ملا أمين:أفكار"أوجلان"بداية هامة جداً لممارسة النقد والتحليل أو ما يمكن تسميته بـ "دمقرطة الاسلام"

اشار الاستاذ هاوجين ملا امين الحاصل على شهادة الماجستير في الفلسفة الاسلامية بان مشكلة العنف والتطرف وخاصة الاسلامي منها، هي مشكلة بنيوية تتمثل في التاريخ الاسلامي والممارسات العنيفة الكثيرة الموجودة في هذا التاريخ.

وفي إطار فعاليات المنتدى الدولي حول داعش والذي نظمه مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية، والمنعقد في مدينة عامودا في روج آفا ، والذي شهد مشاركة واسعة من قبل عشرات الأكاديميين والباحثين السياسيين من شتى الدول الإقليمية والغربية وكذلك من روج آفا، بالإضافة إلى مسؤولي الإدارة الذاتية وتناول المنتدى طرح مسهب للجانب الديني لهذه الآفة (داعش)، وعلى هامش جلسات المنتدى اجرت وكالة فرات الأنباء لقاء مع الأستاذ هاوجين ملا أمين الحاصل على شهادة الماجستير في الفلسفة الاسلامية.

والذي أشار في مستهل حديثه إلى أن مشكلة داعش تستمد جذورها من العديد من ألأفكار والآراء والفتاوى الدينية على مر التاريخ الاسلامي، وقال: " إن مشكلة العنف والتطرف وخاصة الاسلامي منها، هي مشكلة بنيوية تتمثل في التاريخ الاسلامي والممارسات العنيفة الكثيرة الموجودة في هذا التاريخ، وكذلك من فتاوى العلماء والفقهاء الذين تحبذ فتاواهم العنف وتحرض عليه ، فهناك الكثير من الفتاوى الدينية الموجودة في كتب السنة والفقه والأحاديث أيضاً، تشرعن هذا العنف الممنهج ضد الآخر، إلى جانب وجود أفكار في بنية العقيدة والتصور الاسلامي تقسم المجتمع إلى كافر ومؤمن ومرتد ، أي أن هناك نوع من شيطنة الآخر الذي يخالف المسلم في دينه ومعتقده.

كما نوه ملا أمين إلى أن داعش رغم حداثة سنها، إلا أنها تجمع في أفكارها إرثاُ قديماً مبني على إبادة الأقليات وإلغاء الآخر المختلف، وقال: " على الرغم من أن داعش هي ظاهرة حديثة ولكنها تمتد بجذورها إلى تجارب الخلافة الاسلامية ، بدءاً من الخلافة الأموية مروراً بالتجربة العباسية وكذلك العثمانية ، كما أن العديد من المكونات الأصيلة التي عاشت ولا تزال تعيش على هذه الأرض عانوا من ممارسات الإبادة مثل الكرد والإيزيديين والمسيحيين واليهود وجميع الأقليات المخالفة للمسلمين في الدين ، وحتى المسلمين أنفسهم مارسوا بحق بعضهم البعض ممارسات الإبادة، بسبب التفرقة الطائفية والخلافات المذهبية الموجودة ، مثلاً ما بين السنة والخوارج والشيعة وغيرهم.

وركز الأستاذ هاوجين على ضرورة دراسة هذه العقلية وهذا المنهج من وجهة النظر السوسيولوجية وبأعين ناقدة، من أجل تقديم العلاج الشافي، وقال: "من أجل إصلاح المجتمعات الإسلامية، علينا البدء بالنقد والتنوير داخل هذه الكومة الهائلة من النصوص والأفكار والموروث الاجتماعي الداعي إلى العنف وإفتائه ، ومن هذا المنظور لا بد من الإشارة إلى أن أفكار المفكر أوجلان تعتبر بداية هامة جداً لممارسة النقد والتحليل، أو ما يمكن تسميته بـ "دمقرطة الاسلام".

واستطرد قائلاً : "يجب الإشارة هنا إلى أن هناك اختلاف جذري ما بين مشروع المفكر أوجلان الذي يتمحور حول دمقرطة الاسلام من خلال النقد وإخضاعه للتحليل السوسيولوجي وللعلوم الانسانية التي تهتم بدراسة الدين وكيفية نشأته داخل المجتمعات، منذ العصر النيوليتي إلى العصر الحديث، وما بين الاسلام الديمقراطي ، فلا يوجد بالأساس اسلام ديمقراطي، بل هناك اسلامٌ يجب دمقرطته وتنويره وممارسة النقد والتحليل بحق هذا الكم من التراكم الثقافي والحضاري، إلى أن نصل إلى الديمقراطية ونحقق المهمة المستحيلة التي نبتغيها وهي "دمقرطة الاسلام" ، ولكن الإدعاء منذ البداية وبالاعتماد على تصور تجزيئي بالأخذ ببعض النصوص وترك النصوص الدينية الأخرى ، والوصول إلى نتيجة أن الاسلام هو ديمقراطي بطبيعته ، هذا يعتبر وهماً في حقيقة الأمر.

وفي ختام حديثه أكد على أهمية تغليب الصفة المجتمعية والأخلاق في الاسلام بما يخدم الانسان والمجتمع، وقال: "يجب دمقرطة الاسلام وعلمنته وإخضاعه إلى معايير الأخلاق والمدنية ولمعايير حقوق الانسان والتعايش السلمي بين المكونات ، وهذا الإخضاع من الضروري أن يمر بالتحليل وممارسة النقد الجاد للمقدس الديني بغية الوصول إلى الجذور الحقيقية التي ساعدت ويمكن أن تساعد مرة أخرى في ظهور مثل هذا العنف وهذا التطرف".