وفي السياق، حاورت وكالة فرات محمد عبد الرحمن الناير المتحدث باسم جيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد النور، حول موقف الحركة من الحرب الحالية والانتهاكات المرتكبة في دارفور، والمفاوضات بين طرفي القتال، وإلى نص الحوار:
1. كيف ترون في حركة تحرير السودان الحرب الحالية بين الجيش السوداني والدعم السريع؟
منذ يومها الأول قلنا أن هذه الحرب عبثية لا منتصر فيها، والشعب السوداني وحده من يدفع فاتورتها تقتيلاً وتشريداً ونهباً للأموال والممتلكات الخاصة العامة، وطالبنا أطرافها بوقفها فوراً والإستجابة لصوت العقل والحكمة، لأن استمرارها قد يقود إلى حرب أهلية شاملة والقضاء على ما تبقى من وطن. ونجدد دعوتنا بضرورة إنهاء الحرب ووقف كافة أشكال التصعيد وفتح الممرات الإنسانية لوصول المساعدات للمواطنين المحتجزين في المدن والأحياء.
2. كيف ترون هجمات الدعم السريع على مدن دارفور وأعمال السلب والنهب والقتل؟
كلا طرفا الحرب إرتكبا تجاوزات خطيرة بحق المواطنين سواء كان ذلك في دارفور أم كردفان أو الخرطوم ، وكانت الأحياء السكنية ساحة لقنابل الطائرات ودانات المدافع، بالأمس القريب حصد القصف العشوائي أرواح عشرات المواطنين الأبرياء في نيالا ، ومن هنا ندعو إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق حول كافة الإنتهاكات الجسيمة التي تم إرتكابها بحق المواطنين في أي مكان بالسودان وتحديد الجناة ومحاسبتهم ، ومثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ولا يمكن تجاوزها عبر تسوية سياسية وخلافها ، فإن الإفلات من العقاب هو ما يشجع على إرتكاب المزيد من الإنتهاكات.
3. ما موقف الحركة في الصراع الدائر حالياً ومتى يمكن أن تتدخل الحركة لإنقاذ المدنيين؟
موقف الحركة من هذه الحرب واضح ومعلن، فهي ليست طرفاً في هذه الحرب العبثية ولا تدعم أي من أطرافها، وتطالب بإنهائها فوراً والدخول في حوار سوداني سوداني لمخاطبة جذور الأزمة التأريخية ، لا يستثني أحداً سوي النظام البائد وواجهاته، فإن هذه الحرب ما كان لها أن تقع لو تمت مخاطبة جذور الأزمة السودانية التي تسببت في الحروب وعدم الاستقرار السياسي، فلنجعل هذه الحرب آخر الحروب في السودان ونطوي صفحة الدماء والدموع للأبد.
إن الاستمرار في استهداف المدنيين سوف يجبرنا لإعادة النظر في موقفنا الحالي، والرد بحزم على أي جهة تستهدف المواطنين العزل.
4. كيف ترون مفاوضات جدة وقمة جوار السودان وهل يمكن أن تؤدي إلى حلول؟
ليست هنالك أي نتائج تذكر حول مفاوضات جدة، وكل ما تم الإتفاق عليه لا يعدو أن يكون جملاً إنشائية، والحرب لا تزال مستعرة، وندعو المجتمع الدولي والإقليمي إلى لعب دور إيجابي أكبر وممارسة المزيد على الضغوط وإرغام الممانعين لوقف إطلاق النار والدخول في عملية سياسية شاملة على النحو الذي ذكرته آنفاً، ومهما طال أمد الحرب لا أرى أن هنالك طرفاً سيحقق نصراً نهائياً على الآخر، وكل يوم يمر تضيق فرص الوصول إلى الحل ويتدحرج السودان نحو الحرب الأهلية وشبح التفكك والإنهيار ، لا سيما مع تصاعد خطاب العنصرية والكراهية والمناطقية ، وللأسف هنالك إعتقالات لمئات الأشخاص بناءًا على الهوية العرقية أو الجغرافية، وهذا من الخطورة بمكان ويمكن أن يقود السودان إلى محطة اللاعودة، فقد تتوقف الحرب اليوم أو غداً ولكن مثل هذه الممارسات لها تداعيات خطيرة ويصعب علاجها في المستقبل المنظور، وما إنفصال جنوب السودان إلا بسبب هذه السلوكيات.
5. كيف ترون دور فلول النظام المباد في تلك الحرب وهل هم السبب في تأجيجها؟
إن فلول النظام المباد وبقاياه في القوات المسلحة هم من أطلقوا شرارة هذه الحرب، وهم من وقفوا خلف إنقلاب 25 إكتوبر لإيقاف قطار ثورة ديسمبر المجيدة والتحول المدني الديموقراطي ، وكانت هذه الحرب خيارهم الوحيد لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والعودة للسلطة مرة أخرى، ولكن الشعب السوداني مصمم على إنجاز مهام وأهداف ثورته المجيدة، ومن يعتقد بمقدوره فرض أجندته على السودانيين بالحرب فهو واهم، والطريق نحو بناء المستقبل يمر ببوابة ثورة ديسمبر المجيدة وأهدافها الوطنية العظيمة، ولابد من بناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين على أنقاض دولة الصفوة التي أورثتنا الحروب والدمار، وعودة الفلول إلى السلطة أشبه ب"عشم الكلب في موية الإبريق"..!!.
6. دور حركات جوبا في الصراع الحالي وهل كشفت الحرب عن حجم تلك الحركات وعدم قدرتهم على حماية المدنيين؟
الحال يغني عن السؤال، ليتهم إتعظوا من تجاربهم...!!
7. ما تصوركم لوقف الحرب الحالية وهل يمكنها أن تعيد إنتاج النظام السابق؟
منذ 2019م كنا نردد أن حل الأزمة السودانية لا يتم عبر المنهج المجرب والإتفاقيات الثنائية والتسويات الجزئية ، وقلنا أن الأزمة الوطنية أكبر من أقلية صفوية في الحكومة والمعارضة تريد ورثة النظام البائد وتقاسم كعكة السلطة، وأن الحل يجب أن يكون شاملاً كل مكونات السودان السياسية والمدنية والعسكرية والشعبية في حوار سوداني سوداني داخل الوطن يخاطب الجذور التأريخية للأزمة ولا يستثني إلا نظام المؤتمر الوطني وواجهاته، ولكن مضى جنرالات البشير وحلفائهم في قوي الحرية والتغيير في توقيع تسوية ثنائية أوصلت السودان إلى هذا المنعطف الخطير، ولا نزال نري بأن الحوار السوداني السوداني هو العملة الوحيدة المبرأة للذمة ولكن ليس الحوار الذي ينادي به البعض ككلمة حق يراد بها إعادة إنتاج تسوية سياسية جديدة وشراكة في السلطة التي يجب أن مدنية بالكامل وتُشّكل من شخصيات مستقلة مشهود لهم بمقاومة النظام البائد، وتعمل وفق برنامج ومشروع وطني يعني بإعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة وبناء جيش وطني واحد بعقيدة عسكرية جديدة.
8. يتحدث البعض عن وجود فاغنر في دارفور وتحكمها في ثروات الإقليم فما صحة ذلك؟
هنالك عدة تقارير تتحدث عن هذا الأمر، ولكن من جلب فاغنر عليه الإجابة على مثل هذه الأسئلة.
9. كيف ترى الدعوات لإثارة الحرب القبلية واستخدامها لوسيلة في الحرب الحالية؟
كيف ترى تمدد قوات الدعم السريع في دارفور وخاصة مع محاولة بسط سيطرتها على المدن الرئيسية؟
صدرت دعوات للتجيش والتعبئة وفتح معسكرات التدريب في مناطق وولايات بعينها، ومثل هذا التحشيد العرقي والمناطقي وتجييش المدنيين من الخطورة بمكان، وسيقود إلى إشعال حرب أهلية والقضاء على ما تبقى من الوجدان السوداني المشترك، ونحذر من تبعات هذا الأمر وما سيترتب عليه من مآلات قد تقود إلى تفكيك السودان.
10. كيف ترى جرائم الحرب التي حدثت وخاصة في الجنينة والتطهير العرقي ضد قبيلة المساليت؟
كل الجرائم والإنتهاكات بحق المواطنين السودانيين عمل مدان ونقف ضده ونطالب بمحاسبة مرتكبوه، ولا عفو أو تسامح مع هكذا جرائم بغض النظر عن الجهة التي إرتكبتها، وكما ذكرت سابقاً نطالب بلجنة دولية للتحقيق في كافة الجرائم والإنتهاكات التي لحقت بالمواطنين سواء كان في الجنينة أم غيرها من مدن ومناطق السودان.
11. كيف ترى الجرائم في كتم وطويلة وهل يمكن أن تمتد الحرب لجبل مرة؟
إن غياب المحاسبة والمساءلة عن الجرائم هو ما قاد لإرتكاب المزيد من الإنتهاكات، لذا لابد من محاكمة كل مجرم، لا سيما أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ولا تسوية فيها أو عفو.
12. كيف ترى دور دول الجوار مثل مصر وتشاد سواء في استقبال اللاجئين أو في حل الأزمة؟
نثمن عالياً ما قامت به دول الجوار الإقليمي من أجل حل الأزمة السودانية وفي استقبال اللاجئين السودانيين، لا سيما تلك التي استقبلتهم بحفاوة الأخوة ونُبل الإنسانية وفتحت لهم حدودها بلا من أو أذى، وهنالك بعض الدول قد استقبلتهم على مضض كما تقول إفادات الكثير من المشردين ولم تراعِ الظروف التي أجبرتهم على الفرار من مناطقهم، وشددت عليهم ولا تزال تأشيرات الدخول عبر المعابر، وفرضت عليهم قيوداً غير مبررة مهما كانت الأسباب والدوافع ونأمل منها أن ترعي مباديء الأخوة والجيرة وقيم الإنسانية، فإن دوام الحال من المحال، وسيعود السودانيون إلى بلادهم في يوم من الأيام وتبقى الذكريات والإنطباعات..!!.
13. كيف ترى اغتيال اللواء خميس أبكر وهو كان من القيادات السابقة بالحركة وهل يدق ناقوس الخطر؟
إن إغتيال القائد خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور عمل جبان ومدان، ولابد من كشف ومحاسبة هؤلاء القتلة حتى يكونوا عظة وعبرة لغيرهم.
14. رسالة للوطن العربي وللشعب السوداني؟
رسالتي للشعب السوداني وليس غيره ، إن بلادنا تمر بمنعطف خطير وتجربة قاسية، وإختبار حقيقي يجب ألا نفشل فيه.
علينا بالوحدة والتكاتف الإلتزام بمبدأ الوطنية والسودان الواحد، وألا تجرفنا خطابات التقسيم العرقي والمناطقي، ويجب أن نتسامي فوق الجراحات والآلام من أجل السودان ومستقبله وإستقراره، وأن تكون ثقتنا في أنفسنا كبيرة وإرادتنا في إنقاذ من شبح الحروب بلادنا أكبر، فالأمم العظيمة تخرج من ركام المصائب العظيمة، ويجب أن نعمل بصدق وتجرد من أجل إنهاء الحرب وأهوالها، لتكون آخر الحروب في بلادنا ، ننهزم ونموت جميعاً من أجل رفعة وسمو السودان، ونبني وطن محترم للأجيال القادمة التي تستحق أن نضحي لأجلها.
جربنا الحروب والخلافات ولم نجن سوي التباعد والإنشطارات، وقد حان الأوان أن نغير من طريقة تعاملنا مع أزمتنا الوطنية، ونبتعد عن الحلول الصفوية الأنانية الشخصية والحزبية، وأن يكون السودان أولاً وأخيراً، فلا أحد في الكون عنده مصلحة حقيقية في استقرار السودان غير السودانيين أنفسهم، ولا أحد يمتلك مفاتيح الحل غيرنا، إذا صدقت النوايا وإرتفع الحس الوطني.