13 نيسان في ذاكرة لبنان واللبنانيين..هل انتهت الحرب!!

يمثل يوم 13 نيسان / ابريل 1975 ذكرى اليمة في ذاكرة لبنان واللبنانيين، ففي هذا اليوم دخل لبنان نفق الحرب الاهلية التي سقط بسببها مئات الاف من اللبنانيين بين قتيل وجريح ومهجر ويتيم.

13 نيسان / ابريل 1975 كان وسيظل ذكرى اليمة في ذاكرة لبنان واللبنانيين، ففي هذا اليوم دخل لبنان نفق الحرب الاهلية التي سقط بسببها مئات الاف اللبنانيين بين قتيل وجريح ومهجر ويتيم، بالاضافة الى بدء هدم دولة المؤسسات في لبنان والتي قطف اللبنانيون ثمارها اليوم، هذه الحرب العبثية لم تستثن اي منطقة لبنانية على الاطلاق، وربما كانت التدخلات السياسية الخارجية سببا بل وقودا لاشعال نار هذه الحرب، فالتبعية للخارج علت على الروح الوطنية الجامعة، وزاد الامور تعقيدا التغيرات المتلاحقة التي حصلت في المنطقة كتواجد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان والصراع العربي الاسرائيلي واتفاق السلام بين مصر واسرائيل.

ومنذ هذا التاريخ تحول لبنان الذي طالما تم التغني بقيمه الجميلة كالحرية وحرية الفكر وملتقى الاديان والحرية الدينية وسويسرا الشرق ومحط انظار السياح حول العالم، الى ساحة الحروب المتنقلة التي انتجت اجيالا بعيدة كل البعد عن الانتماء الوطني، وطبقة سياسية فاسدة كانت خلال الحرب تشكل طبقة امراء الحرب الذين تحولوا اليوم لامراء السياسة.

الشرارة الاولى للحرب كانت باطلاق الرصاص على حافلة تقل عدد من عناصر منظمة التحرير الفلسطينية وبعض عناصر الاحزاب اليسارية في منطقة عين الرمانة خلال عودتهم من احتفال في مخيم تل الزعتر، ومنطقة عين الرمانة للتوضيح كانت انذاك تحت سيطرة الاحزاب اليمينة المعارضة للوجود الفلسطيني وعلى صدام مع باقي الاحزاب التي تدور بفلك اليسار ومنظمة التحرير، والحادثة بحد ذاتها كان بالامكان تطويقها لولا ان النفوس والعقول كانت مهيئة لخوض هذه المغامرة المستمرة الى الان، رغم ان البعض حاول وقتها الترويج بان الامر ليس معقدا وان الامور ستعود الى الهدوء وسيعود لبنان الى سابق عهده.

في هذا اليوم شهد اللبنانيون مشاهد لم يالفوها، سواتر ترابية تفصل بين المناطق الطائفية، وحواجز ثابتة وطيارة تمارس القمع الطائفي حسب ما يرد على بطاقة الهوية، فبدا المسلم بقتل واعتقال المسيحي والمسيحي يمارس نفس الامر عند مداخل منطقته، واستمرت الجولة الاولى سنتين كاملتين اتخذت الامور خلالها شكل حرب لبنانية – فلسطينية، وانتهت الجولة الاولى بانتشار قوات الردع العربية وغالبيتها من القوات السورية والتي استقبلت بالترحيب وهذا ما شجع الجيش السوري ومخابراته على البقاء 30 عاماً في لبنان، اما الجولة الثانية فاستمرت مائة يوم وعرفت بهذا الاسم وتميزت بدخول السوريين باللعبة الجارية واصبحوا طرفا اساسيا في الصراع.

وفي ظل هذه المعمعة استغلت اسرائيل الوهن الذي اصاب الدولة اللبنانية لتقوم باجتياحاتها المتكررة في الاعوام 1978 و1982 واعتداءات بالاعوام 1996 و2006، حيث دفع لبنان واللبنانيون الثمن الباهظ من ارواحهم وممتلكاتهم واحتلالا استمر حتى عام 2000، وشهد لبنان طيلة هذه السنوات حروبا داخلية شرسة ومجازر وعمليات تهجير ممنهجة لا تزال اثارها باقية في النفوس الى الان، بالاضافة الى موجة من عمليات اختطاف الاجانب، والاغتيالات التي طالت رموزا لبنانية من الصف الاول كالزعيم الدرزي كمال جنبلاط عام 1976 والرئيس المنتخب بشير الجميل عام 1982 والرئيس المنتخب رينيه معوض عام 1989 كذلك الشخصيات الدينية كتغييب الامام موسى الصدر عام 1976 واغتيال المفتي حسن خالد عام 1989، حتى ان الامور وصلت الى تقاتل حلفاء الصف الواحد كما جرى في بيروت بين حركة امل وحركة المرابطون وبين الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة امل، وبين الحزب الشيوعي وحزب الله وغيرها من المعارك، وفي الجهة المقابلة المواجهات بين حزب الوطنيين الاحرار وحزب القوات اللبنانية، وحرب التحرير بين العماد ميشال عون الذي استلم الحكم بعد الرئيس امين الجميل ضد الوجود السوري في لبنان وحرب الالغاء بين القوات اللبنانية من جهة وجيش العماد عون من جهة اخرى.

 وكان من المفترض ان يضع اتفاق الطائف حداً للحرب بعد اجتماع النواب اللبنانيين في هذه المدينة السعودية للاتفاق على وثيقة تنهي الحروب اللبنانية بتاريخ 22 تشرين الاول / اكتوبر عام 1989 ورفض هذا الاتفاق الجنرال ميشال عون الذي استلم الحكم بدل الرئيس امين الجميل المنتهية ولايته ولكن في 13 تشرين الاول ( اكتوبر) اجبر عون عسكرياً على مغادرة قصر بعبدا الى باريس.

ويخطئ من يظن ان الحرب الاهلية اللبنانية انتهت باتفاقات واجتماعات لوزان والطائف والدوحة ولقاءات بعبدا، بل هي لا تزال مستمرة الى الان وخير دليل النزاع المستمر بين امراء الطوائف الذين يحاولون الحصول على القدر الاكبر من المكاسب الشخصية والطائفية، حتى لو قاموا بتغطية النزاعات هذه بغطاء سياسي وسباق على الاصلاح الوطني، فمعظم الوجوه الحالية كانت طرفا اساسيا في الحرب الاهلية وتم تحريكها من الخارج لتنفيذ الاجندات المشبوهة، واكبر الخاسرين لبنان وشعبه الذي سيدفع الثمن طويلا كما دفع سابقا.