الحسكة - الفن أنواع متعددة ومنها الفن التشكيلي الذي يأخذ كل شيء من طبيعة الواقع ويصاغ بصياغة جديدة، فالفنان التشكيلي هو الذي يقوم بصياغة الأشكال وأخذ مفرداته من محيطه وبيئته التي يعيش فيها ولكل إنسان رؤيته وأسلوبه.
وفي لقاء مع الفنان التشكيلي كولوس سليمان والذي تحدث عن حياته ومعاناته والأخطاء التي مرّ بها منذ بداية انطلاقته في الرسم قائلاً: "كبرت في ناحية عامودا وعشت طفولتي فيها وأنا كغيري من الأطفال أحببت طبيعتها وأجواءها وسماءها وعبرت عن كل ما رأيته وأحسست به بالرسم"، مشيراً بأنه في الكثير من الأحيان كان يرسم في جميع الحصص الدراسية وكان يعاقب دائما لإهماله لبقية المواد.
وأكد سليمان أنه في بداية انطلاقته بالرسم كان يخطئ كثيراً وبالصبر والمثابرة تجاوز كل المحن، وقام بدراسات كثيرة وقرأ كل ما له علاقة بالرسم لتصبح لوحاته كاملة في معناها وتختلف عن أسلوب الغير في الإحساس والتعبير.
وأشار سليمان أنه استوحى كل ما رسمه من الطبيعة المحيطة به وأنه كان دائما متطلعاً على كل ما يحيط به، حيث كان يعبر عن نفسه وذاته برسوماته المختلفة.
وأكد سليمان بأنه بدأ من رسم الماعز وعاش قصص مختلفة معها حيث كان يخرج منذ الصباح كل يوم ليرى خروجها إلى المرعى ويراقب تصرفاتها قائلاً: "في بداية رسمي كان الماعز يهرب مني ولكن مع مرور الأيام لم يعد يهربوا مني بل أنهم لم يحسوا بأني غريب عنهم وتعودوا عليّ وأصبحت أرسمهم دون خوف من هروبهم".
واضاف سليمان "ثم تطورت رسوماتي مع الأيام ومنها رسم الإنسان وهم يحتضنون بعضهم من البرد ولكن دون فائدة لأن البرد هو البرد الداخلي وأن كل شخص يعيش بعالمه الخاص ولا يعطي كل مشاعره لآخوه الإنسان".
نوه سليمان بأن زوجته تحملت الكثير ووقفت إلى جانبه في الكثير من الأحيان بالرغم من تهربه عن مسؤولياته حيث قال: "لقد ازدادت مسؤولياتي ولكن الرسم كان الأهم، وممن ساعدني في هذه المحنة زوجتي ليلى التي وقفت إلى جانبي وتحملت مني الكثير لأنني في الكثير من الأحيان كنت أنام أيام عديدة في المرسم وكنت أهمل أولادي وبيتي لأستطيع الإنفراد وأعبر عن أفكاري ودراساتي. فهي كانت تحمل العبء عني ولا أستطيع أن أعطيها حقها لأني لولاها لما وصلت إلى هذا المستوى من الإبداع".
هذا وشارك سليمان بمعارض مختلفة في معظم المحافظات السورية وأنه تلقى منحة إلى بريطانيا ولكن لم يستطيع الذهاب بسبب سوء الظروف والأوضاع الراهنة.
والملفت للانتباه إن لكولوس سليمان ابنة في العاشرة تدعى مايا أتقنت الرسم من خلال رؤيتها لأباها وكانت ترسم كل ما تشاهده من أفلام للرسوم المتحركة وتحدثت لنا قائلةً: "إنني كنت انظر إلى والدي حتى أصبحت أحب الرسم، وكنت أرسم كل ما أحبه وفي أوقات انقطاع الكهرباء المستمر كنت أقوم بالرسم مع وجود بعض الأخطاء"، مؤكدةً بأنها ستستمر في الرسم مع مرور الأيام حتى تصبح فنانة تشكيلية كوالدها.
ومن الجدير ذكره أن لكولوس سليمان مقالات عددية وكتابات مختلفة عن الفن التشكيلي والإيحاءات لكل الرسومات، وهو من مواليد مدينة عامودا ويعيش حالياً في مدينة الحسكة.