أيمن أصفري يغادر سوريا بعد فشل مشروعه في رئاسة حكومة دمشق
غادر الملياردير السوري أيمن أصفري سوريا بعد خلافات مع إدارة تحرير الشام على خلفية ترشيحه لرئاسة الحكومة السورية بعد لقاء جمعه بالجولاني في كانون الثاني الماضي.
غادر الملياردير السوري أيمن أصفري سوريا بعد خلافات مع إدارة تحرير الشام على خلفية ترشيحه لرئاسة الحكومة السورية بعد لقاء جمعه بالجولاني في كانون الثاني الماضي.
مصادر مطلعة أكدت أن اسم الملياردير السوري تردد خلال الآونة الأخيرة لقيادة الحكومة الجديدة إلا أن الخلاف على الصلاحيات تسبب في صدام أفضى إلى استبعاده، ورغم ذلك يبقى السؤال: لماذا تم ترشيح أصفري لرئاسة الحكومة وما هي العوامل التي تحكم تلك الترشيحات وما هو دور القوى الدولية والإقليمية فيها...؟
لازال مستقبل مشروع الدولة الوطنية السورية غامضاً وغير واضح المعالم، وسط تصريحات دبلوماسية تؤكد على ضرورة تطبيق الديموقراطية واحتواء كل المكونات، دون أن توضح التحركات على الأرض شكل الحكومة أو الدولة برغم من إعلان العديد من المكونات السورية موقفها إزاء الدولة المدنية الحاضنة للجميع، حيث قررت الإدارة الذاتية وضع حقول النفط التي تقع في مناطقها رهن تصرف الحكومة المؤقتة، في إشارة واضحة إلى حسن النوايا والموافقة على الاندماج في الدولة الوطنية السورية التي لا تُقصي أحد وفق التصريحات الرسمية المعلنة.
تدخلات خارجية
ووفقاً لبعض المراقبين، لازالت التدخلات الخارجية تلقي بظلالها على الشؤون الداخلية السورية، بدايةً من الوصاية التركية والسعودية وانتهاء بالإملاءات الأمريكية والغربية التي تشترط اتخاذ إجراءات معينة فيما يخص العملية السياسية والعلاقات مع دول الجوار، ومؤخراً طرحت وسائل إعلام غربية شهيرة اسم الملياردير السوري أيمن أصفري مرشحاً لرئاسة الحكومة السورية، وهو رجل معروف بعلاقاته الغربية الواسعة حيث سبق وأن أسس منصة الإلكترونية الخاصة بالمجتمع المدني السوري تحت اسم «مدنية»، أيام حكم بشار الأسد، برغم أن والده كان من أعضاء حزب البعث، وعاد أصفري إلى سوريا لأول مرة بعد خروج الأسد حيث التقى رجل الأعمال السوري -البريطاني بالجولاني، رغم عدم اهتمام الأخير بالتواصل مع المعارضة في الخارج.
جورج علم المحلل السياسي قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF »، إنّ «هناك رئيس في البيت الأبيض، يشغل العالم بمطالبه، وأسلوبه، وتحالفاته وهذا الرئيس النهم يدعم بشكل مطلق، رئيس وزراء إسرائيل، بالدولارات، والأسلحة، والتقنيات ومن دون عوائق، وشعارهما شرق أوسط جديد يريده دونالد ترامب تحت وصايته، متحرّراً من النفوذ الإيراني، والصيني، والروسي، ومن ثم فلا غرابة من ترشيح شخصيات محسوبة على المحور الغربي لرئاسة حكومات عربية».
وفي أعقاب تلك الزيارة أسهم «أصفري»، في تلميع صورة الجولاني في وسائل الإعلام الغربية ويبدو أنه كان مُقنعاً لقائد تحرير الشام، فقد تم تعيين عدد من الخبراء والكوادر الشابة الذين أوصى بهم ضمن الإدارات السورية، فتم تعيين المحامي «ابراهيم علبي»، عضو مجلس إدارة «مدنية»، مستشاراً قانونياً في وزارة الخارجية، فيما تم تعيين «هدى الأتاسي»، المؤسسة المشاركة في «مدنية»، و «هند قبوات»، الناشطة المدنية، ضمن لجنة التحضير للحوار الوطني، وهما الممثلان الوحيدان للمجتمع المدني بجانب خمسة رجال مقربين من أحمد الشرع.
نفوذ قوي
منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF »، إنّ «العلاقة بين بريطانيا والإسلاميين علاقة قديمة ووطيدة حيث تعد بريطانيا هي المعقل الغربي الأول للمهاجرين الإسلاميين كما هي الملجأ والملاذ للفارين من دولهم واعتادت دائماً على استخدامهم من القدم ومن أيام حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين وحتى وقتنا هذا ومن الطبيعي أن تجد مرشحاً لحكومة تقودها جماعة كانت مصنفة إرهابية وعلى علاقة وطيدة بالمخابرات البريطانية».
لعب أصفري دوراً بارزاً في السياسة الدولية، حيث استخدم نفوذه في بريطانيا للضغط على نظام الأسد، وعقب رحيل الأخير بادر في تلميع صورة الجولاني بل مارس ضغوطاً دولية كبيرة انتهت بتنظيم مؤتمر باريس الداعم لسوريا ولايزال يلعب دوراً مؤثراً على الساحة الدولية لدعم قائد إدارة تحرير الشام وسط تواتر معلومات تؤكد علاقته القوية بالدولة البريطانية وأجهزتها المعلوماتية التي تمثل محوراً مهماً من محاور إدارة الإسلام السياسي في المنطقة منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا.
القوى الدولية
ومن خلال رصد المشهد السوري، تلعب القوى الدولية والإقليمية دوراً كبيراً في القرارات التي تتخذها الحكومة المؤقتة، بما يؤكد أن الأخيرة تتحدث عن دولة وطنية حاضنة لجميع المكونات، ومن الطبيعي أن تشارك تلك المكونات والقوميات في صناعة القرار إلا أن ما يحدث على خلاف ذلك حيث باتت الحكومة المؤقتة رهينة إشارات القوى الدولية وتخضع لإملاءاتها بدليل ما تردد بشأن ترشيح رجل أعمال سوري من أصول بعثية وصاحب نفوذ غربي رئيساً للحكومة دون مشاورة القوى الوطنية أو حتى التفكير في ترشيح رمز وطني يعيش على الأراضي السورية لرئاسة الحكومة، إلا أن فشل مفاوضات رئاسة لحكومة دمشق قد يعود إلى تدخل قوى إقليمية تسعى للسيطرة على صناعة القرار السوري وترفض مزاحمتها من قبل البريطانيين.
ويذكر أن أصفري شارك في دعم الجهود الإنسانية وأسس منظمة «مدنية»، التي تعد منصة لعدة منظمات مدنية سورية، كما شارك في تمويل الدفاع المدني السوري إلى جانب نشاطه المجتمعي، وهو عضو في مجلس أمناء الجامعة الأميركية ببيروت، ومجلس إدارة مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وعضو في لجنة أممية تضم كبار المستشارين.