الوضع في العاصمة العراقية بغداد متوتر للغاية، وانتشرت القوات الأمنية فيها، وأغلقت الطرق الرئيسية، ومن جهة أخرى أن القوات المسلحة التابعة للأحزاب الشيعية في حالة استعداد لأجل حماية قواعدها.
دخلت قوات الحشد الشعبي التابعة للقوات الشيعية في حالة استعداد بسبب الحركة الحالية لأنصار الصدر، ولأنها أصبحت أكثر عنفاً تجاه الصدر من ذي قبل، أرسلت رسالة تهديد من سطرين إلى الصدر.
ففي الوقت الراهن، تستمر مظاهرات واحتجاجات أنصار مقتدى الصدر في العراق منذ عدة أيام، وفي هذا السياق، دخل المتظاهرون في مبنى البرلمان، دخل أنصار تيار الصدري، اليوم السبت، إلى المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان للمرة الثانية لمدة أسبوع ضد ترشيح وزير العمل السابق، محمد شياع السوداني، رسمياً لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة من قبل تحالف "الإطار التنسيقي" ويواصلون إضرابهم منذ 4 أيام.
التكهن بالوضع الحالي صعب، فالعديد من الاحتمالات متوقعة، منها تعمق الأزمة، الحرب، أو إجراء الانتخابات.
إن تحالف "الإطار التنسيقي" يعتقد أن الصدر، الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والعرب السنة الكاظميون يقفون حتى الآن في نفس الجهة، ولديهم دعم خارجي كبير، وهذا يعني أن النزاعات الداخلية في العراق تتم بشكل عام بخطط خارجية، والآن هذا الوضع وأضح، لهذا السبب، فإن الوضع الحالي يسير في جانبيين، أحد الجانبين يصر على تطبيق الحكومة والجانب الآخر عقبة.
وبحسب مراقبين سياسين، فإذا تحول الصراع إلى حرب، فإن كلاً من الحشد الشعبي والتيار الصدري يملكان القوة والسلاح ولن يكون من السهل السيطرة على الوضع.
وفي ذات السياق قيم عضو الديوان الرئاسي لحركة حرية المجتمع الكردستاني (حركة الحرية)، حسين كركوكي، خلال حديثه لوكالة فرات للأنباء (ANF)، الأوضاع الأخيرة في العراق، مخاطر تصعيد وتعميق التوترات، ضعف الشعب الكردي، وعدم وجود مشروع للشعب الكردي في بغداد، إضافة إلى تدخلات إقليمية و عالمية في شؤون سيادة العراق، وكذلك تهديدات وهجمات دولة الاحتلال التركي على أراضي جنوب كردستان والعراق.
الوضع تأزم أكثر فأكثر
وذكر كركوكي الأزمة الحالية في العراق، وقال: أن "الجميع يعرف أنه بعد الانتخابات البرلمانية العراقية فاز التيار الصدري بغالبية الأصوات وكان لديه خطة لتشكيل حكومة تعددية، لكن كانت هناك عقبة قوية أمام الصدر لتشكيل الحكومة، ففي النهاية انسحب نواب الصدر من الحكومة وخلقوا الأزمة في العراق، بعد ذلك، وبسبب اختيار تحالف الإطار التنسيقي، محمد شياع السوداني كمرشح، مما جعل الوضع أكثر تأزماً، هذا لأن الصدر والسنة يعرفون ذلك المرشح على أنه رجل نوري المالكي، فإن لكل من أنصار الصدر والسنة عداوة تاريخية مع نوري المالكي، بعد شغل مقاعد نواب الصدر المستقيلين، واتضح أن الإطار التنسيقي مصر على تشكيل الحكومة، لذلك رأى الصدر أن مخططاته لم تنجح.
لا يوجد مشروع الحل للسياسيين
كما تحدث حسين كركوكي عن التدخلات الخارجية في السياسية العراقية، وتابع قائلاً: أنه "حسب أوضاع العراق الحالية، هناك تدخلات من دول أجنبية في المجالات السياسية، الأمنية، الاقتصادية وكافة شؤون العراق، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن دول المنطقة والدول المهيمنة في العالم لديها خططها الخاصة في العراق، وفي هذا الإطار، تعمل بعض السلطات العراقية على تحقيق مخططات الدول الخارجية، وأن الشعب العراقي وكافة مكونات العراق مستاؤون للغاية من تلك السلطات التي أتت منذ عام 2003 وأوصلت دولة العراق إلى أزمتها الحالية، حيث أنها تعمقت في أزمتها السياسية، وكذلك من الجوانب الأمنية والاقتصادية وصولاً إلى الجانب الاجتماعي، وبات واضحاً للشعب العراقي انه لا يوجد مشروع للأحزاب السياسية العراقية لأجل إيجاد الحل، وأن عدداً كبيراً من المواطنين قاطعوا عملية التصويت في الانتخابات الأخيرة.
الوضع سيصبح أكثر تأزما وقد تبدأ حرباً بين الشيعة
وأضاف عضو الديوان الرئاسي لحركة الحرية، حسين كركوكي، قائلاً: أن "الصراع بين الصدر والمالكي أصبح صراعاً شخصياً بين شعبين وحزبين سياسيين، ذلك لأن جميع الأفكار والقراءات التي تحدث تشير إلى حقيقة أن الوضع قد يصبح أكثر تأزما وقد تدار حرب بين الشيعة".
الكرد في بغداد ليسوا متحدين ولا يوجد مشروع أو خطة خاصة بهم
وتحدث كركوكي خلال مواصلة حديثه، عن دور الشعب الكردي في المرحلة السياسية في العراق والجهود المبذولة للحصول على الحقوق المشروعة للأمة الكردية، وقال: "في الماضي كان للشعب الكردي دور فعال في حل موضوع تشكيل الحكومة العراقية، لكن في انتخابات 2018 وانتخابات 2021 المبكرة، يبدو أن الكرد ليس لديهم مشروع أو مخطط خاص بهم، في الواقع إنهم يرون فقط أن سلطة الرئاسة قد تم اكتسابها وهناك بالفعل توتر بين سلطة الحزبين ’ الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) – الاتحاد الوطني الكردستاني (YNK)‘ حول نفس السلطة، وباستثناء الحزبين السلطويين، هناك عدة أحزاب أخرى لم تتضح خططها ومشاريعها، وهذا هو السبب في أن الكرد في بغداد ليسوا موحدين وليس لديهم مشروع، فأن تلك الكتل الكردية التي كانت موجودة في بغداد أصبحت كتل حزبية وليست كتل وطنية، وانتقل التوتر بين الأطراف في إقليم كردستان إلى بغداد، وهي إحدى حلقات الضعف لدى الكرد.
حزب السلطة الكردية لم يحقق أي إنجاز وطني
وصرح حسين كركوكي بأنهم كحركة الحرية طالبوا الكرد دائماً أن يكونوا أصحاب مناخ ديمقراطي في إقليم جنوب كردستان حتى تتمكن جميع الأحزاب الكردية من التعبير عن أفكارهم وآرائهم المتعلقة بالحقوق القومية للكرد في العراق، وأضاف قائلاً: " لكن عدم وجود مفهوم ديمقراطي بين الأحزاب الكردية في جنوب كردستان عكس واقعه في بغداد، فالسياسة الحالية للأحزاب الكردية السلطوية في بغداد لا تشمل أي انجاز وطني للكرد، نقول أنه فقط من خلال تشكيل الاتحاد يمكننا حل القضايا في بغداد لصالح الشعب الكردي".
يمكننا بناء جبهة ديمقراطية
وقيم كركوكي سبب ضعف دور الأحزاب الأخرى غير الحزبين الكرديين السلطويين، وقال: "للأسف، مطالب الشعب الكردي في جنوب كردستان غالباً ما تنتظر قرار الأحزاب السياسية مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) و الاتحاد الوطني الكردستاني YNK))، ويمكن لتلك الأحزاب التي لديها مشاريع أن تشكل جبهة ديمقراطية مع أحزاب كردية أخرى غير الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وأن تكون صوتاً للشارع الكردي في بغداد، هذا لأن الحزبين الحاكمين لا يفكران إلا في مصالحهما الخاصة وليس بمصالح الشعب، وأن مشروع بناء مثل هذه الجبهة هو خطوة ديمقراطية ووطنية حتى ينال الكرد حقوقهم الوطنية في بغداد ".
يقودون حرب الهيمنة في العراق
وسلط حسين كركوكي الضوء على تدخلات الدول الإقليمية في المنطقة وخاصةً هجمات دولة الاحتلال التركي على أراضي إقليم جنوب كردستان والعراق، وتابع قائلاً: "بعد سقوط نظام البعث عام 2003، حاولت دول إقليمية ودولية أن يكون لها دور فعال في إدارة العراق من خلال تعيين المسؤولين عن السلطة في العراق، تقود دول مثل أمريكا، تركيا وإيران حرب هيمنتها في العراق، وعلى وجه الخصوص، ارتكبت دولة الاحتلال التركي العديد من الانتهاكات ضد سيادة العراق وأقامت قواعد عسكرية في إقليم كردستان ومناطق خارج حدود الإقليم، كما أنها تقصف مدن وبلدات العراق وإقليم كردستان ويتسبب في استشهاد المدنيين".
للأسف لم يتخذ مجلس الأمن للأمم المتحدة أي قرار ضد تركيا
وتحدث حسين كركوكي عن شكوى العراق ضد تركيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتابع قائلاً: "لقد رأينا في القصف الأخير لدولة الاحتلال التركي، أنهم ارتكبوا مجزرة بحق سياح عراقيين في منطقة زاخو وراح ضحيتها أكثر من 30 مدنياً، ورداً على ذلك، كان هناك رد فعل وتظاهرات شعبية في الشوارع العراقية وقدمت الحكومة العراقية شكوى ضد دولة الاحتلال في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن للأسف، ، لم يتم اتخاذ أي قرار في مجلس الأمن للأمم المتحدة لإجبار تركيا على سحب قواتها من العراق، كان على وزير خارجية العراق وهو كردي أن يتحدث عن أسباب هجمات الدولة التركية ضد الشعب الكردي والقضايا الكردية في شمال كردستان وأن يقترح حل القضية الكردية في شمال كردستان وتركيا من خلال حوار".
تضحيات حزب العمال الكردستاني أصبحت سبباً لحماية إقليم كردستان والعراق من التهديدات الخارجية
وصرح كركوكي في جزء أخر من تقييماته، إن انسحاب القوات التركية وقوات حزب العمال الكردستاني نوقش في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مشيراً: "لكن إذا نظرنا إلى القضايا ما بين دولة الاحتلال التركي وحزب العمال الكردستاني، نرى إن تركيا كانت تحاول دائماً القضاء على إقليم كردستان والشعب الكردي، وفي وقت بعد سقوط نظام البعث، قامت قوات الدفاع الشعبي (HPG) بحماية الحدود الشمالية والشرقية لإقليم كردستان من المحتلين كالدولتين التركية والإيرانية، وأيضاً، خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، كان حزب العمال الكردستاني (PKK) وقوات الدفاع الشعبي (HPG) هم من قاموا بحماية حدود إقليم كردستان ومناطق هولير، شنكال، كركوك، مخمور، جلولاء، وصيدا وجميع المناطق المتنازع عليها، أن تضحيات التي قدمها حزب العمال الكردستاني أصبحت سبب حماية إقليم كردستان وحماية العراق من التهديدات الخارجية".
تركيا تحاول تدمير الوضع في العراق من خلال الاستفزاز
وختم عضو الديوان الرئاسي لحركة الحرية، حسين كركوكي، حديثه بهذه الكلمات والدعوات، وقال: " يعلم عموم شعب العراق أن دولة الاحتلال التركي، رغم أن العراق مصدر كبير للدخل ورأس المال لوطنه وشعبنه، تنهب وتقصف أراضي إقليم كردستان والعراق بشكل يومي، وهي تجبر على إخلاء القرى من أهلها، وتجعل من السكان المدنيين هدفاً للقصف، وتحاول أيضاً تدمير الوضع في العراق من خلال استفزاز وسائل الإعلام وحلفائها السياسيين، يمكن لحكومتي العراق وإقليم كردستان لعب دور في حل القضية الكردية في شمال كردستان، وكان بإمكان الدكتور فؤاد حسين، وهو كردي ووزير خارجية العراق، أن يلعب دوراً أكبر من خلال عرض هذه القضية على المراكز الدولية للمطالبة بحل القضية الكردية في شمال كردستان وتركيا".