كوباني... المدينة التي لم تسقط - 4

كيف أدى العزم على المقاومة والدعوة لإعلان التعبئة العامة لإمرالي إلى إزالة الحدود في كوباني وإيصال الأجزاء الأربعة لكردستان مع بعضها البعض؟ وكيف أجج حديث أردوغان حول المدينة، الذي كان يعتبره داعش بالنسبة له كمسار، من الغضب في الساحات؟

كانت سحب الغبار تتصاعد من كوباني، حيث يجري فيها القصف المكثف والاشتباكات العنيفة، ومن الطرف الآخر للحدود، كانت تُسمع أصوات زغاريد النساء، واجتاز الآلاف من الأشخاص الذين تجمعوا عند حدود برسوس-كوباني الحدود لدعم المقاومة الفريدة في كوباني، وكلما تصاعد النضال في كوباني، حطمت الشبيبة والمرأة من الجهات الأربعة لكردستان الحدود، وتوجهوا نحو مدينة المقاومة، ولرفع معنويات مرتزقة داعش المنهزمين، دخل أردوغان على الخط، وما لم يتمكنوا من القيام به بالتقنيات الحديثة، أرادو أن يقوموا به عبر الحرب النفسية الخاصة، لكن على الرغم من ذلك، لم يفلحوا في النجاح.               

وجه القائد عبدالله أوجلان دعوة لإعلان التعبئة العامة

دعا القائد عبد الله أوجلان، الذي التقى مع وفد حزب الشعوب الديمقراطي في إمرالي في 10 تموز 2014، إلى إعلان التعبئة العامة ضد داعش، وقال بهذا الصدد: "على الذين يقومون بتسهيل الطريق أمام هؤلاء المرتزقة الوحشيين، ويولون اهتماماً بهم ويحاولون استغلالهم، أن يعلموا بأن هذا الموقف يعرض مستقبل الشعوب للخطر، وخاصةً مستقبل السلام في المنطقة".    

ووجه القائد عبد الله أوجلان، الذي التقى بمحاميه في 22 أيلول 2014، الدعوة لشعوب كردستان للتحرك من أجل الوضع القائم في كوباني، وكان قد قال ما يلي: "فيما يخص هجمات داعش، من الضروري على جميع أفراد شعبنا أن يعيدوا تقييم حياتهم، وخاصةً في مواجهة الحرب الضارية المستمرة، ففي الوقت الراهن، تجري حرب شرسة في كردستان، ولا يتوجب فقط على شعب روجآفا تشكيل حياتهم وفقاً لذلك، بل يجب أيضاً على الشعب الكردي في شمال كردستان وفي كافة الأجزاء القيام بذلك، وأدعو جميع أبناء الشعب الكردي للمقاومة ضد هذه الحرب الشرسة ".

وقال عبدالله أوجلان في 6 تشرين الأول 2014 بعد اللقاء مع شقيقه محمد أوجلان، "يجب أن تجري المقاومة حتى النهاية".

أزيلت الحدود، وكان وجهة الجميع نحو كوباني

ومع تصاعد وتير المقاومة في كوباني، أقدم الكرد، ولا سيما الشبيبة والمرأة من شمال وجنوب وشرق كردستان على تحطيم الحدود والتوجه نحو كوباني بناءً على دعوة عبدالله أوجلان للتعبئة العامة، فيما سمحت الدولة التركية لمرتزقة داعش بعبور الخط الحدودي الفاصل ليقوموا بشن الهجوم، لكنها وضعت العقبات أمام الحشود الشعبية ومن أردوا تقديم الدعم لمقاومة كوباني، وعليه اجتازت الحشود الشعبية العقبات التي وضعها الجيش التركي وتوجهوا نحو كوباني.   

واستمرت المقاومة التاريخية لمقاتلي وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) ومقاتلي قوات الدفاع الشعبي (HPG) في كوباني، وبدأت في جميع أنحاء العالم حالة من الاستياء العارم، ونزل الملايين من الأشخاص في 93 بلداً إلى الساحات من أجل مقاومتي كوباني وشمال كردستان، كما نُظمت فعاليات جماهيرية في أمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا، ووُجهت الدعوة للدول بالتحرك وتقديم الدعم للمقاتلين المقاومين في الحي الأخير لمدينة كوباني.  

أردوغان يوجه دعوة من مركز داعش

ومع إعلان زعيم تنظيم داعش، ابو بكر البغدادي "الخلافة" المزعومة في الرقة، كان يروج لبناء الدولة، فيما دخل رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان على الخط للتغطية على هزيمة مرتزقة داعش الذين عجزوا عن التقدم للأمام في كوباني كما هو الحال في سوريا والعراق، وقال أردوغان في حديثه بتاريخ 7 تشرين الأول 2014 في مدينة ديلوك، التي كانت تستخدمها مرتزقة داعش كممر للعبور إلى سوريا، "إن عين العرب وما يُسمى كوباني تسقط الآن".

أحداث 6-8 تشرين الأول

بعد هذه الأحاديث لأردوغان، شهدت كردستان والعالم انطلاق الفعاليات الداعمة من أجل كوباني، بالأخص في شمال كردستان، وانخرط الشعب في كردستان من صغيرهم حتى كبيرهم في الانتفاضة وانهمروا نحو الساحات، وفي هذه المرحلة، التي دخلت التاريخ تحت اسم "أحداث 6-8 تشرين الأول"، امتدت المظاهرات خلال وقت قصير إلى 35 محافظة و 96 منطقة في شمال كردستان وتركيا، فيما تم الإعلان عن حظر التجوال في 3 مدن و 29 منطقة، وشن مرتزقة حزب الله كونترا وقوات الجيش التركي الهجوم على المتظاهرين.  

وجاء في التقرير الصادر بتاريخ 14 تشرين الأول لجمعية حقوق الإنسان  (IHD)، فيما يخص الأحداث ما يلي: "قُتل 46 شخصاً في فعاليات كوباني الجارية بتاريخ 7-12 تشرين الأول 2014، وأصيب 682 شخصاً بجروح وتعرض 323 شخصاً للاعتقال، وإن غالبية حالات الموت كانت بسبب إطلاق الشرطة والجنود للرصاص الحي"، في حين توقفت الفعالية بناءً على دعوة القائد عبدالله أوجلان.  

غداً: ماذا جرى في صبيحة صلاة العيد بجامع كوباني؟