البطل في قلب الجبال.. مظلوم كوجر

الشهيد مظلوم كوجر، أحد أبناء زاب الثوار أرض الصقور، سيأخذ مكانه في قلوب رفاقه ويكون سبب النصر بحياته المتواضعة وشخصيته الطبيعية التي لا تتلوث بأوساخ النظام الرأسمالي.

لقد اتحدت قصة الشعب الكردي ورفاقيته وتجربته وروحه مع مقاومة الجبل، في الجبال التي ظلت محمية منذ آلاف السنين، فقد تعلم الشعب الكردي الحياة والحرب والوجود والعدم، إنه من تلك الشعوب التي تفهم لغة الحياة والجبل جيداً.

لذلك، فإن المقاومة والتمرد والحماية ضد جميع أنواع القمع والاضطهاد أصبحت صفة أساسية في الجينات الكردية والتي تمنح الشخصية التي هي عليها كل كردي، حيث يعرف كل طفل منذ مجيئه كيف أن الحياة صراع حتى في مرحلة الطفولة.

أحد أبناء هذه القومية كان مظلوم كوجر (محمد صالح جاكال)، ولد مظلوم في عائلة بدوية من قبيلة عليكي المعروفة بوطنيتها في سيرت.. على مر التاريخ؛ كانت الهجرة هي أسلوب الحياة الأساسي للكرد، في الصيف يذهبون إلى الوديان الباردة والتلال العالية، وفي الشتاء يذهبون إلى السهول الحارة، ولأن عائلته البدوية كانت موالية للثقافة والتقاليد الكردية ولم تتأثر كثيراً بالنظام الرأسمالي، فقد نشأ مظلوم على هذا الأساس، نشأ كشخص مخلص لجوهره وطبيعته، كما أن الكثير من أبناء عشيرته كانوا قد انضموا إلى صفوف الكريلا منذ المراحل الأولى لتكوينها.

ولهذا السبب تعرف مظلوم على النضال من أجل الحرية في كردستان منذ طفولته، ففي طفولته، نشأ مع القصص البطولية للمقاتلين، لأن الفدائي أسطوري في عقل كل طفل، فهو مثل أبطال القصص، ولهذا جعل مظلوم هدفه الانضمام إلى صفوف الكريلا، هناك مثل يقول: "يفقد الإنسان براءته في كل مرة يكبر فيها"، ومع ذلك، يكبر الأطفال الكرد وهم يعانون من أشد آلام الحياة ويتعلمون الوقوف على أقدامهم، و مع تقدمهم في السن، يفهمون بشكل أفضل حقيقة العدو، ويفهمون بشكل أفضل نضال الكريلا من أجل الحرية، و مع تقدم مظلوم في السن، أصبحت إرادته أقوى، وازدادت قوة الإدراك للمعنى لديه، وأصبح الانضمام إلى صفوف الكريلا لديه مهمة توجب تحقيقها.

في عام 2013، انضم إلى صفوف الكريلا في كارزان

وبما أن جغرافية سيرت هي المنطقة التي أطلقت فيها الطلقة الأولى، فإن العدو يفرض سياسة الإبادة على الشعب الكردي بشكل خاص في هذه المنطقة وفي كل مكان، كما أثارت الهجمات التي تمت على هذا الأساس غضباً كبيراً في شخصية مظلوم، الحفاظ على الوجود هو قانون وجودية الطبيعة، ومثل الآلاف من الشباب الكرد، توصل إلى الاعتقاد بأن سياسات العدو هذه يجب أن تخضع للمساءلة، ولا يمكن القيام بذلك إلا من خلال الانضمام إلى صفوف الكريلا، وبهذا الفهم والمعرفة انضم إلى صفوف الكريلا من كارزان عام 2013، وأظهر مثل كل القادة لكل الشباب الكرد الشرفاء ساحات النضال الأصيلة.

تعد جغرافية كارزان واحدة من الأماكن التي خرجت منها العديد من الشخصيات الكردية عبر التاريخ، وهي مركز حرب الكريلا بسهولها وجبالها، فجبال كُريس، كمبر وسيسر هي أرض الثوار، ويتشاركون ذكرياتهم وسعادتهم وحزنهم فيها، كما بقي الفدائي مظلوم في هذه المنطقة من كارزان لفترة بعد التحاقه بصفوف النضال وتلقى تدريبه الأول في مسيرة الثورة هنا، التقى برفاقه الأوائل هنا واستفاد من تجاربهم العظيمة، ولهذا السبب حصل على الخبرات التي يمكن أن يحصل عليها الناس لسنوات عديدة في فترة زمنية قصيرة.

ولكونه من عائلة دائمة الهجرة، لم يكن من الصعب عليه أن يتعلم الحياة في الجبال، مع دروس الحياة التي تعلمها من رفاقه، تعلم في وقت قصير حياة الفدائي، وبعد مكوثه في منطقة كارزان لفترة، انتقل المناضل مظلوم إلى مناطق الدفاع المشروع وشارك في تدريب المقاتلين الجدد في زاب، ولأنه انضم إلى صفوف الكريلا في شمال كردستان واكتسب سنوات من الخبرة من رفاقه هناك، فقد قاد رفاقه في التدريب، و شارك ما تعلمه بحماس ورغبة كبيرة مع رفاقه وساهم في تطويرهم، لقد تصرف كقائد حقيقي، ووضع بكل تواضع فنونه في خدمة رفاقه، وبهذه الطريقة أخذ شارة القيادة في بداية حياته الفدائية، فقد أظهر في وقت قصير أنه يمكن أن يصبح قائداً، و بعد التدريب في أرض الصقور زاب، طور فنون القتال لديه، وباعتباره قائداً، شارك بنشاط في العديد من العمليات، وبدأ في الانتقام من العدو الذي عرفه عندما كان طفلاً.

شارك في العديد من ساحات النضال

في مواجهة هجمات العدو المدمرة التي بدأت في عام 2015، وجه مع رفاقه ضربات موجعة للعدو وأظهر مرة أخرى أن مقاتلي كردستان لا يقهرون، وفي عام 2017، أظهر فنونه في العمليات وأصبح قائداً رائداً في فن حرب الكريلا بأدائه، أصبح أحد ابناء أرض زاب المتمردين، إن وحدة الفكر والعمل، التي هي طريقة نضال حزب العمال الكردستاني، أصبحت الدستور الأساسي للحياة، كما أن المقاتل مظلوم مع فنونه العسكرية جعل من أولوياته تطوير نفسه أيديولوجياً وجعل التطوير وفق فلسفة القائد هدفه الرئيسي، وبعد عام 2018 انتقل إلى منطقة قنديل واستمر هنا على نفس المستوى من التطور، شارك في العديد من المهام النضالية المختلفة، وأصبح مع قيادته في هذا العمل محل ثقة بين رفاقه، ولذلك انخرط في العديد من الأعمال التي كانت تتطلب منه الإخلاص لقيم الحرية والولاء العالي.

هؤلاء الأبطال سقوا جنة كردستان بأكملها بدمائهم وجعلوا العدو الظالم يعيش كأنه في الجحيم، لذا فإن الاحتفاظ بذكريات هؤلاء الأبطال هو دين على الجميع، لقد كان المقاتل مظلوم يحقق النجاح في كل عملية على أساس الولاء للقائد والشهداء، ورأى أن هذه هي الطريقة الوحيدة للرد على العملية التاريخية للشعب الكردي، ولذلك كان يعمل بانضباط وتفان في كل عمل، وكان قدوة لرفاقه.. في 10 آذار 2023، انضم إلى قافلة الشهداء في هجوم العدو على جنوب كردستان مع رفاقه سنان دجوار (فهمي أوكمن) وأرارات تولهلدان (أحمد محمد علي)، وبمشاركته الصادقة وحياته المتواضعة وشخصيته الطبيعية التي لم تتورط في فساد النظام الرأسمالي، أخذ مكانه في قلوب رفاقه وسيكون سبب النصر لهم.