بدران جيا كرد : يشكل تحرير عفرين القضية المحورية والاستراتيجية لنضالنا على كافة المستويات

قال نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية بدران جيا كرد بأن التحرك الاخير للمجموعات الارهابية باتجاه عفرين هي عملية استخباراتية تركية بامتياز لجعل عفرين ساحة للقتال وتهجير ما تبقى من اهلها الاصليين وتدمير ما تبقى من المنطقة .

الأزمة تزيد من معاناة الشعب السوري

اجرت وكالة فرات للأنباء ANF لقاء مع نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية بدران جيا كرد والذي تحدث بدايةً عن الوضع السياسي السوري قائلاً " تشهد الساحة السياسية السورية وضعاً عقيماً وانسداد كلي امام اي تطور باتجاه الحل السياسي. وأما ما يقال عن نقاشات "اللجنة الدستورية" فما هي إلا عبارة عن مراوغة سياسية ممنهجة ولا يوجد مشروع حقيقي. وباتت كل اجتماعات استانا سلسلة من المخططات التي تهدف الى تقسيم وتفتيت سوريا بين الاجندات الاقليمية والدولية. وجهود الامم المتحدة وقراراتها غير نافذة الى جانب خضوعها لتجاذبات القوى المهيمنة، وانها تؤكد على تحقيق تقدم في قرار وقف اطلاق النار وخفض التصعيد وايصال المساعدات الانسانية الى كل المناطق السورية، هكذا بات المشروع الاممي محصوراً في هذا الاطار دون تقدم سياسي. ولكن الحرب الروسية الاوكرانية اثرت بشكل مباشر على المشهد السوري وهي تزيدها تعقيداً وتزيد الصراعات حدة في الوقت الذي اصبح الوضع السوري جزء من الازمة الاوكرانية، وسقوطها من اولويات سلم السياسة الدولية وتحولها الى ساحة للمقايضات وتصفية الحسابات. واحتمالية التصعيد قائمة في ما بين القوى النافذة، لذلك لا يمكن التكهن بأن الحل والتوافق السياسي يلوح في الافق في المنظور القريب، وهذا الأمر سوف يزيد من معاناة الشعب السوري وتفاقم الازمة بشكل اكثر مما مضى.

 يجب على روسيا تحمل مسؤولياتها

واشار جيا كرد في حديثه عن التدخل الروسي في الازمة السورية قائلاً "جاء دخول الجانب الروسي في الازمة السورية بقرار رسمي من الحكومة السورية في ايلول 2015 ولعبت دوراً محورياً في حماية النظام السوري من الانهيار وحاولت روسية من خلال البوابة السورية الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والقيام بدور لاعب دولي مؤثر في السياسات الدولية والاقليمية وذلك لأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ولكن مع اندلاع الحرب الاوكرانية بات الوجود الروسي يواجه تحديات من عدة دول اقليمية، وهذا الامر يدفعنا الى تساؤلات عدة ومنها؛ هل ستحافظ روسيا على نفس التفاهمات والتوازنات السابقة في سوريا أم انها ستتعرض لعمليات مد وجزر وخاصة بعد العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها إلى جانب المواقف الاطلسية والاوروبية المؤيدة لأوكرانيا ضد روسيا؟ الى جانب ازدواجية السياسة التركية في التعامل، والتي تشير بطبيعة الحال بأن السياسات الروسية في سوريا سوف تتأثر  بالحرب الاوكرانية حيث لم تعد تشكل سوريا الاهتمام الروسي الاول كما كان الوضع عليه قبل الحرب الاوكرانية. وانطلاقاً من هذه الوقائع تحاول تركيا استغلال هذه الظروف الإقليمية  للضغط على الجانب الروسي لعلها  قد تحصل بالمقابل على تنازلات منها لصالح تصعيد تهديداتها وعملياتها العسكرية على مناطق الادارة الذاتية، ولكن الوجود الروسي استراتيجي في سوريا وسيكون له دور مؤثر سياسياً وعسكرياً وعليها ان تلعب دورها في تحمل المسؤوليات والاتفاقيات التي ابرمتها مع الجانب التركي لردع المخططات الاحتلالية لتركيا لكون الأخيرة تستغل الوضع الروسي والحرب الاوكرانية للتوسع اكثر في المنطقة. وكذلك من الضروري جداً الفصل ما بين مناطق النزاع لتسهيل توفير فرص الحلول وذلك لان التشابك بينهما يزيد التعقيد ويبعدها عن الحلول المرتقبة.

الصراع التركي الايراني فكري وسياسي

 تركيا وايران دول اقليمية مؤثرة على التوازنات الاقليمية ولديهم صراعات وتناقضات تاريخية ولديهم مصالح مشتركة في بعض الاحيان وخاصة في المشهد السوري كل جهة تحاول الحفاظ على مشروعها الايديولوجي والتوسع وفق ذلك. لذلك تعتبران سوريا وبعض الدول الاخرى في المنطقة ساحة للمنافسة والتمدد ولكنهما متفقتان في الوقت ذاته ضمن اجتماعات استانا في بعض القضايا، إلا ان التصادم العسكري بالشكل الذي يتصوره البعض لا يمكن ان يحصل و خاصة في هذه المرحلة على الاقل. حيث الصراع السياسي والفكري هو طبيعة صراعهم الحالي. ولكن يمكن ان يتغير مع تغيير الموازين الدولية.

تحول نضال الشعب الكردي الى رقم صعب في المعادلة الدولية

واضاف جيا كرد في حديثه قائلاً "ان اتفاقية لوزان هي انتصار لمصالح وارادة القوى المهيمنة على حساب شعوب المنطقة وبشكل اساسي استهداف الكرد. وبالتالي فرضت سياسة الابادة الجماعية والانكار والتهميش بهدف الغاء الوجود الكردي. وبعد مئة عام من القتل والابادة والتهجير والانكار، تخللتها انتقاضات وثورات كردية وحركات مقاومة كرد فعل تجاه الممارسات الفاشية من قبل انظمة الدول الاربعة الحاكمة (ايران، تركيا، العراق، سوريا) شكلت تراكماً تاريخياً في التنظيم والوعي في مقاومة سياسة الابادة الممارسة بحق الشعب الكردي. وهكذا اصبح نضاله التحرري رائداً لشعوب المنطقة. ومع نهاية القرن العشرين أصبحت من اعتى المقاومات وابرز الحركات السياسية المناهضة لأشرس الانظمة الاستبدادية والفاشية في المنطقة. وبتجاربهم القاسية والمريرة تحول نضال الشعب الكردي الى رقم قياسي صعب في المعادلة الدولية والإقليمية يراهن عليه ويتخذ بعين الاعتبار. لذلك سيكون من الصعب الوصول الى حلول ديمقراطية مستدامة في المنطقة دون التطرق او ايجاد حل للقضية الكردية كما باتت هناك متغيرات مهمة في سبيل حل القضية الكردية وهي متعلقة بالظروف الذاتية المتعلقة بالتنظيم والوعي الكردي وتصوراته التحررية للحلول السياسية للقضية والمشاكل العالقة. وحققت تقدماً كبيراً جداً على خلاف ما كانت عليه في مرحلة اتفاقية لوزان وخاصة الواقع الحالي شمال وشرق سوريا وكذلك في جنوب كردستان وايضاً في شمال كردستان. وأصبحت تعبر بشكل اوضح واكبر عن القوى الحقيقية المترجمة عملياً، كما ان الظروف الاقليمية والدولية ووضع الانظمة المستبدة والمغتصبة لحقوق الشعب الكردي والحاكمة في كردستان قد شهدت تغيرات كبيرة لا يمكن قياسها مع المراحل التي تلت الحرب العالمية الاولى

هذا يعني بأن الشعب الكردي امام فرص تاريخية ثمينة لا تعوض مع اقترابه من الذكرى الاولى المئوية لاتفاقية لوزان وبالمقابل فإذا تجددت اتفاقية سيفر في لوزان فسيتم اخراج القضية الكردية من دائرة الحل للضغط من قبل الطورانيين الاتراك الى جانب تحقيق مكاسب اخرى لهم ولكن بعد مئة عام الامر يختلف لأن الشعب الكردي بات  قوة سياسية مؤثرة وفاعلة في الوصول الى اتفاقيات جديدة في المنطقة والتي ستشكل باباً واسعاً لدمقرطة المنطقة.

هناك تعاون استخباراتي محلي مع الاحتلال التركي

واكمل جيا كرد حديثه عن التقاربات ما بين الجانب  التركي والاسرائيلي وبعض الدول الاخرى ضد الشعب الكردي  قائلاً "النظام الحاكم في تركيا هو نظام فاشي ومعادي لحقوق الشعب الكردي ويرسخ دعائم سلطته على اساس معاداة وابادة شعبنا في كل مكان وهو يدير مخطط امحاء وابادة الكرد بالتعاون مع الانظمة الاخرى المعادية وبالتالي يعمل على جميع المستويات لكسب دعم الانظمة الاقليمية والدولية في محاربة وابادة الكرد ويعمل جاهداً على اقحام قضية محاربة الكرد في كل تفاهماته واتفاقاته مع دول المنطقة و الدول الاوروبية.

وعندما نرى التوغل البري والجوي الى عمق اقليم كردستان وملاحقة الاهداف بدقة هذا يثبت بأن هناك تعاون استخباراتي محلي مع الاحتلال التركي وخاصة عندما يتعلق الامر بتصفية القيادات والمناضلين الكرد. وهذا ما لوحظ في الفترة الاخيرة بشكل كبير واصبح  الصمت على ما يحدث وعدم ابداء مواقف واضحة وصريحة يثبت الشكوك بدلائل قاطعة على تورطهم فيما يحصل امام انظار الجميع وعلى جميع القوى السياسية في الاقليم اتخاذ مواقف حاسمة تجاه الاحتلال التركي .

و لذلك نتوجه الى كل الدول العربية والاوروبية بأن لا يكونوا شركاء للنظام الفاشي التركي في ابادة شعبنا حيث اننا نتفهم مصالحهم الوطنية وكذلك لم يشكل نضال شعبنا والاعتراف بحقوقه أي تهديد لمصالح احد بل يزيد الدفع نحو التماسك والتلاحم الوطني والاقليمي لمواجهة التحديات المشتركة .

تركيا هي الحاكم الفعلي للمرتزقة

وقال جيا كرد على خلفية توغل هيئة تحرير الشام الارهابية في عفرين "التحرك الاخير للمجموعات الإرهابية المتطرفة باتجاه عفرين لمواجهة بعض المجموعات الاخرى يخضع لعملية استخباراتية تركية بامتياز. وهو محاولة لترويض وتأهيل تلك المجموعات المرتبطة بالقاعدة على انها مجموعات من المعارضة السورية للاحتفاظ بها من حيث المضمون وكذلك محاولة إبعادهم عن المنطقة المتفق عليها بين روسيا وتركيا وتقوية المجموعات المرتزقة ذات الارتباط الاكثر بالاستراتيجية التركية. والتدخل التركي لإيقاف زحفهم يشير الى التحكم التركي الكامل والفعلي بهم حيث تحركهم كيفما تشاء بموجب خطة ممنهجة لجعل عفرين ساحة للقتال وتهجير ما تبقى من أهلها الاصليين وتدمير ما بقي من المنطقة.

عفرين قضيتنا المحورية

وفي ختام حديثه اكد نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية بدران جيا كرد، ان قضية تحرير عفرين تشكل القضية المحورية والاستراتيجية لنضالنا على كافة المستويات عسكرياً وسياسياً، وسيزداد نضالنا من اجل ذلك الى ارفع المستويات. التقاعس عن نضال تحرير عفرين هو تقاعس عن استكمال ثورة روج آفا والذي لن يتحقق الا بتحرير كافة المناطق المحتلة.