وتقدر الكتلة التصويتية للكرد في تركيا بأكثر من 6 ملايين ناخب، وهي كتلة توصف بالصلبة والمنسجة تحتشد بالأساس خلف حزب الشعوب الديمقراطي المعبر عن الكرد والمناصر لقضايا الأكراد.
وتذهب كثير من السيناريوهات إلى أن هذه الكتلة التصويتية ستفعل أمرين على الأقل:
-- الأول: حرمان حزب العدالة والتنمية من تحقيق الأغلبية البرلمانية التي تتيح له تشكيل حكومة بشكل منفرد، وبالتالي الذهاب نحو البحث عن ائتلاف حزبي، يمكن أن تقلب فيها المعارضة الطاولة على أردوغان.
-- الثاني: حرمان الرئيس التركي على الأقل من الفوز بالانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، والحاجة إلى الذهاب لجولة ثانية، وقتها سيكون لها حسابات مختلفة.
النظام التركي يشعر بخطر من الكتلة التصويتية للكرد
مجلة "أميريكان ويكلي" الأمريكية أعدت تقريرا مؤخرا تناقش فيه مسار الانتخابات التركية التي تعقد 14 مايو، ووصفت المجلة الكرد بـ"صانعي الملوك" في ظل كتلتهم التصويتية التي تتجاوز 6 ملايين صوت، وهو أمر جعل النظام التركي يشعر بالخطر، وفقا له.
وأوضحت المجلة أنه نتيجة مخاوف النظام التركي تم سجن عديد من أنصار حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وكثير من سياسييه سواء من هم لديهم أفكار يسارية أو حتى أصحاب الفكر الليبرالي، حتى لا يستطيع أن يكون هناك من له القدرة على التأثير في الصوت الكردي من تلك القيادات السياسية.
ولفتت المجلة في تقريرها إلى أن النظام التركي كذلك سجن الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش والذي أرهق أردوغان وحزبه في الانتخابات السابقة، إذ يقبع الزعيم السياسي الكردي خلف القضبان منذ عام 2016.
أشارت كذلك "أميريكان ويكلي" إلى أنه حتى رؤساء البلديات الذين فازوا بالانتخابات من الكرد خصوصا في جنوب شرق البلاد تم استبعادهم من قبل النظام الذي اختار "أوصياء" موالين له لإدارة شؤون البلديات الكردية،
وذكرت المجلة كذلك أن حزب الشعوب الديمقراطي ربما يواجه خطر الغلق، ولهذا لجأ إلى دخول الانتخابات البرلمانية تحت راية حزب اليسار الأخضر، وتحالف العمل والحرية للتحايل على احتمالات الغلق والحظر السياسي.
موقف الكرد من انتخابات الرئاسة التركية
وأعلن حزب الشعوب الديقمراطي مؤخرا أنه لن يتقدم بمرشح لانتخابات الرئاسة التركية، إلا أن كثير من المراقبين أعربوا عن اعتقادهم بأن عدم دفع الحزب بمرشح، يعني على الفور تصويت الكتلة الكردية لمرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو ما يقوي فرص الأخير.
وتقول المجلة الأمريكية إن حزب الشعوب الديمقراطي يمكنه أن يخرج من خلال هذه الانتخابات بكثير من المكاسب، من خلال مجموعة الشروط التي أعلن عنها لأي تعاون مع المعارضة الكمالية، والتي تتمثل في وجود ديمقرطية قوية وقضاء مستقل يحترم إرادة الشعب، والتوصل إلى حل ديمقراطي للقضية الكردية، واتباع سياسة خارجية سلمية، والمساواة بين الرجل والمرأة، ووجود دستور ديمقراطي، ونظام اقتصادي سليم، واحترام إرادة الشباب، وأن تكون المناصب قائمة على الجدارة والكفاءة وليس على الولاء.
"الشعوب الديمقراطي" قد يغير قواعد اللعبة ويطيح بالرئيس التركي
وبنفس الوصف الذي استخدمته مجلية أميريكان ويكلي عندما تحدثت عن الكرد في تركيا "صانعو الملوك"، قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن حزب الشعوب الديمراطي ينظر إليه في تركيا كصانع ملوك، حيث يلعب دورا حاسما يمكن أن يغير التوازن الذي قد يطيح برئاسة رجب طيب أردوغان.
ووصفت "سي إن إن" قرار حزب الشعوب بعدم الدفع بمرشح للرئاسة بأنه "أنتكاسة لحزب العدالة والتنمية وأردوغان"، لأنه بحسب كثير من المحللين فإن القرار يعني أن كتلة التصويت الكردية ستذهب لصالح مرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو.
وتقول أيضا إن "أردوغان" قضى تقريبا النصف الآخر من العقد الماضي في قمع حزب الشعوب الديمقراطي والعمل على تقويض قاعدته الانتخابية، كما يقبع زعيمه السابق صلاح الدين دميرتاش في السجن منذ 7 سنوات، بل وحزبه مهدد بالغلق بداعي التعاون مع تنظيمات إرهابية.
ويقدر الكرد بنحو 15 إلى 20 بالمئة من سكان تركيا، ولفترات تودد إليهم الرئيس التركي الحالي بداعي تسوية القضية الكردية، لكن الأمر يبدو أنه كان مجرد تحركات انتخابية لكسب صوت الكرد، إذ أنه عندما بدأ يشعر بالقلق تحول على الفور إلى القمع والترهيب.