عدوان على سوريا والعراق.. الاحتلال التركي يواصل العبث بفرص السلام
لا يزال الاحتلال التركي يواصل عدوانه بحق الشعب الكردي سواء في إقليم شمال وشرق سوريا وكذلك في جنوب كردستان (شمال العراق).
لا يزال الاحتلال التركي يواصل عدوانه بحق الشعب الكردي سواء في إقليم شمال وشرق سوريا وكذلك في جنوب كردستان (شمال العراق).
على مدار الأيام الماضية يواصل الاحتلال التركي بالتعاون مع المليشيات والمرتزقة الموالين له الضربات والهجمات العدوانية على عدة مناطق في إقليم شمال شرق سوريا، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا الأبرياء، فضلاً عن مواصلة استهداف أماكن حيوية مثل محيط سد تشرين، والأخيرة تتعرض لقصف مدفعي وجوي مكثف.
أما الوضع في جنوب كردستان (شمال العراق) فليس أحسن حالاً من إقليم شمال وشرق سوريا، حيث كثف الاحتلال التركي عدوانه على عدة مناطق، مستهدفاً الأبرياء والآمنين، والتي تضعها أنقرة تحت ستار كاذب هو "مكافحة الإرهاب"، الذي تتخذ منه ذريعة لمواصلة جرائمها في مخالفة صريحة للمواثيق والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني.
عبث بفرص السلام
تأتي تلك الاعتداءات وسط حديث عن تحركات من قبل نظام أردوغان وانفتاحه على السلام مع الشعب الكردي، في وقت يواصل وفد إمرالي اتصالاته ويتوقع أن يلتقي المفكر عبد الله أوجلان هذا الأسبوع، لكن مراقبين يحذرون من مغبة تلك الممارسات التركية التي تشكل عبثاً بفرص السلام وتهدد بتبخرها.
في هذا السياق، يقول السياسي الكردي العراقي حكيم عبد الكريم، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن النظام التركي لم يبد بعد أي حسن نية تجاه المشاورات من أجل السلام؛ موضحاً أنه لا يمكن الحديث عن عملية سلام أو مبادرة من قبل الدولة التركية، وإنما حديث جار من قبل دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية.
وأضاف أن المفكر عبد الله أوجلان (القابع في السجن لأكثر من ربع قرن) في النهاية أخذ ما طرحه بهجلي كفرصة لكي يكون هناك مجالاً للحديث عن حل للقضية الكردية في شمال كردستان، وكذلك كفرصة تنعكس إيجابياً على العراق وسوريا وإيران والشرق الأوسط ككل، إلا أن هذه العمليات العدوانية التركية تعبر عن انقسام داخلي، خاصة مع أطماع أردوغان التوسعية ونواياه التي لا يمكن أن تنعكس بشكل إيجابي على فرص السلام.
ويلفت إلى أنه في المقابل نجد من مخرجات وفد إمرالي دلالات على مدى قوة وإرادة المفكر عبد الله أوجلان لحل هذه القضية، معرباً عن اعتقاده بأنه لو أُفسح المجال أمام هذا الرجل لكان ذلك في مصلحة شعوب المنطقة، خاصة وأنه يرى أن الشرق الأوسط يمر بتغيرات كبيرة، وإذا لم يحدث توافق تركي – كردي فستكون الدولة التركية ضحية لها.
والحديث عن خطوات للأمام في حل القضية الكردية، كانت موضع اهتمام كبير من الإعلام الدولي على مدار الأسابيع الماضية، لكنه حذر من تناقضات النظام التركي، واستمراره في العدوان على الكرد داخل سوريا والعراق، وكذلك مواصلته الحملات القمعية داخلياً ضد الناشطين والصحفيين والحقوقيين الكرد.
هنا إشكالية أردوغان
يقول محمد صابر الباحث السياسي المصري، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن مشكلة أردوغان أنه يتعامل مع القضية الكردية كأداة سياسية لا كقضية شعب، وما يهمه الحفاظ على وجوده السياسي، ومن أجل مكاسب شعبية انتخابية، ولهذا فقد بنى جزءاً كبيراً من شرعيته خلال السنوات الماضية على التماهي مع التيارات القومية المتشددة وتوجهاتهم.
ولهذا يعتقد "صابر" أن الهجمات التركية قد لا يكون هناك أملاً بتوقفها، في ظل هذه التوجهات من قبل النظام، والهاجس من أن الكرد يؤثرون على شعبيته، ومن ثم باتت أنقرة تتعامل بطريقة مزدوجة؛ فمن جهة ثمة مؤشرات محدودة على انفتاح سياسي على الكرد مثل لقاءات إمرالي، لكن في الوقت ذاته يستمر العدوان على سوريا والعراق.
ويحذر الباحث السياسي من خطورة هذه الازدواجية التي ستضر بفرص أي سلام مستقبلي، ملمحاً إلى أنه ربما يكون مبرر النظام أن استمرار عدوانه يشكل ورقة ضغط يمكن استخدامها في أية مباحثات سياسية، أو استمرار الأداة العسكرية كقوة ضغط إلى حين التواصل لاتفاق ما، إلا أن هذه مجازفة كبيرة بتحركات السلام.
ويدرك زعيم حزب الحركة القومية – حليف أردوغان – خطورة التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط، خصوصاً مع ما نالته إيران ومعسكرها، وسقوط نظام بشار الأسد، وما يجري في فلسطين، وهي مهددات ستطال تركيا في وقت ما، ولهذا رأى ضرورة التراجع للخلف في التشدد تجاه الكرد، وضرورة ترميم الصف داخل بلاده بين الشعبين التركي والكردي؛ لمواجهة تلك التحديات المستقبلية.
ويشكل موقف المفكر عبد الله أوجلان المنفتح على السلام إحراجاً كبيراً لنظام أردوغان، الذي بات مطالباً الآن بأن يقدم بادرة حسن نية واقعية، إذا كان حقاً هو الآخر يريد السلام لشعبه بمختلف مكوناته، لكن يبدو أن أطماع العثمانية الجديدة الإقصائية لا تزال مهيمنة على رأسه.