ويجمع مراقبون على أن تنظيم "داعش" لا يزال قابلاً للحياة ويسعى للتمرد من أجل تحقيق أهدافه المتمثلة في دولة الخلافة المزعومة في سوريا والعراق، وأنه لا يزال قادراً على تنفيذ هجمات كبرى عبر تخطيط لا مركزي رغم كل الجهود الدولية والمحلية التي تبذل للتعامل مع التنظيم.
خصوصية التنظيم في العراق
في هذا السياق، يقول محمود الشناوي مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في العراق سابقاً، لوكالة فرات للأنباء، إن تنظيم داعش في العراق له خصوصية تختلف عن غيره من فروع التنظيم في أماكن أخرى، لأن التنظيم في العراق مكون من أبناء العشائر السنية ومعظمهم من كانوا ينتمون إلى ما كان يعرف بدولة العراق الإسلامية.
وأضاف "الشناوي" أنه لهذا السبب ستظل النار تحت الرماد في العراق وستظل الخلايا النائمة مصدر قلق دائم للأمن العراقي؛ لأنهم أبناء العشائر والبادية العراقية حتى في الحضر والريف، ولهذا فإن خطر داعش في العراق سيظل إلى ما لا نهاية حتى تنتهي الفكرة من الأساس وأن تكون هناك دولة عراقية قوية تستطيع السيطرة على مركزها وأطرافها.
ويقول مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط إن هناك عديد من عناصر التنظيم يعيشون بين العراقيين في مختلف المدن والبلدان خاصة المناطق السنية، ناهيك عمن يتخذون من البادية والصحراء والأماكن المهجورة وغيرها من المناطق التي تحتويهم في العراق.
حالة الموصل
ويرى "الشناوي" أن 6 سنوات على تحرير الموصل كانت النهاية العسكرية والتنظيمية لمكان كان يدين بالولاء للتنظيم سواء جبراً أو اختياراً وغيرها من المناطق، والموصل بالفعل بدأت فيها الحركة العمرانية ومحاولات استعادة الحياة لكن ليس بالشكل المطلوب فلا تزال المدينة بحاجة إلى الكثير.
وأوضح أن هذا يعود إلى أن تنظيم "داعش" دمر الكثير من المنشآت والمرافق في الموصل ومناطق الثروات الأثرية، وهي مناطق لا يمكن تعويضها سواء ما جرى نسفه أوما جرى سرقته، وبالتالي المدينة بحاجة إلى مزيد من الرعاية والاهتمام، في ظل أن هناك مناطق فيها لا تزال ملاذات آمنة لعناصر التنظيم.
الخطر سيبقى قائماً
وقال "الشناوي" إن قضية تنظيم "داعش" بعيداً عن العراق ستظل قائمة، لأن التنظيم عبارة عن فكرة وطالما الفكرة موجودة فإنه سيستمر، خصوصاً وأن هناك من يروي بذورها ويشعل نارها، ولذلك خطر التنظيم لن ينتهي ودائما ما يستغل التنظيم اللحظات الرخوة والمناطق الرخوة أمنياً ويضربون ضربتهم ثم يمضون.
ولفت إلى أنه قد يكون صحيحاً أن التنظيم لم تعد لديه القدرات التنظيمية السابقة، ولكن هناك كثير من الخطر، وكثير من الذين يمكنهم تنفيذ عمليات خاصة بعد أن استعاد العراق جزء كبير من سكان مخيم الهول والمخيمات التي كانت تضم العناصر الداعشية، أغلبهم أجانب، والتي هي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وفي ختام تصريحاته لوكالة "فرات"، قال "الشناوي" إن الخطورة الحقيقية في أن يكون الدواعش أبناء مناطق محلية وليس أجانب، لأن الأجانب يمكن التعامل معهم والتخلص منهم، أما المشكلة تأتي في أبناء العشائر المنضمين للتنظيم، لأن هؤلاء يكون هناك صعوبة في التعامل معهم، نظراً للطبيعة العشائرية وأعراف العشائر والعرف التقليدي، ولهذا فإن خطر داعش يبقى قائما ما لم تكن هناك خطة تشارك فيها كافة الأطراف الدولية والإقليمية للتخلص من هذا الخطر الراهن.
التنظيم لا يزال يتمدد
بدوره، يقول أحمد سلطان الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، لوكالة فرات للأنباء، إنه رغم مرور هذه السنوات على إعلان تحرير الموصل من قبضة "داعش"، إلا أن التنظيم لم يندثر ولا يزال يتمدد في مناطق جديدة، مستفيدا من التوترات في بعض الدول الآسيوية والأفريقية ويحاول الحفاظ على علاماته الجهادية المتمثلة في البقاء والتمدد، لافتاً إلى أن سيطرته من قبل على "الموصل" كانت نقطة قوة له سواء مالياً أو تنظيمياً وأعطته كذلك القوة المكانية.
وأضاف "سلطان" أن الخطر الأكبر حالياً يتمثل في أذرع تنظيم "داعش"، لأن التنظيم كان يتحرك وفق استراتيجية المركز والأذرع، أي أن هناك قيادة مركزية في العراق وسوريا، ولديه أفرع خارج الدولتين تقوم بمهمة رئيسية هي استنزاف القوى التي تحارب "داعش" مثل التحالف الدولي.
وأشار إلى أن أفرع التنظيم هي التي تمول التنظيم حالياً، مثل الفرع الصومالي الذي يقدم تمويلاً لهجمات إرهابية في أفغانستان، وهو من مول الهجوم على القوات الأمريكية خلال انسحابها من أفغانستان، مشدداً على أن عودة "داعش" القادمة إذا تمت فستكون في العراق، لأنه ساحة العمليات الرئيسية، وكلما انتهت حملة ضد التنظيم تجد قوات الأمن العراقية في حاجة لحملة جديدة، لأن التنظيم يعمل على استنزاف قدرات الأمن العراقي.