قامشلو: طلاب عفرين في أكاديمية الطب يتحدثون عن أسباب التحاقهم بالأكاديمية 

أكد عدد من طلاب عفرين في أكاديمية الطب في قامشلو أن انضمامهم للأكاديمية جاء نتيجة تواجدهم في الجبهات أثناء معارك عفرين ومشاهداتهم للإصابات التي تعرض لها المدنيون هناك.

تحدث عدد من طلاب عفرين لوكالة فرات للأنباء عن أسباب انضمامهم لأكاديمية الطب في مدينة قامشلو، جاءت معظمها بسبب مشاركتهم في الكوادر الطبية أثناء المعارك الدائرة في عفرين المحتلة ومشاهداتهم للإصابات في صفوف المدنيين الأبرياء.


وفي البداية تحدث الشاب سعدون ماركو من ناحية جندريسه بمقاطعة عفرين قائلاً: أنا انضمت إلى الدورة التدريبية الثانية بأكاديمية الطب في مدينة قامشلو قبل سنة، وانضمامي لهذا التدريب كان متعلقاً بمعارك عفرين، جميع  الأمور التي عشناها من ظلم وإصابات في صفوف المدنيين ورؤية معاناتهم خلال معارك عفرين، التي شنتها الفاشية التركية، كانت السبب في انضمامي أصبح هذا التدريب لنا كشبان عفرين هدفاً أساسياً".


وأضاف ماركو "أريد أن أتحدث في البداية عن معارك عفرين وكيف بدأت هذه المعارك وتوغل جيش ومرتزقة الاحتلال التركي فيها، لقد بدء جيش الاحتلال التركي ومرتزقته بشن هجماتهم المتتالية بواسطة الطائرات الحربية، وتسببت هذه الهجمات بوقوع إصابات وعدد من الشهداء من أبناء عفرين، بدورنا كمجموعة من الكوادر الطبية شاركنا في جبهات كثيرة لإنقاذ المصابين من المدنيين، المقاتلين في صفوف وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة".


وتابع ماركو: "وأنا كطبيب وعضو في الهلال الأحمر الكردي شاركت في عدد من الجبهات كنت أقوم بواجبي الإنساني تجاه أبناء مدينتي الأبرياء، عندما كنا نشاهد المصابين والشهداء كنا نعاني كثيراً وكانت معنوياتنا ترتفع في نفس الوقت لأننا كنا نشعر بأننا نقاتل العدوان التركي بمهمتنا الإنسانية رغم قلة معرفتنا الطبية أيضاً، وزاد إصرارنا وعزيمتنا عندما كنا نسعف هؤلاء المصابين".


وقال ماركو: "قبل احتلال عفرين ترك عدد من الأطباء المدينة، بقينا نحن كمجموعات في هذه الجبهات وكانت الأدوية وأدوات الإسعاف قليلة نتيجة حصارنا واستهدافنا من قبل طائرات الاحتلال التركي".


واستطرد: "استشهد العديد من أصدقائنا خلال مهمتهم الطبية الإنسانية تجاه أبناء مدينتهم، ولهذا السبب أكرر القول، اخترت الطب لكي أستطيع أن أساعد جميع المصابين وأعاهد  شعبنا وشهدائنا بأن نسلك الطريق الصحيح في الطب ونقوم بواجبنا الإنساني على أكمل وجه في روج آفا، مثلما قدم شهدائنا الأطباء أغلى ما لديهم لإنقاذ المصابين في مقاطعة عفرين المحتلة".


وبدوره قال جوان حسن من مناطق الشهباء: "في بداية معارك عفرين توجهت إلى الجبهات هناك ضمن كادر طبي من منظمة الهلال الأحمر الكردي، في البداية كنت في ناحية شيه وراجو، وفي ذلك  الوقت واجهتنا مصاعب كثيرة، وكان عدد المصابين والشهداء يتزايد بشكل غير متوقع وذلك أثر قصف الطائرات الحربية والأسلحة الثقيلة التابعة لجيش الاحتلال التركي ومرتزقته، في تلك المناطق لم نكن نستطيع التنفس من كثرة الركض ومحاولاتنا المستمرة لإنقاذ المصابين من تحت الأنقاض والجدران المدمرة في القرى". 


وتابع: "وأثناء تلك اللحظات ووسط الصعوبات، التي واجهتنا، كنت أتأثر كثيراً عندما كان المصابون يستشهدون رغم محاولاتنا لإسعافهم  بل كان أغلبية الشهداء من الأطفال، لقد عانى شعب عفرين بكافة مكوناته من الظلم من قبل الدولة التركية الإرهابية".


وأضاف حسن "بعدما قامت الدولة التركية باحتلال عفرين، اضطررنا نحن وبقية أهالي عفرين لترك عفرين قسراً، وأنا بقيت مع منظمة الهلال الأحمر في الشهباء وكنت أقوم بعملي ومهمتي الإنسانية لمدة ثمانية أشهر، وأنا في المخيمات وعندما كنت أنظر إلى أهالي عفرين، كنت أدرك أنهم  يعانون من الآم كثيرة ليست معاناة جسدية بل كانت معاناة نفسية".


ولفت إلى أنه وبعد مضي ثمانية أشهر في الشهباء سمعنا بافتتاح التدريب في أكاديمية الطب في مدينة قامشلو، مُضيفاً "انضممت لهذا التدريب من قبل منظمة الهلال الأحمر الكردي، وسجلت في قسم الطب، وهدفي الأساسي من التدريب هو معرفة المزيد في المجال الطبي لكي أقدم المساعدة اللازمة لشعبي سواء  كان جسدياً أو معنوياً".


وقال: "الطب مهمة إنسانية وليست مهنة، فإذا ابتعد الطبيب عن إنسانيته وأخلاقه تجاه أهله فذلك لا يعتبر طب وصحة".


وأكد في ختام حديثه: "نحن الآن نجتهد فكرياً ومعنوياً وروحياً لكي ندرب أنفسنا ونتحلى بروح الإنسانية والأخلاق، وأنا استنكر استخدام  تركيا الغازات الكيماوية ضد المدنيين في عفرين، والتي اثبتت مدى الأكاذيب  التركية المتتالية حول ما كانت تسميها بالتحرير بل كان الإرهاب الحقيقي هو أردوغان، لأن عفرين كانت آمنة وتركيا هي الوحيدة التي سببت المعاناة لأهالي عفرين، ونستنكرهنا الصمت الدولي تجاه احتلال مقاطعة عفرين وتشريد أهلها".



ومن جهته قال الشاب أحمد يوسف من مدينة عفرين: "الطب بالنسبة لنا له أهمية كبيرة، كما رأينا أثناء معارك عفرين لم يكن هناك العدد الكافي من الأطباء نتيجة تركهم للمدينة مع بداية المعارك، قبل الثورة كان الأطباء بنظر الأطفال والشباب والمسنين كالتجار يعملون لأجل المال فقط، ولأجل هذا أردنا أن نغير تلك الصورة لتوجيه أنظار المجتمع إلى مفهوم الطب والذي هو مفهوم إنساني ووجداني، لقد درس أطبائنا المختصون الطب بشكل خاطئ". 


وأضاف يوسف "منذ بداية ثورة روج آفا تزايدت الحاجة لدى الشعب للأطباء والمختصين، لذلك زاد إصرارنا على المشاركة في التدريب في المجال الطبي".


وأوضح حسن: "درست الطب أيضاً في عفرين ولكن لمدة قصيرة، وخلال معارك عفرين ورؤيتنا لقتل وإصابة الأطفال، المقاتلين، أبائنا وأمهاتنا لم نستطع كطلاب الوقوف مكتوفي الأيدي ورؤية تلك الجرائم وشاركنا ككوادر طبية رغم معرفتنا القليلة بالعمل في الجبهات لكي نقوم بإنقاذ حياة المدنيين المصابين ونساعد مقاتلينا في الجبهات خلال محاولاتهم حماية الأهالي، وقد توجهنا إلى النقاط الطبية التي قامت بتجهيزها منظمة الهلال الأحمر الكردي في الجبهات".


وقال حسن: "حاولنا وقدمنا أفضل ما لدينا لتقديم المساعدة للمدنيين خلال شهرين من معارك عفرين، شاهدنا إصابات كثيرة لكن الإصابات بالرصاص كانت قليلة جداً، لأن إصابات المصابين كانت خطيرة نتيجة قصف الطائرات، والدبابات والمدافع، كما أننا أخرجنا جثامين الكثير من المدنيين من تحت الأنقاض، لقد رأينا الكثير لذلك إصراري على ممارسة مهنة الطب يزداد يوماً بعد آخر".


وتابع حسن: "كما  نعلم الآن الكثير من الأطباء من سوريا، ومنهم أتوا من الدول الأوروبية انضموا لمجموعات المرتزقة، والآن يقومون بتجارة الأعضاء البشرية في عفرين و هذا الأمر يقع خارج الموازين الطبية".


ولفت إلى أن جيش الاحتلال التركي شن هجماته بكل تقنياته العسكرية من قصف، بالمدافع والدبابات والطائرات كما أن استخدم الغازات الكيماوية، ليس ضد المدنيين من عفرين فقط، بل استخدمها ضد طبيعة عفرين ايضاً، وبهذه الطريقة سعت تركيا للقضاء على الحياة الآمنة، الطبيعة والإنسان في عفرين.


وأوضح: "وبالعودة لاستخدام الكيماوي طبعاً هذا الموضوع أثر على صحة الشعب ليس لمدة يوم أو يومين لكان سيسمر تأثيره  لأربعة أعوام قادمة على الأقل على المجتمع.
وارتكب أردوغان هذه الجريمة أمام أنظار العالم أجمع، ليس استخدامه الأسلحة الكيماوية بل الحرب التي دارت في عفرين أمام أنظار العالم جميعاً وكان يظهر ذلك في وسائل الإعلام أيضاً، كان على منظمات حقوق الإنسان، والدول الأوروبية أن لا يلتزموا الصمت ونحن من جانبنا نعتبر صمتهم موافقة واتفاقية لاحتلال مدينة عفرين، وسياسة مشتركة ضد مشروع الإدارة الذاتية التي تم تأسيسها في روج آفا".


وناشد أحمد حسن، في ختام حديثه، كافة الأطباء بأن يكونوا ملتزمين بالاخلاق الإنسانية وأن يقوموا بتدريب أنفسهم وتحضير نفسهم للعب دورهم الإنساني على أكمل وجه ضد أي هجمات عدوانية والتي ربما سيواجهها شعبنا، مُضيفاً: "ومن جهتنا نحن كأطباء، نعاهد شعبنا بأن نحاول بكل جهد حتى نجعل مستوى الأطباء في مرتبة الإنسانية العليا".