افتتح الهامي المليجي، الكاتب والصحفي في جريدة الأهرام العربي المصرية، الندوة أنه عرف العالم القائد عبد الله اوجلان كمناضل سياسي صلب امضى سنوات عمره منذ تفتح وعيه على النضال من اجل الحرية والعدالة وبعدها ركز نضاله على قضية شعبه الكردي وحقه في العيش بكامل حريته واحترام حقه بالتمسك والاعتزاز بمورورثه الثقافي الذي تراكم عبر مئات السنيين، وعرف القائد والمثقف عبد الله اوجلان كمثقف عضوي لعب دورا مهما في تنوير شعبه الكردي وتثويره وجاب مناطق التواجد الكردي في تركيا وسوريا والعراق وايران، وارتبط بشعبه وبادله شعبه حبا واحتراما وتقديرا واعتزازا
وأكد المليجي، أن الوجه الآخر هو عبد الله اوجلان المفكر الموسوعي والمجتهد، وذلك من خلال مناقشة وعرض واحد من أهم كتبه، المعنون بالامة الديمقراطية، والذي يطرح من خلاله المفكر اوجلان رؤيته لحل مشاكل منطقة الشرق الاوسط، الذي عانت من الصراعات التي جرت بين الاثنيات والعرقيات والمذاهب والديانات على مدار مئات السنيين، من خلال الدعوة لدمقرطة المنطقة ما يمهد لعيش جميع الاثنيات والعرقيات والمذاهب والاعراق على قدم المساواه وفي مناخ من السلام والوئام.
بينما تناول الدكتور طه علي، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وسياسات الهوية، كلمة حول محورين، الأول حول الكاتب و الثاني حول الكتاب، أما بالنسبة للكاتب إن شخصية عبد الله أوجلان قد جمعت بين شخصية المنظر المتأمل في قضايا عميقة وشامله ارتكزت على الرؤية النقدية والتفسيرات التاريخية، وقد تجلى ذلك في استخدام أوجلان للمنهج التاريخي في أطروحاته الفكرية من خلال المجلدات الخمسة التي حملت عنوانا عريضا اسمه مانيفستو الحضارة الغربية وتناول في إطارها جذور مشكلات الشرق الأوسط حتى وصل إلى طرح الأمة الديمقراطية كنموذج يقوم على شبه الاستقلال الذاتي في إطار الدول التي يتركز فيها الأكراد.
وأكد علي، أنه بجانب كونه منظر انشغل عبد الله أوجلان طوال حياته بالحركة النضالية منذ سنواته الأولى حيث انخرط في الحركة الطلابية في مطلع السبعينات وعانى تجربة السجن لعدة شهور، ثم اشترك في تأسيس عدد من المجلات التي ارتكزت على المطالبة برد الاعتبار التاريخي للثقافة الكردية والتخلص من هيمنة الآخر، وقد استمرت مسيرة أوجلان النضالية حتى قام بتأسيس حزب العمال الكردستاني في عام 1987، والذي خاض من خلاله تجربة نضالية عسكرية طويلة، حتى تم اعتقاله في كينيا وإيداعه في أحد السجون بجزيرة تسمى "جزيرة إمرالي"
المحور الثاني: عن الكتاب
وتطرق الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وسياسات الهوية، إلى الكتاب مبينًا أنه تعد الكتاب محصلة لعدد من الاجتهادات التي تضمنتها مجلداته الخمسة وغيرها من الكتابات التي قدمها أوجالان، وقد خلص أوجلان في هذا الكتاب إلى أن الدولة القومية لا يمكن أن تكون مبدأ لدى الاشتركيين بل يتمثل البديل في الأمة الديمقراطية كحل رئيس، وهو ما يتجلى في منظومة المجتمع الكردستاني
وأوضح علي، أنه قد توصل أوجلان إلى أن الحل والمخرج من إشكاليات الشرق الأوسط العميقة يتمثل في طرح "الأمة الديمقراطية" والتي تشير إلى المجتمع المشترك الذي يكون فيه الأفراد أحرارا والمجموعات الحرة بإرادتها الذاتية، وإذا كان لأيديولوجية القومية جسد يتجسد في الدولة القومية، فإن جسد الأمة الديمقراطية يتمثل في شبه الاستقلال الديمقراطي. بمعنى تكوين مؤسسات شبه مستقلة داخل الدولة، على أن تكون في إطار تنسيقي مع الدولة التي تحيا بداخلها.
وبين الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وسياسات الهوية، أنه في إطار فكرة الأمة الديمقراطية قامت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بعد الانتفاضة الجماهيرية التي شهدتها سوريا والصراع المسلح الذي شهدته البلاد والذي أسفر عن تراجع سيطرة النظام السوري على نسبة كبيرة من الأراضي التي انخرطت في إطار "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، غير أن هذه التجربة تحيا في إطار تحديات عميقة وصعبة تتمثل في محاصرتها من جانب قوى معادية في كافة الأتجاهات، فهناك النظام السوري، والنظام الإيراني والنظام التركي، وكلها أنظمة حكم قومية ترى في أي قيام أو تأسيس لكيانات كردية تهديدا لوحدتها الترابية ومن هنا تتضامن الأنظمة الثلاثة في محاصرة تجربة الإدارة الذاتية.
وأشار علي إلى أن هناك أيضا القوى الرأسمالية العالمية التي تعادي فكر عبد الله أوجلان الذي لطالما انتقد الرأسمالية العالمية والدولة القومية باعتبارها تأخذ الإنسان في إطار من القيود التي تحد من حريته، مبينًا أنه في المحصلة، يبقى القول بأن أطروحة الأمة الديمقراطية هي طرح فكري فريد من نوعه يستحق الاهتمام والدراسة وبخاصة أنه يخضع حاليا للتطبيق في إطار الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، ولكن نجاح هذه التجربة من عدمه سوف يظل رهنا بقدرة هذا الكيان الجديد على مواجهة التحديات التي سبقت الإشارة إليها.
وجاءت عدد من المداخلات في الندوة، كان أبرزها القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، والذي أـشاد بتجربة الأمة الديمقراطية والتي وجد أن فكر أوجلان يمكنه أن ينقذ السودان في وضعها الحالي بما فيه من تنوع عرقي وإثني.
بينما أوضح أحمد شيخو، الكاتب والباحث الكردي، أن القائد والمفكر أوجلان كان يطرح في لقاءته مع المحامين أهمية إيجاد حل للقضية الكردية ضمن الحدود ووحدة الأراضي السورية وأهمية التوافق بين مختلف الأطراف السورية.
وتسائل بعض المشاركين عن التطبيق العملي لفكر ألأمة الديمقراطية، ليكشف الدكتور طه علي عن تجربة الإدارة الذاتية وكيف كانت ترجمة عملية لفلسفة الأمة الديمقراطية، في العديد من الجوانب والتي منها دور المرأة والمناصفة مع الرجل وغيرها من النقاط التي كانت فيها الإدارة الذاتية مثال حي لهذا الفكر