الأم كُليزار التي تركت خلفها إرثاً من المقاومة
تركت الأم كُليزار إرثاً من المقاومة ضد التعذيب والضغط والظلم لمدة عشرِ سنوات وأغمضت عينيها عن الحياة.
تركت الأم كُليزار إرثاً من المقاومة ضد التعذيب والضغط والظلم لمدة عشرِ سنوات وأغمضت عينيها عن الحياة.
إحدى شهود تاريخ كردستان وديرسم وأم أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني (PKK) "علي حيدر كايتان"، "كُليزار كايتان"، أغمضت عينيها عن الحياة منذ عشرِ سنوات.
أمضت "كُليزار كايتان" حياتها البالغة من العمر خمسٌ وثمانون عاماً في مقاومة ظلم الدولة وتعذيبها، وأصبحت أحد رموزها. وبهذه المقاومة، تم ذِكرها على أنها أم ديرسم المقاومة وتركت خلفها إرثاً من المقاومة للأجيال الجديدة.
وُلدت "كُليزار كايتان" وفقًا للسجلات الرسمية، في الأول من شهر كانون الثاني عام ١٩٢٩ في ديرسم. وُلدت "كايتان"، التي كانت أحدى أفراد عشيرة حيدران، في قرية هنكِرفان في وسط ديرسم. وفي ديرسم في ذلك الوقت، رفضت عائلتها وعشيرتها ضغوط الدولة واختاروا الحياة بالهوية الكردية والعلوية.
وفي مجزرة ١٩٣٧-١٩٣٨ قُتل عشرات الأشخاص من عائلة "كُليزار كايتان" وآلاف الأشخاص من عشيرة حيدران. كانت "كُليزار كايتان" لا تزال تبلغ من العمر تسعُ سنوات في ذلك الوقت. وكما حدث مع جميع الناجين، تم نفي بقية أفراد عائلتها أيضاً. تم إرسال "كُليزار كايتان" البالغة من العمر تسع سنوات إلى مدينة قيصري مع أفراد العائلة الباقين على قيد الحياة.
بقيت "كُليزار كايتان" هنا مع عائلتها لمدة عشرِ سنوات تقريباً، وفي نهاية الأربعينيات عادت إلى ديرسم واستقرت في قرية هنكِرفان. وبعد عودتها إلى القرية تزوجت من "علي كايتان". عاشت عائلة "كايتان" في ديرسم حتى السبعينيات وأنجبت سبع أطفال. في هذا الوقت، مع بداية كفاح دنيز كَزميشان، زاد الضغط على العائلة. ولم تترك الدولة عائلة "كايتان" بشأنها، وظلت تضغط عليهم باستمرار.
دخول مقاتلي آبو قرية هنكِرفان
كان الكثير من الشبيبة يدخلون إلى قرية هنكِرفان ويخرجون في الأعوام ١٩٧٥- ١٩٧٦. وكان هؤلاء الشباب معروفين في البداية بأنهم أصدقاء الابن الأكبر للعائلة، "علي حيدر كايتان". لكن مع مرور الوقت تبين أنهم مقاتلي كردستان. وكان "علي حيدر كايتان" واحداً منهم. دعمت "كُليزار كايتان" هؤلاء الشبيبة منذ البداية.
قالت: عندما رأيت أولئك الشيبة لأول مرة قلت إن هؤلاء الشبيبة سينتقمون لديرسم. بقولها هذا، أظهرت أنها لا تزال تتمتع بالإيمان في ذلك الوقت. لذلك فتحت الأم "كُليزار" ذراعيها لمقاتلي آبو ودعمتهم بكل الطرق. أصبحت هنكِرفان الآن مركزاً للثوار الشبيبة في كردستان. تم إقامت الكثير من الاجتماعات والتجمعات والأعمال التعليمية هنا.
"خدمة الدولة التركية خيانة"
ومع انقلاب ١٢ أيلول، مارست الدولة ضغوطاً على عائلة "كايتان" وأخبرت "علي كايتان"، زوج "كُليزار كايتان"، "أحضر أطفالك أو ارحل من هنا". ولهذا السبب تم طردهم من ديرسم. مُنعت العائلة من الإقامة في كردستان، لذلك تم نفيهم إلى مدينة أفيون. وبهذا القرار، اضطرت "كُليزار كايتان" إلى ترك مكانها للمرة الثانية. كان الوقت في أفيون صعباً بالنسبة لعائلة "كايتان".
كان للمنفى، وهو العيش الحتمي بعيداً عن الوطن، تأثيراً كبيراً جداً على العائلة. ومع ذلك، لم تتوقف عائلة "كايتان" عن نضالها حتى هنا. أخبرت أطفالها عن الكرد والعقيدة العلوية ومجزرة ديرسم. قال الأب "علي كايتان" لأبنائه: لن تخدموا هذه الدولة أبداً. "التوظيف يساوي الخيانة" وهكذا أظهر موقفه ضد الدولة. لم يستطع الأب "كايتان" أن يتحمل الحياة في المنفى وتوفي عام ١٩٨٤. لقد عرَف أبنائهم النضال الثوري وانضموا إليه.
بعد وفاة "علي كايتان"، انتقلت الأم "كُليزار كايتان" مع أبنائها إلى بورصه واستقرت هناك. وفي وقت لاحق ساعدت "كايتان" جميع أبنائها على الانضمام إلى حزب العمال الكردستاني (PKK) وجعلتهم يشاركون في النضال من أجل الحرية الكردية.
لقد تم اعتقالها عشرات المرات
عادت "كُليزار كايتان" إلى ديرسم في التسعينيات. وفي الوقت الذي اشتدت فيه الضغوط، تم احتجازها والقبض عليها عام ١٩٩٣. ومكثت في سجن ارزروم لمدة ستة أشهر. بقيت "كُليزار كايتان" في الخارج لمدة عام، وتم القبض عليها مرة أخرى في السابع والعشرون من شهر تشرين الثاني عام ١٩٩٤، واحتجزت في سجون ديرسم والبِستان وملاطيا. وبعد مرور بعض الوقت أطلق سراحها وعادت إلى بورصه. وفي هذا المكان استمر الضغط والتعذيب ضدها. وقام قائد شرطة بورصه بنفسه باحتجازها في ذلك الوقت وتعذيبها. ورغم التعذيب قاومت ولم تتحدث على انفراد. وبهذا الموقف المقاوم، لُقِبتْ بأم ديرسم المقاومة البالغة من العمر سبعون عاماً. قُبِضَتْ على "كُليزار كايتان" عدة مرات واعتُقِلْتْ عشرات المرات، لكنها كانت دائما ترفع رأسها أمام الدولة ولم تخضع.
عند ارتدائها لباس المقاتلين
ذهبت "كُليزار كايتان" إلى سوريا مع القائد آبو في عام ١٩٩٥. لقد كانت تُقدر القائد آبو كثيراً، لذلك كانت متشوقة لرؤيته. عندما رأت القائد آبو، كانت سعيدة جداً كأن العالم كله ملكها. هنا، ارتدت "كُليزار كايتان" لباس المقاتلين وعبرت عن مشاعرها الأولية على النحو التالي: "أتمنى لو أنني أتيت إلى العالم متأخرة حتى أحمل السلاح وأقاتل في جبال كردستان مثل هؤلاء الفتيات". بقيت " كُليزار كايتان" هنا لمدة ستة أشهر وذهبت إلى أوروبا بناءً على طلب القائد آبو.
ذكرت في أوروبا سنة ال ٣٨
اضطرت "كُليزار كايتان" إلى الانتقال للمرة الثالثة منذ عام ١٩٣٨. واستقرت في مدينة إيسن بألمانيا ولم تتوقف هنا أيضاً. انضمت إلى حركة النضال من أجل الحرية الكردية. شاركت "كُليزار كايتان" في مؤتمرات واجتماعات في أوروبا، وتحدثت عن ذلك الوقت كشاهدة على مجزرة ديرسم عام 1938.
القائد آبو: الأم "كُليزار والأم هاتِجة هما من أعظم قيم هذا النضال
كانت "كُليزار كايتان" جزءاً من النضال من أجل الحرية الكردية حتى اللحظة الأخيرة من حياتها. شاركت دائماً في الفعاليات، وناضلت. وبسبب هذه الشخصية والكفاح التي خاضتها "كُليزار كايتان"، كان القائد آبو يرسل لها دائماً التحيات في السجن، ويرسل لها الهدايا عن طريق محاميه.
لأن القائد آبو ذكر أن الأمهات مثل "كُليزار كايتان" و"هاتِجة ألتون" هن أبطال النضال من أجل حرية كردستان وأنه يقدرهم كثيراً.
وقال لهم القائد آبو: "هذه الأم بالنسبة لنا قيمة . يجب أن يتحلى الانسان بهذه القيم وأن يكونوا مخلصين لها".