قمع أردوغان يمتد إلى الخارج.. شهادة من صحفي نمساوي معتقل في تركيا 

قال الصحفي النمساوي ماكس زيرنغاست إن يد دولة أردوغان الثقيلة تضرب بشدة على الصحفيين والنشطاء والأكاديميين، في بلد تحولت فيه المنافذ الإعلامية إلى أهداف على مدار العامين الماضيين، ما جعل تركيا تنال شرف مشبوه كأسوأ سجان للصحفيين في العالم.

قال الصحفي النمساوي ماكس زيرنغاست، المعتقل منذ 11 أيلول/ سبتمبر الماضي في تركيا، إن أفعاله ككاتب مهتم بالشأن الكردي، جعلته في مرمى النيران.

وروى زيرنغاست لحظة اعتقاله، و"قبل الساعة السادسة صباحاً بقليل من يوم 11 سبتمبر الماضي، ظهرت شرطة مكافحة الإرهاب التركية عند باب شقتي في أنقرة بأمر اعتقال. قاموا بتخريب كتبي، ووجدنا بعض العناوين التي يُفترض أنها جريمة (أعمال سياسية إلى حد كبير حول اليسار التركي) وأخذني إلى الحجز".

وأوضح الصحفي النمساوي في شهادته المنشورة في "واشنطن بوست" أنه أنخرط لأول مرة في السياسة التركية-الكردية مع "الشتات الكردي" في النمسا، بلدي، قبل نحو عقد من الزمان. وانتقل إلى تركيا في عام 2015 لمواصلة الدراسات العليا في العلوم السياسية مع مواصلة الكتابة عن السلطوية المتصاعدة في تركيا. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، شارك في كتابة العديد من المقالات في المنشورات مثل المجلة الاشتراكية الأمريكية "جاكوبن"، وشارك في مظاهرات مؤيدة للسلام وحاولت عمومًا الدفع من أجل دولة أكثر عدلاً وديمقراطية.

وأوضح انه على مدار أكثر من شهرين دون محاكمة، ظل قابعاً في أحد السجون التركية، وأنه تمكن من تسريب رسائل مكتوبة بخط اليد إلى حملة تدافع عن اطلاق سراحه في فيينا، ليقوم أصدقائه بتحريرها وتحويلها إلى مقال رأي في الواشنطن بوست.

وأوضح زيرنغاست، في مقال، تحت عنوان: "أنا صحفي في السجن التركي: لماذا يخاف أردوغان من أناس أمثالي؟"، أنه تعرض لتنكيل جسدي ومعنوي خلال سجنه في زنزانة ،حيث كان ينام على قطعة من الخشب، مع بطانية رقيقة وبدون وسائد، حيث كان يتجمد في هذه الشهور من الشتاء، وكانت الحصص الغذائية قليلة ومتجمدة مثل الجليد، وبعد بضعة أيام، أصابه اضطراب في المعدة وتشنجات وإسهال.

وأضاف "الزنزانة التي أنا فيها الآن قذرة تمامًا، الطلاء على الحائط ينهار، والحديد صدأ، والماء من الصنبور ملوث، ويجعل المسؤولين بالسجن من الصعب للغاية استقبال الزوار".

وقال الصحفي النمساوي ماكس زيرنغاست، المعتقل في تركيا منذ الحادي عشر من سبتمبر الماضي، دون محاكمة، أنه خلال استجواب الشرطة وأمام النائب العام في أنقرة، "استجوبتني السلطات حول الكتب التي أزيلت من شقتي (بما في ذلك واحدة عن السياسات الكردية التي اعتقدت خطأً أنني كنت أكتبها)، وروابطي المفترضة مع مؤسسة فريدريش إيبرت، ومقال كتبته للمركز الاشتراكي الامريكي Jacobin (التي قالوا إنها أهانت أردوغان)، لقد رفضوا توجيه اتهام رسمي لي، واحتجزوني بدلاً من ذلك بتهم إرهابية غامضة".

وأكد الصحفي النمساوي أن قضيته وغيرها تتناقض مع فكرة أن أردوغان هو من المؤمنين بحرية الصحافة أو حقوق الإنسان كما حاولت السلطات التركية الزعم في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول، مضيفا: "كان توقيفي تأكيداً شريراً على الحكم الاستبدادي الذي قضيته في السنوات العديدة الماضية يؤرخ ويعارض".

وتابع: "قوبل أولئك الذين يقفون من أجل الحقوق الكردية بقمع شديد بشكل خاص. وقد سُجن الرئيس المشترك السابق للحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، منذ نوفمبر / تشرين الثاني 2016 بتهم الإرهاب، وفي يونيو، رشح نفسه للرئاسة من زنزانته في السجن، كما تم اعتقال قادة الأحزاب الآخرين: يقضي النائب عن الحزب الديمقراطي التقدمي إدريس بالوكن، على سبيل المثال، عقوبة بالسجن لمدة تسع سنوات بتهمة "الدعاية الإرهابية".

وأكد أن الصحفيين في تركيا محاصرين في شبكة من الذرائع المتعلقة بتهم الإرهاب أيضا، ففي شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن "كل صحفي من لجنة حماية الصحفيين سجن بسبب عمله في تركيا يخضع للتحقيق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الدولة أو توجيه تلك التهم إليه، كما هو الحال بالنسبة إلى إحصاءات السنة الماضية".

واعتبر الصحفي النمساوي أن هذا النوع من القمع الوحشي لا يولد سوى الغضب واليأس، وإن فهم تركيا الحالي "للإرهاب"، وما سيتم سحقه تحت هذه الذريعة، لن يؤدي إلا إلى خلق المزيد من العداء للنظام في السنوات القادمة، موضحا أنه عندما دق ضباط شرطة مكافحة الإرهاب جرس الباب الخاص به في صباح ذلك اليوم، بدا أنهم يحاولون إسكات المعارضة الديمقراطية بأكملها في أنقرة.. وتابع: "من المفترض أن تأتي لائحة اتهام رسمية في يوم ما، لكن من يدري متى".