كري صور: حصن المقاومة ضد الفاشية التركية | الجزء الثالث

كل أربعة أيام، كان يتم إشعال النيران. ولتهدئة أصدقائه، اعتاد الرفيق بوطان أن يقول: "لا جدوى من الإفراط في تناول الطعام من أجل اكتساب الطاقة. في نهاية اليوم، يحصل جسمنا على ما يحتاجه سواء كنا نأكل طبقاً أو ملعقة طعام".

كل أربعة أيام، كان يتم إشعال النيران. ولتهدئة أصدقائه، اعتاد الرفيق بوطان أن يقول: "لا جدوى من الإفراط في تناول الطعام من أجل اكتساب الطاقة. في نهاية اليوم، يحصل جسمنا على ما يحتاجه سواء كنا نأكل طبقاً أو ملعقة طعام." لم يبقى في النفق سوى نصف كيس أرز، وبضعة حفنات من الدقيق، وكيس ونصف من الفاصوليا، كان هذا هو حجم الإمدادات، ولا شيء آخر.

قامت وكالة فرات للأنباء (ANF)، بجمع تفاصيل مقاومة كري صور التي استمرت 80 يومًا من روايات مزكين دالاهو وأرمانج سمكو وتكوشين دفريم الذين شاركوا في المقاومة. في الجزء الثالث من سلسلة التقارير نقدم أليكم تفاصيل جديدة عن مقاومة الكريلا ضد الفاشية التركية.

لم يوافق أحد على مغادرة كري صور

بعد إغلاق بوابة القمة في النفق، أجريت مراجعة عامة بمشاركة جميع عناصر الكريلا. ذكر بوطان أن الوضع يمكن أن يتفاقم، وأن هناك عجزًا في الإمدادات، وأنهم لن يتركوا التل حتى لو نفدت الإمدادات، وأنهم سيقاومون حتى لو اجبروا على شرب المياه المحلاة، وأن أي شخص غير مستعد لذلك. يجب أن يخبرهم بموقفه.

كان بوطان يفكر بالفعل في استبعاد مجموعة بسبب نقص الإمدادات. وقال إن أولئك الذين يرغبون في المغادرة يمكنهم التحدث. أجاب الجميع بانهم لن يتخلوا عن التل. تناوبوا جميعًا على التحدث، معلنين أنهم سيقاومون حتى النهاية واعلنوا التزامهم بالمقاومة. تعهد الجميع مرة أخرى بعد التوصل إلى اتفاق. بعد كل شيء وبعد ملاحظته تمسكهم بالمقاومة، لم يرسل بوطان أي شخص بعيدًا. أراد بوطان إرسال الرفيقة دلال بعيدًا لأنها كانت جديدة، لكن لم يرغب أحد في المغادرة، لذلك بقيت هي أيضاً هناك حتى اليوم الأخير.

تسمم الرفيق باز واستشهاده بالغازات الكيماوية المحرّمة دولياً

كانت هناك خطة لإعادة فتح بوابة جارجيلا واتخاذ إجراءات هناك، لكن الأرض كانت تتغير باستمرار، مما يجعل من الصعب الحفر. في 6 تموز يوليو، كانت دلال تشرف على حراسة بوابة جارجيلا. جاءت لتبلغ رفاقها بعد سماعها خطى الجنود. ركض باز وسرهلدان إلى الطابق العلوي حاملين بنادقهم. نفذ العدو عملية تفجير فور اقتراب باز من المتاريس لاستراق السمع ومعرفة تحركات الجنود. تأثر باز فقط بالضغط والغاز. مع الانفجار في ذلك اليوم، استخدم العدو أيضًا الغازات الكيماوية. كان لهذا الغاز رائحة منظف غسيل وكان له لون أبيض.

لم يكن وضع باز الصحي سيئًا جدًا في البداية؛ لقد فقد شهيته فقط ولم يستطع تناول الطعام، لكنه كان بخير بشكل عام. بيد أنه لم يستطع النوم على الإطلاق، وكان يعاني من ضيق صدر. كان باز يعاني من صعوبة في التنفس بعد الساعة العاشرة مساءً، وبدا وكأنه يخنق. تم استدعاء أخصائي الرعاية الصحية الرفيق أرمانج. كان قلبه يتسارع. كان نبضه قويًا وغير منتظم وسريعًا. تعافى باز قليلاً عندما أعطاه أرمانج حقنة. أراد الاستيقاظ في حوالي الساعة 5:00 صباحًا، لكنه لم يستطع النهوض مهما حاول. كان ذلك كثيرًا بالنسبة لأوزغور ومزكين أيضًا. لقد شرب الكثير من الماء. كان قد شرب كمية كبيرة من الماء حتى ساعتين قبل استشهاده. تم استدعاء أرمانج مرة أخرى عندما أصبح وضع باز سيئاً مجدداً. تجمع كل الكريلا هناك. انهار باز قبل أن يصل إليه أرمانج. صفعه مزكين عدة مرات لإيقاظه، لكن كل ما رأوه كان رغوة صفراء تخرج من فمه وأنفه، وصدور الكثير من الأصوات من منطقة الصدر. كان باز قد استشهد بحلول الوقت الذي وصل فيه أرمانج. قام بتطبيق إجراءات الإنعاش القلبي الرئوي عدة مرات ولكن لم يكن هناك رد فعل. توقف نبضه. كان أرمانج يقوم بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي ويبكي دون توقف. على الرغم من استشهاده، استمر في تطبيق إجراءات الإنعاش القلبي والرئوي لمدة عشر دقائق دون انقطاع. حاول بوطان أن يضع حداً له بقوله: "أرمانج! باز استشهد!" كانت صداقة وأرمانج وباز مختلفة، وفي تل سليمان كانا معتادين على بعضهما البعض كما كانا بمفردهما هناك. لهذا السبب وجد صعوبة بالغة في تقبل استشهاده.

إطلاق اسم الشهيد باز على الموقع

لقد حزن الرفاق بشدة على استشهاد الكريلا باز، وساد الهدوء في المخيم لمدة أسبوع، لكنهم سعوا للتغلب على حزنهم. خطط المقاتلون لدفن جثمان الشهيد باز في الخارج، على الأرض بالقرب من البوابة الرئيسية، لكن العدو قد يكتشفه أو تقصفه الطائرة. ثم قرروا دفنه في مكان آخر سمي باسمه "موقع الشهيد باز". كان اسمه ولقبه مكتوبين على صندوق وُضِع على طرف رأسه. وكان متوقعا أنه إذا غادرت قوات الاحتلال أو تحسنت الاوضاع العسكرية، يمكن أن يتم إبعاده عن تلك المنطقة.

الرفيق باز كان يرافق مام زكي شنكال أثناء استشهاده

وجاء باز من منطقة كفر (في هكاري). تدرب المقاتل الشاب في زاب وأقام في شنكال مع مام زكي. وقد أصيب في الهجوم الذي أسفر عن استشهاد مام زكي. تم تدريبه ونقله إلى الجبل بعد العلاج. كان مقاتلاً متمرسًا في حرب الكريلا.

 

عندما عاد إلى الجبل، استقر على جبهة باسيا، على تل سليمان، ومكث هناك لمدة عامين. كان تل سليمان التل الحدودي للمقاطعة. لم يكن هناك حركة ذهاب وأياب لتلك المنطقة ؛ ربما مرة واحدة في السنة، قد يأتي شخص من القيادة. كانت بعيدة جدًا عن المقاطعة، لكن باز كان متواجداً في هذا التل بوحدات صغيرة جدًا في ظروف لا يستطيع الجميع التكيف معها بسرعة. حتى عندما يرى المرء باز، يمكن للمرء أن يشعر بالارتياح ويمكنه مناقشة ومشاركة أي شيء معه. كان دائمًا منفتحًا على المناقشات. على الرغم من التحديات الهائلة والمستحيلات في تل سليمان وكارتال ومؤخراً كري صور، فقد بذل جهدًا منقطع النظير وقاوم حتى النهاية.

باز: ليس الشهيد الأول ولا الأخير

كان الرفيق باز أول ضحية للهجمات الكيماوية للعدو في الكهف، والتي كان لها بالطبع آثار على رفاقه، لكنه غرس في نفوسهم جميعًا شعورًا بالانتقام. أدرك الجميع أن باز لم يكن الشهيد الأول ولا الأخير. اشتد عزمهم وزاد غضبهم وأراد الجميع التحرك وضرب العدو. كان بوطان موجودًا من أجلهم جميعًا، وحاول بكل طاقته العمل على تقليل الانفعالات العاطفية إلى الحد الأدنى.

تم تعزيز بوابة جارجيلا بالكامل. كان من المفترض أن الانفجارات لن يكون لها تأثير عليها بعد الآن. على أي حال، لم يقم العدو بتفجيرات هناك حتى اليوم الأخير. كانت الأيام التالية هادئة نسبيًا. عندما قام العدو بتفجير القنابل على منطقة القمة لم يكن هناك رد في تلك المنطقة. لم يقدموا على مزيدٍ من الهجمات في تلك المنطقة. ربما قاموا أيضًا بتدميرها تمامًا وهو ما لم يكن معروفاً لأنه لم يذهب أحد إلى القمة بعد إغلاق ذلك القسم. الهيمنة على القمة لم تعد موجودة. تضاءلت الهيمنة على العدو بمجرد إغلاق بوابة جارجلا.

لاحقًا، في 13 يوليو / تموز، استخدم العدو مواد كيميائية فتاكة للغاية عبر بوابة جارجلا، وعلى الرغم من المحاولات المختلفة، تسرب الغازات من الممرات لمدة ساعة تقريبًا. كانت رائحتها ومذاقها مثل السكر، تمامًا مثل المرة السابقة.

صرخات العدو كانت تُسمع من الأنفاق

بعد أن أغلق الكريلا بوابة جارجلا وبوابة القمة، انتقل العدو إلى خط المواجهة المواجه لـ ساحة كوفند. كان من الممكن سماع أصوات الجنود من القمة، لكنهم لم يتمكنوا من المضي قدمًا من هناك. لأنهم احتاجوا إلى التعلق من هناك بالحبال. ذات يوم لوحظ أن جنديا من الخارج كان يوجه جنديا آخر. كان أحد الجنود يحاول رمي متفجرات إلى الداخل. فجأة كانت رائحتها مثل المواد الكيميائية. قاموا بتفجير الغازات، لكن بسبب عدم كفاية حبالهم، لم يتمكنوا من الدخول، ولم يتأثر المقاتلون كثيرًا.

 ثم شقوا طريقهم إلى وضع في الطابق الأوسط. كان نفقًا، لكنه كان على شكل موقع. النفق، على سبيل المثال، به 6-7 نوافذ. قام المقاتلون الذين بنوا الأنفاق بعمل نافذة تسمح لهم بمراقبة كل نقطة في الساحات. إحداها كانت تطل على ساحة ليلك، وأخرى على  خابوشكة، وأخرى على ساحة هليكوبتر، ونافذة على ساحة كوفند. وقد ضربت الطائرات هذه البوابات من قبل. كانت انفجاراتهم تزداد قوة. كانوا يستخدمون متفجرات تزن 50 رطلاً من حين لآخر. كثيرا ما استخدم الكريلا القنابل اليدوية لضرب العدو. تم نصب كمين للعدو وتفجير العبوات الناسفة عند سماع وقع الأقدام. تمركز العدو في موقع الشهيد تكوشين. كان المقاتلون يطلقون القنابل على العدو من الجانب المواجه ساحة ليلك، على أمل إيقاف تمركزهم. يمكنهم فعل ذلك بسهولة بالنيران الكاسحة. كانت صرخات الجنود الأتراك تملئ الأنفاق كلما أطلقت رصاصة أو قنبلة.

الرفيق أرمانج أول المصابين

ذات يوم، كان أرمانج وسرهلدان في المناوبة من الساعة 10:00 حتى 12:00. سُمع صوت العدو قادم من بوابة الشهيد تكوشين. ذهبوا إلى هناك لأن لديهم إمكانية الخروج من موقع ليلك. خرجوا، وألقوا قنابل، وأطلقوا النار، وعادوا إلى الداخل للفت انتباه العدو. كان الأشخاص الموجودين في تل ليلك يراقبون كري صور لأنهم كانوا يخرجون بانتظام ويطلقون النار من هناك. نفذوا تفجيرًا بعد أن وقف أرمانج هناك قليلاً. كان الاحتلال يعتقد أن الدبابات قد أصابت أرمانج هناك، لكن أرمانج دفع نفسه إلى الداخل دون أن يصاب بأذى. ألقى سرهلدان قنبلة وفتح النار للرد بعد الانفجار. "العدو في الخارج يبحث عن جثتك"، قال سرهلدان لأرمانج، نصف مازح. بينما كان عائدا إلى الداخل، كان أرمانج على الجرف، وقام العدو بتفجير عبوة ناسفة. بينما اعتقد العدو أن أرمانج قد سقط، إلا أنه وبفضل خفة حركته، ألقى بنفسه في الداخل، حيث سقط حذاء واحد فقط من الجرف.

 

عندما وصل العدو إلى المكان تكررت الانفجارات. عانى أرمانج من الإصابة الأولى في العشرين من تموز. أصيب جراء انفجار وهو في طريقه لتفقد المواقع. هرع تيكوشين وأوزغور إليه. مزق الضغط كل ملابس أرمانج. الرفاق اصطحبوا أرمانج وعندما وجد صعوبة في التحرك في الممرات، حمله تيكوشين إلى الفرقة. كانت عينه منتفخة ومصابة بكدمات وبحالة سيئة. كان دائما يحاول أن يبدو فَرحاً وبعزيمة قوية أمام رفاقه.

سرهلدان يتعرض لإصابة بعد يومين

بعد ذلك بيومين، كان المقاتلون يصنعون لغمًا يشبه القنبلة اليدوية لرميها باتجاه العدو. خطط سرهلدان لإلقاء اللغم، بينما كان مزكين يستعد لتفجيره. بالتزامن مع تحركهم لرمي القنبلة، اكتشوفا أن العدو قد زرع متفجرات في الأكياس وقاموا بربطها إلى بوابة ليلك. احتضن سرهلدان رأسه بين ذراعيه وألقى بنفسه على الأرض عندما وقع انفجار أدى إلى إصابته. حمله تكوشين وبوطان إلى مكان آخر. كانت هناك عربة صفراء كبيرة بالجوار في النفق. تحولت تلك العربة لفترة طويلة إلى سيارة إسعاف. كل من أصيب كان يتم تحميله على تلك العربة ونقله إلى الرفاق. وكان الشخص الذي يقود العربة يصدر صوت سيارة إسعاف ويصرخ "إسعافات أولية" في الممرات. على الرغم من الإصابات والآلام في كري صور، فقد ظهرت بوادر النصر والتي كانت تساهم في رفع الروح المعنوية، حتى في وسط كل تلك السلبية. نتيجة لذلك، كان للإصابات تأثير ضئيل على نفسية هؤلاء المقاتلين. أصيب سرهلدان في عدة أجزاء من جسده. أصيب بعدة جروح عميقة، أخطرها نزيف لا ينتهي في ذراعه. لفترة طويلة، لم يستطع الوقوف، لكنه كان واعيًا وقادرًا على الكلام. كانت هذه هي المرة الثانية التي يصاب فيها مقاتل. لم يستطع سرهلدان التعافي سريعًا لأنه فقد الكثير من الدم، واستلقى على الأرض لفترة طويلة.

بدأ العدو في تحقيق نتائج من التفجيرات في هذا الموقع، ولم تعد قوات الكريلا تستخدم هذا الجانب من الأنفاق كما في السابق. انخفض عدد مقاتلي الكريلا في الحراسة بعد إصابة أرمانج وسرهلدان. ولأن الجرحى كانوا في حالة سيئة في الأيام الأولى، بقي أحدهم معهم. كانت هناك بعض التحديات بعد إصابة سرهلدان. كانوا منهكين. عندما ذهبوا إلى الجرحى كانوا يبتسمون ويتحدثون، لكن كان من الواضح أنهم مرهقون. بسبب إصابة اثنين من مقاتلي الكريلا ، تحملت المقاتلات معظم العبء إلا أنهن لم يظهرن أنهن منهكات أو متعبات.

القائد بوطان يتعرض للإصابة بصاروخ

بينما كان الرفيق بوطان في طريقه للتحقق من الموقع بعد أسبوع، أطلق العدو صاروخًا من تل ليلك صوب بوابة ليلك. تحدى بوطان خوفه وقفز حوالي 10 أمتار، وانهار على الحائط. كان بوطا قوياً بشكل ليس له مثيل. عاد بنفسه قبل أن يهرع الآخرون إليه رغم إصابته. قال لمن اقتربوا منه: "أنا بخير، دعوني وشأني". نهض وذهب إلى المقاتلين الآخرين. لقد كان قوي الإرادة حقًا، ولم يستسلم أبدًا. كان يعلم أن مقاتلي الكريلا يكتسبون القوة منه وأنه بحاجة إلى التعافي على الفور. تم تقديم طعام منفصل للجرحى، لكن بوطان لم يقبله. وكان هذا "الطعام الخاص" عبارة عن طحين مع بعض الشاي فيه حتى لا يكون ثقيلاً على المصاب. قال الرفاق له: هذا طعام خاص للمصابين. لم يكن بوطان يريد ذلك حتى. كانت إحدى أذنيه ممزقة وكان يعاني من مشاكل كبيرة في صدره، لكنه سرعان ما تعافى. الآن بعد أن مُنع من البقاء في حالة تأهب، كان الرفاق يضايقونه مازحين: "الرفيق بوطان، لقد افتقدك العدو هذه المرة". فأجاب: "لم يتمكنوا من فعل أي شيء لمدة 12 عامًا، ولا يمكنهم فعل ذلك الآن".

بوطان: قائد المقاومة في كري صور

لقد تأثروا جميعًا عندما أصيب الرفيق بوطان لأنه كان دوماً في طليعة الحرب. كان لهذه الإصابة تأثير سلبي على مزاج الجميع. من ناحية أخرى، تعافى بوطان سريعاً وعاد إلى الانضمام بنفس الحماس والعاطفة. أصيب بوطان من قبل. أصيب في ركبته، وفقد الرؤية في إحدى عينيه، وفقد إصبعين من يده اليمنى. لقد أصيب عمليا في كل مكان من جسده. كان دائم النشاط والحركة رغم كل ما تعرض له. قال: "يجب أن أكون بين رفاقي". كان هو القائد في المنطقة، وكذلك طباخًا وطبيباً في بعض الأحيان. باختصار، كان كل شيء بالنسبة إلى كري صور. لقد كان في كل مهمة، وكان جميع الكريلا هناك لمساعدته بأي طريقة ممكنة. على سبيل المثال، عندما تسمع أصوات القوات، كان بوطام دائمًا أول من يتحرك ويسقط القنابل على العدو.

كان دوماً في مقدمة الهجمات. قال له المقاتلون: "أنت تعطي الأوامر ولكنك تقوم بها بنفسك. أنت قائدنا، إذا حدث شيء لك، لا يمكننا تحمل هذا"، فرد عليهم، "أنتم جميعًا أوجلانيين، لديكم جميعًا قوة الإرادة. ستفعلون كل شيء مرة أخرى حتى لو حدث لي أي مكروه. ومهما حدث، يجب ألا نعيق أنفسنا، لأن العدو جبان للغاية لدرجة أنه حتى لو سمع أحد الرفاق يتنفس في هذه الأنفاق، فلن يتمكن من الاقتراب منها . "

نصف كيس أرز والقليل من الدقيق وكيس واحد من الفول

بعد استشهاد باز، تم تحصين بوابة جارجلا ونادرًا ما تم استخدامها. كان من المعروف أنه في مثل هذا الكهف، لا يستطيع العدو مهاجمة جميع الطوابق في نفس الوقت. لأن مواقع المستوى المتوسط ​​كانت منحدرات، لم يتمكن الجنود من الدخول أو الخروج. وبدلاً من ذلك، بدأوا برمي المتفجرات بالحبال. كان بوطان ودلال عادة في الطابق الأوسط ولم يرقدا للنوم أبدا. كانا ينقلان الطعام باستمرار، وكان التواصل مفتوحًا على مدار 24 ساعة في اليوم. كانا مسؤولين عن كل ما يتعلق بالمقاتلين. تمت الإشارة إليهم باسم "منسقي الحرب لدينا". وقالوا: "هذه المنطقة تحت سيطرتنا. إذا نزلت القوات إلى هذا الطابق، فسنمسكهم من أقدامهم وننزلهم ؛ هذا الموقع هو موقع الشرف". كانت دلال شابة ورأت العدو لأول مرة، لكنها كانت حريصة وحازمة.

كل أربعة أيام، كان يتم إشعال النار. لا توجد إمدادات يمكن العثور عليها. من أجل إراحة رفاقه، اعتاد بوطان أن يقول "لا فائدة من تناول وجبة دسمة للحصول على الطاقة، وما إلى ذلك. في نهاية اليوم، يحصل جسمنا على القدر الذي يحتاجه سواء أكلنا طبقًا أو ملعقة طعام." اعتنى بوطان بالخدمات اللوجستية. لم يتبق سوى نصف كيس أرز، حفنة قليلة من الدقيق، كيس ونصف من الفاصوليا. كان هذا هو مدى الإمدادات، ولا شيء آخر. تم تحضير حساء الأرز، لكن بالكثير من الماء. كان يأكل شيئًا لمجرد الحفاظ على حياته ومراقبة الأشياء. لم يأكل أحد لمرحلة الشبع. السكر والملح لم يكونا موجودين. لقد اعتدنا على أن جميع الأطباق كانت خالية من الملح. عندما تم طهي الفاصوليا، لم يتم غليها كثيرًا، قال بوطان توقفوا عن غليها "عندما تصبح صالحة للأكل" ووضع بعض معجون الطماطم فيها. فقط الجرحى كانوا من المستفيدين قليلاً. كنا نطبخ لهم بيلاف من البرغل الصغير المدخر لهم.

بوطان: مصدر القوة والعزيمة لكل المقاتلين

كان بوطان يواظب على مقولته لجميع الرفاق: "حتى لو حدث شيء لنا هنا، فإن الرفاق سيقومون بإحياء ذكرانا ويخبرون باقي الرفاق عن قتالنا ومقاومتنا بروح كمال وزيلان". لا أريد أبدًا أن ينحصر أصدقائي في دائرة العدو هذه، خاصةً بدون طعام، لكنني سأبقى وأقاوم العدو حتى أخر قطرة من دمي. "لم يكن يقول هذه الأشياء فقط لزيادة حماس المقاتلين؛ لقد ان مؤمناً برفاقه ومؤمناً بالفكر الأوجلاني ولأنه يؤمن به، كان ل الكريلا ينصتون له. كان المقاتلون جميعاً يكتسبون القوة والعزيمة من كلماته. ولم يكن نقص الإمدادات مشكلة بالنسبة لهم. لم يكن أحد معنيًا، ولم يقل أحد إنهم لا يستطيعون الصمود بدون الإمدادات. تم الاحتفاظ بكمية صغيرة من مصل اللبن جانبًا لحالات التسمم. كان الطعام قليلًا جدًا بالفعل، ولم يتمكن أحد من الحصول على ما يكفي منه، لكنهم كانوا يحاولون تشجيع أنفسهم، وشرب مصل اللبن. أصبح بوطان مُدرِبًا للحياة وجعل من المستحيل ممكناً وكان ذكياً لدرجة لا تعقل ونشيطاً.

إصابة أوزغور

بعد وقت قصير من إصابة بوطان، انخفضت كثافة العدو. كان العدو يركز الآن على التمركز عند التل، محاولًا إغلاق مدخل الشرفة، حيث تتدفق غالبية الهواء إلى الانفاق من خلال تلك البوابة. كل يوم، كان العدو ينقل الأتربة ويحاول إغلاقها، وكان المقاتلون يذهبون إلى هناك كل ليلة لفتحها. عندما فجر العدو عبوة ناسفة على جانب ساحة الشهيد تكوشن تم فتح البوابة. قال المقاتلون إنهم لن يغلقوا تلك البوابة مرة أخرى، وإذا وصلوا، فسيكونون بانتظار العدو. لقد أرادوا القيام بعمليات هناك على أي حال. انقطع الاتصال مع الجبهات العليا بعد إغلاق القمة، ولم يعرف ما يفعله العدو.

بينما كان أوزغور يحاول ملاحقة العدو في 20 أب أغسطس، وقع انفجار بينما كان يمد رأسه. حاصره الضغط تحت الأكياس. بسبب الغبار، لم يكن من الممكن رؤية أي شيء، ووصل بوطان إليه وعندما تم رفع الأكياس الموجودة عليه. وقال "لا تصدر صوتا حتى لا يعرف العدو أنك مصاب". كان المقاتلون قد وضعوا صناديق معجون الطماطم هناك لإصدار صوت عند وصول العدو. تبعثرت هذه الصناديق في كل مكان نتيجة ضغط الانفجار وتضرر رأس أوزغور بشدة بشظية من تلك الصناديق. كان وجهه كله محترقًا. تم وضع أوزغور مرة أخرى في سيارة الإسعاف الشهيرة وتم نقله إلى الوحدة العامة المعروفة باسم وحدة الإسعافات الأولية. كانت الحالة المزاجية الإيجابية للمصابين هي السبب الذي جعلهم يستمرون في مثل هذه المواقف الصعبة.

لم يكن لدى المقاتلين خبرة كبيرة في طرق استخدام العدو للمتفجرات. أصيب كثيرون حتى اعتادوا على تكتيكات العدو. لم يكن معهم الكثير من الإمدادات الطبية. كانوا يسحبون الأقمشة ويخيطونها بالأسلاك ويستخدمونها كأكياس. كل من نزل إلى الطابق السفلي للحراسة كان عليه أن يخيط الأكياس. حدثت العديد من الانفجارات في المواضع، وكان هذا هو الوقت الذي حدثت فيه معظم الإصابات. كانت الإمدادات الطبية قليلة. تم استخدام جميع الإمدادات عندما أصيب سرهلدان. ونظرًا لندرة الإمدادات، قاموا بقص القمصان الداخلية قطعة قطعة واستعمالها في تنظيف الجروح واستخدامها كضمادات.

يتبع…