قال كرم سعيد الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن تركيا تريد بالعملية العسكرية، التي تلوح بها في شمال سوريا، الوصول إلى عدة أهداف، لافتاً في الوقت نفسه أن هذه العملية تلاقي رفضاً دولياً وإقليمياً كبيراً وأنها قد تؤدي بالأزمة السورية إلى المربع صفر من جديد.
وأوضح سعيد في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء ANF؛ هذه العملية تأتي في سياق تحقيق مجموعة من الأهداف بالنسبة لتركيا. أول هذه الأهداف مرتبط بترحيل اللاجئين السوريين عبر بناء "مناطق آمنة" في شمال سوريا لتسهيل عملية إعادتهم.
وأضاف "الأمر الثاني مرتبط بفكرة تحقيق انتصار داخلي، تركيا مقدمة على انتخابات مفصلية في منتصف العام عشرين ثلاثة وعشرين والرئيس التركي يعاني من تراجع واضح وكذلك حزب العدالة والتنمية والمعارضة تسعى لتوظيف هذه الورقة، ورقة اللاجئين وورقة الانخراط التركي في سوريا لتعزيز نفوذها في الداخل التركي وبالتالي تنفيذ عملية عسكرية في هذا التوقيت تضمن إعادة اللاجئين قد تحقق انتصار داخلي لحزب العدالة والتنمية وللرئيس التركي في الداخل وتساعد في تعويض شعبيته المتراجعة".
وأشار إلى أن الهدف الثالث؛ هو فكرة التأثير على مجريات المشهد السوري من خلال توظيف الانشغال بالأزمة الاوكرانية، وانشغال الولايات المتحدة الامريكية والقوى الأوروبية ببناء تحالف دولي مناهض لروسيا لمواجهة التدخلات الروسية في أوكرانيا. وانشغال إيران أيضاً بمفاوضات برنامجها النووي مع القوى الأوروبية وتعثر هذه المفاوضات.
وتابع: "تركيا ترى في هذا التوقيت ملمح مناسب لتعزيز نفوذها في الداخل السوري وفرض هيمنتها على المشهد السوري خاصة بعد انشغال القوى الاقليمية بالأزمة الأوكرانية"
ولفت إلى أن هناك مجموعة من المؤشرات التي تلمح إلى اتجاه تركيا في تنفيذ هذه العملية، أولها: تحشيد القوات العسكرية والمعدات العسكرية قرب مواقع قوات سوريا الديمقراطية، اجتماع مجلس الأمن القومي الخميس الماضي، والتأكيد على أن التدخل التركي في شمال سوريا لبناء مناطق آمنة هو أمر يتفق مع المصالح القومية التركية ومصالح الأمن القومي التركي. الأمر الثالث أو المؤشر الثالث هو البدء على الأرض من خلال دعم الميليشيات الموالية لتركيا في شمال سوريا (جبهة النصرة الجيش الوطني السوري المدعومان من تركيا).
وتابع: "تم تحريك عناصر هذه الميليشيات وكثفت تدريباتها وأعادت انتشارها. المؤشر الرابع أتصور أنه مرتبط بتحركات القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في الأزمة السورية للتعاطي مع قرار تركيا بتنفيذ عملية عسكرية جديدة. وظهر هذا في طلعات جوية للطائرات الروسية بالقرب من مناطق النفوذ الكردية. كذلك تحذير إيراني لتركيا بشكل مباشر من مخاطر تنفيذ هذه العملية"
وشدد على أن عملية عسكرية في شمال سوريا ليست سهلة هذه المرة وتواجه تحديات كبيرة، لافتاً إلى أن أبرز هذه التحديات ممثلة في اعتراض الولايات المتحدة الامريكية على هذه العملية. تصريح وزير الخارجية الأمريكي وتحذيره لتركيا ليس هو الأول من نوعه وعدد من المسؤولين الأمريكيين الذين خرجوا على مدار الأيام الماضية، وأكدوا مخاطر الانزلاق إلى عملية عسكرية جديدة. بل أعلنت الولايات المتحدة الامريكية دعمها لقوات سوريا الديمقراطية وقبل أكثر من أسبوع تم استثناء بعض مناطق الشمال السوري من العقوبات على الاستثمارات أو غيرها. يعني السماح لمناطق في الشمال السوري بممارسة الاستثمار والتوسع في مشروعات يعني تجنب هذه المناطق من مسألة العقوبات الأمريكية الدولية.
وأشار إلى أن هناك رفض روسي ايراني لهذه العملية وبالتالي في حال القيام بها فإن هذا قد يؤدي إلى توتر في علاقات تركية مع موسكو وطهران.
وأوضح أن "التأثير المحتمل أيضاً، هو فكرة عملية نزوح جديدة في مناطق شمال السوري. وهذا الامر قد يعيد صياغة المشهد الداخلي ويؤدي إلى العديد من الأمور السلبية".
وأردف: "الأمر الرابع أو التأثير الرابع المحتمل هو فكرة تعقد حل المسألة السورية خاصة أنه في هذه الفترة هناك محاولات لحل الازمة السورية ما بين اجتماعات دولية ما بين تجاوب النظام السوري نفسه مع فرص الحل من خلال الإفراج عن المعتقلين وغيرها. وبالتالي عملية عسكرية جديدة قد تعيد أزمة سورية إلى المربع رقم صفر"
وتابع: "التأثير المحتمل الآخر هو فكرة إعادة صياغة التوازنات الإقليمية والدولية في الداخل السوري، يعني ربما أن أي عملية عسكرية تركية محتملة قد تدفع إيران وموسكو والولايات المتحدة الأمريكية إلى تحالف مشترك ضد تركيا. وهذا الأمر قد يحمل مخاطر على تركيا، خاصة أن هناك رفض إيراني روسي أمريكي لأي عملية عسكرية وبالتالي قد نرى تغير وتبدل في التحالفات في الداخل السوري"