"أنا من مناضلي حزب العمال الكردستاني... الاستسلام غير موجود في كتبنا"

كتب آسو فرزاد (سعيد برندكل) الذي استشهد في 18 تشرين الثاني 2022 في منطقة كمكم في موش، في لحظاته الأخيرة على جدار المنزل الذي كان محاصراً فيه، "أنا من مناضلي حزب العمال الكردستاني... الاستسلام غير موجود في كتبنا".

استشهد الكريلا آسو فرزاد - من أبناء شرق كردستان - في 18 تشرين الثاني 2022 خلال معركة ضد جيش الاحتلال التركي، وتم الحصول على صور اللحظات الأخيرة للكريلا فرزاد، حيث يظهر فيها أن فرزاد، الذي أبدى مقاومة عظيمة، كتب على الجدار: "أنا من مناضلي حزب العمال الكردستاني... الاستسلام غير موجود في كتبنا".

وكتبت القيادية في وحدات حماية المرأة - ستار (YJA-Star)، شردا مظلوم كابار، مقالاً حول مقاومة واستشهاد الكريلا آسو فرزاد.

ونحن نشارك مقالة شردا كابار مع قرائنا:

"لا أستطيع أن أضع بطلاً في مقال واحد فحسب، سأصف وأكتب عن واحد من أجمل وأشجع وأبسل أبناء شرق وطني، آسو، وتأثير صورته الأخيرة على عقلي وقلبي وعمق مشاعري وأنا أفكر منذ أيام في مشاركة شرف كوني من حزب العمال الكردستاني، لا يمكن التعبير عن معنى "آسو" بالكلمات فقط، فمن الصعب فهمه وشرحه، لا حزني ولا فخري يمكن أن يتم التعبير عنهما بالكلمات المألوفة، العقدة التي في حلقي وداخلي لن تحلها رؤية تلك الصورة، والجمرة التي في قلبي لا تعرف كيف تصبح غباراً أبداً، ترى، هل يمكن لصورة واحدة أن يكون لها هذا التأثير على حياة الإنسان وتغيرها إلى هذا الحد؟ هذا العام، جعلتني صورتان أتساءل بعمق عن إنسانيتي، وإخلاصي، وألمي، وعشقي، وغضبي، إحداهما صورة عباس وهو يحمل شرفان على ظهره، والأخرى صورة آسو وهو يتحول إلى زيلان...

كما تعلمون، هناك بعض الأشخاص الذين يدفئون قلبك من النظرة الأولى، ويجعلونك فضولياً ويثيرون فيك رغبة التعرف عليهم، عندما التقيت بالرفيق آسو للمرة الأولى، دون أن أعرف السبب، أحسست بهذا الشعور بقوة، كان ذلك في شهر آذار العام 2022، التقيت بالرفيق آسو في أكاديمية حقي قرار، وعلى الرغم من أنني لم أعرف هذا الرفيق مطلقاً ولم أسمع عنه شيئاً إيجابياً أو سلبياً، إلا أنه لفت انتباهي، كان لديه موقف منتفض، باحث، لا يبقى في مكانه، لا يقبل بسهولة، ولا يرضى بسهولة، كان يستمع بانتباه شديد، وعيناه اللامعتان تفهمان ما يقال بعمق، كان يبهرني بالأسئلة التي يطرحها بذكائه وموقفه المنتفض، إن جانبه الأناركي (لا سلطوي)، ومهاراته العملية، ومسؤوليته في تدريب نفسه، وآرائه المختلفة، وعقلية البحث لديه، وقدرته على المشاركة مع الأشخاص والتأثير عليهم، هي ما ميزت الرفيق آسو عن الرفاق الآخرين، وقد منحت قوة عقله، وعمق إيمانه، ومعرفة ما يريد، الثقة لمن حوله، كان هذا سحر آسو، وكان جانبه الريادي في المقدمة دائماً، كان يتكلم ويمشي بشغف وحماس، لم يكن مثل الآخرين، كما لو أن لديه القليل من الوقت فقط، كان عليه اتخاذ قرار بسرعة أو الوصول إلى المكان ما.

نشأ الرفيق آسو بين أبناء شعبنا في شرق كردستان وكانت وطنيته مثيرة للاهتمام للغاية، كان حبه للوطن يتخطى الحدود وكلمات حبه للإنسانية وما وراء الكلمات، يمكن رؤيتها في طاقته ومشاركته بالحياة وديناميكيته وحماسته، كان آسو يعشق الجبال والكريلا، إن الذين يحبون الجبال هم مثل الجبال، لقد كان مثل الجبل الذي يمكنك الاستناد عليه، كان الرفيق آسو كالجبل، فقد كان يخلق شعوراً بالثقة معك، وشعوراً بأنه لن يتركك وحدك أبداً تحت أيّ ظرف من الظروف، كان الرفيق آسو يتمتع بأناقة بقدر أصالته، وإحساساً يهز القلوب، وأصالة تلامس الروح.

لقد خلق هذه المشاعر بداخلي حتى من دون أن أعرفه جيداً وأشاركه العديد من اللحظات والذكريات، كان آسو هو الشاب البطل لهذه الأراضي والجبال، لقد قاتل ضد احتلال وتلويث أرض وطننا، كان آسو مخلصاً لوطنه وجباله ورفاقه، هذا العشق الكبير والحقيقي لم يكن عشق آسو فقط، إنه عشق الكريلا الذين احتووا الجبال في قلوبهم، عاشوا ضد الزمن وارتبطوا بأحلامهم، عشق الوطن والرفاقية لم يكن عشقاً روحياً لا يشبه باقي أشكال وأنواع العشق، لكن، مع محدودية المعرفة في عصرنا، لا يمكن أن يكون الحب إلا جسدياً.

 

ومن ناحية أخرى، دُفن الحب الروحي في أعماق التاريخ وبقي محصوراً في القصص، فهل يستطيع الإنسان أن يحب وطناً أو حزباً إلى حد الموت من أجله؟ هل يمكن أن يقع في حب جبال وصخور وتراب ومياه وحشرات ذلك الوطن؟ هل من الممكن فهم وكتابة ووصف عشق الرفيق آسو؟ هل من الممكن تفسير المشاعر التي شعر بها عباس وهو يحمل شرفان على ظهره؟ هل يمكن تفسير أفكار آسو وعواطفه وغضبه من الخيانة قبل أن يمزق نفسه إرباً؟

إن المرء يُعرف عن الحياة بقدر ما يُعرف عن الموت، يعيش الجبناء لتجنب التعرض للقتل، لكن الشجعان يواجهون الموت بإيمانهم ويعطون الموت معاني مختلفة، هذا لغز لم تُكتب إجابته في الكتب، والذين قلوبهم كبيرة كفاية للإجابة على هذا اللغز، هم ليسوا أشخاصاً عاديين، والذين قلوبهم مظلمة وعقولهم عمياء، يجب ألا يقتربوا أبداً من هذه الحقيقة، وإلا فسيحترقون في نار هذا العشق، إن ما يقوله المرء ويفعله وهو يتلفظ أنفاسه الأخيرة هو حقيقته الأساسية، وفي كلمات تلك اللحظة، لا مجال للكذب والحسابات والخداع، وبأنفاسه الأخيرة، كتب أعمق كلماته وأكثرها معنى وأصدقها على جدار الحب حيث قاتل، ومزق نفسه إرباً من أجل الحقائق التي آمن بها، لقد بدأ الرفيق آسو مسيرة الحرية الطويلة نحو ديرسم في ربيع عام 2022، ولم يكن يعرف أبداً إلى أين سيذهب، لم يكن يعلم، لكن لم يتمكن ذلك من أن يبعده عن عشقه، وفي 17 تشرين الثاني 2022، تمت محاصرة آسو في منزل بقرية آرموتكاشي بمنطقة كمكم في موش، وقاتل حتى الطلقة الأخيرة، ولم يستسلم الرفيق آسو فرزاد الذي كان في المنزل المحاصر وألقى قنابل يدوية على العدو ورد على دعوات الاستسلام بإطلاق النار، وأثناء المعركة، كتب "يحيا القائد آبو"، "إنه لشرف أن تكون من حزب العمال الكردستاني"، "الاستسلام غير موجود في كتبنا" و"أنا من مناضلي حزب العمال الكردستاني" بالقلم الأزرق على جدران المنزل، وفي وقت لاحق، قام بتزيين هذا النص ببقع الدم وآثار الرصاص، وبعد نفاد طلقاته، باعتباره مناضلاً لحزب العمال الكردستاني، فجر قنبلته بنفسه، وقد اتجه نحو الموت من أجل الحقيقة التي آمن بها، ومن أجل العشق الحقيقي، وحتى لو قرأت ألف كتاب وتلقيت العديد من التدريبات الأكاديمية، فلن يؤثر ذلك على قلبي بقدر تأثير الكتابات على هذا الجدار.

وبالطبع من واجبنا فهم وحل حقيقة الشخصية والأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى تنفيذ هذه العملية، وعلينا أن نفهم بقوة القصة وراء هذه القصة البطولية، التي تمت بشجاعة عظيمة، والمسؤوليات والواجبات التي تفرضها علينا في المستقبل، نحن مدينون للرفيق آسو، ويجب أن نكون جميلين مثل قلبه، أحراراً مثل عقله، بسيطين مثل ابتسامته، عميقين مثل رأيه، وكما قال رفيق دربنا آسو، الاستسلام غير موجود في كتبنا والرفيق آسو هو حزب العمال الكردستاني".