البدو في سوريا لا زالوا يحافظون على ثقافاتهم رغم الصراعات

يقصد العرب البدو مناطق شمال وشرق سوريا بحثاً عن الكلأ والمياه والأمن لتربيه مواشيهم، هرباً من مناطق الصراع إلى منأى يحميهم من السلب والنهب، متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم المتوارثة عن آبائهم وأجدادهم في حياتهم اليومية رغم كل تطورات الحداثة.

ينتشر البدو الرحل في مناطق الرقة ودير الزور والحسكة شمال سوريا، حيث يميل البدو إلى العيش في المناطق التي تتوفر فيها المراعي الخضراء، وبحثاً عن المرعى والمشرب والأمن الذي لم يجدوه في بوادي مناطق سيطرة الحكومة السورية، رافضين التخلي عن عاداتهم وتقاليدهم رغم عزوف بعض العائلات.

ويعتمد البدو بشكل أساسي على تربية المواشي والآبل كمصدر رزقهم من خلال عمليات البيع والشراء الدائم، وتعد المنتجات الألبان من الإبل والماعز مصدر غذاء رئيسي بالنسبة لهم.

ويعيش البدو في خيم تراثية متنقلة تحدد خصوصيتهم بحسب الحاجة والظروف التي تحددها المرعى والمشرب والأمن، كما تمثل الخيمة تجسيداً للعلاقات الاجتماعية، ويدعى باني الخيمة "تخيم الشخص" أي بمعنى أصبح قادراً على إدارة نفسه بنفسه.

وتتصدر القهوة العربية تراثهم الشعبي في طريقة صنعها وسكبها في الفنجان المخصص نظراً للأهمية التي تكتسبها لدى العرب منذ القدم، وهناك قواعد يجب على المضيف احترامها في طريقة سكب القهوة للضيف، بحسب المناسبة التي يتم فيها ضيافة القهوة العربية.

ويتم صناعة القهوة العربية عن طريق تحميصها بآلة يدوية عن طريق وضع كمية من حبات القهوة على إناءٍ معدني مقعر يدعى "المحماسة" وتحرك حتى تنضج جميع جهاتها لتصبح صالحة لعملية الطحن.

 ويتم وضع حبات القهوة المحمصة في "المهباش" ليتم طحنها بطريقة يدوية حتى تصبح صالحة لصنع القهوة العربية الأصيلة، ويتم وضعها في إناءٍ نحاسي ليتم  سكبها لاحقاً في دلة القهوة.

 فيما تقف النساء جنباً إلى جنب مع الرجال في الأعمال اليومية، حيث تتولى النسوة الأعمال اليومية من توقيد النار وتحضير الطعام وصنع المنتجات من الألبان والأجبان والسمن العربي باستخدام أساليب متوارثة وتقليدية قديمة.

وخلال لقاء لنا مع أحد شيوخ قبيلة البني خالد القاطن في ريف الرقة الشمالي الشيخ جاسم الشيخ، الوافد من ريف حمص، تحدث عن نمط معيشتهم اليومية في البادية، مؤكداً تشبثهم بالعادات والتقاليد رغم تطورات الحداثة.

وقال جاسم الشيخ في مستهل حديثه "حياتنا متنقله بين الصحاري والأرياف السورية بحثاً عن المرعى والمشرب والأمن، وبعد التصعيد التي شهدته مناطقنا في أرياف حمص اتجهنا صوب مناطق شرق الفرات الأكثر أمنن من باقي المناطق السورية.

وأضاف "نعيش في الصحراء منذ سنوات, ونعتمد على تربية المواشي كمصدر رزقنا، ونعيش حياة منتقلة بحثاً عن الكلأ والماء، كما نعارض التحضر، وتعتبر حياتنا تقليدية ثقافية عربية متوارثة، وعزوف بعض العائلات على الترحال, مفضلين سكنة المدن، فيما لانزال متمسكين بالعادات والتقاليد".

واكمل الشيخ جاسم الشيخ "ويتصدر الغناء الشعبي تراثنا، حيث يعود الغناء البدوي بأصوله إلى العصر الجاهلي ومن انواعه السامر والحداء والفاردة والمعيد  والتراويد، وهي أغاني قصيرة الألحان ويتبادل غنائها مغني منفرد ومجموعة من المنشدين من أبناء القبيلة، ويلقي المغني الشعر والأغاني الفلكلورية عن طريق الآلات الموسيقية القديمة وتعتبر الربابة الآلة الأكثر شعبية لدى البدو، حيث يتجمع العشرات في كل ليلة لسماع  قصة أو للاستماع للأغاني الشعبية على واقع الموسيقا الفلكلورية المحببة لدى البدو.

وقال جاسم الشيخ في ختام حديثه "فيما تتصدر القهوة  العربية العادات والتقاليد المتوارثة منذ عقود، حيث يتم ضيافة القهوة العربية لترحيب بالضيف، وتتعدد طرق تقديم القهوة العربية بحسب المناسبة ويتم صناعة القهوة يدوياً عن طريق آلات بدائية توارثناها عن آبائنا وأجدادنا.