الإبادة البيئية في كردستان

تتعرض الغابات في كردستان للقطع والحرق من قبل الجنود والحراس والقوات شبه العسكرية التابعة للدولة التركية، ولا حراك حيال ذلك من قبل منظمات المجتمع الدولي التي تنتهج الصمت عندما يتعلق الامر بكردستان.

تُعرف الإبادة البيئية بأنها "تغييرات سلبية ناتجة عن ضرر متعمد للطبيعة"، حيث تتمثل إحدى طرق الإبادة البيئية في قطع الأشجار وترك الأراضي بلا غطاء نباتي، وتحدث عمليات قطع بشكل متعمد ومنهجي في إحدى المناطق المعينة، إن بيئة كردستان تتعرض للتدمير حالياً بشكل خطير من قبل الدولة، وعلى الرغم من هذه الممارسات الوحشية بحق البيئة من قبل الدولة إلا أن منظمات المجتمع المدني لا تهتم لذلك بتاتاً.

لا تحترق الغابات في كردستان من تلقاء نفسها؛ بل يتم حرقها عمداً

من ناحية أخرى، إذا تركت الغابات بدون أشجار فهذه إشارة إلى أنها تحرق عمداً، خلافاُ لغرب تركيا، تطبق الدولة في كردستان سياسة معروفة وواضحة لإزالة الغابات، كاقتلاع أشجار الزيتون في عفرين، وقطع الأشجار من قبل حراس القرى في مناطق الدفاع المشروع، كما أعلن عن مناطق جودي، ديرسم، لجي وبدليس "مناطق عسكرية محظورة" في أوقات معينة من السنة، ويتم الإعلان عنها بانها محظورة لتقوم الدولة بافتعال حرائق فيها حيث يتكرر الأمر على الدوام وبانتظام.

مدينة ديرسم؛ والتي تعد واحدة من أكثر المدن التي يتم افتعال حرائق الغابات فيها، منذ 28 تموز 2015، تم الإعلان وبشكل نظامي أنها "منطقة عسكرية محظورة" و "منطقة أمنية خاصة"، كل صيف؛ وبطرق مختلفة يتم إضرام النيران في الغابات، في آب سنة 2021 في ديرسم/خوزاد استمر الحريق الذي تم افتعاله بسبب الهجمات العسكرية لأيام، ولم يذكر الوالي حتى أن هذه الحرائق ناتجة عن الطلق الجوي الناري الذي حدث وأدعى أنه لا توجد وسيلة للدخول لهذه الأراضي وبالتالي لم يسمح للشعب بالتدخل لإخماد هذه الحرائق، والنيران التي بدأت بسبب هجمات عسكرية على المناطق التابعة لديرسم وتحديداً في قرى تانزيك، زوخار وقرية كوجري والتي وصل حتى قرية اوزونجشمه، أدت إلى احتراق مساحة قدرت بعشرات الهكتارات ولم يسمح الجنود الأتراك للأشخاص الذين شهدوا الحرائق بإخمادها.

اعترف الجنود بإطلاقهم النار على الساحات في جودي

بعد حرائق الغابات التي حدثت في جودي، شارك الجنود على مواقع التواصل مشاهد لهم واعترفوا خلالها أنهم من قاموا بإضرام الحرائق في الساحات .. وفي المشاهد التي تم نشرها بتاريخ 28 تموز؛ قبل الجنود الاعتراف بأنهم من كانوا السبب في حرائق الغابات التي حدثت في جودي وبستا، والشخص الذي يطلق عليه لقب "رقيب أول" قال في الفيديو "إننا نقتلع جذورهم" كما قام بمشاركة مكان الحريق.

وكان قد أُعلن في السابق في تقرير مؤتمر المجتمع الديمقراطي (KCD)، والحركة البيئية لميزوبوتاميا، أن الدولة قامت بإشعال الحرائق في غابات كردستان عمداً، سنة 2016 في منطقة لجي التابعة لآمد؛ بعد أن تم إعلان "حظر التجوال" فيها؛ قام المجلس البيئي لمؤتمر المجتمع الديمقراطي والحركة البيئية لميزوبوتاميا في 8 حزيران 2016 بإعداد تقرير و تمت الإشارة في مضمونه على أحداث قرى ومساكن حسينيك؛ كوما صاروخان، كوما سوفي علي، جنزور، كوما رضا، مهلة، كربس، ننياس، كوما كازو، درخُست وهنيات الموجودة في منطقة سيسي التابعة للجي، بحسب شهود عيان الذين أدلوا بشهادتهم في التقرير ممن كانوا في القرى التي وقع فيها الحريق، قالوا أن النيران بدأت بشكل أساسي نتيجة لإطلاق النار من مروحيات عسكرية.

وكان قد تم في الآونة الأخيرة اضرام النيران بالعديد من الغابات القريبة من قرية كروس التابعة للجي، ولم يسمح للقروين بإخماد النيران، كما اندلع حريق في منطقة كورتي في زنغسور والتي تكون قرية أخرى تابعة للجي بتاريخ 1 آب 2023 والتي توجد فيها العديد من المحطات والقواعد العسكرية، كما أفاد السكان بأن الجنود لم يسمحوا لهم بإخماد النيران.

الأشجار المعمرة لمئات السنين قُطعت لتوفير "طرق أمنية"

زارت النائبة عن حزب الخضر اليساري لبدليس، سمرا تشالار غوكالب، منطقة بدليس بعد ان تم الإعلان عن الحظر فيها وقدمت عريضة قانونية بشأن هذه القضية، تم الإعلان في العريضة عن حدوث الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان في المنطقة التي تم الإعلان عنها على أنها "منطقة أمنية خاصة"، حيث تم حظر حركة القرويين إلى الحقول، كما تضررت العديد من الكيلومترات من الحقول، وتم قطع العديد من أشجار الفاكهة المعمرة منذ مئات السنين بحجة انشاء "الطريق الأمني"، كما تتم ممارسة التهديدات والضغط على القرويين على الدوام.

قوات الكريلا تصور مشاهد لقطع الأشجار

إن عمليات حرق وتدمير الغابات الكردستانية لا تتم فقط شمال كردستان، بل يريد جيش الاحتلال التركي حرق مناطق زاب، آفاشين ومتينا في مناطق الدفاع المشروع منذ 24 نيسان 2021 وحتى الآن، إن لهذه الهجمات تأثير كبير أيضا على ساحات الغابات حيث ان القصف الجوي، القنابل اليدوية واستخدام الأسلحة الكيماوية تكون الغاية منها استهداف قوات الكريلا من جهة، ومن الجهة الأخرى من أجل جعل المنطقة خالية من الغابات، حيث قام الجنود والحراس بقطع الأشجار في آفاشين ونشرت لهم عدة مقاطع، كما شوهد الجنود الأتراك في المقاطع التي صورتها قوات الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرة - ستار في آب 2021 وهم يقطعون الأشجار في آفاشين، يضرمون النار فيها ويضعون الديناميت في جذور الأشجار ويفجرونها.

منظمات المجتمع المدني تتجاهل جرائم حرق الغابات في كردستان

لا تزال منظمات المجتمع المدني تتجاهل كل هذه الجرائم على الرغم من أن الدولة تقوم بها بشكل علني ومنهجي، المنظمات التي تعمل في الساحة الدولية؛ منظمة السلام الأخضر Greenpeace، منظمة العفو الدولية، الصندوق العالمي للطبيعة WWF ، جمعية مصنعي المبادلات الانبوبية (Tubular Exchanger Manufacturers Association )TEMA، جمعية حماية البيئة في تركيا، جمعية الطبيعة، مؤسسة القيم الثقافية والبيئية، جمعية حماية الحياة البرية في تركيا، كل هذه المنظمات التي وقفت في وجه قطع الأشجار في غابة آكبلن، التزمت الصمت عندما تعلق الأمر بكردستان.

وكدليل على ما ذكر؛ تقدمت نقابة المحامين في شرناخ بطلب بخصوص الحريق في شرناخ إلى هذه المؤسسات، فأعطت منظمة السلام الأخضر Greenpeace رداً كتابياً فيما يخص بقطع الأشجار في شرناخ وقالت: "اعذرونا، الأمر خارج مجال خبرتنا"، المنظمة نفسها التي احتجت على قطع الغابات في آكبلن وأعربت عن استيائها من خلال عبارة "قطع الأشجار ظلم كبير بحق البيئة"، لم تبدي اهتماما للحريق في جودي المفتعل من قبل الجنود.