انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب

انطلق معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2023 في دورته 54 تحت شعار " على اسم مصر ـ معاً: نقرأ ... نفكر... نبدع" يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري، حيث ستستمر فعالياته من 25 كانون الثاني وحتى السادس من شهر شباط القادم.

شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح يوم الأربعاء الماضي 25 كانون الثاني افتتاح الدورة الـ 54 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمشاركة الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، ووزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار وممثلة المملكة الأردنية الهاشمية، ضيف شرف الدورة الحالية للمعرض.

بدأت في القاهرة فعاليات الحدث الأهم والأكبر ثقافياً لتسلط الضوء على ثاني أكبر معرض على مستوى العالم بعد معرض فرانكفورت، فمصر كانت ولازالت منذ آلاف السنين دولة صانعة للمعرفه ومصدره لها ولم تكن يوماً من قبيل المستهلكين معرض القاهرة الدولي للكتاب هو رأس الحربة في مواجهة محاولات تغيير الهوية التي تعاني منها المنطقة العربية بشكل عام من خلال الحروب الثقافية القادمة من الغرب.

يشارك في المعرض 1047 ناشر مصري وعربي وأجنبي من 53 دولة وتحل المملكة الاردنية الهاشمية ضيف شرف والمبدع الراحل صلاح جاهين شخصية المعرض وكاتب الاطفال كامل كيلاني شخصية معرض الطفل بوصفه رائد من رواد أدب الطفل ليس في مصر فقط وانما في العالم العربي.

المعرض يحل علينا هذا العام في توقيت صعب بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم وبالأخص مصر ولكن مع ذلك، فإن القارئ المصري والعربي بمختلف فئاته يسعى منذ الساعات الاولى للتواجد بمعرض القاهرة ليتابع أحدث الاصدارات وأهم المعلومات في المجالات المختلفة، هناك اقبال كبير هذا العام على المعرض وإن كان للفسحة العائلية مكان ثقافي فيه كتب وفعاليات وأنشطه ثقافيه وفنيه وفكرية بشكل أكبر من الإقبال على شراء الكتب.

كان لنا لقاء بالأستاذ فتحي محمود رئيس آتون للدراسات، حيث صرح أن المعرض هذا العام يتميز بزيادة عدد الناشرين بدرجة كبيرة وبالتالى زيادة عدد الاصدارات الموجودة، وهذه كانت سمة مميزة والاحتفال بشخصيات تاريخية، الشاعر الكبير صلاح جاهين باعتباره شخصية المعرض  ومن أهم ما يلفت انتباه القارئ، البرنامج الثقافي الحافل بالعديد من الموضوعات في مختلف المجالات  طوال أيام المعرض وعلى مدار اليوم بالاضافة الى احتفال فرق النجوم الشعبية والامسيات الشعرية وأمسيات الفرق الغنائية الشبابية بالاضافة الى تزايد عدد دور النشر بشكل كبير .

شهدت الفترة الأخيرة هجمة غربية من ثقافات مختلفة على ثقافات المنطقة العربية، لذا شغل بال الكثيرين الهوية المصرية والعربية لحمايتها من التدمير والتعامل بشكل سلبي، ستقام عدة ندوات بالمعرض وسيناقش عدد كبير من المثقفين العرب والمصريين في هذا الشأن، الى جانب عدد كبير من الاصدارات يعالج نفس الموضوع وتصوّر أن المعرض هو رأس الحربة في مواجهة محاولات تغيير الهوية أو الحروب الثقافية التى تعاني منها المنطقة العربية بشكل عام والحروب الثقافية القادمة من الغرب، والتى تحاول التلاعب في القيم الاساسية للمجتمعات وفرض ثقافات محتلفة عليها تؤدي في النهاية الى تدمير الهوية الوطنية ولذلك يظهر هنا الدور المهم لمعرض الكتاب .

اهتم المعرض هذا العام بالطفل وظهرت دور نشر جديدة خاصة بالأطفال وقد تم متابعة قضية الطفل عن كثب خلال السنوات الاخيرة باعتباره عضو في اللجنة التى ساهمت في اخراج مايسمى " بالدليل الاعلامي للتعامل مع قضايا الطفل " والمصطلحات الاعلامية المفروض التعامل بها مع قضايا الطفل التى كانت تعاني من مشاكل كبيرة سواء كتب الاطفال او الاعلام بشكل عام المختص بالطفل ودور النشر الجديدة لديها سمة مهمة، بدأت بنشر كتب تفاعلية الى جانب الكتب التقليدية تم نشرها باستمرار للتعامل مع الطفل فالكتب التفاعلية تشد اهتمام الطفل بدرجة كبيرة وبالتالى تؤثر فيه بشكل كبير.

فيما يخص الاصدارات الجديدة لمركز آتون:

1. الاعلام البديل بين المصداقية والتضليل

 والذي يناقش السوشيال ميديا بصفتها أصبحت الاعلام البديل حالياً عن الاعلام التقليدي وما إذا كانت السوشيال ميديا الجديدة المسيطرة على الساحة الاعلامية الآن تضم أخبار صادقة فقط أم انها أيضاً فرصة لتمرير أخبار مضللة كثيرة كما حدث في مواقف مختلفة.

2. كتاب عن روسيا والشرق الأوسط، والذي يناقش علاقة روسيا بدول الشرق الاوسط المختلفة والاستراتيحية الروسية في التعامل مع هذه المنطقة.

3. كتاب " سبع أيام في العراق "، عبارة عن مذكرات السفير شريف شعبان سفير مصر الأسبق في العراق.

4. كتاب عن الدولة الامريكية العميقة، يحاول في هذا الكتاب فهم المجتمع الامريكي من الداخل وتأثير ذلك على السياسات الامريكية في العالم.

5. كتاب الحروب السيبرانية ويناقش هذا النوع من الحروب الالكترونية التى أصبحت بديلاً عن الحروب العسكرية في كثير من الأحيان.

وقد التقينا بالاستاذ السيد عبد الفتاح مدير دار نفرتيتي للنشر الذي أشاد بالمعرض هذا العام لما له من خصوصية من عدة جوانب:

الجانب الاول: أن المعرض هذا العام يشهد مشاركة أكبر وأوسع سواء من قبل دور النشر المصرية أو العربية والاجنبية.

الجانب الثاني: بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم ومصر الا أن الاقبال على المعرض لم يقل بل زاد، ولكن القوة الشرائية هي التى تأثرت وعان أصحاب دور النشر من ارتفاع أسعار الاوراق والاحبار والعمالة، وهذا ما أدى إلى ارتفاع تكلفة طباعة الكتاب وبالتالى زيادة سعرالبيع مما يؤثر على ميزانية القارئ اذا استطاع في الاعوام الماضية شراء كمية من الكتب سوف تنخفض هذه القدرة للنصف هذا العام، لذا سيلاقى المعرض هذا العام  تحدي كبير لنجاحه ولابد أن يسعى الجميع لانجاح هذا المعرض لأن له أهداف ورسالة، اقترح على الجهات المنظمة للمعرض أن تخفف عن بعض الاعباء على الناشرين وبالتالى يستطيع الناشر تخفيض سعر الكتاب، بذلك سوف يزيد الاقبال على الشراء فكلما كانت الاسعار مناسبة ( رخيصة ) الثمن تكون حركة البيع أكبر وفيما يخص مبادرة ( 20 جنيه )، صرح عبد الفتاح أنها مقتصره على المؤسسات الخاصة بوزارة الثقافة ( دار الكتب - المجلس القومي للترجمة – قصور الثقافة ) يكون لها جناح خاص للكتب في حدود هذا السعر وهذه الجهات تتلقى دعم من وزارة الثقافة والدولة وبالتالى لاتهتم بمسألة الربح لأنها تقدم كتاب مدعوم منذ سنوات، وإن كان اسعار الكتب في هذه الجهات ايضاً ارتفع بسبب الاوضاع الاقتصادية .

الجانب الثالث: الهوية المصرية وانطلاقا منها للهويه العربية، فالتركيز على الهويات أمر مطلوب بشرط أن لايؤدي الى تصادم الهويات (فأنا أعتز بهويتي وأرسخ اعتزازى بها ولكن في نفس الوقت أنا عندي قبول للهويات الاخرى والى التنوع بما لا ينفى الهويات الاخرى سواء كانت قبلية أو عرقية أو مذهبية ...الخ، فالأنشطة المصاحبة لمعرض الكتاب، تراعي هذه الاعتبارات في ترسخها والتاكيد عليها من خلال المحاور الفكرية والندوات.

فيما يخص دار نفرتيتي للنشر هي دار النشر المصرية الوحيدة العربية المتخصصة في النشر عن القضيه الكردية وللكُتّاب الكرد، هدفها ثقافي ولها رسالة تؤكد على دعم العلاقات الأخوية التكاملية بين الشعوب، فالثقافة كقوة ناعمة بعيداً عن الاقتصاد والدبلوماسية وبعيداً عن العنف، تلعب دور كبير في تقريب الشعوب من بعضها، فدار نفرتيتي جسر التواصل بين الشعبين الكردي من جانب والعربي والمصري من جانب آخر، فالعلاقات المصرية الكردية والكردية العربية قديمة جداً، لأنهم تعايشوا مع الشعوب العربية منذ القدم، كان هناك تعايش وتزاوج وعلاقات طيبة، فهناك مشتركات ثقافية ما بين الشعوب العربية والكردية، وهدفنا  تقوية هذه العلاقات وعن اختيار اسم نفرتيتي هناك دراسات تؤكد أن نفرتيتي أميرة كردية ولابد من أن نقوم باستنساخ هذه التجربة القديمة للتعايش السلمى مابين الشعوب الكردية والمصرية، نحاول احيائها في هذه المرحلة عن طريق الثقافة وبالاخص الكتاب، تركزنا على نقل الثقافة الكردية وكتب الكُتّاب الكرد، فهم لديهم علاقات قوية واطلاع كبير على الثقافة العربية والفكر والادب العربي والادباء العرب والمفكرين الذين تأثروا بهم وهم ممتنون لذلك ويعترفون به، لذا اتمنى نحن كعرب ومصريين أن نطلع على أدب وفن وفكرالثقافة الكردية، وهذا ما سيزيد العلاقات والروابط بشكل أقوى بين الشعبين، وايضاً يساعد في تغيير الصورة الراسخة الخاطئة والمشوهة عن الشعب الكردي، فعندما تقرأ لكاتب كردي، أفضل من أن تقرأ عنه، لأن الكتابة عنه تكون موجهة في بعض الاحيان وظالمة لحقوق الشعب الكردي وتنكرها، فاذا قرأنا للكرد سنتعرف بشكل واضح وكبير عن القضية الكردية والحقوق الكردية والشعب الكردي، فهذا الشعب له جذور وأصول تاريخية ضاربة في العمق التاريخي في المنطقة، فهذا الشعب قدم الكثير من الخدمات للعروبة والاسلام للتعايش ما بين الشعوب، وهذا الشعب لم يكن أبداً في يوم من الأيام ضد المسلمين والاسلام والعرب، ولكنه تعرّض من قبل الانظمة الحاكمة لمظالم كثيرة، فنحن من خلال دار نشر نفرتيتي، نلقي الضوء على القضية الكردية والحقوق الكردية بشكل محايد وفيه نوع من الانصاف .

لدينا نخبة من الكتّاب والمفكرين الكرد في مقدمتهم المفكر عبد الله أوجلان وهو قائد ورئيس حزب العمال الكردستاني،  هذا الرجل له اسهامات فكرية واضحة ومؤثرة لنظريات فكرية وفلسقية تستحق القراءة، الكاتب رستم جودي هو من الكُتّاب والمفكّرين المؤثرين الذين يطرحون أفكار مميزة، سناء حجي، كما أن هناك كاتبات مبدعات منهم الاستاذة فوزه اليوسف والكاتبة بشرى علي وهويدا حسن وابداعات الكتاب الكرد حول القضية الكردية والنضال والدور الكردي في الحرب ضد الارهاب وبالأخص ضد داعش، وبالتالى فإن معظم القصص والروايات تدور في هذه الحلقة، وتوثق الروايات الدور الكردي النضالي ضد الإرهاب، وتسرد الدور الذي قامت به المراة الكردية سواء كانت أم أو مناضلة أو مقاتلة أو قائدة، فالتجربة التى مرت بها منطقة شمال شرق سوريا والحرب على الإرهاب، تجربة مؤثرة وثرية جداً في الفكر الانساني والابداع وكان معبّراً عن هذه التجارب والتضحيات، ولدينا دراسات وأبحاث متخصصة في أدب الاطفال  في الثقافة الكردية ( الاستاذ عبد المجيد ابراهيم ) وكتب للاستاذ محمد أرسلان على ثلاثة كتب مهمة :

1. البحث عن الحقيقة الكردية.

2. أورفا خليل الرحمن " المدينة التي ينتسب اليها سيدنا ابراهيم عليه السلام".

3. مؤتمر القاهرة عام 1921.

4. كتاب للاستاذ جلال زيناتي ومحمد أرسلان علي – السبي العثماني.

كتاب تعريب كردستان للكاتب السياسي (غفور مخموري) رئيس الاتحاد القومي الديمقراطي الكردستاني – كتاب الثقافة الكردية والثفافات المجاورة (حيدر عمر باحث يعيش في المانيا ) – كتاب وطنى الشمس موسوعة من ثلاثة اجزاء للكاتب عبد الله خليل قرمان.

دار نفرتيتي حديثة العهد، شارك في معرض بنغازي ومعرض طبرق في ليبيا وسيشارك في معرض أربيل في شهر آذار/مارس المقبل، وهناك مخطط للمشاركة في معرض تونس والرباط بالمغرب.

ومن هنا نؤكد على أن القوة الذكية الناعمة والتى تعد الثقافة عمودها الفقري، أصبح التعاون الثقافي بين الدول شأناً لا يقل أهمية، لا تقتصر تأثيراته كما يوحى الاسم على الجوانب الثقافية وحدها، بل ليشمل التأثيرات الاجتماعية والسياحية والاعلامية والاقتصادية والسياسية أيضاً، ومن الأمور المهمة التي ينبغي أخذها في الاعتبار بهذا الصدد، هو الحرص على قيام التعاون الثقافي على أسس متساوية وعادلة بعيدة عن الانحياز وطغيان ثقافة معينة على حساب ثقافة أخرى، ومراعاة حقيقة حساسية بعض القضايا الثقافية، فالعوامل الثقافية مثل الأفكار والمعتقدات والقيم، هي التى تحدد هوية الفرد وشخصيته، وتجعله جزءاً من الحياة الكلية للجماعة التى ينتمى اليها .