الهجمات الأولى على الثورة ومقاومة الأشرفية و قسطل جندو - تم التحديث

كانت وحدات حماية الشعب (YPG) قد أظهرت منذ البداية في 26-30 تشرين الأول 2012، أنها ستقاوم وتحقق النصر بقوتها من خلال المقاومة ضد هجمات مرتزقة الجيش السوري الحر على الأشرفية وقسطل جندو في عفرين.

تشن الدولة التركية في العام الـ 12 لثورة روج آفا هجمات عنيفة، في حين، هناك مقاومة عظيمة في مواجهة هذه الهجمات، فالثورة تستمد قوتها هذه من المقاومة وفلسفة الحرية ومقياس قوتها الأولية.

وأصبحت الثورة التي بدأت في 19 تموز 2012 في كوباني وامتدت إلى جميع أرجاء غرب كردستان (روج آفا)، هدفاً لهجمات قوى مرتزقة "الجيش السوري الحر"، والإخوان المسلمين وجبهة النصرة وداعش الذين كانوا تحت نفوذ تركيا، وكانت المجالس وقوات الحماية قد أسست حديثاً ولم تكن هناك إمكانيات، وفي ظل مثل هذه الظروف، وفي إطار فلسفة ونموذج القائد عبد الله أوجلان، ظهرت مقاومة عظيمة ضد الهجمات، وبدأت ثورة روج آفا مقاومتها العسكرية الأولى في 26-27 تشرين الأول 2012، ضد هجمات مرتزقة تركيا، وألحقت وحدات حماية الشعب (YPG)، التي لم يكن الكرد والإنسانية على دراية بها، الهزيمة بمرتزقة الجيش السوري الحر في حي الأشرفية بمدينة حلب وتلة قسطل جندو في عفرين.

وامتدت موجة الهجمات التي بدأت مع مخطط تركيا في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2012 بقتل أهالي حي الأشرفية على يد مرتزقة الجيش السوري الحر، إلى ساحة قسطل جندو في 27-30 تشرين الأول، بهدف احتلال عفرين، وكان لدى قوى مرتزقة الجيش السوري الحر والإخوان المسلمين وجبهة النصرة وداعش الذين كانوا وكلاء لتركيا، خطة لخنق ثورة روج آفا، إلا أن هذه الخطة الأولية كان قد تم دحرها في عفرين، وتحدث كاركر عفرين، الذي كان ضمن قيادة وحدات حماية الشعب (YPG) في عفرين في ذلك الحين، عن بداية هجمات مرتزقة الجيش السوري الحر في ذلك الوقت على ثورة روج آفا.    

في البداية، شنّوا الهجمات على أحياء الكرد في مدينة حلب

على الرغم من أن حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب لم يكونا ضمن أراضي غرب كردستان (روج آفا)، إلا أنهما انضما إلى الثورة، وذلك لقربهما من عفرين من الناحية الجغرافية وغالبية السكان القاطنين فيهما من أهالي عفرين، ومع اندلاع الحرب الأهلية السورية، كانت وحدات حماية الشعب قد تأسست حديثاً في تشرين الأول، في الحين اللذين شكلا المجالس الشعبية وقوات الحماية.

ودخلت بعض المجموعات التابعة لمرتزقة الجيش السوري الحر في 25 تشرين الأول 2012 إلى حي الأشرفية وحاولت التمركز هناك، في حين، لم يقبل أهالي الحي دخول الجيش الحر إلى حيهم والتمركز فيه، وذلك لمنع انتقال الحرب بين الجيش السوري الحر وإدارة دمشق إلى حيهم.  

وفي 26 تشرين الأول، شنّت إدارة دمشق هجمات جوية ضد مرتزقة الجيش السوري الحر الذين كانوا يحاولون التمركز في الحي، مما أسفرت عن فقدان المدنيين المتواجدين في الحي لأراوحهم، وبعد الحادثة، نظم أهالي الحي مسيرة حاشدة للتنديد بمرتزقة الجيش السوري الحر وكذلك للتنديد بالهجمات الجوية لدمشق، وقامت قوات مرتزقة الجيش السوري الحر، التي ضمت مجموعات مرتزقة مثل كتيبة صلاح الدين الأيوبي التابعة للمجلس الوطني الكردي-ENKS، أثناء المظاهرة بإطلاق الرصاص على الشعب، حيث أدى ذلك إلى استشهاد 10 أشخاص وإصابة 25 آخرين في هذا الهجوم.

عندما سلموا الأسرى، نصبوا الكمين  

وبعد ارتكاب هذه المجزرة، قامت وحدات حماية الشعب (YPG) بمهاجمة مرتزقة الجيش السوري الحر في الشيخ مقصود والأشرفية، واستمرت المعركة حتى وقت متأخر من المساء، وقُتل في هذه المعركة 20 من مرتزقة الجيش السوري الحر، واستشهد أحد مقاتلي من وحدات حماية الشعب، وأسفرت المعركة عن سقوط العديد من مرتزقة الجيش السوري الحر في أيدي وحدات حماية الشعب (YPG) مع أسلحتهم، فيما ترك الآخرون قتلاهم وجرحاهم ولاذوا بالفرار، وطالب الوسطاء خلال المعركة بالقتلى والجرحى بشرط عدم اقتراب المهاجمين من المناطق الكردية.

وتعاملت وحدات حماية الشعب (YPG) بإيجابية مع هذا المطلب، وبناءً على ذلك توجهت مجموعة من المقاتلين بقيادة القيادية شاها علي عودو (نوجين ديريك) إلى المكان المحدد لتسليم القتلى والجرحى، إلا أن مرتزقة كتيبة صلاح الدين الأيوبي كانوا قد نصبوا كميناً في تلك النقطة، وبعد أن استلموا قتلاهم وجرحاهم، قاموا بالقصف على وحدات حماية الشعب وشنّوا الهجوم عليهم بالأسلحة، وتعرضت نوجين ديريك للإصابة في المعركة وتم اختطافها من المرتزقة.    

"بادرت وحدات حماية الشعب في عفرين أيضاً إلى التحرك والاستنفار"

وعندما شن مرتزقة الجيش السوري الحر الهجمات على الكرد في مدينة حلب، بادرت وحدات حماية الشعب (YPG) إلى التحرك في عفرين، وعلى الرغم من قلة إمكانياتها وأسلحتها، إلا أن وحدات حماية الشعب شكلّت كتائبها في ناحية جندريسه التابعة لعفرين في تموز 2012 وكانت تتوسع تدريجياً، وتم إرسال قوات من عفرين إلى حلب، وقطعت وحدات حماية الشعب الطرق المؤدية إلى عفرين، وحتى الهجوم على الأشرفية، كان بإمكان مرتزقة الجيش السوري الحر الذهاب حتى عفرين والخروج منها، إلا إن مجلس الشعب في عفرين ووحدات حماية الشعب (YPG) كانا يتصرفان وفقاً للخط المتبع لثورة روج آفا، ولم ينضما إلى إدارة دمشق أو الجيش السوري الحر، ولذلك، لم يسمحا للجيش السوري الحر بالتمركز في عفرين لتفادي انتقال الحرب إلى عفرين.     

وتحدث كاركر عفرين، الذي كان حينها ضمن قيادة وحدات حماية الشعب (YPG) في عفرين، عن العلاقة مع الجيش السوري الحر حتى الهجوم على حي الأشرفية، وقال: "حتى ذلك الحين، لم نسمح للجيش السوري الحر بالتمركز في عفرين، إلا أننا كنا نسمح لهم بالمجيء والذهاب من وإلى المدينة، ولم تكن العلاقة بيننا وبين عناصر الجيش السوري الحر المتواجدين في إعزاز سيئة، وكان النظام قد شن الهجوم على مدينة إعزاز في وقت سابق، حيث اندلعت معركة طاحنة هناك، وهرب أهالي إعزاز على إثر ذلك إلى عفرين وقام أهالي عفرين بإيوائهم، ولكن عندما وقعت الهجمات، لم نكتفِ بإرسال قوات إلى حلب، بل أغلقنا في الوقت نفسه كافة الطرق المؤدية إلى عفرين، حيث كنا نلقي القبض على الذين يأتون إلى المدينة ونسلمهم إلى قوات الآساييش، إلا أن الآساييش كانت تقوم بإطلاق سراحهم، وكان هدفنا كوحدات حماية الشعب (YPG) هو ضمان إطلاق سراح رفاقنا".   

"تواردت الأنباء بالتحضير لشن الهجوم على عفرين"

وكانت وحدات حماية الشعب في عفرين في حالة استنفار كبيرة من أجل حماية حي الأشرفية وكذلك أيضاً من أجل إطلاق سراح رفاقهم، إلا أن المرتزقة قاموا بتسليم نوجين ديريك إلى جهاز الاستخبارات التركية (MÎT) وتم أخذها إلى تركيا.   

ولم تكن وحدات حماية الشعب (YPG) حينها على دراية بحيثيات هذا الوضع، حيث أعدت تركيا عن طريق مرتزقة الجيش السوري الحر خطة كبيرة ووضعت عفرين نُصب هدفها.  

وذكر كاركر، القيادي في وحدات حماية الشعب، أنهم بعد يوم واحد من شن الهجمات على حي الأشرفية، قد تلقوا معلومات تفيد بأنه سيتم شن الهجمات على عفرين، وقال بهذا الصدد: "في 27 تشرين الأول، قمنا بمغادرة نقطة التفتيش على الطريق وتوجهنا صوب المدينة، وكنا في مركز الشهيد خبات، وعند منتصف الليل، جاء أحد الوطنيين ألينا وقال: "هناك استعدادات وتحضيرات جدية في إعزاز، سوف يقومون بشن هجوم عليكم، اتحدت 11 مجموعة تحت قيادة عمر داديخي وسوف يهاجمونكم"، ونحن بدورنا، حاولنا التأكد، إلا أننا لم نتمكن من تلقي المعلومات، وبعد أن قمنا بإخراج النظام من المدينة في بداية العام 2012، كنا قد نشرنا 12 رفيقاً على تلة قسطل جندو، وكانت مجموعة من رفاق وحدات حماية الشعب (YPG) متمركزة أيضاً في نقاط التفتيش الواقعة بين قسطل جندو ومعرين، كما شكلنا أيضاً بعض نقاط تفتيش على الخط الواصل بين كفرجنة وقطمة، حيث كانت وحدات حماية الشعب (YPG) تتولى السيطرة على البعض منها، والبعض الآخر قوات الآساييش، لم نتأكد من المعلومات الواردة، إلا أننا على الرغم من ذلك، قمنا بإخطار رفاقنا بتوخي الحذر والحيطة في مواجهة الهجمات المحتملة، وكانت وحدات حماية الشعب (YPG) في ذلك الوقت تنفذ العمليات الأمنية ضد الذين كانوا يقومون بزراعة الماريغوانا في كوباني، وكانت قوات من وحدات حماية الشعب (YPG) من عفرين قد شاركت في هذه العملية، وكنت أقوم بزيارة عوائل الرفاق الذين انضموا إلى العملية الأمنية هناك، وكنتُ في بيت أحد العوائل، حيث تواردت معلومات عن وقوع هجوم على حاجز للتفتيش في قرية قسطل جندو، وعلى الفور خرجت، وكان لدينا فريق جاهز، إلا أنهم جميعاً كانوا من الرفاق المستجدين، وتوجهنا معهم إلى تلة قسطل جندو، ورأينا أن المعركة قد اندلعت في نقطة التفتيش لقسطل جندو".

"خاض أهالي قرية قسطل جندو المقاومة مع وحدات حماية الشعب"

وأوضح كاركر عفرين أن قوات وحدات حماية الشعب (YPG) قامت باستهداف مرتزقة الجيش السوري الحر، الذين هاجموا نقطة التفتيش في قسطل جندو، وقال بهذا الخصوص: "قام الرفاق بتدمير آلية تحمل سلاح الدوشكا، وقضوا على البعض من عناصر الجيش السوري الحر، وقد استولت القوة المساندة لهم على بعض المنازل، إلا أن الرفاق سدوا الطريق عليهم في نقطة التفتيش ولم يسمحوا لهم بالتقدم نحو الأمام، حيث كانوا قد اقتحموا النقطة، إلا الرفاق قاموا باستهدافهم وإخراجهم من هناك.    

وبعد أن توجهنا إلى ذلك المكان، قلنا "لنذهب إلى سفح التلة، ونؤمن التلة"، حيث كان الأمر الأهم بالنسبة لنا هو تلة قسطل جندو، وكانت قرية قسطل جندو تقع أسفل التلة، ونقطة التفتيش كانت أيضاً عند معرين، حيث اندلعت المعركة عند في معرين، في حين لم تكن هناك أي اشتباكات على سفح التلة.        

في اليوم الأول استمرت المعركة في القرية، وحمل الشعب السلاح في تلك المعركة وجاءوا لمساعدة الرفاق، حتى أن مسناً يبلغ من العمر 70 عاماً حمل سلاحه وحارب مع الرفاق ضد المرتزقة، حيث كان متمركزاً في أحد الخنادق، وقد حاول الرفاق كثيراً ثنيه، إلا أنه لم يغادر حتى نهاية المعركة، وكان يقول "أنا معكم، ولستُ أغلى منك، وسأعمل على حماية وطني".    

في الواقع، لقد أدى الرفاق دورهم بشكل جيد في قرية قسطل جندو، ووجهوا ضربات قاسية للمرتزقة، ودمروا البعض من آليات المرتزقة، وقُتل الكثير من المرتزقة".     

"تمكنّا من تأمين تلة قسطل جندو مع الرفاق اليافعين"

كانت هجمات مرتزقة الجيش السوري الحر على عفرين قد بدأت مع الهجوم على قرية قسطل جندو وحواجز التفتيش، إلا أن وحدات حماية الشعب (YPG) كانت تتوقع أن يكون الهجوم الرئيسي على تلة قسطل جندو، حيث تُعتبر تلة قسطل جندو تلة استراتيجية للغاية ومرتفعة من أجل الدفاع عن عفرين، وقد توجه كاركر عفرين وفريق وحدات حماية الشعب (YPG) بشكل مباشر إلى التلة، وذهبوا إلى جانب الرفاق المتمركزين هناك.     

وقال كاركر عفرين حول أهمية التلة: "لو تمت السيطرة على التلة، لما كان هناك قرية ولا حتى عفرين، حيث كانت التلة تتواجد في بقعة جغرافية استراتيجية للغاية، فمن طرف، تحدها كمدينة كيليس ومن الطرف الآخر مدينة إعزاز، وكلتهما كانتا على نفس المسافة ومحكمة السيطرة على كلتهما معاً، وتقع أسفل التلة أيضاً قرية يازباغ، فعندما كانوا يشنون الهجمات، كانوا يتجمعون هناك، وأثناء وصولنا إلى التلة، كان هناك حوالي 10 من الرفاق اليافيعن على التلة، وجميعهم كانوا قد أنهوا تدريبات المقاتلين الجدد قبل بضعة أشهر، وأنا بنفسي كنتُ قد ذهبتُ مع 8 من الرفاق، وبعد أن وصلنا إلى سفح التلة، قمتُ بنشرهم جميعاً ضمن نقاط التمركز.
وفي الواقع، لم تكن هناك نقاط للتمركز، حيث كان الرفاق قد قاموا ببناء بعض الخنادق وتغطيتها، فلم يكن هناك خندق قتالي بحيث نحارب فيه، حيث كان الرفاق قد وضعوا بعض الحجارة على بعضها البعض وبنوا منها موقعاً للتمركز".   

وعلى الرغم من شن الهجمات على قرية قسطل جندو وحواجز التفتيش في 27 تشرين الأول، إلا أنها لم تُشن على تلة قسطل جندو، ولكن بعد يوم واحد، كانت هذه المنطقة، التي لم تشهد قط أي معركة، ستواجه هجمات مكثفة ستستمر لمدة يومين أو ثلاثة أيام".
 
القسم الثاني: انتصار الإيمان والقوة الذاتية