محامي وناشط سياسي سوري يؤكد بأن حزب العمال الكردستاني هو حركة مقاومة تحررية وطنية شعبية

أكد المحامي والناشط السياسي علاء الدين الخالد كالو،بأنه على ضوء نصوص ميثاق هيئة الأمم المتحدة؛ وقرارات الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة؛ وبمقتضى بروتوكول الملحق الأول لإتفاقيات جنيف فإن حزب العمال الكردستاني هو حركة مقاومة تحررية وطنية شعبية .

وتحت عنوان، ما هي الطبيعة القانونية لحق الدفاع المشروع للدول وللحركات المقاومة الوطنية التحررية والشعبية والآثار الناجمة عن ممارسته وتمييزه عما يشابهه؟ ما هو مفهوم حق الدفاع الإستباقي المذموم والمزعوم اللامشروع التي تتذرع بها تركيا في سوريا بشكل عام وفي شمال وشرق سوريا خاصة؟كتب المحامي والناشط السياسي علاء الدين الخالد كالو

" أولاً - الطبيعة القانونية لحق الدفاع المشروع والآثار الناجمة عن ممارسته وتمييزه عما يشابهه :

يذهب غالبية فقهاء القانون الدولي إلى أن حق الدفاع المشروع في القانون الدولي يعتبر حقاً للدول؛ ويعد هذا الحق إستثناء من التجريم؛ أي من المنع العام للجوء إلى القوة؛ ومن ثم فإن حق الدفاع المشروع وفقاً لهذا المفهوم يعد حقاً تابعاً لحق الدولة في حماية وجودها وبقائها وهو ما كان قد عبر عنه مونتسيكو عندما اعتبر أن حياة الدول كحياة الأفراد؛ فلهؤلاء الحق في أن يقاتلوا في حالة الدفاع الطبيعي؛ وللدول الحق في أن تحارب لتحافظ على كيانها ووجودها وسيادتها....

ويترتب على هذا التكييف أن ثمة آثاراً قانونية تترتب على ممارسة حق الدفاع المشروع؛ أبرزها :

نفي الصفة الإجرامية والعدوانية لفعل الدفاع الُمرتكب وإكتسابه الصفة المشروعة بوصفه أحد أسباب الإباحة الُمعتد بها والتي تؤدي إلى نفي صفة اللامشروعية عن الفعل المرتكب والحيلولة دون إيقاع العقاب المنصوص عليه كجزاء لإرتكاب ذلك الفعل؟!.

فأسباب الإباحة هي الأحوال التي يعتبرها القانون سبباً كافياً لتجريد الفعل غير المشروع من صفته الإجرامية وإخراجه من دائرة التجريم وإعادته إلى نطاق المشروعية...

فالفعل الذي يقع في إطار أسباب الإباحة لا يحمل في طياته معنى العدوان على المصالح المحمية قانوناً وهو ما ينطبق على حق الدفاع المشروع؛ ويعتبر هذا التكييف وتلك الآثار معايير التمييز بين حق الدفاع المشروع وبعض الأفعال الأخرى التي تتسم بالطابع العنفي المسلح كما هو حال أفعال العدوان وجرائم الإرهاب الدولي؟!.

فإذا كانت تلك الأفعال تنطوي على أعمال تتسم بالعنف والشدة وصولاً إلى إستخدام القوة المسلحة من قبل الدولة كما هو الحال في جرائم العدوان وإرهاب الدولة وهو ما يقربها من ممارسات حق الدفاع المشروع؛ إلا أن الإختلاف يكمن في المشروعية بإعتبار أن حق الدفاع المشروع يكتسب صفته المشروعة من ميثاق هيئة الأمم المتحدة والعديد من النصوص القانونية الأخرى خلافاً للعدوان والإرهاب، وهي الممارسات التي تم حظرها صراحةً بموجب العديد من المواثيق الدولية والإقليمية فضلاً عن التشريعات الوطنية...

وضمن هذا السياق أيضاً ينبغي فهم العلاقة بين حق الدفاع المشروع وأعمال المقاومة المسلحة باعتبار أن كليهما يشتركان في إكتساب الصفة المشروعة المستمدة من قواعد القانون الدولي؛ وهنا لا يمكن القبول بالرأي القائل نهائياً بأن حق الدفاع المشروع بموجب نص المادة 51 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة  تقتصر ممارسته على الدول فحسب؛ دون الشعوب وحركات المقاومة التحررية بإعتبار أن نص تلك المادة لم يُشر إلَّا إلى الحق الطبيعي للدول؛ ذلك أن دراسة نصوص هذه المادة وتحليلها ربطاً مع بقية مواد الميثاق ومجمل قواعد القانون الدولي تؤدي إلى نتيجة واحدة هي إكتساب حركات المقاومة التحررية شرعية نضالها من نص المادة 51 ذاتها بإعتبار أن العلة المُنشئة لهذا الحق في هذه الحالة وهي العدوان أو الهجوم المسلح تكون متحققة في واقعة الإحتلال أو الإستعمار بإعتبارهما يشكلان عدواناً مستمراً على حق الشعوب في الحرية والإستقلال وتقرير المصير؛ مما يقتضي شمولها بأسباب الإباحة لإستخدام القوة بوصفها تندرج ضمن حالات حق الدفاع المشروع؛ وهو ما كان قد أكده وتبناه العديد من فقهاء القانون الدولي الذين أكدوا بأن الإحتلال العسكري نتيجة العدوان يُعد عملاً غير مشروع بموجب القانون الدولي؛ وبالتالي يُعطي الشعب في الإقليم المحتل أو في الدولة المحتلة الحق في ممارسة حق الدفاع المشروع عن تراب الوطن بجميع الوسائل الُمتاحة لديه؛ ذلك أن حرب العدوان التي يتعرض لها الشعب تخوله قانوناً مباشرة الحق في الدفاع المشروع الجماعي الشعبي ضد المعتدي الذي يجب النظر إليه على أنه عصابة مسلحة مجرمة تمكنت من دخول البيت أي الإقليم أو الوطن بنية سرقته ونهبه؛ ولذلك فإن مقاومة هذه العصابة ومحاربته وطرده تكتسب وصفاً قانونياً مشروعاً بأنها ممارسة لحق الدفاع المشروع عن النفس وعن الأرض....

ولذلك كله فقد إعترف القانون الدولي المعاصر والحديث بالكفاح الذي تخوضه حركات التحرر الوطنية من أجل تقرير المصير؛ إذ يقر للشعوب الواقعة تحت السيطرة الإستعمارية أو الإحتلال الأجنبي أو التفرقة العنصرية الصارخة أن تلجأ إلى الكفاح بجميع الوسائل المتاحة لها بما في ذلك القوة المسلحة وذلك إستثناء من قاعدة عدم إستخدام أو التهديد بإستخدام القوة في العلاقات الدولية وذلك في مسعاها نحو الإعتراف بحقها في تقرير مصيرها وممارسته فعلياً....

وقد تجلى الإعتراف بشرعية أعمال المقاومة الشعبية المسلحة التي تناضل لنيل حقها من أجل تقرير مصيرها من خلال تدويل النزاعات المسلحة التي تكون طرفاً فيها وهذا ما تم بمقتضى البروتوكول الملحق الأول لإتفاقيات جنيف في العاشر من حزيران لعام 1977 وكانت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قد أقرت هذا المبدأ من قبل بموجب عدة قرارات أصدرتها لعل من أبرزها :

القرار رقم 2649/ د - 25 الصادر في عام 1970

والقرار رقم 2852 / د - 26 الصادر في عام 1971

كما تم التأكيد على مشروعية أعمال الكفاح المسلح بغية ممارسة حق تقرير المصير في العديد من القرارات الدولية، مثل :

القرار رقم 3103 / د - 28 الصادر في 12 كانون الأوّل 1973 والذي أكدت فيه الجمعية العامة على أن استمرار الإستعمار هو جريمة؛ وإن للشعوب المستعمرة حقاً طبيعياً في النضال بكل الوسائل ضد الدول الإستعمارية والسيطرة الأجنبية وممارسة حقها في تقرير المصير الذي إعترف به ميثاق هيئة الأمم المتحدة؛ بل وإن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة لم تكتفِ بتقرير المبدأ فحسب؛ وإنما ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما دعت الدول والمنظمات الدولية إلى تقديم كل وسائل الدعم المادي والمعنوي لحركات المقاومة الشعبية المسلحة التي تمارس حقها الثابت والمشروع في الدفاع عن النفس والأرض وفقاً لأحكام ميثاق هيئة الأمم المتحدة ومجمل قوانين وإتفاقيات ومواثيق وعهود وأعراف القانون الدولي؟!.

ثانياً - مفهوم حق الدفاع الإستباقي المذموم والمزعوم اللامشروع :

قلنا قبل قليل بأنه يشترط للإقرار بشرعية أعمال حق الدفاع المشروع وقوع عدوان مسلح حال وقائم بالفعل؛ ومع ذلك فقد ذهب بعضهم إلى إباحة أعمال الدفاع المشروع حتى في حالة عدم وجود عدوان حالٍّ واقع على الدولة؛ ومن هذه الدول على سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا مستندين في ذلك إلى نظرية حق الدفاع المشروع الإستباقي المذموم التي تعطي للدولة حق استخدام القوة المسلحة على سبيل الوقاية قبل وقوع العدوان بهدف تجريد العدو مما يملك من وسائل القوة حتى لو كان الخطر غير حال وإنما قد يقع مستقبلاً؟!.

كما يجوز من وجهة نظرهم استخدام حق الدفاع المشروع مجرد سماع تهديدات موجهة ضد الدولة؛ بل وتمادوا أكثر وقالوا إن حق الدفاع المشروع جائز لرد عدوان قد يقع بعد خمسين عاماً حمايةً للأجيال القادمة؟!.

ويرى أنصار هذا الرأي العدواني بأن نص المادة 51 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة لا تعكس بدقة حالة حق الدفاع المشروع وفقاً لقواعد القانون الدولي العرفي التي كانت سائدة من قبل والتي لم تكن تقيِّد ممارسة حق الدفاع المشروع بوقوع عدوان حالّ وفعلي وإنما كانت تجيز للدولة استعمال القوة حتى لو كان الخطر غير حالّ وإنما قد يقع مستقبلاً؛ وهم يزعمون ويتذرعون بأن الدول التي تستند إلى حق الدفاع المشروع الإستباقي المذموم إنما ترده إلى قانون طبيعي في حق الدفاع المشروع؛ لا إلى نص المادة 51 التي لا تمثل إلا مظهراً واحداً من مظاهر الدفاع الشرعي هو حالة العدوان المسلح الذي وقع بالفعل ولا تغطي الحالات الأخرى؟!.

كما أنهم يزعمون ويتذرعون بأن سندهم يوجد في نصوص الميثاق ذاته؛ فالعبارة الواردة في صدر المادة 51 التي تقول (... ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول..) تثبت النية في عدم تقييد حق الدفاع المشروع بأي صورة من الصور كانت؟!.

ولكن بالمقابل وعلى عكس ما يتذرعون وما يزعمون به؛ فإنه يؤكد غالبية فقهاء القانون الدولي على مستوى العالم بأن تلك المزاعم والذرائع إنما تمثل محاولة للتلاعب بالألفاظ بهدف تبرير سياسات وممارسات عدوانية لا أساس لها في القانون الدولي العرفي؛ ولا في نصوص ميثاق هيئة الأمم المتحدة وبصورة خاصة نص المادة 51 منه، ولهذا فقد تعرضت تلك النظرية لإنتقادات حادة وشديدة من جانب كبار فقهاء القانون الدولي؛ كما رفضتها محكمة العدل الدولية في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية بين أمريكا ونيكاراغوا في عام 1986 وتلخص أبرز تلك الإنتقادات في عدم صحة المزاعم والذرائع بأن حق الدفاع المشروع الإستباقي يتوافق مع قواعد القانون الدولي العرفي باعتبار أن الممارسات التي كانت سائدة من قبل إنما كانت تقوم على اعتبارات سياسية محضة وليست قانونية؟!.

ومن ثم فإن الفكرة القانونية لحق الدفاع المشروع لم تأخذ مكانها الصحيح إلا عندما تم فيها تبني تحريم القوة بموجب ميثاق هيئة الأمم المتحدة وهو ما تمسك به القاضي آريشاجا الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية.

كما أن الأخذ بنظرية حق الدفاع المشروع الإستباقي المذموم والمزعوم يفتقر إلى السند القانوني لأنها تلغي بذلك أحكام الفقرة الرابعة من نص المادة الثانية من ميثاق هيئة الأمم المتحدة والذي يحظر استخدام القوة إلا للرد على هجوم مسلح من جهة؟!.

وتشوه فكرة حق الدفاع المشروع القانونية المنصوص عليها في المادة 51 من جهة ثانية؟!.

كما أن تفسير تلك المادة على نحو يشرعن أعمال حق الدفاع المشروع الإستباقي المذموم  والمزعوم إنما يخالف قواعد تفسير النصوص القانونية الدولية كما هو متعارف عليها...

أضف إلى كل ما سبق بأن الأخذ بتلك النظرية المزعومة هو أمر سيزيد من حدة الفوضى في العلاقات الدولية لأنه سيعطي الحق عندئذ لأي دولة أن تزعم وتتذرع بوجود خطر محتمل ومزعوم وإفتراضي تمثله دولة أخرى أو شعب ما يُتيح لها استخدام القوة بصورة تقديرية وإنفرادية وهو ما سيشكل ستاراً لإرتكاب المزيد من الحروب وجرائم العدوان وهو ما يحدث اليوم بالفعل في العالم المعاصر عامة؟!.

وفي شمال وشرق سوريا من قبل تركيا خاصة؟!.

ولهذا فإن أغلب من يتمسكون بأفكار حق الدفاع الإستباقي المذموم هم من الجهات التي عرف عنهم الميل إلى الحروب والعدوان؛ والتهجير والقتل والإبادة؛ ومثال ذلك :

إسرائيل التي تمسكت بهذه الذريعة خلال عدوانها على الدول العربية في أكثر من مناسبة؛ كما هو الحال في عدوان 1967 وعدوانها المتكرر على لبنان؛ وعلى سوريا إلى يومنا هذا....

وتركيا تتمسك أيضاً بهذه الذريعة الخلبية الوهمية مستخدمة كافة أنواع الأسلحة وإقدامها على إحتلال أجزاء من الأراضي السورية المتمثلة في عفرين عام 2018 وسري كانيه/ رأس العين  وكري سبي/ تل أبيض عام 2019 ناهيك عن إحتلالها لكل من جرابلس والباب وإعزاز وإدلب؛ وارتكابها لجرائم شبه يومية متكررة بحق الشعب الشعب السوري عامةً؛ وبحق الشعب الكردي في شمال وشرق سوريا خاصة؛ الغاية منها هو تهجير الشعب الكردي وإجراء تغيير ديمغرافي ممنهج؛ وإبادة الشعب الكردي لضرب مشروع الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية تحسباً وخوفاً من تمددها إلى داخل تركيا؟!.

كما كانت إحدى الذرائع الكثيرة والمتناقضة التي تمسكت بها الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير عدوانها على العراق وإحتلاله في عام 2003

فهذه الحجج والذرائع الوهمية والخلبية الكثيرة والمتناقضة لبعضها البعض وللواقع والتي تتمسك بها كلاً من إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية تتنافى كلياً على نحو ثابت ومطلق مع قواعد القانون الدولي المتفق عليه الذي يرفض كل ذرائع وكل مزاعم وكل مبررات العدوان المرتكب تحت ستار حق الدفاع المشروع الإستباقي المذموم والمزعوم؟!.

لذلك من خلال هذا البحث القانوني أستطيع أن أستخلص النتائج التالية :

لا مشروعية ولا شرعية قانونية دولية وأممية لمفهوم حق الدفاع الإستباقي المذموم والمزعوم؛ ولا تمت بأي صلة إلى نص المادة 51 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة والتي تتذرع بها تركيا ضد سوريا بشكل عام وشمال وشرق سوريا بشكل خاص؟!..

من حق جميع حركات التحرر والمقاومة الوطنية والشعبية ممارسة وإستخدام حق الدفاع المشروع عن نفسه وعن بيته وعن إقليمه ووطنه ولا يجوز تصنيفها ضمن قوائم الإرهاب بمختلف درجاتها؛ بل على العكس بأن استمرار العدوان والإحتلال والإستعمار هو جريمة بحد ذاتها؛ وإن للشعوب المستعمرة حقاً طبيعياً في النضال بكل الوسائل ضد الدول الإستعمارية والسيطرة الأجنبية وممارسة حقها في تقرير المصير؟!.

3-على ضوء نصوص ميثاق هيئة الأمم المتحدة؛ وقرارات الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة؛ وبمقتضى بروتوكول الملحق الأول لإتفاقيات جنيف الصادر في العاشر من حزيران لعام 1977 وإستناداً إلى آراء خبراء القانون الدولي فإن حزب العمال الكردستاني هو حركة مقاومة تحررية وطنية شعبية؛ إنتقلت من مرحلة النضال السياسي إلى مرحلة النزاع والكفاح المسلح المشروع بسبب تعنت الدولة الأمنية التركية وسياسات الرعنة والمتهورة والعدائية والعدوانية والإستعمارية من أجل تنفيذ بنود الوثيقة الملِيِّة وإعادة أمجاد الخلافة العثمانية ؟