الأثرية وهي معروضة بالمتحف المصري بالتحرير.

عثر على مومياء الملك عام 1898في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر.

*

الملك ستي الثاني:

تم العثور على مومياء الملك ستي الثاني، خامس ملوك الأسرة 19، عام 1898 في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر، داخل لفائف كثيرة من الكتان الناعم المميز، وقد تم الحفاظ على ملامح وجه الملك ستي الثاني بشكل جيد.

*

الملك سبتاح:

جاء الملك سبتاح إلى العرش وهو صبي، على يد رجل من كبار رجال الدولة الأقوياء يدعى باي، وبسبب صغر سنه أصبحت زوجة أبيه تاوسرت زوجة الملك ستي الثاني هي الوصي على العرش.

رمسيس الثالث:

‏‎ الملك رمسيس الثالث يُعتبر آخر الملوك المحاربين في الدولة الحديثة، وعلى الرغم من الانتصارات والإنجازات العظيمة التي حققها ، فقد وقع ضحية لمؤامرة دبرتها زوجته الثانوية تي؛ من أجل تنصيب ابنها بينتاؤور على العرش.

‏‎تخبرنا العديد من البرديات عن هذه المؤامرة التي عرفت باسم "مؤامرة الحريم"، والتي شارك فيها العديد من الضباط، وأفراد من بلاط الحريم الملكي وقضاة من المحكمة العليا. والأشعة المقطعية الأخيرة التي أجريت للمومياء كشفت أن القصبة الهوائية والمريء والأوعية الدموية الكبيرة في رقبته قد قُطعت مما أدى إلى مقتله. وقد وضع المحنطون القدماء تميمة حورس على الحافة السفلى اليمنى للجرح للتأكد من شفاء الملك في العالم الآخر.

‏‎عُثر على الملك رمسيس الثالث عام ١٨٨١ في خبيئة الدير البحري (TT 320) غرب الأقصر.

*

رمسيس الرابع:

اغتيل والده الملك رمسيس الثالث على يد متآمرين، إلا أن ولي العهد الشرعي رمسيس الرابع نجح في الحفاظ على العرش. وخلال فترة حكمه القصيرة قام بالكثير من الأعمال من أجل تكريم ذكرى والده، ومواصلة سياسته.

عثر على مومياء الملك عام ١٨٩٨ في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر.

 *

الملك رمسيس الخامس: 

قام الملك رمسيس الخامس بفتح محاجر الحجر الرملي في جبل السلسلة، وأرسل بعثات استكشافية للمناجم في سيناء للحصول على النحاس والفيروز، هو ابن الملك رمسيس الرابع من الأسرة العشرين، عصر الدولة الحديثة.

تم العثور على مومياء الملك عام 1898 في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر، وهي في حالة جيدة من الحفظ، وأشارت الدراسات إلى أنه توفى بين سن الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين. 

*

الملك رمسيس السادس:

الملك رمسيس السادس هو أحد أبناء رمسيس الثالث، حكم لمدة ثماني سنوات، وتم العثور على مومياء الملك عام ١٨٩٨ في مقبرة أمنحتب الثاني (KV 35) بوادي الملوك بالأقصر.

*

الملك رمسيس التاسع:

الملك رمسيس التاسع هو حفيد الملك رمسيس الثالث، وهو ثامن ملوك الأسرة العشرين، وكانت مساهماته الرئيسية في معبد الشمس في هليوبوليس، كما قام بتزيين الجدار الشمالي للصرح السابع لمعبد آمون رع بالكرنك .

 كان مكان الدفن الأصلي لرمسيس التاسع هو مقبرته رقم (KV 6)، المزينة بمناظر وألوان رائعة، مازالت تحتفظ بها حتى اليوم، ولكن تم نقل موميائه عدة مرات وعثر عليها في خبيئة الدير البحري غرب الأقصر عام ١٨٨١.

وينطلق الموكب في السادسة مساءً وسط إجراءات كبيرة تم اتخاذها والتحضير لها.