سياسي مصري: فكر أوجلان نقيض للفاشية التركية ومخططاتها الاستعمارية

قال الأمين العام المساعد لحزب التجمع المصري، المهندس محمد فرج، في لقاء مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تركيا تتحول بصورة متسارعة إلى دولة إمبريالية تعتمد على أساليب استعمار قديمة وحديثة في آن واحد.

وأضاف فرج أن نهج القائد عبدالله أوجلان نقيض النهج الإمبريالي القومي العنصري للدولة التركية وسلطتها الأردوغانية العثمانلية في مواجهة الشعب الكردي والشعور العربية، ولذلك فإن الدولة التركية ترى في فكر السيد عبد الله أوجلان تهديداً فكريا وسياسياً وثقافياً لمخططها في الاستعمار والهيمنة، وأساليب عملها الفاشية.

وتابع الساسي المصري في حديثه قائلاً إن السبيل إلى فك العزلة عن أوجلان ورفعها يجب أن يتخذ خطاً فكريا من خلال نشر أفكار السيد عبد الله أوجلان حول الأمة الديمقراطية، وخطاً سياسياً نضالياً يتسم ببناء أكبر جبهة شعبية من شعوب المنطقة في مواجهة الفاشية والعدوانية القومية العثمانلية وموجهة خطرها على المنطقة ومقدراتها السياسية والاقتصادية، وخطاً قانونياً وطنياً وأممياً لرفع العزلة عن السيد أوجلان والإفراج عنه.

وهنا نص الحوار كاملاً:

1 - لم تعد تركيا تكتفي بإبادة الشعب الكردي والهجوم عليه، بل تريد احتلال المناطق التي كانت تسيطر عليها الأمبرطورية العثمانية. ما مدى خطورة هذه السياسات على العالم العربي، ولماذا تركيا لديها هكذا سياسات تجاه المنطقة العربية؟

مهندس محمد فرج:

تتحول تركيا بصورة متسارعة إلى إمبريالية إقليمية، تجمع بين أساليب وطرق الاستعمار القديم والجديد، حيث تستخدم أساليب الاحتلال العسكري بإرسال القوات المسلحة التركية لاحتلال الدول المجاورة، وتمول وتدرب وترسل الميليشيات الإرهابية لتحول أراضي عدد من الدول العربية إلى ساحات للصراع الإقليمي والدولي، الأمر الذي يجعل من تركيا خطراً على الأمن القومي للعديد من الدول العربية، مثل سوريا والعراق وليبيا، وتقوم تركيا بهذا الدور لأهداف سياسية واقتصادية واستراتيجية تاريخية، حيث سلطتها السياسية بقيادة أردوغان وحزبه محملة بأوهام استعادة تاريخها الإمبراطوري العثماني، بالعودة لاحتلال مناطق وأراضي واسعة تحت راية الخلافة العثمانية، لكن جوهر هذا الوهم التاريخي المغلف باستعادة الخلافة هو جوهر اقتصادي هدفه السيطرة على ثروات المنطقة في الخليج وشرق المتوسط من البترول والغاز، وفي سبيل هذه الأهداف الاستعمارية تتحدد استراتيجية الدولة التركية الأردوغانية في التحول إلى إمبريالية إقليمية مهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.

*

2 - اطلقت منظومة المجتمع الكردستاني حملة "لا للعزلة والفاشية والاحتلال، حان وقت الحرية" لتنظيم وتوحيد الجهود بين الشعب الكردي والقوى الديمقراطية وشعوب المنطقة والعالم للوقوف في وجه السياسات السافرة والهدامة للسلطات التركية وكذلك حرية السيد أوجلان، كيف تقيمون أهمية مثل هذه الحملات والمبادرات؟

مهندس محمد فرج :

هذه الحملات هي السبيل الشعبي الديموقراطي لمقاومة الفاشية الأردوغانية والاحتلال التركي ونزعاته القومية الاستعلائية ضد شعوب المنطقة، وهي في نفس الوقت السبيل الديمقراطي لبناء كتلة شعبية ديمقراطية تاريخية مقاومة من شعوب المنطقة والعالم، وهي تطبيق عملي لنبذ كل صور الشوفينية القومية والهيمنة الثقافية، وسعي تقدمي للعمل الشعبي المقاوم لكل صور الهيمنة والاستعلاء القومي .

*

3 - لعب النهج الأيديولوجي- السياسي للسيد عبدالله أوجلان، وكذلك أرائه مع محاميه دوراً مهماً للغاية في ضمان تحول الشعب الكردي إلى قوة في جميع أنحاء كردستان وفي الشرق الأوسط. وبشكل خاص طرحه مفهوم الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب وتكامل ثقافة المنطقة. ولذلك تفرض الدولة التركية عزلةً عليه ولا تسمح لمحاميه وعائلته بلقائه في تجاوز واضح للقوانين والحقوق التركية والأوربية، كيف تقيمون هذه العزلة ولماذا يتم فرضها؟ وكيف السبيل لرفعها؟

مهندس محمد فرج

الأمين العام المساعد لحزب التجمع :

النهج الأيديولوجي للسيد عبد الله أوجلان هو نقيض النهج الإمبريالي القومي العنصري للدولة التركية وسلطتها الأردوغانية العثمانلية في مواجهة الشعب الكردي والشعور العربية، ولذلك فإن الدولة التركية ترى في فكر السيد عبد الله أوجلان تهديداً فكريا وسياسياً وثقافياً لمخططها في الاستعمار والهيمنة، وأساليب عملها الفاشية.

والسبيل إلى فك هذه العزلة ورفعها يجب أن يتخذ خطاً فكريا لنشر أفكار السيد عبد الله أوجلان حول الأمة الديمقراطية، وخطاً سياسياً نضالياً يتسم ببناء أكبر جبهة شعبية من شعوب المنطقة في مواجهة الفاشية والعدوانية القومية العثمانلية وموجهة خطرها على المنطقة ومقدراتها السياسية والاقتصادية، وخطاً قانونياً وطنياً وأممياً لرفع العزلة عن السيد أوجلان والإفراج عنه.

*

4 - منذ انقلاب 12 أيلول عام 1980 تم التمهيد لقدوم الاسلام السياسي إلى السلطة في تركيا وكذلك المنطقة من قبل النظام العالمي. هل مازال النظام العالمي يراهن على حركات الاسلام السياسي بعد ظهور داعش وكذلك العديد من الحركات المهددة للاستقرار والأمن العالمي. وما هو خيار دول وشعوب المنطقة أمام هذه اللوحة؟

مهندس محمد فرج

الأمين العام المساعد لحزب التجمع :

التمهيد لقدوم الإسلام السياسي للحكم في دول المنطقة شهد مراحل عدة، ففي السبعينيات من القرن العشرين كان أداة في يد بعض القوى الرأسمالية الغربية لمواجهة المعسكر الاشتراكي، وقد اتخذ خطوات حاسمة بعد مساندة الاتحاد السوفييتي السابق لوصول القوى التقدمية للحكم في أفغانستان في ذلك الوقت نهاية السبعينيات، وكان الهدف حينئذ استغلال قوى الإسلام السياسي في مخطط هزيمة المعسكر الاشتراكي وتفكيك الاتحاد السوفييتي، وقد لعبت الحكومات الغربية دوراً هاماً وخطيراً في إحياء ودعم هذه التيارات في منطقة الشرق الأوسط لحصار الاتحاد السوفيتي وعزله عن نفوذه في بلدان حركات التحرر العربية، خاصة في مصر والعراق وسوريا والسودان والجزائر، كذلك قامت (الثورة) الإيرانية على حكم الشاه ووصول الخميني إلى الحكم ١٩٧٩ بدورها في دعم ظهور تيارات وتنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة، لكن أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ الإرهابية في واشنطن التي أدت إلى هدم برجي التجارة العالمية، دفع الولايات المتحدة الأمريكية للحركة باتجاه غزو أفغانستان ثم العراق ضد الدول المارقة التي تملك أسلحة الدمار الشامل وتأوي الإرهاب، ومن المفارقات أن تصاحب هذه الحركة الغربية في مواجهة إرهاب جماعات الإسلام السياسي ظهور تنظيرات فكرية في أكبر مراكز الأبحاث الأمريكية والغربية التي تنادي بضرورة وأهمية التحالف مع التيارات (المعتدلة) من قوى الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان في مصر والعراق وسوريا والجزائر وتنظيمها الدولي، والأخطر دعم عملية وصول هذه التنظيمات للحكم في هذه الدول، بهدف إبعاد الإرهاب وعملياته عن الداخل الأمريكي والغربي، وتطبيق نظريات الفوضى الخلاقة كمقدمة التفكيك والتركيب وبناء الشرق الأوسط الجديد.

وقد أعلنت هذه الخطة الداعمة لتيارات الإسلام السياسي المعتدل فشلها الذريع، فقد أسفرت عن الفوضى التي كانت بيئة مناسبة لظهور التطرف والطائفية والميليشيات الإرهابية وداعش، أي أنتج هذا المخطط كل ما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، لكن حتى الآن وعلى الرغم من التجربة المريرة في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين جراء هذا المخطط وهذا الفكر، فمازال الصراع قائماً بين تيارين غربيين: تيار دعم الإسلام السياسي على طريق الفوضى الخلاقة، وتيار دعم الإسلام السياسي السني بغض النظر عن اعتزاله أو تطرفه لمواجهة الإسلام الشيعي ودولته، وكلا التيارين تخلق مناخاً مناسباً لاستمرار توالد تيارات التطرف والطائفية والعنصرية والفاشية في المنطقة برعاية غربية.

والسبيل أمام دول المنطقة وقواها الشعبية والسياسية هو نبذ هذه التوجهات التي تملك بين الدين والسياسة، على طريق بناء توجه فكري وسياسي مختلف، وبناء ثقافة ديمقراطية تعددية بديلة لبناء مجتمعات المواطنة، وبناء الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة كدولة للقانون والمواطنة.

*

5 - هناك العديد من التيارات السياسية الأوربية وكذلك الأخوة العرب المتواجدين في أوربا تشارك في هذه الحملة وتدعمها لمعرفتهم بحقيقة أردوغان وحزب العدالة والتنمية وظلمهم. هل من المتوقع رؤية حملات شعبية أو سياسية عربية ضمن الدول العربية ضد التدخلات التركية مع رؤيتنا لبعض التظاهرات سابقاً في منطقة شرق ليبيا وكذلك أمام السفارة التركية في بغداد ضد التدخل التركي، وخصوصاً مع تزايد حدة المواقف العربية الرسمية؟

مهندس محمد فرج

الأمين العام المساعد لحزب التجمع:

سلوك الدولة التركية التي وصل لاحتلال أراضي عدة دول في سوريا والعراق وليبيا، وظهورها كدولة راعية الميليشيات الإرهابية، هو خير كاشف لطبيعة الدولة الفاشية، ولذلك من المرجح أن تنشأ جبهة واسعة من الدول العربية والأوروبية وتياراتها الشعبية والسياسية في مواجهة سلوك الدولة التركية العدوانية، وهو وضع ملائم لتوسع الحركة الشعبية الكردية عربياً وعربياً إذا تم سلوك عدة مسارات فكرية وسياسية وقانونية للكشف عن المظالم التي يقوم بها النظام التركي ضد الشعب الكردي وقياداته السياسية ومثقفية وعلى رأسهم السيد عبد الله أوجلان.

*

6 - تركز الحملة على أهمية تحرك القوى الديمقراطية في المنطقة، كمسؤولية على كل أبناء المنطقة للدفاع عن شعوبهم ومجتمعاتهم، ضد التدخلات والتهديدات الاقليمية والعالمية. كيف ترون مستقبل المنطقة في ضوء هذه التحديات؟ هل من الممكن خلق جبهة نضال مشتركة بين القوى الديمقراطية وكذلك تحالف عربي_كردي؟

مهندس محمد فرج

الأمين العام المساعد لحزب التجمع:

أظن أن التهديدات والتدخلات التركية السافرة تمهد الأرض لبناء جبهة نضال شعبية واسعة تشارك فيها شعوب المنطقة، وهي تتسع لبناء تحالف كردي- عربي يتسع للقوى الديموقراطية والتقدمية في اليونان وقبرص والعديد من شعوب دول الاتحاد الأوروبي، إن الدولة التركية والنظام التركي يتقدمان بخطى متسارعة نحو تكوين نظام فاشي عدواني يهدد كل شعوب المنطقة وليس الشعب الكردي وحده.

*

7 - في ضوء حالات التوتر والفوضى وسياسة تركيا الحالية التوسعية كيف يمكن تقوية وتمتين الجبهة الداخلية للمنطقة وكذلك حل القضايا العالقة حتى لا تكون مدخلاً للتدخلات الخارجية؟

مهندس محمد فرج

الأمين العام المساعد لحزب التجمع:

يلعب النظام التركي على الانقسامات والصراعات الداخلية في الدول العربية التي يمارس عليها عدوانه وتدخله العسكري، ولذلك لابد لتقوية الجبهة الداخلية لدول المنطقة في مواجهة العدوان من الخروج من أوضاع الانقسام والصراعات الداخلية، عبر بناء تحالفات وجبهات شعبية ديموقراطية قادرة على التصدي للعدوان التركي، والسبيل إلى ذلك هو تقوية أدوات ومجالات الحوار الداخلي، وحل القضايا العالقة سلمياً عبر الحوار والتفاهم بين القوى والتيارات الشعبية الوطنية، وأن يتم ذلك في سياق رفض التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو الانتماء الثقافي أو القومي، وتأكيد مبادئ المساواة والمواطنة، واعتبار التعددية مصدراً للثراء الثقافي بدلاً من تركها سبباً للتمييز والصراع.

*

8 - بعد أن أصبحت تركيا من أخطر التهديدات على الأمن القومي العربي وأصبحت تحتل أراضي دول عربية وتعمل على دعم التنظيمات الارهابية مثل الاخوان والقاعدة وداعش. وفي خضم البحث عن سبل مواجهة الاستعمار التركي هل ينظر للكرد الذين يخوضون نضالاً ضد تركيا منذ أربعين عاماً، أنهم جزء من الأمن القومي العربي؟ وهل تغيرت نظرة العالم العربي إلى نضال الكرد وحقوقهم سواءً في تركيا أو أيران أو سوريا؟

مهندس محمد فرج

الأمين العام المساعد لحزب التجمع:

لم تتغير نظرة العالم العربي للكرد ونضالهم ضد الفاشية التركية التغير المطلوب بعد، وهذا يحتاج لجهود مشتركة من القوى السياسية والثقافية التقدمية والديمقراطية الكردية والعربية، لتوضيح الحقائق، وإزالة الخرافات السائدة والاتهامات الظالمة أو المتسربة عن أزمنة قديمة، وأخطر الأفكار السائدة حول الكرد في الأوساط العربية هي فكرة السعي لبناء الدولة القومية الكردية، وما يرتبط بها من العداء بين القومية الكردية والقومية العربية، إن هاتين الفكرتين تصنعان سداً أمام إمكانيات بناء الجبهة الشعبية الديمقراطية التي يمكنها أن تضم كل من الشعبين الكردي والعربي معاً في مواجهة الفاشية والعدوانية التركية، وأدت أن جهوداً فكرية وسياسية وثقافية مطلوبة للتعامل مع هاتين الفكرتين السائدتين، ولا يكفي الحديث عن حق تقرير المصير هنا، بل لعل هذا الحديث نفسه يعمق الخلاف، وأظن أن أفكار السيد عبد الله أوجلان حول بناء الأمة الديمقراطية تصلح أساساً فكرياً متيناً لتفكيك هاتين الفكرتين وما يرتبط بها من طموح قومي رومانسي مفارق لعلاقات الواقع وجغرافيا انتشار الشعب الكردي بين عدة دول، وربما تكون فكرة تشكيل حلقات فكرية لدراسة أفكار السيد عبد الله أوجلان حول الأمة الديمقراطية بديلاً ثقافياً وسياسياً عن الغرق في أحلام لا عمل لها سوى توليد الشكوك بين شعوب المنطقة، والكرد والعرب بصفة خاصة.

***