يواصل النظام التركي سياسته التعسفية بحق القائد عبد الله اوجلان بسجنه وعزله في جزيرة إمرالي وذلك بعد خطفه إثر مؤامرة حيكت ضده بمشاركة العديد من الدول مثل امريكا، اليونان وإسرائيل وغيرها من الدول، حيث دخلت هذه المؤامرة عامها الـ 24 ، في المقابل، ما يزال القائد يناضل بشموخ وكبرياء دونما توقف بهدف قيادة شعبه كي ينال حريته وحقه في اثبات وجوده وهويته.
وخلال لقاء أجرته وكالة فرات للانباء ANF معه، اكد المحلل السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي، ان السبب الرئيسي للمؤامرة الدولية التي حيكت ضد القائد عبدالله اوجلان تكمن في كونه قائد كبير للشعب الكردي واستطاع ان يفرض نفسه كقائد منذ نعومة اظافره وقال: "لم يكن الفكر والنهج الذي نادى به القائد عبدالله اوجلان سبباً رئيسياً للمؤامرة الدولية التي حيكت ضده، وانما السبب الرئيسي هو انه قائد كبير للشعب الكردي واستطاع ان يفرض نفسه كقائد منذ نعومة اظافره، هذا الرجل قد ولد في احدى القرى التابعة لولاية اورفا جنوب شرق تركيا ومدينة حدودية مع سوريا وتلقى دراسته في المراحل الأولى في قرية ارمينية التي كانت قريبة من قريته، وحينها كان الشعب الأرمني قد انتهى بسبب المجازر التي ارتكبت بحقه من قبل الدولة التركية، كما ان العرب كانوا على مشارف الانتهاء داخل تركيا، والكرد ايضاً كانوا تحت وطأة القهر والقمع والخضوع للسياسات التعسفية من قبل النظام التركي، وبعد دراسته الابتدائية تنوعت أفكار القائد اوجلان حيث مر بحدثين مهمين لعبا دوراً مهماً في تغيير مسار فكره، الأولى منهما كانت اثناء الانقلاب الذي جرى عام 1960 والذي اعدم على اثره علي عدنان إرتكين مندريس المعروف باسم عدنان مندريس ووزيرين معه، حيث تأثر القائد اوجلان بشدة بهذه الحادثة لأنها شكلت منعطفاً خطيراً لفكره، حينها اعتقد ان الجيش هو مصدر القوة وامن بنفسه بأن يكون قائد عسكري وقوميته الكردية واحلامه في تحقيق آمال الكرد تأتي من خلال كونه قائد عسكري كبير، لكن في ظل هذه الظروف دخل في مدرسة المساحة ودرس الفكر السياسي وفي المرحلة الجامعية تغيرت مسارات فكره، أي تخلى عن فكرة ان يكون قائد عسكري وان الجيش هو مصدر القوى وان بإمكانه ان يحقق حلم الكرد في تشكيل دولتهم والحفاظ على قوميتهم وثقافتهم كونه قائد عسكري وتبنى الفكر السياسي وأصبحت طموحاته بأن يدخل كلية العلوم السياسية، وفي عام 1968 اختار القائد الفكر اليساري ووجد نفسه في صفوف الاشتراكيين والشيوعيين، وفي عام 1970 عاد الى مدينة آمد للعمل المساحي ومن ثم دخل كلية العلوم السياسية عام 1971 وعلى اثره سجن لمدة سبعة اشهر، ومن ثم أسس مجموعة مستقلة عن اليسار التركي في عام 1973 ، وفي عام 1978 أسس حزب العمال الكردستاني (PKK) وبدأ بتكوين ايدلوجية مستقلة من عام 1979 لغاية عام 1999 ، وبدأ عملية مواجهة الطرف التركي عسكرياً بين عامي 1984 لغاية 1994، هذه التواريخ مهمة للغاية، اما الحدث الثاني الذي اثر بالقائد هو الانقلاب الذي جرى في تركيا عام 1980 والذي اعدم فيه ستون من رؤساء المنظمات واعتقل عدد كبير من السياسيين والتنكيل بالكثيرين".
وعن سبب خروج القائد عبدالله اوجلان من سوريا وتوجه الرئيس المصري السابق حسني مبارك الى سوريا آنذاك وحثه للنظام السوري بإخراج القائد من سوريا، تحدث المحلل السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي قائلاً: "اعتقد ان الانقلاب الذي جرى داخل تركيا عام 1980 والذي أعدم على إثره العديد من رؤساء المنظمات والسياسيين والأكاديميين كان سبباً رئيسياً في خروجه من داخل الساحة السورية، وطبعاً بعيداً عن تأجيج الوضع والصراع الذي كان محتدماً بين سوريا وتركيا بسبب وجوده داخل سوريا وكادت ان تندلع حرباً كبيرة بسبب هذه القضية وهذا ما جعل الرئيس المصري السابق حسني مبارك للتوجه الى سوريا حينها وان ينهي مسألة وجود القائد اوجلان داخل سوريا منعاً من وجود صِدام، ليست المسألة مرتبطة بالمؤامرة ولكن هي معالم المؤامرة من وجه نظري، حيث كانت واضحة بعد خروج القائد من سوريا وتوجهه الى روسيا ومن ثم الى إيطاليا ومنها الى يونان وبعدها تم خطفه من السفارة اليونانية في نيروبي بعلم من الاستخبارات الامريكية والتركية والإسرائيلية، وهنا يجب ان نلفت الانتباه ان إسرائيل كانت تساعد إقليم جنوب كردستان وبالرغم من ذلك الوقت الى جانب طموح وتطلع الإقليم الكردي داخل الساحة السورية او على الحدود التركية وداخل تركيا، ومنذ ذلك الحين والقائد عبدالله اوجلان معتقل في سجن منعزل بجزيرة إمرالي وقد حكم عليه بالإعدام عام 1999 ثم خفف هذا الحكم عام 2002 وتحول الى المؤبد والاشغال الشاقة، ومن ثم تم تقديم استئناف الى محكمة الاستئناف الأوروبية ودائرة حقوق الانسان مؤكدين انه لم يخضع لمحاكمة عادلة ومن الواجب ان يعاد محاكمته باعتبار ان الحكم الذي صدر ضد هو حكم قاس جداً ولم تكن عادلة؛ في ظل التاريخ الكبير للقائد الذي ولد عام 1949 ومروراً بالحوادث الذي ذكرتها آنفاً نجد انه قد درس النظرية الإسلامية الى جانب الايدلوجية الشيوعية او الاشتراكية، ودراسته للنظرية الإسلامية كانت بغرض ان تتيح التساوي بالحقوق والواجبات، وكان يرى ان كردستان تمتلك ارث وتاريخ سياسي وثقافي من وجهة نظره وكان يشبه طريقة خروج المسلمين من اسبانيا بأنها لا تختلف كثيراً عن التنكيل والقمع الذي يتعرض له الشعب الكردي في الاناضول او في تركيا وانه المسلمين يتعرضون للإبادة في أماكن معينة، وهذه المسألة اثرت الى حد كبير في فكر وتصور القائد ولهذا الف كتب عديدة ولديه مراجع عديدة منها المسألة الشخصية في كردستان وقضية الظاهرة الكردية في الشرق الأوسط وسبل الحل المحتمل، ومنها الحوار مع المفكر يالجين كوجك وايضاً حوار مع نبيل ملحم الذي حمل عنوان "القائد والشعب" ومنها من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية وايضاً مانيفيستو الحضارة الديمقراطية وهي ثلاثة أجزاء، هذه جميعها كتب ونظريات الى حد كبير جداً استطاع ان يخرج بها، لكن العنوان الأساسي له هو البيئة الديمقراطية المتحررة، وهذا الفكر يحرج النظام في تركيا كما انه يحرج الأنظمة الاخرى لان فكره مع ديمقراطية متحررة تعني ان اطار الدولة يخضع للشعب بالنهاية، يأتي من يأتي به، ولكن هناك حقوق وهناك ارث تاريخي وثقافي كبير للكرد ومن حقهم ان يكون لهم دولة وان يكون لهم حكم ذاتي متطور، واتصور انه هذا نهج معتدل، لكن الإشكالية ان القائد عبدالله اوجلان هو قائد كبير واستطاع ان يخلق تياره الذي بدأه في عام 1973 من خلال تأسيس المجموعة المستقلة عن اليسار التركي ومن ثم تأسيس حزب العمال الكردستاني عام 1978 وهذه المسألة دخلت في صِدام مع الطرف التركي وهذا ما ازعجها وربما ازعج سوريا وربما لم ترضى عنه ايران وربما تستغله الولايات المتحدة الامريكية او يستغله الطرف الروسي، هذه جميعها منحنيات كانت مهمة الى حد كبير جداً في حياة القائد عبدالله اوجلان ودفعت تركيا لاعتقاله بصفته زعيم التفتت حوله كامل الكتل الكردية بكافة منظماتها، وليس لفكره فقط، وقد حمل على عاتقه حلم الدولة الكردية الى حد كبير، الشعب الذي يبلغ عدده 30 الى 35 مليون نسمة موزع على اربع دول، وانا أرى ان توجه الرئيس المصري السابق حسني مبارك الى سوريا في ظل منع صِدام عسكري مباشر بين سوريا وتركيا كان لإنقاذ الدولة السورية من هذا الصِدام وان سوريا ليس من واجبها ان تتحمل وجود القائد اوجلان مع طموحات يغضب النظام في تركيا".
وفي ختام حديثه أشار المحلل السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي، الى موقف الشعب العربي والمصري على وجه الخصوص من فكر ونهج القائد عبد الله اوجلان حيث قال: "بالتأكيد الكل يتعاطف معه وكثير جداً من المفكرين والسياسيين يتعاطفون معه وانا شخصياً لدي اكثر من لقاء ونداء بخصوص ضرورة الافراج عنه من سجنه المعزول في جزيرة إمرالي وهو محروم من زيارة ذويه ومحاميه له ومحروم من تطبيق المادة 25 من قانون السجناء والاسرى التركي الذي يمكن المحامين الأجانب من زيارة السجناء، وان القائد عبدالله اوجلان له الحق في الاستفادة من حق الامل الذي يستفيد منه أي سجين سياسي لأنه تعرض لمحاكمة ظالمة، ومن المعلوم ان هناك اكثر من 350 محاميا من 22 دولة حول العالم قدموا طلبات لزيارة القائد في سجنه واعلنوا ذلك في مؤتمر صحفي شارك فيه عدد كبير جداً من المحامين، انا أتصور ان القائد اوجلان هو قائد والكثيرين يشبهونه بالقائد نيلسون منديلا الذي قبع داخل سجنه 27 عاما وتمكن من القضاء على التمييز العنصري الذي كان راسخاً في جنوب افريقيا وياسر عرفات بالنسبة للقضية الفلسطينية هذا الرئيس الفلسطيني الذي حمل على عاتقه حلم وجود الدولة الفلسطينية لكن للأسف الشديد لم يستطع تحقيقه وغيرهم من القادة الذين تحملوا عناء كبير نتيجة التفاف شعوبهم وتعاطف كبير من المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي حولهم، وحقيقة ان الدور الذي يجب ان تقوم بها المؤسسات العربية والرأي العام العربي هو دور أساسي، أي يجب ان تكون هناك المزيد من الندوات والمؤتمرات والمزيد من طاولات الحوار التي تؤكد فكر القائد عبدالله اوجلان ومن حقه ان يكون له طموحه وتطلعه ومن الأهمية ان يكون هناك شكل من اشكال التعاطف الى حد كبير معه من قبل المؤسسات والرأي العام العالمي ليس فقط الرأي العام العربي او الإقليمي او الدولي كونه زعيم، القائد اوجلان قائد كبير ومن حقه ان يمارس حياته الطبيعية وحقه ان يخضع لمحاكمة عادلة وان يفرج عنه بعد كل هذه السنوات من سجنه وحقه ان يتاح لمحاميه وذويه الفرص لزيارته، الحرية للزعيم الكردي الكبير القائد عبدالله اوجلان".