نفذت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي عديداً من المشروعات القومية العملاقة على مدار السنوات الماضية التي بلا شك تؤسس لجمهورية جديدة بعد ثورة شعبية أسقطت حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وقادرة على إحداث نقلة اقتصادية، إلا أنها اصطدمت كغيرها من دول العالم بعدة أزمات أبرزها جائحة كورونا ثم الحرب الروسية – الأوكرانية ثم الاضطرابات الإقليمية كالوضع في قطاع غزة.
لكن القيادة المصرية لم تتوقف وسعت لجذب الاستثمارات الضخمة، ومن ذلك صفقة مشروع تطوير رأس الحكمة وهي قرية ذات موقع جغرافي متميز على السواحل المصرية الشمالية، وذلك عبر التعاون مع القطاع الخاص المصري وكذلك الشركات الإماراتية، والتي سيكون لها عوائد ضخمة، وللوقوف عليها أكثر حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF) الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية.
نص الحوار:
*كيف تابعت مشروع رأس الحكمة وتأثيره على تحسين الاستثمار في مصر؟
- منذ أن أعلنت الحكومة المصرية عن الصفقة التاريخية التي تعد الأكبر في تاريخ الاستثمار المباشر لمصر وهي مشروع رأس الحكمة وقد انخفض سعر الدولار في السوق الموازية بنسبه كبيرة بمجرد الإعلان أن هناك سيولة دولارية ستدخل الخزانة العامة مما يعطي دلالة أن سعر السوق الموازية ليس حقيقياً ولكن كان سعر مضاربة، لأن الدولار تحول من عملة إلى سلعة، ولهذا تعد صفقة رأس الحكمة ناجحة بكل المقاييس.
*ماذا عن قيمة المقدم النقدي لصفقة رأس الحكمة؟
*تبلغ قيمه المقدم النقدي لصفقة مشروع رأس الحكمة 35 مليار دولار أمريكي، حيث تحصل عليهم على النحو التالي، الدفعة الأولى خلال أسبوع قيمتها 15 مليار دولار، وتسدد على النحو التالي وهي 10 مليار دولار، والـ 5 مليار دولار تخصم من وديعة الإمارات داخل البنك المركز المصري.
*ماذا عن الدفعات الأخرى؟
- الدفعة الثانية قيمتها 20 مليار دولار تدفع خلال شهرين من التوقيع وتسدد على النحو التالي، دفعه نقدية 14 مليار دولار تدخل لخزينة الدولة بجانب 11 مليار دولار ودائع إماراتية لدى البنك المركزي سيتم تحويلها إلى استثمارات، حيث تم توقيع مصر والإمارات عقد تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي تمثل المقابل النقدي لمصر، مقابل تخصيص 40 ألف فدان أي ما يقرب من 170 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي لإقامة مشروعات تنموية ومجتمعية وإقامه حي المال والأعمال ومطار دولي وجامعات ومدارس، لإقامة مجتمع عمراني يستخدم طوال العام.
*أود أن تجمل لنا ما ستحصل عليه نظير هذه الصفية؟
- سيكون إجمالي ما تحصل عليه مصر من هذه الصفقة 24 مليار دولار سيولة ستأتي من الخارج إضافة إلى 11 مليار دولار قيمة الودائع الإماراتية في مصر، بالإضافة إلي أن مصر ستحصل على 35% من أرباح المشروع طوال فترة المشروع.
*ماذا ستحصل "أبو ظبي" في المقابل من الصفقة؟
- يحصل الجانب الإماراتي على 65% من أرباح المشروع، كما أن الإمارات ستستثمر ما لا يقل عن 150 مليار دولار طيلة مدة تنفيذ المشروع لإقامة المشروع وتحقيق تنمية عمرانية ومجتمعية متكاملة. وأؤكد أن المشروع له عدة فوائد ومكاسب ستحققها الدولة المصرية.
*ما هي تلك المكاسب وفق رؤيتك؟
- تخفيض حجم الديون الخارجية بقيمة الودائع الإماراتية البالغة 11 مليار دولار، وتوفير السيولة الدولارية لحل الأزمة الاقتصادية والسيطرة على سوق الصرف الموازي والقضاء على التشوهات النقدية.
*هل هناك مكاسب سياحية، خصوصاً أني حسب ما سمعت فهذا هدف رئيسي؟ وماذا عن فرص العمل؟
- هذا المشروع قد يستقطب عدد 8 مليون سائح للدولة سنوياً، ووضع مصر على خريطة السياحة العالمية، كما أن هذا المشروع سيوفر مئات الآلاف من فرص العمل ومن ثم زيادة معدلات التشغيل و تقليل معدلات البطالة، حيث أن سوق العمل في مصر يدخل لها سنوياً مليون مواطن، كما أن هذا المشروع سيُنشط كثيراً من الشركات والمصانع التي ستنتج مستلزمات و مواد البناء، كما أن قيام الجانب الإماراتي بضخ 150 مليار دولار لبناء وإنشاء هذا المشروع سيكون هناك جزء كبير من هذا المبلغ سيحول إلى الجنيه المصري لشراء مواد البناء والانفاق على المشروع مما سيوفر سيولة دولارية داخل السوق المصرية.
*لو تحدثنا أكثر عن توفير السيولة الدولارية، كيف ستعالج تلك الأزمة؟
- لا شك أن هذه الصفقة من شأنها توفير السيولة الدولارية التي ستمكن البنك المركزي المصري من معالجة تشوهات سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء ويكون هناك سعر صرف واحد أو على الأقل تقليل الفجوة الكبيرة بين السوق الرسمية وغير الرسمية، وبالتالي من المتوقع أن ينخفض سعر الصرف في السوق الموازية من 25% إلى 30% من السعر المعلن حالياً بالسوق الموازية.
*ماذا عن الأصداء العالمية لتلك الصفقة؟
- لقد بدأ صدي هذه الصفقة بالفعل عالمياً، حيث أعلن بنك جولدمان ساكس الأمريكي أن حجم الاستثمار أكبر بكثير مما نتوقعه وتوقيته قريب، وسيوفر مع برنامج موسع لمصر مع صندوق النقد الدولي فجوة التمويل للسنوات الأربع المقبلة، ومن المتوقع أن أسواق الذهب والعملة الموازية تشهد انخفاض منحنى السعر الذي كان يتصاعد خلال الفترة الماضية، حيث أشارت تقارير مؤسسات مالية دولية إلى انحصار الأزمة المالية وتحسن الأوضاع في القريب العاجل.