وسط دعوات لحظرها.. هل تفلح حيلة الإخوان في تونس بتغيير اسم "النهضة"؟

بينما تتواصل الدعوات لحظر نشاط جماعة الإخوان في تونس، كشفت حركة "النهضة" عن دراسة تغيير اسمها وكذلك مسمى مجلس شورى الحركة، ما اعتبره مراقبون مجرد حيلة يحاول التنظيم بها خداع الشعب التونسي.

صرح الأمين العام لحركة النهضة العجمي الوريمي بأنه قد تم دراسة تغيير اسم الحركة وكذلك مجلس الشورى في إطار ما قال إنها "مراجعات تتماشى مع المرحلة الحالية ومتطلباتها"، إلا أن تلك الخطوة تأتي في وقت تشهد فيه "النهضة" واحدة من أصعب فتراتها مع تصاعد حالة الرفض الشعبي لها، وكذلك الانقسامات التي تضرب الفرقة بين أعضائها.

وقد أطيح بحكم حركة النهضة في تموز عام 2021 إثر احتجاجات شعبية واسعة، على إثرها تدخل الرئيس قيس سعيد وحل الحكومة وجمد البرلمان ودعا إلى صياغة دستور جديد، في مشهد يعيد إلى الأذهان بعضاً من صور ما جرى في مصر عقب ثورة 30 يونيو/حزيران من عام 2013.

نفور شعبي

No description available.

وفي هذا السياق، يقول سيف الدين العرفاوي الناشط السياسي التونسي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه "بعد النفور الشعبي التونسي من الإخوان عامة وحركة النهضة خاصة، وبعد الضغط الشعبي المتواصل، يبدو أن الذراع الإخواني التونسي يريد أن يُنسي الشعب ما حصل في العشرية السوداء".

وأوضح أن ذلك من خلال خروج عبد اللطيف المكي وزير الصحة السابق وإنشاء حزب جديد يدعي الوسطية، وقال: "في المقابل كان هناك صمت لدى عدد كبير من قيادات الحركة، كما أن دخولهم وتمسكهم بجبهة الخلاص – وهو تحالف أحزاب يقوده النهضة – يوحي لنا أن الحركة إما أنها ستتقسم لمجموعة أحزاب حتماً سيكون هدفهم واحداً، وإما أن يقوموا بتغيير اسم حركة النهضة كما فعلوا سابقاً، فقد كان اسمها الاتجاه الإسلامي"، مؤكداً أن الهدف بالطبع واضح وهو الظفر بكرسي قرطاج أي الرئاسة ثم استعادة الهيمنة على البرلمان.

وأشار الناشط السيسي التونسي إلى أنه دائماً يتوقع مفاجئات في سباق الرئاسية خاصة أن هناك العديد من العقبات أمام حركة النهضة على غرار وزير التربية السابق دكتور ناجي جلول وحزبه الائتلاف الوطني التونسي، وكان لدى الإخوان حرص كبير لإبعاده عن الوزارة، خدمة لمصالحهم وكذلك الحزب الدستوري الحر العدو اللدود للحركة.

ولفت "العرفاوي" كذلك إلى أن "بعض الأطراف خاصة النائب فاطمة المسدي دعت علناً لحظر ومنع حركة النهضة وقياداتها من العمل السياسي ومحاسبتهم"، مؤكداً أنه "مهما فعلت حركة النهضة من مناورات سياسية فلن ينجحوا فهي مكشوفة لدى الشعب منهم ومن بيادقهم، على حد تعبيره"، داعياً في الوقت ذاته إلى اليقظة مؤكداً أنها واجبة وأن الحذر لازم، مشدداً كذلك على ضرورة محاسبتهم المحاسبة العادلة والقانونية.

وكانت حركة النهضة تعمل قديماً تحت مسمى حركة الاتجاه الإسلامي، وكانت تعمل بشكل سري في البلاد، لكن عندما اكتشف الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة قرر على الفور حظر نشاطها وسجن عدداً من قياداتها وأعضائها، لكنها عادت للعمل مرة أخرى في البلاد تحت مسمى "النهضة" بعد سقوط الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عام 2011.

ظاهرة تغيير الأسماء

No description available.

بدوره، يقول الدكتور طه علي الباحث والمحلل السياسي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن ظاهرة تغيير الأسماء وفك الارتباط إحدى الاستراتيجيات التي تلجأ إليها حركة النهضة كغيرها من حركات الإسلام السياسي وذلك بغرض تفادي الضغوط التي تفرضها عليها، والمتغيرات التي طرأت على البيئة السياسية في تونس وأهمها الحصار الذي فرضته القيود الأخيرة من جانب الرئيس قيس سيعد مثل حل البرلمان وغلق مقار حركة النهضة، وتورط الحركة في محاكمات جنائية وسياسية.

وأشار كذلك إلى توقيف راشد الغنوشي رئيس الحركة، والتصادمات الشعبية بين الحركة وغيرها من القوى السياسية المدنية في المجتمع التونسي، مضيفاً أنه في المجمل لم تعد الحركة في صدام مع السلطة بقدر ما اتسع ذلك الصدام مع المجتمع بشكل عام وهو ما يفرض تغيراً تكتيكياً لمواكبة هذه المتغيرات. 

ولفت الدكتور طه علي إلى أنها ليست المرة الأولى التي تغير فيها الحركة اسمها، فمنذ أن تأسست الحركة في أبريل/ نيسان 1972 تحت مسمى "الجماعة الاسلامية"، ثم غيرت اسمها إلى حركة "الاتجاه الإسلامي"، ومع وصول الرئيس الأسبق بن علي للسلطة غيرت الحركة اسمها إلى حركة النهضة، وذلك تماشياً مع العهد السياسي الجديد، والتكيف مع معطياته السياسية.

وأكد أنه خلال كل هذه المسيرة المليئة بالتكتيكات السياسية التي تتبعها الحركة، لم تشهد الحركة تغيرات تذكر في أدبياتها، لكن نظراً لتغير الواقع السياسي والاجتماعي في الشرق الأوسط وتونس على وجه التحديد، من المستبعد تماماً أن تحدث مثل هذه التكتيكات، أي تغيير الأسماء أو حتى تغيير القيادات والشعارات، ومن المستبعد أن يلقى ذلك قبولاً بين المجتمع التونسي أو حتى المجتمع الدولي مادامت لم تقدم الحركة على اتجاذ إجراءات جادة للتكيف تجاه الرأي العام التونسي وتوضح بشكل جاد أن هناك مسافة بينها وبين جماعة الإخوان، وأن تتخذ موقف أكثر وضوحاً من الانخراط في عملية التنمية في المجتمع بعيداً عن التشدد الأيديولوجي.