مرت المناطق الشمالية الشرقية من سوريا بمراحل كثير بعد اندلاع الثورة السورية 2011 وشهدت المنطقة حروب ومعارك بين مختلف الأطراف المنخرطة في الصراع الدموي السوري لعل أهمها الحرب بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش " والتي انتصرت فيها قوات سوريا الديمقراطية على داعش في اخر معاركها في الباغوز ولم يبقى لداعش سوى خلايا نائمة منتشرين في بعض ارياف الحسكة ودير الزور والرقة وبادية حمص كما وتسيطر على بعض المناطق الداخلية الصحراوية في المناطق التي تحت نفوذ الحكومة السورية
وفي الآونة الأخيرة بدأت تركيا ومجموعاتها المرتزقة التهديد بعمل عسكري جديد ضد مناطق الإدارة الذاتية رغم اعتراض الولايات المتحدة الامريكية والانظار تتجه الى غرب الفرات ومناطق كل من تل رفعت ومنبج ومناطق أخرى لم تتضح بعد في ريف حلب والرقة والحسكة.
وفي هذا السياق اجرت وكالة فرات للأنباء ANF لقاء مع عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو والذي قال في بداية حديثه " من المهم ان ننظر الى المستقبل ايضاً بأن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تعبر وبشكل مكثف عن الواقع للحل السوري والنموذج الأمثل والفعال لحل الازمة السورية وفق قرار الدولي 2245 أي الانتقال الى نظام لا مركزي ديمقراطي وغير طائفي ، ولطالما ان هذه الإدارة أبدت بأنها النموذج الأكثر ضمان في تحجيم الإرهاب وفي الوقت نفسه تلبية لمطالب شعب سوريا حينما خرجت في اذار 2011 مطالباً بالتغير ، هذه التغير الديمقراطي الملائم لطبيعة سوريا المتنوعة لا ننسى بأن هذه الإدارة افشلت حتى هذه اللحظة مشروع تقسيم سوريا من خلال تطويعها لرؤى سياسوية ماضوية , وفي مقدمة هذه المشاريع ما يسمى بالعثمانية الجديدة ،سياسياً يوجد شبه اجماع بأن الإدارة الذاتية يمكن ان تنتقل الى مستوى البعد الوطني طالما هي منفتحة الى التصويب والتطوير الذي يلزم
وتابع سيهانوك حديثه قائلاً :بخصوص التهديدات التركية على شمال وشرق سوريا قائلاً" هذه التهديدات جدية بما فيها الكافية ، انها ليست بالمستجدة انما بمثابة سلسلة متواصلة ونتيجة مخلة من نتائج العبث السياسي واستثمار تركيا الاردوغانية في التناقضات الدولية والإقليمية ، ومحاولة متجددة في التغطية على الإخفاق التركي الداخلي اخفاقاً متعدد الجوانب ، ومنفتح على احتمالات متعددة تركيا الاردوغانية في نظر اغلب بلدان الشرق الأوسط متدنية القيمة ، بإمكان تلمس ذلك بيسر ، ويجب ان لا ننظر الى الزيارات الى تركيا بأنها قوية لا يستطيع احد الثقة بالرئيس التركي وبدأ ذلك حينما تعثرت مسيرة السلام الداخلي في تركيا ، وستكون هذه النقطة بالذات المعيار الحقيقي والمنظار الواقعي الذي ينظر من خلاله الى كل تركيا سيحدد ذلك بشكل أساس تاريخ مستقبل تركيا ، انقرة تكبر من دائرة اخطائها وخطورتها حينما تعول بأن تغطي على اخفاقاتها العسكرية في إقليم كردستان بفتح غزو جديد في مناطق الإدارة الذاتية وبخاصة انها تعتقد بأن الخاصرة الرخوة باتت تل رفعت ، منبج , وهذا الامر يجب ان يدركه جميع السوريون دون استثناء موالاة ومعارضة بأن ستكون مقدمة لاحتلال حلب برمتها في حال تم الامر . يمكن القول بأن استدارات اردوغان انتهت، وتنازلاته نَضبَت، وهو اليوم في مرحلة المقامرة.
وأضاف سيهانو: ان مذكرة التفاهم بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية برعاية روسية صامدة الى الان من وقت احتلال تركيا لرأس العين وتل ابيض حتى الان وهذا الشيء جيد لكن يجب ان يتطور الى كافة المجالات فيما يتعلق بالحوار البناء والواقعي. حتى الان لا توجد اية مفاوضات متعلقة بالجانب السياسي، لكن لدينا قناعة بأن أي حوار في حال حدث من الضرورة التطرق الى مسألتين مهمتين، او النظر الى ان حلهما يعد بمثابة مفتاح امن واستقرار المنطقة برمتها وليس فيما يتعلق بسوريا يجب اجتراح حلول متعلقة بهاتين المسألتين الكيفية المثلى في ان تكون الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا جزء من نظام سوريا الإداري العام. وان تتكفل الحوارات الإيجابية في إيجاد صيغ واليات كي تكون قوات سوريا الديمقراطية جزء من مؤسسة الجيش الوطني السوري و كما نود الإشارة الى مسألة مهمة بأن تمسكنا بالحوار الداخلي ليس بالجديد انما بالمعلن منذ البداية الأولى للازمة السورية وقد شهدنا في ذلك عدة جولات بيننا والسلطة المركزية في دمشق لكنها كانت متعثرة ربما لم تكن الظروف وقتها ناضجة بما فيها الكفاية ولكن اصرار سلطة دمشق على إعادة انتاج نفس النظام المركزي سيعد مرة أخرى بمثابة تضييع الفرصة السانحة اللحظة والسماح كي تكون أجندات الغير تحظى بالأولوية وذلك كله على حساب شعب سوريا ومقدراته.
وتابع" حتى هذه اللحظة تظهر موسكو متماسكة رافضة لأي عملية غزو عسكرية تركية جديدة. وكان موقف الأمانة العامة للأمم المتحدة بالواضح الصريح في أن سوريا تحتاج إلى عملية سياسية وليست عمليات عسكرية ستعقد المشهد وتصعب مسارات الحل التي هي بالأساس في حال انسداد شبه كامل. ونعتقد بأن بإمكان روسيا أن تتخذ مسالك تنعكس إيجاباً على الوضع السوري. لا نتحدث عن ضرورة تحلي روسيا بموقف رافض لكل عملية عسكرية لتركيا في سوريا وإنما أيضاً بالتدخل الإيجابي في إيجاد تقارب بين طرفي دمشق والإدارة الذاتية وأن تكون أحد أهم الرعاة لعملية حوار بين الطرفين.
عموماً نعتقد بأن قوة الإدارة الذاتية كمشروع وطني ديمقراطي له تداعيات إيجابية على كامل الجغرافية السورية. وأي اضعاف لها يعني اضعاف لكل سوريا وإنعاش لقوى الظلام والتطرف والاستبداد في مقدمتها تركيا الاردوغانية. نعتقد بأن هذه القناعة باتت اللحظة شبه معممة. لكن يجب أن تنال الإدارة الذاتية نصيبها الكافي من التطوير ومعالجة الأخطاء والنواقص التي اعترتها كتجربة وليدة في ظروف استثنائية.
وفي الختام قال عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو: ابدى التحالف الدولي وواشنطن بموقفها الرافض لتهديدات تركيا العسكرية، وهذا الموقف إيجابي ويناسب وضع الشراكة بين التحالف الدولي وقسد ضد الإرهاب من المهم إيجاد حل جذري لمحتجزي داعش في الهول وفي أماكن أخرى من مناطق الإدارة الذاتية إما يتم القبول في تسليمهم إلى بلدانهم أو من المهم التسليم بمحكمة إرهاب في مناطق الإدارة الذاتية. وهذه الإشكالية قنبلة موقوتة يجب الحيلولة دون وقوعها، وأي عملية عسكرية تركيا ستكون بمثابة إنعاش لداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة والتكفيرية.
لقد تم التأكيد أيضاً في مسودة العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية بأن سوريا جزء من محيطها، ونحرص أن تحظى بالعلاقة المتوازنة مع دول الجوار، وبأن الحوار سبيل ذلك. وإننا ننظر إلى أن الإدارة ذاتية بإمكانها أن تقوم بجزء من هذا الدور على اعتبارنا سوريين ومناطق الإدارة جزء مهم من الجغرافية السورية بالرغم من تهميش هذه المناطق لعقود وبشكل تمييزي وتعسفي. يجب تغليب ثقافة العيش المشترك بين مكونات الشرق الأوسط وهذا من الصعب حدوثه دون تفاهمات مستدامة. المسألة الأكثر أهمية في هذا المفترق التاريخي الذي نعيشه بأن حل القضية الكردية حان وقته تماما وأن ممارسة سياسة الإبادة ستكون بتأثير سلبي مستدام على الجميع