أعضاء الديمقراطي الكردستاني سيحزنون ولكن!

ما سأقوله إن من الضروري البحث عن شيء ما وراء التهور والعدوانية الاستفزازية للحزب الديمقراطي الكردستاني، والنهج الحاد الذي يتعامل به في مسألة الهجوم العسكري السياسي على حزب العمال الكردستاني.

إن تزامن التصعيد العدائي للحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) تدريجياً تجاه حزب العمال الكردستاني (PKK)، مع توثيق علاقاتها مع الدولة التركية، يظهر لنا أن مصير الشعب الكردي يُعاد تقريره في هذه المرحلة تحديداً؛ بقدر ما للتطورات الحالية تأثير عميق من الناحية السياسية إلا أن لها أهداف استراتيجية يمتد تأثيرها لقرون قادمة.

وفي الآونة الأخيرة، كانت أهم محطات هذه التطورات هي عمليات الاحتلال التركي التي بدأتها بعملية عسكرية استخباراتية استهدفت حفتانين، إلى جانب تنفيذ الخطة الموكلة إلى المجلس الوطني الكردي (ENKS) في روج آفا وأنشطة بناء قواعد ونقاط عسكرية على الحدود ما بين جنوب كردستان وروج آفا والاتفاقية التي حصلت ما بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستاني بشأن شنكال؛ كلها تمثل أحجار الأساس لهذه الخطة الاستراتيجية الغادرة للصورة الكبيرة التي تصور دفن مصير الشعب الكردي في الظلام، كما أنها تحتوي على رموز مهمة لقراءة هذه الصورة. سأناقش هذه الأمور في مقال آخر، ولكن النقطة التي سأركز عليها هنا هي "الدور الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في الخطط الأربعة و موقفه المتواطئ"

وكل هذا يدل على أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد وضع خطة عميقة وخطيرة للغاية؛ بل من الممكن أن نقول إن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي لم يكن يتجاوز دوره مجرد "بيدق شطرنج"، يسعى لأول مرة لإقامة لعبته الخاصة في اللعبة الكبيرة. هذه اللعبة بقدر ما هي لعبة بسيطة وغير احترافية، لكنها مرعبة ومكلفة في الوقت نفسه. لذلك، أن ما يجري من تطورات حالية ليست كما يقيّمها بعض المثقفين الكرد ذوي النوايا الحسنة، على أنها "اقتتال أخوي" أو مشكلة بين حزبين كرديين هما حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، بل هناك مخطط خطير للغاية خططت له بكل دراية العدو الرئيسي والأكبر والأخطر للشعب الكردي في التاريخ، وهي الدولة التركية الفاشية إلى جانب تواطئ الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) معها.

نظراً لطابعها، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس تنظيماً على ذلك القدر من الشجاعة للدخول في لعبة محفوفة بالمخاطر اعتماداً على قوته الخاصة، كما أن ذلك لم يحدث في السابق أبداً، ولم يحاول قطعاً مهاجمة حزب العمال الكردستاني عسكرياً وسياسياً دون دعم ومساندة الدولة التركية والقوى الدولية. ولكنها فشلت رغم ذلك في جميع محاولاتها. كل ذلك بالرغم من حزب العمال الكردستاني لم يستهدف يوماً الوجود العسكري والسياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني حتى اللحظة، ولم يكن لديه مثل هذه الأجندة. حتى بعد الانجازات والمكاسب التي حصل عليها حزب العمال الكردستاني في جنوب كردستان، لم يحاول الحزب إظهار وجود سياسي وعسكري ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني في جنوب كردستان؛ ولم ينكر إدارة قوى مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني كقوة وطنية ديمقراطية؛ لدرجة أنه في الغالب كان يعتبر مناطق الدفاع المشروع كجبهة خلفية للقوة. لو كانت هناك مثل هذه الأجندة، فإن حزب العمال الكردستاني، الذي فتح ودخل قلوب عشرات الآلاف من خلال أساطير مقاتلي الكريلا الذين يقاومون في جبال جنوب كردستان الجنوبية، كان بإمكانه أن يكسب قرى ومدن كردستان ويكون القوة الحاكمة في جنوب كردستان، لتكون هناك إدارة حرة ديمقراطية أفضل بكثير، لا ينبغي لأحد أن يشك في أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يعرف هذه الحقائق جيداً.

بعبارة أخرى، ما سأقوله إن من الضروري البحث عن شيء ما وراء التهور والعدوانية الاستفزازية للحزب الديمقراطي الكردستاني، والنهج الحاد الذي يتعامل به في مسألة الهجوم العسكري السياسي على حزب العمال الكردستاني. والنتيجة الوحيد التي نستخلصها من خلال قراءة سياسية دقيقة، هي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لو لم يحصل على خطة تمكنه من تصفية حزب العمال الكردستاني فعلياً، وقوى داعمة تقف وراء هذه الخطة، وإن ذلك هو الخيار الوحيد أمامه، لم يكن ليتصرف أبداً بمثل هذا التهور ويظهر مثل هذه "الشجاعة الوقحة".

من الواضح أن لعبة الحزب الديمقراطي الكردستاني لا تسعى لتحقيق المصلحة القومية، كما تعتقد بعض الأوساط القومية الكردية، بل إنها ستقضي على المكاسب الكردية التي تحققت بتكاليف وتضحيات باهظة. في الواقع، أن اللعبة التي أنشأها الحزب الديمقراطي الكردستاني لا تشمل حتى المصلحة الحزبية! بل المشاركة في هذه اللعبة هي "بارزانية" بالكامل؛ إنها أسرة ضيقة تماماً ومصلحة أسرية عشائرية، حيث هدف عائلة البارزاني هو الحصول من القوى الدولية على ضمان للوجود والحماية مع سلامة الأرواح والممتلكات. إن عائلة البارزاني مهددة هي الأخرى مثل أردوغان الذي كسب عداء القوى المهمة والمؤثرة من حوله. هذا التهديد يتجاوز حزب العمال الكردستاني، بل أن القوى التي وضعت هذه الخطة هي التي تضع العائلة البارزانية تحت التهديد وتدفعها نحو خطها السياسي، وبذلك تم تحضير وتجهيز الحزب الديمقراطي الكردستاني لمثل هذه الخطة.

إن التزام الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد الدخول على خط محاربة داعش، والصراع مع الحشد الشعبي، إضافة إلى تحميل إيران جانب من مسؤولية مقتل قاسم سليماني للحزب الديمقراطي الكردستاني واعتباره "حصان طروادة" الأمريكي في المنطقة، كما تعتبره الإدارة العراقية كعنصر توتر ولا استقرار في العراق لصالح تركيا، علاوة على كل ذلك زيادة غضب وامتعاض الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة كوران من التسلط الحزبي للعائلة البارزانية في إدارة أمور إقليم كردستان والغضب الشعبي في جنوب كردستان تجاه قضايا الفساد وسوء إدارة الحكومة؛ جميعها تشكل عناصر تهديد وخطر على كينونة الحزب الديمقراطي الكردستاني، إضافة إلى كل ما سبق ذكره إذا اضطر حزب العمال الكردستاني للدفاع عن نفسه ضد الخيانة والسلوك العدواني الذي طوره الحزب الديمقراطي الكردستاني، فسيكون على رأس كل هذه المخاطر، ومن الممكن إضافتها إلى كل تلك التهديدات الأخرى.

في وقت كان بإمكان كل تلك القوى أن تسقط الحزب الديمقراطي الكردستاني بكل سهول، ولكن لماذا لم يكن الحزب هدفاً لتلك القوى؟ وكيف أمكنّ الحزب البقاء هكذا؟ كيف يمكن لهذا البقاء ضمن المعادلة الإقليمية رغماً عن كل تلك القوى المحيطة؟ بلا شك، هذا بفضل القوى التي تقف خلفها وتحميها وتساندها وتقدم الدعم لها.

ومن الواضح أن هذه التهديدات ستعرف أكثر مع تزايد الاضطرابات في المنطقة. إن القوى الدولية صاحبة هذه الخطة قد قطعت وعداً للحزب الديمقراطي الكردستاني بسلامة أفراد العائلة البارزانية والحفاظ على الكيانات الاعتبارية وضمان الاستثمارات الاقتصادية للعائلة، في مقابل أن تلعب الدور المنسوب إلى العائلة البارزانية في هذه اللعبة الإقليمية وإثبات وجودها كحكومة أمر واقع بإشراف تركيا؛ كما أنها مكلفة بلعب دور "كبش الفداء" باسم الكرد في أي تدخل خارجي محتمل على إيران، فضلاً عن كونها الوصي على حركة النفط الجديدة التي ستتشكل في المنطقة قريباً.

ما سأقوله سوف يزعج القوميين الكرد وأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) الذين يفركون أيديهم فرحاً في انتظار في القضاء على حزب العمال الكردستاني (PKK)، كي يتمكنوا الحصول على القليل من الفتات في خط دويلة جنوب كردستان؛ في هذه الخطة الإقليمية المرسومة بالنار، ستكون العائلة البارزانية هي "الفائزة" الوحيدة فقط في لعبة البارزانيين، دون غيرهم من القوميين الكرد وأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني.