بعد اتباعها سياسة التغير الديمغرافي و تهجير مئات الآلاف من أهالي مقاطعة عفرين ،اخذت الانتهاكات التركية شكلاً جديداً ، تجسد في محو تاريخ المقاطعة بالكامل ، من خلال عمليات التنقيب عن الاثار و نهبها وتدمير المعالم الاثرية .
وتشير الانباء الواردة من داخل المقاطعة المحتلة بتنظيم الاحتلال التركي لفرق صغيرة تتألف من عناصر المجموعات الارهابية التابعة لها ، حيث يتم تزويدهم بأليات الحفر والتنقيب والاجهزة الالكترونية المختصة بالبحث عن الاثار واكتشافها ، وتعتبر المعابر التركية البوابة الرئيسية لتهريب القطع الاثرية الى خارج البلاد ، حيث تجرى عمليات البيع والاتجار بتلك القطع في الاسواق المحلية التركية والإقليمية .
ومع بداية الاحتلال التركي لمقاطعة عفرين تسببت الضربات الجوية في احداث أضرار جسيمة بالمناطق الاثرية والمدرجة على لائحة التراث العالمي اليونيسكو ومنها ، النبي هوري ودير مشمشه، وتلة عندارة ، التي تقع على بعد 5 كيلو مترات جنوب مدينة عفرين و50 كيلو متر شمال مدينة حلب، والتي يعود تاريخها إلى 10 آلاف عام والتي تعتبر من المناطق الاثرية الفريدة من نوعها عالمياً ، حيث تم تدمير النقوش والرسومات و التماثيل التي يحتويها التل الأثري ، وتتكون التلة من آثار ومعبد يضم تماثيل مختلفة تمثل حيوانات مجنحة وتماثيل لأبو الهول ونقوش وآثار كثيرة، وبحسب المؤرخين فأنه عثر في الموقع على لوحة بازلتية تمثل الآلهة عشتار.
ويتألف التل الأثري الهام من قسمين "جنوبي صغير وقديم، وشمالي كبير"، في القسم الجنوبي الذي يقول عنه علماء الاثار بأنه عبارة عن قرية زراعية من العصر الحجري الحديث، سكنها الإنسان منذ حوالي عشرة آلاف عام، إلا أنه لم تجرى فيها أعمال تنقيب واسعة، سوى عملية سبر بسيطة أظهرت بعض الأدوات الصوانية، وأحجار بناء، تعود للعصر الحجري الحديث.
ولم تقصتر الانتهاكات التركية بحق اثار عفرين وتاريخها في هذه المواقع فقط ، بل طالت ثلاثة محميات أثرية تقع على جبل سمعان وهي مدرجة على لائحة "اليونسكو" وذلك من خلال سرقة محتوياتها وتدمير اجزاء من كنيستها التاريخية وهذه القرى الأثرية تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي، ومنها قرية براده ، والتي تحتل مكانة دينية كبيرة لدى الموارنة.
وبموازاة ذلك كانت الانباء تتوارد من داخل المقاطعة مؤخراً حول بدء اعمال التنقيب والحفر في تلة جنديرسه الاثرية والتي تعتبر من اهم التلال الاثرية في سوريا ، حيث وثقت الصور ومقاطع الفيديو قيام الفرق التركية بحفر التلة ، والبحث عن الاثار المدفونة فيها ، عبر الأجهزة ومعدات الحفر الثقيلة .
كما رصد شهود عيان بدء عمليات تنقيب أخرى في ريف ناحية موباتا،وتلالها الاثرية ومنها تلة زرافكه ، في مشهد اثبت من خلاله الاحتلال التركي سعيه لمحو آثار وتاريخ المنطقة بالكامل، عبر مئات الفرق والمجموعات المختصة والمكلفة من قبله، والتي كانت تديرها فصائل احرار الشام والحزب الإسلامي التركستاني الارهابيتين بشكل مباشر.
والتي أشار اليها عدنان محمود عزو مستشار الادارة الذاتية ومستشار هيئة السياحة وحماية الاثار في حديث مقتضب لوكالة فرات للانباء(ANF) واصف تلك الممارسات بالانتهاكات، وبأن دول العالم سنت قوانين من اجل الحفاظ على الاثار العائدة لها وذلك لمعرفة حضارة مناطقها عبر التاريخ .
كما ونوه: بأن هذه الانتهاكات للمواقع الاثرية هو اعتداء فاضح على حضارة المنطقة والحق التاريخي الدفين لشعب المنطقة وبأن منطقة عفرين محتلة من قبل دولة خارجية .
معرباً بأن صمت منظمة اليونيسكو يعتبر مساعدة في هذه الانتهاكات ومن هنا نطالب منظمة اليونيسكو بأن يكون لها دور في الحفاظ على هذه الاثار.
وأشار عزو بأن الدولة السورية هي عضو في منظمة اليونيسكو وهي جهة رسمية ويجب عليها ان تتحمل مسؤولياتها القانونية في الحفاظ على هذا الارث التاريخي في المحافل الدولية ،
وتابع: وايماناً بان الحضارات الموجودة على الارض السورية وخصوصاً في عفرين هي ملك للبشرية جمعاء ولأجل الحفاظ عليها ومنع التعدي والنهب والتخريب وطمس معالمها ، قامت هيئة السياحة وحماية الاثار باصدار المرسوم رقم 1 لعام 2017 وهو قانون حماية الاثار، وتتضمن عدة اجراءات قانونية مشددة لمنع الاتجار او الاعتداء على القطع والمواقع الاثرية ، وباعتبار ان قانون العقوبات السوري يعاقب مرتكب هذه الجريمة في الاراضي السورية وكذلك قانون العقوبات المعمول به في روجافا أيضاً ، فانه من إختصاص القانون السوري والمحاكم السورية النظر في هذه الدعاوي باعتبارها جريمة مرتبكة على الاراضي السورية .
واختتم عزو حديثه قائلاً: سياسة الاحتلال التركي بالاعتداء اوسرقة المواقع الاثرية هو اعتداء ممنهج يهدف لطمس هوية المنطقة وتشويه معالمها وتاريخها العريق ، كما ونطالب مرة ثانية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في الحفاظ على هذه المناطق الاثرية ومنع الاعتداء عليها.