تعرف على أقدم مكتبة في الرقة وكيف حولها "داعش" إلى أنقاض

قال أحمد الخابور، صاحب مكتبة بور سعيد الذي يعود تأسيسها إلى عام 1957، أنّ المكتبة تعد إرث حضاري للأدباء والكتاب في المجال الأدبي، الأغنى في تاريخ الأدب العربي، ليعود جزء من روادها بعد إعادة تأهيلها بعد تحويله لإنقاض على يد تنظيم داعش الإرهابي.

وعاث تنظيم داعش خلال سيطرته على مدينة الرقة عام 2014 فساداً في الأرض من خلال ارتكاب الجرائم والانتهاكات ودثر التراث الرقاوي الذي يعود تاريخه إلى مئات السنين.

وتعد مكتبة البور سعيد التي حولها تنظيم داعش إلى أنقاض من أقدم المكاتب في المدينة حيث تحوي على كتب وثقافات غنية ومنها كتب أدبية وعلمية تاريخية وفلسفية ومجلات وصحف ورقية، و يعود تأريخ تأسيسها للعام 1957.

وقام تنظيم داعش على أفرغ المكتبة من الكتب وحرقها بشكل كامل، ليعاود الخابور بجمعها عن طريق الكتاب والقراء والرواد، وجمع البعض منها من أرشيف منزله.

وتعود تسمية المكتبة بهذا الاسم نسبة لاتفاق الوحدة العربية في مدينة بورسعيد في عام 1956 حيث نظمت سوريا بموجب هذه الاتفاقية إلى مصر تحت مسمى الجهورية العربية المتحدة.

وتعتبر المكتبة رمزاً لمثقفي مدينة الرقة وكتابها وصحافيها، بما تحمل بين طياتها ثقافات غنية وإرث حضاري قديم وتطفئ الجلسات الاجتماعية والنقاشات الحادة وضيافة القهوة العربية طابع مميز لقرائها.

وتقع مكتبة البور سعيد بالقرب من المتحف الأثري وسط مدينة الرقة، وكانت شاهدة على الحركة التاريخية للمدينة منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا.

وخلال لقاء أجرته وكالة فرات للأنباء (ANF) مع مؤسس مكتبة البور سعيد أحمد الخابور، والذي عبر عن سعادته على الاستمرار في شغفه بالقراءة وجمع الكتب والحفاظ على الإرث الحضاري بعد اندثاره.

وقال أحمد الخابور في مستهل حديثه "شهدت مدينة الرقة حروب على مد الأزمة السورية مما أدى لاندثار قسم كبير من الإرث والحضارة القديمة".

وأكمل أحمد الخابور "وكانت تحتوي المكتبة على كتب تتضمن مجموعة من القصص التي وردت في غرب جنوب آسيا بالإضافة إلى الحكايات الشعبية التي جُمعت وتُرجمت إلى العربية خلال العصر الذهبي للإسلام "ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة" وعاثت التنظيمات الإرهابية فيها من خلال حرقها مما تسبب بضياع قسم كبير منها".

واشار الخابور "وكانت المكتبة ملتقى للكثير من الأدباء والكتاب، ومازالت تجسد العلاقات الاجتماعية وثقافية الغنية و زيارات العديد من مثقفي الرقة إليها بصورة دائمة، وكان من أبرز روادها الأديب عبد السلام عجيلي إذ تعتبر كتاباته في المجال الأدبي من الأغنى في تاريخ الأدب العربي".

وأضاف أحمد الخابور "تضم المكتبة عدد من الروايات القديمة لمفكرين ومؤرخين عالميين، ممن كان لهم التأثير في مجتمعاتهم والمجتمعات الأخرى، وتعد المكتبة إرث ثقافي يتصل جذورها مع أيام الوحدة السورية المصرية التي كان للأدباء المصريين والسوريين دور كبير في قيامها".

عزوف القراء

وقال الخابور "إن المكتبة فقدت الكثير من قرائها وروادها خلال السنوات العشر الماضية بسبب عزوف الكثير من المثقفين والمهتمين بالروايات الكلاسيكية والحديثة عن مزاولة القراءة، فمعظم الاشخاص فقدوا الشغف والمتعة في القراءة إما نفسيا من جراء الحروب والدمار أو جسديا نتيجة صعوبة المعيشة وعدم وجود الوقت الكافي للقراءة".

وتابع أحمد الخابور" إن القراء في هذه الإيام لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، فزيارة المكتبة مقتصرة على الأصدقاء وبعض الزملاء في السنوات القديمة، وبعض المثقفين الذين لازالت تشدهم حب القراءة وشغف المطالعة والاستمتاع بالقصص والروايات والدواوين والمعلقات الشعرية".

واختتم أحمد الخابور حديثه "مع العلم أن المكتبة فقدت كتب ذات قيمة أدبية كبيرة في سنوات الحرب واتلفت بعضها بالحرق واخرى بالسرقة، إلا انها تحتفظ بين جدرانها القديمة لكتب تعود لثمانين سنة وأكثر، فهي كانت تعد مركز ثقافي لمدينة الرقة في سنين مضت لما تحمله من طابع أدبي عربي وعالمي في داخلها، ليجعل منها منارة من منارات المعرفة والعلم ومرجع للمثقفين في مدينة الرقة".