النحت هو فن تجسيد الحياة في الحجر والطين والخشب

يعمل النحات أردال توت على تجسيد الحياة في الحجر والتراب والشجر بأعماله اليدوية، ويقول توت أن على الأشخاص الذين يقومون بهذا العمل أن يحبوا عملهم و يتحلوا بالصبر أيضاً، ويضيف "عندما أبدأ العمل، اجعل  ماهية الشيء وكيفية القيام به، حياً في ذهني". 

بعد قيام حكومة العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بتعيين وكلائها في بلدية آمد الكردستانية عام 2016، أصدرت البلدية قرار استبعاد النحات أردال توت عن عمله، فلم يبقى أمامه إلا تحويل مستودعه الصغير الذي لا يتجاوز مساحته 80 م2 إلى ورشة عمل للنحت و لأعماله اليدوية؛ فهو يقوم بأعماله من جهة ويعطي فرصة تعلم النحت للأشخاص المهتمين والراغبين في تعلم هذا الفن.

في ورشته الصغيرة يعمل أردال توت على تجسيد الحياة في الحجر والطين والخشب، وتعليم النحت لعشاق هذا الفن الجميل.

النحت ينعش وعي وإدراك الإنسان 

يشير النحات أردال توت إلى أن هذا العمل يتطلب الحب والصبر والهدوء ويقول: "لا بد للأشخاص القائمين بهذه المهنة أن يحبوا عملهم و يتحلوا بالصبر، عندما أبدأ العمل، أجهد على إحياء الشيء وكيفية القيام به في مخيلتي أولاً".

أردال توت من مواليد ناحية فارقين التابعة لولاية آمد، يعمل في الأعمال اليدوية منذ نعومة أظافره، مما جعله يتميز بِحسٍ فني رائع.

يذكر توت إنه مارس النحت لأول مرة في الجامعة وأدرك حينها أن هناك فنٌ للنحت، بعد أن كان رساماً، وقال:" عندما كنت في فارقين كنت العب دائماً بالطين والاسلاك والخشب، يدَي هاتين كانتا تعملان في الفن، فمنذ طفولتي وأنا لا أتكلم كثيراً ولكن يداي تستطيعان التكلم بشكلٍ جيد من خلال هذا الفن، درست الفن في المرحلة الاعدادية كما اهتممت بالرسم ايضاً، وبعد التحاقي بالجامعة تعرفت على النحت، أدركت أن هناك فن اسمه النحت.

للنحت دور هام في تنشيط وإحياء ذاكرة المجتمع

أوضح توت أن اهتمامه الرئيسي هو الحجر، وأضاف: "إلى جانب الحجر، أقوم أيضًا بعمل فن الطين والخشب الطبيعي واعمل الأدوات الخشبية، النحت هو فن ثلاثي الأبعاد يُمَكِنْ الناس من رؤيته وملامسته من جميع الجهات،كما أن النحت له فن وشكل قيّم، وما يميز النحت عن الصورة هو أنه ثلاثي الابعاد أما الصورة لها بعدان، وبحسب البحث والتقييم من التاريخ فإن هذا الفن موجود قدم التاريخ ويعتبر النحت "نقشاً على الحجر"، هذا الفن يجعلنا ننظر الى الدنيا بنظرة جميلة وحيوية، فالفن هو ملك المجتمع ويساهم في تنشيط ذاكرته.

وقال توت "إنني أجهد على تجسيد الحياة في الحجر والطين والخشب من خلال الفن اليدوي هذا، وتابع:" امارس فن النحت على الحجر منذ عشرين عاماً وهو اهتمامي الرئيسي، وامارس ايضاً فن النحت على الخشب الطبيعي والطين منذ ست سنوات، هذا الفن يتطلب الحب والصبر والهدوء والسكينة، الأشخاص الذين يقومون بهذه العمل يجب أن يحبوا عملهم ويتحلوا بالصبر، وأنا عندما أبدأ العمل، أجهد على إحياء الشيء وكيفية القيام به في مخيلتي، ومن ثم أقوم بتطبيقه على الحجر والخشب واجعله شكلاً ذو هيئة، كما انني ابذل جهداً عظيماً في اعمالي اليدوية هذه.

ورشة عمل بمثابة أكاديمية

يقول توت بأنه يستغرق وقتاً طويلاً في صنع المنحوتة وأضاف:" هذا الفن جزء من حياتي، قبل عشرين عاماً لم أكن أعلم ما هو النحت ولكني الآن اتدرب على هذا الفن، هنا أحاول تجسيد الحياة في الحجر والطين والخشب؛ الشباب في آمــد يهتمون بشكلٍ كبير بهذا الفن، أنا بدوري أعلم الشباب هذا الفن في ورشتي التي اعتبرها أكاديمية للفنون اليدوية في الوقت نفسه".

تمثال طاهر ألجي

وأشار توت إلى رغبته في نحت تماثيل للعديد من الأبطال والرواد الكرد ونصبها في الساحات، وقال: "لدي حلم أن أصنع تمثالًا لطاهر ألجي في يوم من الأيام و أضعه في سور آمد، طاهر ألجي هو رمز للسلام، ولكن للأسف لا يمكن القيام بهذا بدون مساعدة البلدية، والبلدية في المنطقة لا تعطي الأهمية للحرف اليدوية، وحتى الآن ليس هناك تمثال من صناعتي اليدوية في مدينتي".

تماثيل نمرود و غوبكلي تبه

ولفت أردال توت الانتباه إلى تاريخ النحت و أوابده، حينما قال: "هذا الفن له تاريخ ماثل حتى يومنا هذا، لقد جعل أجدادنا هذا الفن أكثر حيوية، ومن الأمثلة على ذلك المنحوتات في نمرود و غوبكلي تبه، في هذه المناطق توجد تماثيل قيّمة وجميلة، نعم، لها مكانة مميزة وجميلة في قلوب جميع النحاتين".

يريدون طمس تاريخ الشعب الكردي 

كما أوضح توت أنه عندما عينت حكومة العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وكلائها في بلديات كردستان، نستطيع القول بأنهم قاموا بإزالة جميع التماثيل من أماكنهم، بهذه الممارسات يريدون طمس هوية الشعب الكردي وتاريخه، وقال: "عندما تم تعيين هؤلاء الوكلاء قاموا في البداية بإزالة جميع تماثيل القادة والابطال ورموز الكرد من أماكنها، وفي مقدمتهم تمثال أحمدي خاني الذي تم إنشاؤه وتنصيبه في آمـــد في ذكرى مجزرة روبوسكي، واحترق قلبي لهذا، وعلى جميع النحاتين أن يحتجوا على هذه الممارسات الشائنة، سعوا من خلال هذه التصرفات اللاأخلاقية، تشويه التاريخ الكردي وطمسه، والقضاء على تراث شعب؛ نعم يمكنهم إزالة تمثال من ساحة ولكنهم أبداً لن يتمكنوا من محوها من قلب ومخيلة وعقل الإنسان الكردي."