يبدو أن تركيا لن تقبل بمغادرة ليبيا بسهولة، رغم كافة المطالب الليبية والإقليمية والدولية بخروج تركيا ومرتزقتها من طرابلس، إذ تنوي تركيا تمديد بقاء قواتها في ليبيا، حيث قدم أردوغان مذكرة إلى البرلمان التركي يطلب تمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهرًا جديدة، بداية من الثاني من يوليو/تموز المقبل.
وحول أبعاد هذا التحرك الأخير من قبل أردوغان، تؤكد الإعلامية الليبية وعد إبراهيم، المرشحة لعضوية مجلس النواب، في تصريحاتها لوكالة فرات للأنباء ANF، إن هؤلاء لا يحتاجون مذكرة لضمان بقاء أو خروج، وإن هذه الصورة شكلية، بينما الحقيقة أن تواجد القوات التركية وغيرها من المرتزقة الذين جاءوا إلى ليبيا منذ عام 2011 على متن طائرات الناتو وبذريعة حماية المدنيين، لم تتغير، وبالتالي فإنهم لا يحتاجون إذن ولا يحتاجون مذكرة لتواجدهم أو لتمديد تواجدهم في ليبيا إذ كانوا متواجدين في ليبيا 11 سنة بدون أي إذن أو دعوة حقيقية لهم وهذا لخدمة أغراضهم الخبيثة في ليبيا.
أما د. أحمد رشراش، الأستاذ بجامعة طرابلس، فيؤكد أن هذا التحرك التركي الأخير يعني استمرار تركيا في نهج نفس السياسة تجاه ليبيا، وهو ما سيؤثر بالسلب مع استمرار وجود المرتزقة، وتدخل تركيا مباشرة في الشأن الداخلي الليبي.
وبدوره يقول الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات د. كرم سعيد: أعتقد أن المذكرة الرئاسية الخاصة بتمديد وجود القوات التركية في ليبيا -التي سيجري عرضها على البرلمان للتصويت عليها، وبالطبع هذا التمديد ليس هو الأول من نوعه فقد جرى تمديد الوجود للقوات التركية في ليبيا على مدار السنوات الماضية- يأتي في سياق عدة اعتبارات. أول هذه الاعتبارات مرتبط بحرص تركيا على الوجود وتعزيز النفوذ في ليبيا خاصة مع الاتجاهات المكثفة لتسوية الأزمة. وربما تركيا تطمح إلى الحصول على جزء من كعكة إعادة الإعمار في ليبيا بشكل عام سواء في الشرق أو الغرب.
وأضاف "ظهر ذلك في توجه تركيا نحو تعزيز علاقتها بالشرق الليبي قبل نحو ثلاثة شهور حيث قام السفير التركي في ليبيا بزيارة مناطق شرق ليبيا ولقاءه عقيلة صالح رئيس البرلمان وهذا تحول تركي تجاه ليبيا، لم تعد تركيا تغيب في علاقتها مع الغرب الليبي وإنما تسعى إلى توطيد علاقتها مع كافة المناطق والأطراف الليبية لحماية مصالحها ونفوذها وضمان الوجود في مسألة إعادة إعمار ليبيا".
ولفت إلى أن الاعتبار الثاني في ذلك السياق مرتبط بتعزيز المبادلات التجارية والاقتصادية مع ليبيا، فليبيا سوق اقتصادي مهم لتركيا التي تعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة. وبالتالي فإنه مع تعسر الكثير من الشركات في تركيا ربما تكون ليبيا ساحة مهمة لنقل عمل هذه الشركات لتعويض خسائرها.
أما الاعتبار الثالث وفقًا لرؤية كرم سعيد، في تصريحاته لوكالة فرات ANF، مرتبط بفكرة التأثير على مقاربات الخصوم، موضحًا: يعني صحيح أن تركيا قطعت شوطًاعلى صعيد تصحيح علاقتها مع قوى الإقليم وهو ما ظهر في التقارب مع دول الخليج المحادثات الاكتشافية مع مصر لكن ما تزال هناك قضايا خلافية مع بعض دول الإقليم وبالتالي الوجود التركي في ليبيا يضمن التأثير مقاربات الخصوم أو على الأقل أن تمتلك تركيا أوراق ضاغطة في حالة أي تسوية مع دول الإقليم بشأن القضايا الخلافية".
ويشير إلى أن الأمر الرابع مرتبط بالتأثير على المواقف الأوروبية وتحييد المواقف الغربية بشكل عام، فليبيا منطقة مهمة وساحة مهمة سواء للدول الاوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية. وبالتالي بقاء تركيا في ليبيا يضمن لها تحييد التأثيرات الغربية على المصالح التركية ليس في ليبيا فقط وإنما في القوقاز والبلقان وغيرها من المناطق وبالتالي الوجود الليبي يمثل ورقة رابحة في يد تركا للتأثير على توجهات وانتقادات القوى الغربية لها.
وحول الرد المنتظر من ليبيا على المستوى الرسمي والشعبي يقول دكتور أحمد رشراش الأستاذ بجامعة طرابلس: رسميا سيتم الرفض من قبل حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشآغا، التابعة للبرلمان، وكذلك الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وستتم المباركة من قبل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس؛ لأنها حكومة تابعة لتركيا أصلا، أما الشارع فللأسف الشعب الليبي صار مسلمًا بكل شيء ولا يعنيه سوى قوت يومه وتوفر السيولة النقدية والكهرباء وقود السيارات، لاسيما في غربي البلاد.
وبدورها تعتبر وعد إبراهيم، المرشحة لعضوية مجلس النواب، أن الشعب الليبي لم يكن قد دعا هؤلاء، لكنهم أتوا وتحكموا فيه وفي بلادهم، وأما كيف سيؤثر هذا على ليبيا فإنه لن يكون هناك جديد، لن يحدث شيء لصالح الشعب الليبي، بل الواقع سيكون أسوأ من كل ما حدث على مدى 11 سنة.
وأضافت، "أنا كثيرًا ما أردد: إن كان الشعب الليبي يريد فعلا النهوض والخروج بليبيا من هذه الأزمة ومن هذا السواد الذي وقعنا فيه فيجب عليهم الانتفاض لطرد المرتزقة الأتراك وغيرهم من الملل التي جاءت إلى بلادنا".
وأردفت: اليوم هنالك أفواجًا ترتع في شوارع طرابلس على أساس أنها أفواج سياحية، ولكن هيئتهم والوضع الذي هم عليه لا يوحي بذلك. اليوم الدولة الليبية ليست قائمة، ليس هنالك دولة ولكن جغرافية تسمى دولة. أما في الواقع فنحن حدود مفتوحة لكل المرتزقة، لكل الأسلحة، ولكل المتشددين. نحن اليوم ليس لدينا مؤسسات، ليس لدينا كيان حقيقي قوي باستطاعته أن يقول لا لهذا ولا لذاك. فما ترى على سبيل المثال البعثة الأممية تقول بأنها تريد أن يُعقد اجتماع القاهرة اليوم وتصر عليه. بعض أعضاء البرلمان متواجدين اليوم في سرت من أجل ان يعقدوا جلسة في المدينة.. إذا من الذين ذهبوا للقاهرة ومن الذين موجودون هنا? الذين ذهبوا للقاهرة هل بإمكانهم أن يجدوا الحل.. هل الذين ذهبوا بالقاهرة مخولين بأن يتكلموا باسم الشعب الليبي كل ما بالسلطة اليوم لا يستطيعون التحدث ويقولون لأردوغان كف بلاك عنا ارفع يديك عن ليبيا التي سرقت خيرها أنت ومن معك قتلتم أولادها قتلتم اهلها.
وتابعت: المرتزقة الأتراك ليسوا وحدهم، الأتراك في ليبيا يتخذوا دور القيادة، لكن للأسف الذين يقاتلون نيابة عنهم عبارة عن مرتزقة جنسيات أخرى، ليبيين، سوريين وغيرهم من الخارجين عن القانون يعني العديد من الفيديوهات يقومون بنشرها هؤلاء المرتزقة في بيوت الليبيين يتمتعون بخيرهم يسرقون خيرهم يطردون الأهالي من البيوت ويبيتون هم على أسرتهم وفي بيوتهم والليبيين اليوم لا يجدون قوت يومهم يعيشون بلا سكن ولا رواتب ولا أموال ولا كهربا ولا أي شيء، اليوم التعليم خرج عن الجودة الصحة غير موجودة، الكهرباء مقطوعة.
وأردفت: إذا تواجد الاتراك ل 18شهرًا قادمة أو لعشرين سنة لن يزيد إلا الطين بله والسقم علة.. تواجد الأتراك وغيرها من الملل التي لا تريد لليبيا الخير سيزيد الأزمة الليبية ويعقدها.
واختتمت حديثها، قائلة: إن الحل الوحيد، الذي اتفق عليه كل أبناء الشعب الليبي، هو الانتخابات الليبية، ولكن لأن هؤلاء المرتزقة علموا أنه لو تمت انتخابات في ليبيا فإنه بذلك ستعود الدولة، وبالتالي لن يكون لهم مكان وسيتم طردهم، وجود دولة ليبية حقيقة يعني طرد المرتزقة الأتراك وغيرهم وهؤلاء الذين هم بالسلطة اليوم، والذين ليسوا سوى تابعين للأتراك وغيرهم ممن تكالبوا على ليبيا على مدار السنوات الماضية.