على طريقة طالبان في أفغانستان.. مخاوف بشأن سيناريو عودة "داعش"
عودة طالبان في أفغانستان، سيناريو بات ينظر إليه البعض باعتباره ما يُنتظر مستقبلاً بالنسبة لتنظيم "داعش" الإرهابي، الذي في أوج نشاطه حالياً منذ هزيمته في سوريا والعراق.
عودة طالبان في أفغانستان، سيناريو بات ينظر إليه البعض باعتباره ما يُنتظر مستقبلاً بالنسبة لتنظيم "داعش" الإرهابي، الذي في أوج نشاطه حالياً منذ هزيمته في سوريا والعراق.
وكانت حركة طالبان أطيح بها من حكم أفغانستان عام 2001 بتدخل عسكري أمريكي، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول، لما لعبته من دور في توفير الملاذ الآمن لكثير من زعماء الإرهاب خاصة عناصر تنظيم القاعدة، فضلاً عن النهج المتشدد للحركة نفسها، وظلت تقاتل في الجبال قرابة 20 عاماً، وفجأة عادت بقوة وأطاحت بالحكومة الأفغانية وأصبحت في السلطة.
ورغم خفوت نجم "داعش" لفترة طويلة منذ هزيمته في آخر معاقله بالباغوز في سوريا عام 2019، لكن جاءت العملية التي نفذها التنظيم في روسيا، أو فرعه "ولاية خراسان"، ليثير كثيراً من المخاوف بشأن عودة التنظيم، وهو الأمر الذي لطالما حذرت منه قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في مناطق شمال وشرق سوريا، وهي القوات التي لعبت الدور المحوري في هزيمة هذا التنظيم الإرهابي.
الحاضنة الشعبية
في هذا السياق، يقول طارق حمو الباحث بالمركز الكردي للدراسات، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تنظيم داعش خسر الأرض على أيدي القوى المحلية وبمساعدة من تحالف دولي شكل لتدميره، لافتاً إلى أنه كان قد احتل الحواضر في كل من سوريا والعراق وتمدد فيها، بعد استغلاله للفراغ والاضطرابات وتراخي قبضة الدولة المركزية.
وأضاف "حمو" أنه نستطيع القول إنه لا حاضنة جماهيرية مؤيدة لتنظيم داعش، كما هو الحال عند حركة طالبان في أفغانستان، التي كانت قد ظهرت في منتصف التسعينات وحكمت البلاد حتى حدوث التدخل الأمريكي بعد عام 2001، مشيراً إلى أن طالبان نتيجة حكمها الطويل نسبياً واعتراف دول بها، ونفوذها بين القبائل، حافظت على حضورها، بخلاف تنظيم داعش.
ويقول الباحث بالمركز الكردي للدراسات إنه، على عكس حركة طالبان، فإن "داعش" لم يثبت حضوراً أو قبولاً سياسياً، واستخدم التوحش المفرط، وقتل أبناء القبائل السنية في سوريا والعراق، فثارت عليه القبائل وشاركت في محاربته، لافتاً إلى أن التنظيم الآن لا يمسك بالأرض، بل تتحرك عناصره في الصحراء العراقية والسورية على شكل مجموعات صغيرة.
وأشار إلى أن تلك المجموعات الصغيرة تمارس الإغارة والعمليات الخاطفة لتثبيت الحضور، منوهاً إلى أنه ومع وجود فواعل قوية في المنطقة مثل قوات سوريا الديمقراطية والجيشين العراقي والسوري ومليشيات إيران والحشد الشعبي العراقي، فلا أمل لداعش بالعودة وإقامة "دولة الخلافة" المزعومة مرة أخرى، مثلما عادت طالبان بعد الانسحاب الأمريكي، واستولت على هياكل الدولة الأفغانية.
وهناك قرابة 15 ألف من عناصر تنظيم داعش يتواجدون في مخيمات شمال وشرق سوريا تحت حماية قوات سوريا الديمقراطية، وهذا العدد يشكل خطراً كبيراً يمكن أن يتفاقم، إذا حدثت اضطرابات أمنية، لا سيما في ظل الضربات التركية التي تطال هذه المناطق، وبعضها طال مواقع قريبة من السجون التي تحوي هذه العناصر الإرهابية.
وهل اختفى التنظيم؟
ماهر فرغلي الباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية يرى أن الحديث عن عودة "داعش" أمر به مغالطة، موضحاً، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن التنظيم لم ينتهي من الأساس حتى نقول إننا نخشى عودته، فقد يكون هزم في مكان ما، إلا أنه موجود ولديه هياكله بعدة مناطق من العالم.
وقال "فرغلي" إن ما حدث أن التنظيم خرج من الأماكن المأهولة بالسكان والمدن مثل الموصل والرقة، بعد هزيمته في معركة الباغوز، لكن كل قياداته لم تمت، ولم يفقد كل قدراته، وبالتالي التنظيم لم ينتهي، فالأمر مجرد انسحاب إلى مناطق غير سكنية في العراق وسوريا.
ولفت إلى أنه في خارج سوريا والعراق هناك ولايات عدة أو فروع تابعة للتنظيم مثل ولاية خراسان التي قامت بعملية موسكو، وولاية شرق آسيا في مناطق جنوب شرق آسيا، وولاية غرب أفريقيا، وأخرى في شرق أفريقيا، وفي دول الساحل الأفريقي، وفي الجنوب الليبي، قائلاً إن التنظيم ينفذ يومياً من 10 إلى 20 عملية، وبالتالي ليس هناك مجالاً للحديث عن أن التنظيم انتهى أو غير موجود.
وقال "فرغلي"، في ختام حديثه لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الأمر مجرد معركة وخسرها التنظيم، وأنه انتقل من السيطرة المكانية، أو اختلفت طريقة قتاله، فبدلاً من أن يحكم منطقة ما خرج منها وينفذ هجمات من الخارج، مشدداً على أنه ليس من الصحيح على الإطلاق أن نقول إن التنظيم انتهى أو أنه قد يعود على طريقة طالبان في أفغانستان.