نظرة عن قرب لأحاديث الكريلا

إذا استمعتم إلى أحاديث الكريلا أثناء اجتماعاتهم وكتبتم تلك الكلمات التي يتحدثون بها، فسوف تنشرون كلمات جديدة في غاية الجمال في جميع أنحاء الكون، ليست عبودية، بل مثالاً على الحرية.

في صباح اليوم التالي سطرت هذه الجملة التي خرجت من فمي فجأةً أثناء النقاش في موضوع ذو صلة بالكتابة، كيف تختار الحرب بواسلها وأبطالها، هكذا يختار الفكر والإحساس كلماته، مثلما تنسحب الكلمة من شرايين الإنسان وأوردته أثناء الكتابة، فإنها تخاطب تاريخ أمته، عندها يصبح الانسان شاهداً على تاريخ شعبه.

هناك مقولة شبابية في كردستان عسى أن تكونوا سمعتم بها، تقول: "لو قطعتم شرايينه فسوف تجدون لون دمه أخضر وأحمر وأصفر"، الشيء الذي أقوله أو الذي ستفهمه هو أن أفضل مكان حيث ستضيف كلمات وتعطي أجمل الكلمات إلى الكون هو مجتمع الكريلا، الاستماع إلى هذا المجتمع، كلما استمعت إلى مجتمع الكريلا وكتبت، زادت الكلمات الجديدة والجميلة التي ستنشرونها عبر الكون. هي ليست عبودية، بل مثالاً على الحرية.

ثلاثة من أفراد قوات الكريلا يحاربون العدو ليومين متواصلين

تعرفنا على بعضنا في الطريق ودون أن نعرف من هم. بدأنا بالاجتماع، والمكان الذي جلسنا فيه من أجمل الأماكن في حفتانين، تلة صغيرة وذات تراب أحمر مشبعة باحتفالات خضراء وصفراء، كانوا ثلاثة أشخاص على وشك أن ينضموا إلى العملية، كانوا يعتقدون بأنني واحد منهم وسأنضم إلى العملية لأنني كنت أحمل حقيبتي الثقيلة ومسند كاميرتي ذو الثلاثة أرجل وكأنها سلاحي، ضحكات الكريلا ونظراتهم التي تلاحقني، على الإنسان أن يصاب بالعمى إذا لم يرَ هذا الولاء لحفتانين، كان بجانبي الرفيق ديرن وأقول ليس من القدر وجود العيون الخضراء في وجه مستدير، كان يقول دائماً: "والله أنا في غاية الحماسة، وعندما أهجم على العدو بهذه الحماسة أظن بأنهم سينصدمون لرؤيتي"، ونحن نضحك. 

قد يتواجد الوعي الجمالي للقوة الإبداعية في الكون، وبجانبنا رفيق قناص ذكي للغاية ومشهور، ذهبت إليه وقلت: "هل أصبت طائرة الكوبرا في دوبشكيه تلك الليلة؟"

نظر إلي وابتسم، هناك جانب جميل للمقاتلين، مثل تعويذة يريد الإنسان الحصول عليها، لا يقولون، أنا أقول، نحن نقول، فعندما رأى الرفيق ايريش أنه لا يتحدث، تحدث هو عن العملية مثل معنى اسمه.

وقال: "يارفيق والله كل من في دوبشكيه يتحدث عن الشهيد مظلوم والشهيد عكيد ومعهم الشهيد رشاد أيضاً، ثلاثة من الكريلا قاوموا العدو ليومين كاملين، في تلك الليلة كانت الكوبرا تقصف والطائرات تقصف ومن جهة ثانية كانت تحوم طائرات الاستطلاع في سماء المنطقة، فالرفيق رشاد كان يعتقد أن طائرات الكشف سوف تقصف الرفاق لذلك أخذ على عاتقه مقاومة العدو، الشهيد عكيد والشهيد مظلوم بالأساليب والروح الواقعية يحمون مقاومة حفتانين، ليت أحداً كتب عن هذا الرفيق، فهو لا يُنسى".

 اللحظة في بعض الأحيان تعادل الحياة بأكملها

ثم أنظر إلى الرفيق القناص، وفي يده سكين يرسم الأشياء على الأرض، عندما قيل له: "ماذا تفعل؟ قال: "إن الجنود يريدون إنشاء مقراتهم في دوبشكيه، ونحن لن ندعهم يفعلون ذلك، ذهبت إلى المقهى في ذلك اليوم ولكي تبقى في ذهني ارسم خريطة لذلك"، يبدو بأن الكريلا لا تفكر فقط في "كيف سألقن الضربة للعدو"، يتدخل الرفيق ايريش بالقول: "لن نتراجع حتى ينسحب العدو من المنطقة وسوف نخرجهم من حفتانين".

وقال رفيق آخر: "فليأتي الشتاء، الخريف بات على وشك الانتهاء، الطبيعة تقف إلى جانبنا". 

عندما كان يتحدث الرفيق ايريش كان الرفاق يحدقون به، وهو يضحك أثناء حديثه: "هل الرفيق لالش اعلامي، تعلم اليس كذلك؟"، صمت الجميع وضحكوا، في هذه الأثناء بدأ الحوار، ونحن نقول لماذا يسأل كل هذه الأسئلة، لا تقل أبداً بأنك صحفي، تمام، أين كاميرتك، وأين خبأت جهاز التسجيل خاصتك؟" عندما تستمعون للمقاتلين يجب عليكم أن تفتحوا جميع حواسكم، الأذن والعيون وكذلك أذهانكم.

إذا لم يكن لديك الآلة، افتح إطار قلبك، وإذا لم تكن قادرًا على الضغط على زر الغالق طوال الوقت، فقم بتسجيل أقوال الكريلا إما عن طريق المراقبة أو عن طريق هز الرأس، إذا لم يكن لديك جهاز تسجيل، افتح أذنيك حتى النهاية، فهناك الكثير من الكلمات التي تضيف صوتًا وثراءً؛ المقاومة، الإرادة، الشهادة، القيادة، العدو، الحرب، الأخلاق، الحب، التضامن، الحرية، وكلمات أخرى كثيرة، كل خطوات الكريلا تستحق التسجيل، في هذه الأثناء، تحدث أحياناً في الحياة لحظات وجيزة يمكن من خلالها دخول التاريخ، لأن خطوة واحدة، ولحظة واحدة يمكن أن نعيشه كعمر كامل.