الشهباء :رغم الظروف الصعبة 189 طالب/ة يقدمون امتحاناتهم الدراسية لعام 2019

رغم الظروف الصعبة بدأ 189 طالباً من طلاب عفرين تقديم الامتحانات النهائية لمرحلة البكالوريا في مناطق الشهباء.

وفي 20/1/2018 شن جيش الاحتلال التركي هجماته على مدينة عفرين وقام بقصف المدارس والمعاهد والجامعات وحرم الألاف من طلاب الجامعات والمدارس من اكمال دراستهم ، الى جانب تهجير الالاف من المدنيين قسراً من منازلهم صوب مناطق الشهباء التي كانت الحرب قد وضعت اوزارها فيها قبل مدة قصيرة ،حيث كان من الصعب العيش فيها بسبب اثار الحرب والدمار الذي حل بها ، ولكن أهالي عفرين أصروا على المقاومة في تلك المناطق لتحرير مدينتهم ، وقاموا بتنظيم الكومينات وافتتاح المدارس والمشافي والعديد من النقاط الطبية في المخيمات والقرى والنواحي ، بالاضافة لافتتاح العديد من المدارس ليعود الطلاب الى دراستهم ، ورغم تلك الظروف القاسية حيث عدم توفر شروط التعليم والدراسة ، تم افتتاح المدارس ابتداء من الصف الأول الابتدائي حتى المرحلة الثانوية الصف الحادي عشر، بموازة ذلك وخلال السنة الماضية لم تتح الظروف الفرصة المناسبة  لطلاب مرحلة البكالوريا لاكمال دراستهم وتقديم امتحاناتهم النهائية ، لكن خلال العام الثاني من الدراسة قامت حركة تعليم المجتمع الديمقراطي بإتاحة الفرصة مجدداً لطلاب مرحلة البكالوريا لاكمال دراستهم ، رغم الظروف القاسية ومنها النقص في اللوازم القرطاسية والكتب الدراسية ، ليقدموا مؤخراً امتحاناتهم النهائية بعد بذل جهد كبير وكنوع من التحدي للظروف الصعبة التي أصروا بأن يقاوموها ويحاربوها بأقلامهم حتى تحرير مدينتهم ، ولم تقتصر هذه المصاعب على الطلاب فقط بل عانى المعلمون ايضاً خاصة امام الوضع النفسي للطلاب والذي لعب دوراً بارزاً في دراستهم.

 المعلمة في مدرسة بابنس عبير سليمان اوضحت لوكالة فرات للانباء بالقول :بالنسبة إلى طلاب مرحلة البكالوريا نحن ككادر تدريسي بذلنا جهوداً كبيرة مع الطلاب خلال عام لنصل إلى هذه المرحلة ، واليوم هو يوم تقديم الامتحانات ، اليوم شعرت بأن الطلاب يريدون أن يفرغوا الجهد والطاقة الذي بذلوه خلال عام كامل في هذه الأيام الأخيرة ، ويريدون ان يجنو ثمار جهدهم الذي بذلوه مع معلميهم ، قضينا مع بعضنا عام كامل ككادر متعاون ، حتى توفرت الكتب التي ساعدتنا كثيراً ، في هذه السنة الأخيرة رأينا أن استجابة الطلاب وبالرغم من الظروف الصعبة كانت ممتازة لجميع المواد ، رغم أن الحرب وظروف التهجيرالقسري أثرت عليهم بشكل سلبي وخصوصاً أنهم يعيشون فترة المراهقة ونحن كمعلمين لم تكن مهمتنا في تلك الفترة التعليم فقط بل كنا نعمل كمرشدين نفسيين أيضاً ، لأنه مرت علينا الكثير من الحالات وصل فيها الطلاب الى مرحلة من اليأس ، وبتعاوننا نحن المدرسين مع بعضنا حاولنا قدر الإمكان اخراجهم من تلك الحالة ، وهناك البعض منهم يريدون القليل من الوقت ليجتازو هذه الحالة وهذا أمر طبيعي نتيجة الأزمة التي نعيشها من الطبيعي أن يمر الإنسان بمرحلة كهذه ، ومقارنة بالاعوام الماضية الإقبال هذا العام كان أفضل وأصبح هناك وعي أكثر لدى الأهالي في أن يرسلوا أبنائهم إلى المدارس لينالوا شهاداتهم ، لأن الوعي يجب ان يكون للأهل قبل الطالب.

وتابعت سليمان بالقول: خلال عام من الدراسة في ظل هذه الأوضاع الصعبة كانت هناك العديد من الصعوبات التي واجهت الطلاب والمعلمين ،منها تأمين المكان فنحن في منطقة الأحداث قمنا بتحويل احدى المباني التي كانت سجن للاحداث لدى النظام السوري وحوله تنظيم داعش الى سجن ومحكمة شرعية ابان سيطرته على مناطق الشهباء، إلى مدرسة وفي قرية بابنس قمنا بتحويل احدى المستودعات القديمة الى مدرسة في الشتاء كانت الأمطار والجوالبارد يلعبون دورا سلبيا في المجال التعليمي حيث عدم وجود النوافذ والاسقف كانت غير جاهزة وكانت مياه الامطار تتسرب منها ، لكن رغم ذلك قاومنا وتجاوزنا كل تلك الصعوبات من أجل أن تستمر دراسة هؤلاء الطلاب وأن لا يحرموا من التعليم .

كما أن عبارة تحويل سجن إلى مدرسة هي عبارة كبيرة جداً وذات معنى كبير يعني السجن بحد ذاته إذا كان بدايته يمر بمرحلة التعليم هذا يؤكد أن المراهق لن يمر بأخطاء كبيرة تودي به إلى السجن ، فدائماً المتعلم يختلف عن الغير المتعلم  ، فتحويل السجن إلى مدرسة بالنسبة لنا إنجاز عظيم وبالنسبة إلى الطلاب أيضاً ، يعني قمنا بتحويل بقايا الاخشاب الموجودة هنا إلى مجموعة من الألواح والمقاعد مما أدى إلى تغيير صورة هذا المكان بنسبة 180 درجة .

كما أن الطلاب في البداية لم يتقبلوا الفكرة بأن يكملوا دراستهم في مركز كان عبارة عن سجن  لكننا ككادر تدريسي قمنا وبالتعاون مع الإداريين ومنذ اللحظات الاولى من دخول الطلاب للصفوف بأن نغير في شكل الصفوف ، طبعاً بالاضافة للاهتمام للجانب المعنوي ، وأصبحنا نعطيهم محاضرات عن العلم أي العلم أينما كان يستطيع الإنسان ان يتلقاه ، سواء كان سجن أو مستودع لا يوجد شيء يستطيع الوقوف أمام العلم ، أهم شيء أن يكملوا التعليم  ، ومضت سليمان قائلة:يوم بعد يوم وشهر بعد شهر تجاوز الطلاب  تلك المرحلة ونسيوا بإنهم يدرسون في مركز كان عبارة عن سجن قديم  كما أننا نحن المعلمين أيضاً قد تجاوزنا هذه المرحلة .

وأشارت سليمان بالقول : يوجد في مناطق الشهباء مركزين للامتحانات مركز في ناحية الأحداث والثاني في ناحية تل رفعت ، وعدد الطلاب المقبلين على الشهادة الثانوية 189طالب في المركزين وموزعين على الفرعين العلمي والأدبي ، وهنا أحب أن أضيف ملاحظة بأن ناحية تل رفعت رغم القذائف التي تنهار عليها بين فترة واخرى ومع ذلك الطلاب مصريين على تقديم هذه الامتحانات لينالوا شهادتهم.

ونأمل بأن تكون مراكزالامتحانات المقبلة في قلب عفرين ، ونأمل من حركة تعليم المجتمع الديمقراطي بأن يكون لدينا معاهد خاصة في الفترات المقبلة ، كما أن هذه هي أمال الطلاب أيضاً بأن يفتتحوا معاهد أو كليات في مناطق الشهباء لكي لا يذهبوا إلى مكان اخر ويبقوا قريبين من خط العودة مع أهاليهم في هذه المناطق ، كما أن هذا الشيء سيجعل الأهالي يرغبون في إكمال دراسة أبنائهم بعد شهادة المرحلة الثانوية .

وبدوره قال إينان إينان إحد الطلاب المقبلين على تقديم امتحانات المرحلة الثانوية لهذا العام : جئنا اليوم لتقديم امتحانات المرحلة  الثانوية بعد سنة من الجهد ، كما أننا لم نتوقع بأن تكون معنوياتنا عالية في هذه الامتحانات ، فكرة تحويل مركز كان عبارة عن سجن قديم إلى مدرسة ومركزاً للامتحانات شيء عظيم لأننا حولنا مكان للسلطة إلى مكان للتعليم .