بغداد: البيان الختامي لمؤتمر الإدارة الذاتية يدعو الحكومة الاتحادية إلى إلغاء اتفاقية 9 أكتوبر

دعا البيان الختامي لمؤتمر الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي عقد اليوم في بغداد، الحكومة العراقية لمحاسبة الفاعلين وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي مهد الطريق للمجزرة، ودعا الحكومة الاتحادية إلى إلغاء اتفاقية 9 أكتوبر .

وتحت شعار “الإدارة الذاتية ضمان لحقوق المكونات في العراق” انطلق اليوم الخميس في العاصمة العراقية بغداد أعمال مؤتمر مجلس الإدارة الذاتية الديمقراطية في فندق بغداد قاعة “الأقواس” وسط العاصمة العراقية بغداد.

وشارك في المؤتمر شخصيات سياسية عراقية وشخصيات أخرى من الأقلية الكاكائية والشبك والكرد الفيليين، بالإضافة إلى ضيوف من مختلف المكونات العراقية (كرد – عرب – تركمان – مسيحيين – شيعة – سنة) بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب الكردية والعراقية.

وأكد البيان الختامي على أنه يجب على الحكومة الاتحادية بناء اتفاق وطني وقانوني مع أهالي شنكال وإدارته الذاتية المشروعة بناء على صون مصلحة الشعب العراقي بشكل عام وأهل شنكال بشكل خاص وهو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام والأمن في شنكال ومنع التدخل الأجنبي.

وبعد الإنتهاء من المؤتمر قرأ بيان للرأي العام، وجاء في البيان الختامي ما يلي:

استذكاراً للذكرى التاسعة للإبادة الجماعية للإيزيديين عقد مجلس الإدارة الذاتية لسنجار بتاريخ 2023/ 08/ 03، مؤتمراً تحت شعار (الإدارة الذاتية ضمان لحقوق المكونات في العراق) في العاصمة العراقية بغداد فى فندق بغداد قاعة الأقواس، بحضور ممثلي الأحزاب والمنظمات المدنية والشخصيات الثقافية والسياسية والاجتماعية. حيث بدأ المؤتمر فعالياتها بدقيقة

صمت إجلالاً وإكراماً لشهداء الإبادة الجماعية الـ 74 في سنجار وضواحيها في 3 آب 2014 أثناء الهجوم الوحشي التي قامت بها مرتزقة داعش، ولكافة شهدائنا الأبرار في العراق، وألقي خلال المؤتمر كلمات الأحزاب والمنظمات المدنية المشاركة في المؤتمر وتم عرض فيلم وثائقي حول الإبادة الجماعية الأخيرة. وبعدها بدأ المؤتمر، خلال جلسات أكاديمية،

بتقديم محاضرات قيّمة حول الإيزيديين بين ماضيهم وحاضرهم ولماذا استهدفوا عبر الإبادة، وماهي النتائج التي حصلت بعد الإبادة – إبادة الإيزيديين من منظور القانون – الهدف من الإدارة الذاتية وماهي مشروعها.

وأكد المشاركون في المؤتمر من خلال إلقاء كلماتهم ومحاضراتهم ومداخلاتهم على أن المجتمع الإيزيدي هو من أعرق الثقافات وأقدم المعتقدات في بلاد ما بين النهرين ويحملون قيم الحرية والسلام والمساواة والتعايش السلمي مع الثقافات والمعتقدات الأخرى على مدى العصور. ومع ذلك واجه 74 مجزرة (إبادة) كبيرة في تاريخه وكان للمجزرة الرابعة والسبعون الأخيرة سببان رئيسيان: في البداية لم تقم الأطراف التي كانت مسؤولة عن حماية سنجار بواجبها، ومن ضمنها انسحاب قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني من سنجار، والتي أطلق عليها المجتمع الإيزيدي اسم “الخيانة العظمى”.

والسبب الثاني هو أن المجتمع الإيزيدي لم يكن لديه منظومة إدارية وقوة دفاع ذاتية تمكنها من مواجهة عصابات الداعش وبسبب هذا واجه مئات الآلاف من الإيزيديين الإبادة الجماعية كما أصبحوا ضحية لهجمات داعش الإرهابية ولكن أثناء الظروف العصيبة كان مقاتلوا حزب العمال الكردستاني ومقاتلوا وحدات حماية الشعب (قوات تدافع عن غرب كردستان) هم القوات الوحيدة التي دافعت عن المجتمع الإيزيدي.

ومن جانب آخر فرضت بعض القوى الدولية والإقليمية على الحكومة العراقية السابقة إبرام اتفاقية 9 أكتوبر 2020 مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد المجتمع الإيزيدي وبدون أخد رأي وإرادة المجتمع الإيزيدي بعين الإعتبار، والهدف الخفي لهذا الاتفاق هو التدخل في شؤون سنجار بسهولة أكبر وكسر إرادة المجتمع الإيزيدي وتجريده من منظومته الإدارية والدفاعية، وهذا يعني إبقاء الأرضية المناسبة لاستمرار الإبادة الجماعية وبما أن الدولة التركية المحتلة والحزب الديمقراطي الكردستاني وبعض القوى الدولية كانت وراء هذا الاتفاق وفرضت هذا الاتفاق على السياسة العراقية آنذاك وفقاً لمصالحهم الاستراتيجية والخفية، فبعد توقيع هذه الاتفاقية، كثفت الدولة التركية بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني هجومها على سنجار، كجزء من استراتيجيتها الاحتلالية لاجتياح أراضي العراق وتقسيم وحدتها السياسية والاجتماعية وأدت هذه إلى زيادة تدخلات الدولة التركية وتكثيف هجماتها وإحداث شرخ عميق في القضايا العراقية وزيادة تدهور الوضع السياسي.

لذلك فإننا نحن المشاركون في المؤتمر نعتبر اتفاقية 9 أكتوبر اتفاقية غير وطنية وخارجة عن الحقوق الدستورية لضمان حقوق مكونات المجتمع العراقي وبالتالي هي ليست ضد سنجار فقط وإنما ضد سيادة ووحدة العراق أيضاً.

شمال شرق سوريا استجابوا لنداءات الإيزيديين ووصلوا إلى سنجار ودافعوا عن سنجار جنباً إلى جنب مع المجتمع الإيزيدي وإيقاف الإبادة التي حلت على المجتمع الإيزيدي دون وقوع مجازر أكثر. فتوصل المجتمع الإيزيدي أثناء الفاجعة إلى استنتاج مفاده أنه إذا لم يؤسس منظومته الإدارية والدفاعية، فلن يتمكن من حماية نفسه، بناء على ذلك استجاب المجتمع الإيزيدي للأمر بإنشاء إدارته الذاتية وقواته الدفاعية، وإن الإدارة الذاتية لسنجار ليست فقط إدارة سياسية واجتماعية ضيقة، وإنما هي منظومة دفاعية أيضاً لحماية المجتمع الإيزيدي وتعبيراً عن إرادة الايزيديين في حماية أنفسهم بأنفسهم، ولكن الدولة التركية المحتلة وحزب الديمقراطي الكردستاني اللذان تعاونا ودعما تنظيم داعش لم يتحملا صمود إرادة شعبنا وواصلوا الهجمات على سنجار لاستكمال الإبادة الجماعية. وهذه الهجمات العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية مستمرة منذ 9 سنوات وقتل العشرات من أهالي المجتمع الايزيدي في هذه الهجمات، بما فيهم قادة قوات الدفاع الإيزيدي.

لذلك نحن توصلنا خلال المؤتمر إلى النقاط التالية:

1- للعراق دستور ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات لجميع طوائف الشعب العراقي. وهذا هو أساس العدل والحرية والمساواة بين جميع أبناء الشعب العراقي بغض النظر عن اختلافاتهم القومية والدينية والعرقية، ووفقا لمواد (116، 117، 22، 125) من هذا الدستور لكل مكوّن في العراق الحق في ممارسة إدارتهم الذاتية المحلية واللامركزية الإدارية. واليوم، بعد ما يقرب من تسع سنوات من المجزرة الـ 74  وتدمير مناطقهم من قبل داعش، شكل الإيزيديون إدارتهم الذاتية وقواتهم الدفاعية. كما أنهم يحاولون إعادة بناء منطاقهم ويريدون حل مشاكلهم بدعم من الحكومة العراقية، لذلك فإننا ندعو البرلمان العراقي والحكومة العراقية للعمل في إطار مواد الدستور العراقي والإعتراف رسمياً بإدارة سنجار الذاتية وتوفير احتياجات الإدارة وحمايتها في إطار الدستور، وإن مثل هذا الحل سيكون الحل الأمثل وخطوة لتعزيز الوحدة الديمقراطية للعراق وكذلك منع غزو العراق من قبل دول المنطقة، هناك فرص قانونية وسياسية للعراق لحل هذه المشاكل، فالعراق لديه دستور ديمقراطي، كما أعلنت القوى والأحزاب السياسية والاجتماعية في سنجار عن تحالفها، وأن أحد أجنداتها الرئيسية هو حل المشاكل الإدارية والسياسية في سنجار، وإذا قامت الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة بتطوير الحوار مع الإدارة الذاتية لشنكال، فمن الممكن اتخاذ خطوات لحل الوضع الإداري في سنجار.

2- المجتمع الإيزيدي هو مكون رئيسي في المجتمع العراقي والدفاع عن هذا المجتمع، هو الواجب الأساسي للحكومة العراقية، ورغم ذلك عندما تعرض الإيزيدييون للهجوم من قبل عصابات داعش في 2014/3/8، لم تدافع عنها القوات العراقية ولا قوات البيشمركة التابعة لحزب الديمقراطي الكردستاني، لذلك دافعو الإيزيديون عن أنفسهم، بمساعدة قوات الدفاع الشعبي التابعة لحزب العمال الكردستاني ومقاتلي وحدات حماية الشعب التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرق سوريا. وعلى الرغم من ذلك حدثت إبادة جماعية ولا يزال الآلاف من الإيزيديين يعانون من آثار ذلك، وإن الحكومة العراقية لم تعترف بعد بالإبادة الجماعية، على الرغم من الاعتراف بها من قبل عشرات الدول والمنظمات الدولية ومؤخراً تمت الموافقة على مشروع قرار الإبادة الجماعية من قبل اللجنة القانونية في البرلمان العراقي والآن أصبح من الضروري لرئاسة مجلس النواب العراقي طرح هذا القرار على جدول أعمال مجلس النواب والتصويت عليه، لذلك ندعو البرلمان العراقي والحكومة العراقية للإعتراف رسمياً بهذه المجزرة على الشعب العراقي بشكل عام وأهالي شنكال بشكل خاص ويعد هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام والأمن في سنجار ومنع التدخل الأجنبي.

3- ونطالب المحكمة الفيدرالية العراقية بمحاكمة أولئك الذين يتحملون المسؤولية السياسية والإدارية والعسكرية لهذه المجزرة على وجه الخصوص مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذين فروا من سنجار ومهدوا الطريق للمجزرة وتعاونوا مع داعش. كما يعلم الجميع يوجد الآن الآلاف من مرتزقة داعش في السجون العراقية لكن حتى الآن لم يحاكم هؤلاء المرتزقة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الإيزيديين والعراقيين بشكل عام وقررت الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا في 10 حزيران 2023 البدء بمحاكمة عصابات داعش، فهذا القرار تاريخي للمجتمع الإيزيدي حان الوقت الآن لكي تتخذ الحكومة العراقية والمحكمة الفيدرالية الاجراءات اللازمة، وبمشاركة المؤسسات الإيزيدية الديمقراطية وخاصةً بمشاركة النساء الإيزديات الناجيات، والبدء بمحاكمة المتهمين.

4- تعتبر المقابر الجماعية من أهم القضايا بالنسبة للمجتمع الإيزيدي حتى الآن وقد تم العثور على 83 مقبرة جماعية في سنجار، ولكن تم فتح 46 منها فقط من الضروري فتح جميع المقابر الجماعية وتسليم رفات الشهداء إلى ذويهم.

5- ورغم أن إدارة سنجار وأحزابها السياسية عقدت عدة اجتماعات مع الحكومة العراقية في السنوات التسع الماضية وقدمت عدة مشاريع لحل مشاكلها السياسية والإدارية والأمنية، إلا أن الحكومة العراقية لم تتخذ خطوات جادة لحل هذه المشاكل وقد مهد هذا الطريق للتدخل الخارجي، لا سيما من قبل الدولة التركية وحزب الديمقراطي الكردستاني حتى دون مراعاة إرادة المجتمع الإيزيدي وتحت ضغط الدولة التركية وحزب الديمقراطي الكردستاني وبعض القوى الدولية، أبرم في 9أكتوبر2020، اتفاقاً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وهذا جعل الوضع في سنجار أكثر صعوبة وعمّقت مشاكلها أكثر.

لذلك فإننا ندعو الحكومة العراقية إلى إلغاء اتفاقية 9 أكتوبر والتي لا تصب في مصلحة الشعب العراقي بشكل عام والشعب الإيزيدي بشكل خاص. وبدلاً من ذلك، فإننا ندعو إلى اتفاق وطني وقانوني مع أهالي سنجار وإدارته الذاتية المشروعة وبناء يصون مصلحة الشعب العراقي بشكل عام وأهل سنجار بشكل خاص، وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام والأمن في سنجار ومنع التدخل الأجنبي.

6- فبعد المجزرة الرابعة والسبعون بقي حوالي 10000 إيزيدي في سنجار فقط، وجميعهم لجأوا إلى الجبال، ويوجد الآن حوالي 200 ألف إيزيدي في سهول وجبال سنجار فمن أكبر نجاحات الإدارة الذاتية هو عودة أهالي سنجار الى موطنهم، لذلك نطالب الحكومة العراقية أن تتعاون مع الإدارة الذاتية لسنجار وتقدم التسهيلات اللازمة لتسريع عودة باقي النازحين واللاجئين الإيزيديين إلى مناطقهم وتطوير عملية إعادة بناء المنطقة.

7- وفي الذكرى التاسعة للإبادة الجماعية، ندعو جميع القوى والأحزاب السياسية في العراق، وخاصة الكتاب والمثقفين والمؤسسات الديمقراطية إلى الدفاع عن حقوق وحريات المجتمع الإيزيدي واتخاذ موقف صارم اتجاه الهجمات العدوانية على أهالي سنجار ومساندة إدارتهم الذاتية الديمقراطية، وندعو الحكومة العراقية لتمهيد الطريق لمشروع الحل الديمقراطي وضمان الحقوق الدستورية للمجتمع الإيزيدي وكذلك ندعو الأمم المتحدة والدول التي اعترفت رسمياً بالإبادة الجماعية إلى الإعتراف بالإدارة الذاتية في سنجار والتوقف عن دعم اتفاقية 9 أكتوبر، بالإضافة إلى ذلك، نحن المجتمع الإيزيدي، ندعو جميع الطوائف العراقية إلى تعزيز تحالفهم على نهج الوحدة الديمقراطية وتطوير النضال من أجل الحرية والديمقراطية”.