باحث مصري متخصص بالعلاقات الدولية: تركيا توجهت للخليج ولمصر بعدما استنزفت ثروات قطر لأقصى مدى ممكن

قال الباحث المصري والمتخصص في العلاقات الدولية، إيهاب نايف، بأن اردوغان يتودد ويخطب ود مصر والسعودية، لكن ما تحقق حتى الآن لا يعكس على الاطلاق امكانية ثقة كلا البلدين في أردوغان وسياساته المراوغة والتي تتضمن اغراضا وأطماعا في مقدرات البلدان .

أجرت وكالة فرات للانباء ANF حواراً مع الباحث المصري والمتخصص في العلاقات الدولية،إيهاب نايف،حول اخر المستجدات السياسية على الساحة العربية وابعاد التقارب الاماراتي- التركي واسبابها،حيث أشار من خلال حديثه الى أن التقارب الاماراتي-التركي تم على أسس ملفات مرتبطة بالجانب الأمني والاستراتيجي.

وفيمايلي نص الحوار:

حصل مؤخرا تقارب مابين الامارات وتركيا من خلال زيارة وفد اماراتي لتركيا وتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية ،كيف تقرأ هذا التقارب ما اسبابه برأيك؟

التقارب التركي الإماراتي يكسر حالة الجمود الحاصلة بين البلدين منذ عدة سنوات، وبالتحديد منذ أن اصطفت تركيا أردوغان مع قطر في مواجهة دول الرباعي العربي، بشكل انتهازي ومعاندة واضحة، اعتبرتها الإمارات في حينها إعانة على شق الصف العربي واستغلال اقتصادي وسياسي للأزمة، وهو القرار التركي الذي بني بشكل نفعي في الأساس لكن كانت له أبعاد اقتصادية وايديولوجية، كما زاد الأمر تعقيدا المواقف التركية في ليبيا وشرق المتوسط التي تهدد أمن واستقرار ومصالح ليبيا ومصر وحلفاء آخرين للإمارات، ولذا فحين نتحدث عن التقارب الحاصل فبالتأكيد الظروف الراهنة التي تعيشها تركيا وبخاصة الاقتصاد المتراجع، وانهيار الليرة، فضلا عن تراجع تركيا لخطوات كبيرة في موقفها الداعم لعناصر جماعة الإخوان، وكذلك مراجعة موقفها العدائي ضد مصر ودول عربية أخرى، فكل ذلك فتح المجال للزيارة التاريخية في منتصف أغسطس الماضي التي قام بها رجل أبوظبي القوي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، وهو ما يعني أن التقارب تم على أسس يأتي في القلب منها ملفات مرتبطة بالجانب الأمني والاستراتيجي، حيث تنازلت تركيا أردوغان ربما مضطرة ليحدث اجتماع تاريخي وإيجابي للشيخ طحنون وأردوغان طرح على طاولته حينها التعاون والشراكات الاقتصادية والذي انطلق من منطلقات وقناعات إماراتية تتمثل في بناء الجسور وتوطيد العلاقات كمحرّك لسياساتها الداخلية والخارجية، وبالتالي فالامارات تعلم جيدا قدر تركيا، وتدرك متى يمكن أن تتواصل معها، ومتى كان يجب أن تتخذ موقفا يضع الأمور في نصابها، وربما هذا ما حدث حقا، ولذا جاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد لتركيا، زيارة كاشفة لمكانة البلدين، وربما أيضا نواياهما لفتح صفحة جديدة في علاقاتهما المشتركة تتخلص مما يعكر صفوها، ويحقق مصالح البلدين، وربما ذلك ما عكسته تلك الاتفاقات الاقتصادية الضخمة وحجم الاستثمارات الاماراتية المتوقعة بعد تلك الاتفاقات فضلا عن تأسيس صندوق استثمار إماراتي لدعم تركيا يقدر بعشرة مليارات دولار، وهو ما يؤسس لانطلاقة كبيرة متعددة الأجنحة والمحاور، يأتي غلق صفحة الإخوان وتنسيق المواقف السياسية في مناطق النزاع السابق مقابل الدعم الاقتصادي الذي يعد بمثابة مد يد العون لانقاذ اقتصاد أردوغان المنهار نتيجة سياساته العدائية في مواجهة دول كبرى كمصر والامارات والسعودية والتدخلات في ليبيا، وربما توجه تركيا للخليج ولمصر الآن جاء بعدما استنزف ثروات قطر لأقصى مدى ممكن، ولذا لم يستغرب تصريح أردوغان الأخير أثناء زيارته لقطر أنه لن يطلب مددا اقتصاديا جديدا من الدوحة.

تحدث الاعلام الاماراتي والتركي عن استثمارات اماراتية في تركيا ودعم للاقتصاد التركي ،برأيك ما المقابل من قبل تركيا وخاصة لم يتم التطرق الى المقابل الذي ستدفعه تركيا للامارات التي ستنقذ كما يفهم من خطوتها الاقتصاد التركي من الانهيار؟

بالتأكيد تركيا ستدفع المقابل من خلال مراجعة سياساتها التداخلية في سياسات الدول العربية وستراجع تحديها لأمن واستقرار الدول العربية في ليبيا وشرق المتوسط وستتراجع عن دعم الإخوان وعن دورها الخطير في دعم الإرهاب بالشكل الذي أثر على استقرار الشرق الأوسط، والدخول في سياسة تسامحية جديدة في المنطقة التي عنونها اردوغان نفسه من قبل بتصفير المشكلات مع الجميع، وهو الأمر الذي يجعل أردوغان المضطر لذلك الآن في وضع صعب لا يحسد عليه، ويكسر أنفه، ويجعل كل ما قام به في السابق من سياسات عدائية وكبر واستنزاف الثروات والتعدي على دول عربية ومعاندة ومساندة للاخوان يدفع ثمنه انكسارا وذلا مقابل رأس المال الخليجي الذ وجد فيه الآن المنقذ، وهو ذات الإزلال الذي أضحى بضاعة أردوغان الحاضرة كذلك في التعامل في ملفات التقارب مع كل من مصر والسعودية، وهو الأمر الذي يجعل السلطان العثماني المزعوم الذي قدم نفسه يوما على أنه ذلك الرجل حامي حما العالم الإسلامي، اضحى ذليلا مستجديا مال الخليج من جهة عبر الإمارات، ويتودد لمصر معربا عن استعداده لمزيد من التنازلات حتى ترفع مصر يدها عنه في شرق المتوسط، وكذلك يسعى لاسترضاء المملكة العربية السعودية التي تواترت أنباء عن رفض ولي العهد السعودي استقباله، وهو الأمر الذي جعله يعاود ابتزاز المملكة عبر طرح ملف خاشقجي مجددا على الطاولة في ابتزاز مفضوح من قبل اردوغان ومعاونيه، وهو الأمر الذي ربما لم يحظى هذه المرة بالزخم الإعلامي المرجو منه بعد المصالحة السعودية القطرية، مما قصر طرح الملف على المنابر الاعلامية الاوروبية المستنفرة بطبيعتها دوما ضد العرب .

اردوغان تحدث بأنه ستكون هنالك خطوات مشابهة فيما يتعلق بالسعودية ومصر ودول اخرى هل سنشهد عودة للعلاقات السعودية المصرية- التركية ؟

نعم اردوغان تحدث عن خطوات مشابهة لكن كما ذكرت سلفا هو يتودد ويخطب ود مصر والسعودية لكن ما تحقق حتى الآن لا يعكس على الاطلاق امكانية ثقة كلا البلدين في أردوغان وسياساته المراوغة والتي تتضمن اغراضا وأطماعا في مقدرات البلدان ويمارس أدورا استفزازية ولديه مشروعا استعماريا ولا تزال أحلام السلطان العثمانلي تراوده، ورغم كل مشكلاته الداخلية يصعب عمليا أن تثق فيه مصر والسعودية بشكل سريع خاصة وأن حجم جرائمه في حق البلدين ففي السعودية تاجر أردوغان بشكل كبير وفيه تزيد وإساءة بملف خاشقجي وسعى بكل السبل لتوريط النظام السعودي في أزمة دولية رغم تسوية الأمر داخليا ومحاكمة متورطين في الجريمة، وبخصوص مصر فقد رعي ومول وساند واستضاف رموز نظام الإخوان لسنوات طويلة في مواجهة الدولة المصرية وساند المرتزقة وساعدهم على اختراق الأمن القومي المصري في ليبيا ولم يتورع عن توظيف كل الملفات المسيئة لمصر وقيادتها ولنظامها وكذلك تورط في دول عربية كسوريا والعراق وليبيا بشكل فيه استغلال لظروفها السياسية والأمنية ، واستولى على مقدراتها وتغول عليها، ولا تزال مصر والسعودية ينتظران مزيد من الضمانات، وهو الأمر الذي جعل مصر توصف المفاوضات الدبلوماسية بينهما على مستوى مساعدا وزيرا الخارجية في البلدين بـ "المفاوضات الاستكشافية" .. مما يعكس عدم الثقة.

جرى الحديث عن أن مصر لديها شروط لعودة العلاقات مابين تركيا ومصر ومنها انسحاب تركيا من الدول العربية وعدم التدخل في شؤونها هل برأيك يمكن ان تنفذ تركيا هذا الشرط؟

كم ذكرنا العلاقات المصرية التركية لا تزال فيها ملفات شائكة منها ملف الإخوان وليبيا وشرق المتوسط والتدخل التركي في أراضي عربية كشمال سوريا والعراق وهي أمور لا تزال صعبة ومعقدة وتركيا تراوغ واكتفت حتى اللحظة بتقديم تنازلات لم ترقى لتطمين القاهرة للتواصل المباشر ولو على مستوى وزيرا الخارجية، ورغم الرسائل الدبلوماسية والتطمينات التركية عبر التصريحات المختلفة الا أن القاهرة دوما تعلق بأنها تنتظر الردود العملية والاجرائية على الأرض من خلال موقف اجرائي واضح من الاخوان، والملف الليبي والتدخل في الدول العربية المختلفة، وبالتالي فأردوغان المضطر يترقب أن يفعل كل شيء لينقذ اقتصاده المنهار وسياساته الفاشلة ونظامه من الانهيار.