وتحدث أحد قادة قوات سوريا الديمقراطية في منطقة الفرات (QSD)، جميل مظلوم، لوكالة فرات للانباء ANF بمناسبة الذكرى السنوية الهجمات الاحتلالية على كوباني.
كيف كانت الأجواء في المنطقة قبل الهجوم على كوباني؟
شهدت منطقة كوباني حرباً وحشية قبل 7 اعوام، وها هي دخلت في عامها الـ 8 ، بهذه المناسبة استذكر في شخص شهداء مقاومة كوباني آرين ميركان، كلهات، إيريش، زوزان، ريفان، دلكش وجميع شهداء كوباني الذين ضحوا بأرواحهم في القتال ضد التنظيم الظلامي داعش، وننحني اجلالاً لأرواحهم الطاهرة.
شهدت منطقة الشرق الاوسط وسوريا نهضة ثورية قبل غزو تنظيم داعش الارهابي لمدينة كوباني. حيث أسس الكرد نظامهم وتنظيمهم لمنع استغلال هذه المرحلة. نظم الشعب الكردي نفسه ودافع عن نفسه من اجل شعب روج افا وشعب سوريا بفكر وفلسفة الحرية وعلى أساس ثورة روج آفا من خلال تكوين ثلاثة مقاطعات، وهي مقاطعة عفرين، كوباني والجزيرة. كانت الظروف في تلك المرحلة صعبة للغاية، حيث كنا نواجه الهجمات التي كان يشنه النظام السوري ضد مناطقنا من جهة، ومن جهة اخرى كنا نواجه الهجمات التي تشنها الجماعات الارهابية المتطرفة التابعة لدولة الاحتلال التركي كجبهة النصرة، احرار الشام التي اسمت نفسها "جيش الحر" والعديد من الجماعات المتطرفة الاخرى التي كانت تستمد قوتها من القوى المهيمنة. لقد حاصرت هذه الجماعات الارهابية كل من مقاطعات عفرين، كوباني والجزيرة، هذه المقاطعات نظمت نفسها بالرغم من جميع الصعاب ودافعت عن شعبها ومكوناتها وناضلت ضد العصابات الارهابية عام 2011 حتى عام 2014 ، ودافع الشعب الكردي، وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة عن مناطقهم بكل بسالة واسسوا نظامهم الامني.
في بداية عام 2014 ، ظهر تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا والعديد من المناطق الأخرى. حيث بدأ هذا التنظيم الارهابي باحتلال تلك المناطق بدءً من محافظة الموصل، ووصولا الى شنكال والعديد من المدن السورية كمدينة الرقة ، دير الزور، اعزاز، حلب، شرق حلب وتدمر. لم تتمكن اية دولة او اية قوة ولا اية تكنولوجيا الوقوف في وجه هذا التنظيم الوحشي، حيث شن هجوما وحشياً ضد ثورة روج افا من خلال الاسلحة التي استولت عليها من دولتي العراق وسوريا. كما شن هذا التنظيم هجماته ضد منطقة الجزيرة عدة مرات، ثم عادوا إلى كوباني.
لماذا كوباني؟
كانت كوباني رمزاً بالنسبة لنا. بدأت الثورة هنا في 19 تموز، وبدأت معها مقاومة الشعب وتنظيمه. لهذا هاجموا ثورة الشعب بالهجوم على كوباني. كانت فرص كوباني منخفضة للغاية عندما بدأ الهجوم، بسبب الحصار الذي فرضته الجماعات الارهابية المتطرفة المدعومة من قبل دولة الاحتلال التركي كجبهة النصرة وأحرار الشام وعصابات أخرى من 2011 إلى 2014، الا ان شعب كوباني تمكن من حماية نفسه وارضه بالرغم من هذا الحصار وبالرغم من الفرص الضئيلة التي كانت تشهدها في ذلك الحين. لم تكن هناك ذخيرة ولا فرص لخوض حرب واسعة، الا ان الشعب ومقاتلين وحدات حماية الشعب والمرأة كانوا مصممين على مواجهة العدو والدفاع عن ارضهم وعرضهم. كان هذا القرار وهذا الايمان هما اللذان حالا دون انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ عند هجوم تنظيم داعش الارهابي كان يخيف الجميع ويستسلم لهم دون إطلاق رصاصة، لم يستطع فعل الشيء نفسه ضد أهالي كوباني ومقاتلينا الابطال. بالطبع كانت حرب الوجود وعدم الوجود وحربا للحفاظ على الهوية. كانت حربا بين نهجين، تهج الحرية والعيش بكرامة، ونهج الظلام والتطرف والرجعية والدكتاتورية. أي حرب النور والظلام، الا ان الشعب الكردي فضل النور وخاض نضالا اسطوريا سطر صفحات التاريخ النضالي واصبح رمزاً للمقاومة يحتذي به جميع شعوب العالم.
اندلعت معارك ضد تنظيم داعش الارهابي في العديد من المناطق والمدن. لماذا تحظى كوباني بشعبية كبيرة في العالم؟
لقد شهد العالم هذه الظلمة والمقاومة. كانت كوباني مكاناً صغيراً، على الرغم من عدم وجود دعم قوي لها كانت قادرة على القتال والمقاومة ضد هذه القوة. حاول العالم أن يفهم من يقاتل هؤلاء المحاربون بعزم وشجاعة. بالطبع، جذبت هذه المقاومة أيضاً انتباه القوى الدولية. في الحقيقة المقاومة في كوباني جعلت القوات الدولية تقرر بمحاربة داعش. قبل هذه المقاومة لم يكن هناك مثل هذا القرار لهذه القوى. كما ان مقاومة كوباني اصبحت مصدر أمل للعالم. وأظهرت أنه يمكن شن حرب ضد داعش ومواجهته. القوات الدولية بعد أن رأت هذه المقاومة والعزم أرادت أن تنضم إلى هذه المقاومة أيضاً.
كما قدمت شعوب العالم دعماً كبيراً لهذه المقاومة. لقد دعمت الشعوب من شمال كردستان إلى جنوب وشرق كردستان إلى أجزاء كثيرة من أوروبا هذه المقاومة. حيث بدأت مرحلة شاملة وتوجه شعبنا الكردي الى الحدود للعبور الى كوباني والانضمام الى المقاومة المقدسة في كوباني. انتفض الآلاف من الناس وانضم إلى المقاومة عشرات الأمميين. أصبحت كوباني رمزاً للمقاومة والنضال وشغفاً لكل ثائر. كما أظهر الشعب السوري أيضاً دعماً كبيراً. وانضمت إلى المقاومة جميع المكونات من عرب وسريان وتركمان وجماعات الحرية لواء الشمال، ثوار الرقة، جبهة الأكراد. وبهذه المقاومة والدعم انتصر مقاتلو وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ واظهروا لجميع شعوب العالم والشعوب المضطهدة كيف أن إرادة الشعوب لا تكسرها قوى الظلام والعبودية.
كيف أثر انتصار كوباني على مسار ثورة روج افا والمنطقة كلها؟
كانت مقاومة كوباني كبداية للثورة في سوريا، كما كان أول انتصار على تنظيم داعش الارهابي في سوريا. وبهذه الطريقة، توجهوا الى المناطق المحتلة الأخرى في سوريا، وبدأت حملات تحرير هذه المناطق. لقد شارك الشعب السوري من جميع مكوناته واطيافه في هذه الحملات. حيث نظمت هذه المكونات نفسها داخل قوات سوريا الديمقراطية QSD وبدأت عملية دحر الغزاة واخراجهم من أراضيهم . واصلت وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة مقاومتها وصولاً الى منطقة الباغوز.
شهدت مناطقنا مرحلة حرب ومقاومة في غضون 6-7 سنوات، وكانت تتصاعد هذه المقاومة ضد تنظيم داعش الارهابي كل يوم. بالطبع قدمت قواتنا وشعبنا الكثير من التضحيات خلال هذه المقاومة المباركة. حيث استشهد الآلاف من شبابنا وشاباتنا الابطال، ونزح مئات الآلاف من الناس. قُتل آلاف الأشخاص على يد هذا التنظيم الوحشي واختطف آلاف، ولا يزال الكثير منهم في عداد المفقودين. واصلت وحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ وقوات سوريا الديمقراطية QSD هذه المقاومة حتى وصلوا الى منطقة باغوز في مدينة دير الزور وقضوا على آخر معاقل داعش الارهابي.
ما يزال نهج تنظيم داعش الارهابي مستمر. وستكون هناك ارضية كي تحيي العصابات الارهابية الخطيرة كتنظيم داعش الارهابي نفسها طالما استمرت الهجمات ضد مشروع الأمة الديمقراطية وفكرة الحرية، ولم يتم قبوله.
لم يتم إزالة أرضية إعادة تنظيم عقلية داعش وأيديولوجيتها ، وأرضية الحرب ضد مشروع الحرية بعد. وخير مثال على ذلك أن أراضينا ما زالت محتلة. كل من يهاجم فكر وفلسفة الحرية هم أمام أعيننا ذهنية داعش. لا تزال الهجمات تنفذ ضد مناطق شمال وشرق سوريا بطرق مختلفة. حيث تم احتلال بعض مناطقنا أي ان خطر هذا التنظيم ما يزال مستمراً.
لا تزال هناك تهديدات بالهجوم في العديد من مناطق شمال وشرق سوريا. كيف تقيم هذا الامر؟
اكتسب شعبنا تجربة كبيرة في الحرب التي دامت 10 اعوام. جميعنا يدرك من هو الصديق ومن هو العدو. ونحن كمقاتلين في قوات سوريا الديمقراطية QSD ، ندرك جيدا أن صديقنا هو شعبنا المقاوم . وأولئك الذين نؤمن بهم هم شعبنا ومقاتلينا الشجعان. نعتمد على قوتنا ونرتقي بالوعد الذي قطعناه للشهداء ونواصل نضالنا ولا ننتظر اية دعم من القوى الخارجية.
الوضع في سوريا واضح، والأزمة السياسية والاقتصادية مستمرة. لا تزال بعض القوى والدول الخارجية والدول الإقليمية تجري حسابات مختلفة بشأن سوريا. هذا هو السبب في أننا لا نقع في فخ "لقد هزمنا داعش" ، "لقد وفرنا أمننا". نحن كشعب في مناطق شمال وشرق سوريا علينا ان نتكاتف كي نواجه الازمات الاقتصادية والعسكرية والسياسية وسنخرج من هذه الازمات كما فعلنا ذلك عام 2014 . اليوم لدينا فرص كثيرة وسنستغلها جميعا كي نحافظ على هويتنا ووجودنا. بالطبع هناك بعض التقصيرات، ونحن ندركها جيدا، لكن نحن نواجه عدواً كبيراً وهدفنا الاساسي هو الانتصار علة هذا العدو وضمان قيم الثورة في شمال وشرق سوريا. لدينا تجربة عمرها 10 اعوام وسنحقق النصر كما فعلنا سابقاً وتغلبنا على الخطط القذرة التي نفذتها دولة العدوان التركي بهدف احتلال ارضنا ومحو هويتنا ووجودنا.