أثر الأزمة الأوكرانية على شعوب ودول الشرق الأوسط

تحدث الكاتب والباحث السياسي أحمد شيخو خلال مقال له، عن أثر الأزمة الأوكرانية على شعوب ودول الشرق ‏الأوسط

تقترب الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب في أوكرانيا التي بدأت في ٢٤ شباط/فبراير ٢٠٢٢ من قبل روسيا ‏مخلفة ورائها تداعيات وتحديات مختلفة وكبيرة على مجتمعات وشعوب ودول الشرق الأوسط والعالم في العديد ‏من المجالات منها الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية ومازالت التأثيرات تزداد وتكبر مع استمرار ‏الحرب ومحاولة الطرفين الغربي و الروسي الاستمرار في الحرب وتوسيعها لتشمل مناحي وساحات أخرى ‏في المنطقة وحول العالم لإجبار‎ ‎كل طرف الطرف الآخر المقابل له على الرضوخ لشروطه والقبول بالهزيمة ‏أو على الأقل حفظ ماء الوجه عند بدء مسار المفاوضات وانتهاء الحرب إن حصل وهو المستبعد.‏

ولعل انشغال المراقبين والباحثين السياسيين والإعلام وكذلك غالبية مراكز البحث الاستراتيجية و السلطات ‏وأجهزة الدول في الشرق الأوسط وخارجها بمراقبة و تناول الموضوع ومحاولة فهمه ومعالجة تداعياته بتحليل ‏وتقدير الموقف الحاصل مع تزايد الحديث عن المشهد الإقليمي والدولي وإمكانية التغيير فيه وفق نتائج الأزمة ‏الأوكرانية و كما أن تناول المفاهيم الدولية كالتعددية القطبية و أمن الغذاء العالمي وأمن الطاقة والهجمات ‏السيبرانية والعقوبات الاقتصادية وسقف السعر و محاولة إضعاف هيمنة الدولار إن أمكن وارتفاع الأسعار، و ‏كذلك تناول المضائق والممرات المائية الدولية في الشرق الأوسط وخارجها ومحاولة تأكيد تأمينهم بالشكل ‏الكافي و القادر على مواجهة أي طارئ من قبل القوى العالمية والإقليمية، وتداعيات وأثر كل ذلك على الساحة ‏الاجتماعية والفكرية لمجتمعاتنا وشعوبنا، يبين أن قبل الأزمة الأوكرانية وبعدها مختلف و ستكون لها تداعيات ‏كبيرة وربما إلى معادلات إقليمية ودولية جديدة تعزز هيمنة نظام القطب الواحد مجدداً مع بعض التغيرات ‏الجوهرية في الأدوات الإقليمية وخرائط النفوذ أو أن تؤدي إلى توزيع جديد للقوى المركزية العالمية وفقاً ‏لموقعها وقوتها الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية ومهام مستحدثة لبعض القوى المركزية المهيمنة والإقليمية ‏في تحمل مسؤوليات أكثر كما الدول الأوربية والعربية وبعض دول شرق آسيا التي مطلوب منها تحمل العبىء ‏والعمل أكثر في النطاق الإقليمي والدولي المكلف بها وتأمين متطلبات الهيمنة العالمية والرضوخ بشكل تام.‏

من المفيد أن نشير أن الحرب العالمية الأولى والثانية ورغم حدوثهم في أوربا وخارج الشرق الأوسط وبشكل ‏كبير، إلا أن ما تم تشكيله من دول ونظم وثقافة سياسية مضللة وأيدولوجيات أحادية و مطلقة في الشرق ‏الأوسط وبين شعوبها لتزرع الحروب والتجانس القسري والنمطية، كانت انعكاس مباشر وترجمة فعلية لنتائج ‏الحروب تلك وتدخل المنتصرين وقوى الهيمنة الجديدة في شؤون مجتمعات وشعوب المنطقة لإخضاعهم و ‏للهيمنة عليهم ونهبهم عبر تقسيم المنطق لدويلات قومية تابعة و متناحرة مع شعوبها ومع محيطها في حالة من ‏التجاوز والاعتداء على ثقافة المنطقة وتنوعها وقيمها وتقاليدها الديمقراطية والتكاملية.‏

يمكننا أن نرصد أثر الأزمة الأوكرانية على المنطقة وشعوبها ودولها من معرفة تفاعل الشعوب الأربعة ‏الأساسية والدول التي تحتويهم بالإضافة إلى معرفة توجه إسرائيل وتحركاتها مع الأزمة كونها تعد مؤشر ‏لكونها نواة للهيمنة العالمية في المنطقة ومن أهم القوة الإقليمية المؤثرة من خلف الكواليس في شؤون المنطقة ‏وإن لم تظهر كغيرها من القوى الإقليمية في الواجهة وهم:‏

‎1‎‏-‏ الدول والشعوب العربية:‏

‏ غالبية الدول العربية تأثرت بشكل سلبي بالأزمة الأوكرانية وفي مجالات عديدة و منها ما تمس حياة ‏الطبقات الشعبية العربية الفقيرة مباشرة وإن قامت بعض الدول بزيادة صادراتها من الغاز لأوربا، ‏وخاصة مع عدم امتلاك غالبية الدول العربية للرؤية و للقرار السياسي والاقتصادي المستقل نتيجة ‏لعوامل عديدة بالإضافة إلى غياب الديمقراطية التي جعلت الشعوب ومختلف التكوينات الاجتماعية ‏غير حاضرة في مشهد وقرار وقوة مواجهة التحديات، بل موجودة لتلقي الصدمات وعيش المعاناة ‏وامتصاص دمها وجهدها وحقوقها من قبل السلطات القوموية والدول المركزية الفاشلة والتيارات ‏العروبية المصطنعة والتي مازال العديد منها يعاني من أثر التحركات الجماهيرية التي حصلت منذ ‏عقد والتدخلات السلبية الخارجية والإقليمية والتي فشل المنظومة العربية الرسمية والسياسية ‏والموجودة بعد الحرب العالمية الأول في تحقيق مطالب شعوبها و وحقوق تكويناتها الاجتماعية ‏العادلة في الحرية والديمقراطية وحل المعاناة  الاقتصادية والصحية والتعلمية واجتياز الأزمات التي ‏حصلت ومنع التدخلات الإقليمية والخارجية التي مازالت مستمرة وكذلك مواجهة الإرهاب (الإسلام ‏السياسي وبمشتقاته من الإخوان والقاعدة وداعش) الذي يعتبر تحدي كبير للمجتمعات والدول العربية ‏والذي زاد من نشاطه مع الأزمة الأوكرانية لانشغال العالم عنه وكذلك لقيام بعض الدول الإقليمية ‏كتركيا بحماية قادة داعش في مناطق احتلالها وبدعم خلايا داعش والقاعدة في مختلف الدول العربية ‏والاستفادة منها في تنفيذها الهجمات على القوى والدول التي ترفض الخضوع وقبول السياسات ‏التركية ونهبها للثروات العربية كما في ليبيا وسوريا و العراق والصومال واليمن وذلك رغم حالة ‏التطبيع المضللة والمخادعة للدولة التركية مع بعض الدول العربية المحورية ريثما يجتاز السلطة ‏الحالية التركية الاستحقاق الانتخابي.‏

ونظراً لضبابية المواقف الدولية ومن طرفي الصراع في أوكرانيا من القضايا العربية الملحة كقضية ‏مواجهة إيران وأذرعها والتدخلات التركية و زيادة قواعدها العسكرية ودعمها للمليشيات والإرهابين ‏والمرتزقة، وكذلك محاولة الطرفين استغلال موارد الشعوب والدول العربية وأخذ الدول العربية ‏لتحالفاتها زادت الانقسام والحيرة والخوف من المستقبل مع عدم وضوح الرغبة والرؤية الدولية في ‏حل الأزمات في الدول والعالم العربي وخاصة تلك الدول التي مازالت تعاني من أثر وتداعيات ‏الربيع العربي ناهيك عن ظهور قوى الإرهاب والأذرع التمددية للقوى الإقليمية، والملاحظ أن مقاربة ‏طرفي الأزمة الأوكرانية للقضايا العربية هي أخذها وتناولها كورقة وأداة لتوظيفها في الحرب ‏الأوكرانية مما سيزيد حدة الصراعات في المنطقة و لعل محاولة التطبيع بين النظامين التركي ‏والسوري بضغط روسي  رغم وجود جملة من التحديات أمامها هي أحد هذه الحالات مع وجود ‏رغبة من السلطات التركية لخداع النظام السوري وجرها لمواقف معادية ضد الكرد لن يخدم سوى ‏دولة الاحتلال التركية والتمهيد لتقسيم سوريا.‏

‎2‎‏-‏ تركيا: ‏

للأزمة الأوكرانية تأثير مهم و مصيري على الدولة التركية ومستقبلها وخاصة بوجود السلطة الحالية ‏التي تملك مشروع العثمانية الجديدة و تمارس حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي في داخل ‏تركيا وفي سوريا والعراق وفي كل مكان حتى في أوربا كمدينة مثل باريس وغيرها، هذه السلطة ‏التي تجسد الإسلام السياسي الإرهابي الإخوانيAKP)‎‏)والفاشية التركياتية الطورانية(‏MHP‏) و التي ‏تحاول نسج وصياغة علاقات وأدوار ونفوذ لتركيا غير مسموح لها من قبل نظام الهيمنة العالمي و ‏الذي يعتبر تركيا الدولة والجغرافية والسلطة دوماً منذ يوم قبولها كدولة قومية تركية وفق معاهدة ‏لوزان عام ١٩٢٣ إحدى أدواتها وأحجارها على رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط وخاصة مع ‏دخولها الناتو عام ١٩٥٢وإنشاء فرع لغلاديو الناتو ضمن الدولة التركية باسم أرغنكون (الدولة ‏العميقة التركية) التي تعتبر .‏
ومع بدء الحرب استشعرت الدولة والسلطات التركية بالخطر المصيري القادم لوقوع تركيا على ‏البحر الأسود والصراع الدولي عليها من جانبي الأزمة ومن احتمالية توسع الحرب واستمرارها ‏وإجبار تركيا على الاختيار في الوقوف الكامل مع أحد الطرفين، ففي الحرب العالمية الأولى أيضاً ‏أرادت الدولة العثمانية الوقوف في المنتصف وعلى الحياد لإنقاذ نفسها، ولكن البريطانيين وبوضع ‏علم العثمانيين على أحد السفن البريطانية وبالهجوم على السفن الروسية جعلت روسيا تظن أن ‏العثمانيين اختاروا وانحازوا للصف المعادي وحصلت الاشتباكات والحرب بينهم وكانت النتيجة أن ‏الإمبراطورية العثمانية ذهبت أدراج الرياح و في خبر كان وانهارت وتقسمت، واليوم أيضاً وحسب ‏رؤيتنا أن تركيا أمام منعطف تاريخي :‏
‎1‎‏-‏  ما أن تستمر في حروبها وتدخلها في المحيط وخاصة حربها وإبادتها للشعب الكردي وهنا ‏ولاستمرار حربها هذه لابد أن تأخذ الضوء والدعم من الطرفين مقابل أن لا تنحاز بشكل كلي ‏لأحد الطرفين، وهذا ما فعله أردوغان في اجتياحاته وحربه واحتلاله ضمن سوريا ولكن مع ‏تعمق الأزمة الأوكرانية ودخولها مستويات خطيرة لابد أن يحاول أحد الطرفين جلبه كلياً لطرفه ‏حتى يضعف الطرف الأخر وبشكل مؤثر وفعال وعندها لابد أن تختار أحد طرفي الأزمة ‏الأوكرانية وتحصل لها ما حصلت مع الدولة العثمانية، والانتخابات التركية القادمة لن تكون ‏بمنأى عن تدخل الطرفين ومحاولة كل منهما التأثير على نتائج الانتخابات وأصوات الناخبين ‏وعبر أدوات عديدة.‏
‎2‎‏-‏    أو أنها تتجاوز القوموية التركية الفاشية والدولة المركزية وتقوم بالقيام بالتحول الديمقراطي ‏وإطلاق سراح القائد أوجلان وحل القضية الكردية سليماً وديمقراطياً وعندها لن تكون مجبورة ‏على التبعية للخارج وتهديد المحيط واختيار أحد الطرفين بالشكل الكامل وستكون مجتمع ودولة ‏ذات اعتبار وسيادة ولها قرار وطني تستطيع مواجهة التحديات ومعالجة الأثار السلبية وحل كافة ‏القضايا، لأن المجتمع والبلد الديمقراطي يستطيع أكثر من غيره من مواجهة التحديات وحل ‏القضايا.‏
‏ والملاحظ أن السلطة التركية وعلى رأسها أردوغان غير قادرة على رؤية وسلك الاتجاه ‏الصحيح، ومقاربة تركيا من القائد أوجلان واستمرار العزلة والتجريد عليه وعدم وجود أية ‏معلومات عنه ومنع أهله ومحامييه بزيارته مع ملاحظة تواطؤ لجنة مناهضة التعذيبCPT)‎‏)‏‎ ‎‏ مع ‏تركيا لاستمرار سياسة العزلة مرافقاً بالهجمات بالأسلحة المحظورة والكيميائية على المدنيين ‏والمقاتلين الكرد في مناطق الدفاع المشروع في إقليم كردستان العراق وكذلك الهجمات المستمرة ‏بالمسيرات والمدافع والطائرات على شمال وشرق سوريا واستمرار تدخلها في المحيط والدول ‏العربية، تبين تضخم حالة السلطوية الفاشية لدى تركيا وسلطاتها وخوفهم من المحاسبة ‏والمحاكمة بعد الرجوع عن هذه السياسات والهزيمة في الانتخابات القادمة.‏

ومع أخذنا باحتمالية انضمام الناتو وفنلندا إلى الناتو وهما الدولتان اللتان لهما حدود طويلة مع ‏روسيا وبالإضافة إلى اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل والدول العربية وظهور منتدى غاز الشرق ‏المتوسط كأحد المعادلات الإقليمية المهمة للنظام العالمي، باتت الدولة و السلطات التركية تشعر ‏أن دورها الوظيفي وموقعها وثقلها الإقليمي لن يكون مثل السابق في المستقبل وفي أي ترتيبات ‏جديدة ولذلك الشعور بالخوف والخيبة وإمكانية التراجع كبيرة لدي العقل السلطوي والسياسي ‏الفاشي التركي مما خلق سلوك تركي مضطرب وقلق متزايد لدى السلطات التركية التي باتت ‏ترى استمرارها بالحكم في قتل الكرد وشعوب المنطق وإشعال الحروب واستمرار دعم الإرهاب ‏وكذلك فرض نفسها على دول العالم  ومحاولة اللعب بين جميع الأطراف وعلى كل الحبال ولكن ‏هذا لن يدوم والسقوط سيكون مدوياً، لكن لا أحد غير الشعب الكردي يدفعه الأن إلى السقوط، بل ‏أن البعض يراهن على أردوغان ووجوده في الحكم وفوزه في الانتخابات حتى يستعمله حصان ‏طروادة ضمن الناتو كما روسيا وغيرها لكن أردوغان لا يستطيع أن يكون حتى حمار أو كلب ‏طروادة وليس حصان لكونه ومع حزبه الاسلاموي الإخواني تم جلبهم للحكم لزوم مرحلة ‏الإسلام السياسي في المنطقة والتي بدأت نهايتها بكلمة الفصل والحزم للشعبين الشعب المصري ‏العزيز الذي قال لا للإخوان الإرهابيين ولحكمهم وعمالتهم لغير أولوية الشعب والوطن وأسقطهم ‏وكذلك للشعب الكردي في هزيمة داعش في كوباني وهزيمة حزب العدالة والتنمية في انتخابات ‏تركيا عام ٢٠١٥.‏

‎3‎‏-‏ الشعب الكردي: ‏

ونظراً لامتلاك الشعب الكردي وحركة حريته بقيادة القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني، ‏مشروع الأمة الديمقراطية ومقترح اتحاد الأمم الديمقراطية في الشرق الأوسط كبديل للدولة القومية ‏والدول والمؤسسات القومية في الشرق الأوسط ، استطاع الشعب الكردي لعب دور مهم وريادي ‏وخاصة في العقد الأخير على ساحة الشرق الأوسط وفي منطقة التماس مع الشعوب العربية وتمكنوا ‏وبهذا المشروع الديمقراطي الثقافي و الاجتماعي والسياسي والعسكري من هزيمة داعش والقاعدة في ‏سوريا والعراق وبناء نظام الإدارة الذاتية لشنكال/سنجار وقوات مقاومة شنكال‎(YBŞ)‎‏ من المجتمع ‏الإيزيدي في قضاء شنكال، حتى يقوم المجتمع الإيزيدي بإدارة نفسه كأحد حقوقه الطبيعية وعدم ‏تكرار الجينوسايد الذي حصل في ٢٠١٤ مرة أخرى، و كذلك  تم بناء وتشيد نظام الإدارة الذاتية ‏لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية مع الشعب العربي و المكونات والشعوب الأخرى في ‏سوريا كمشروع وطني سوري بامتياز تقوده المرأة الحرة ويستند بشكل أساسي لأخوة الشعوب ‏والتعايش المشترك والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات والمجتمع الديمقراطي والأيكولوجي ‏بما يحافظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامتها.‏

ولكن تركيا وأردوغان ولكون هزيمة داعش كانت هزيمة لهم أيضاً نظراً للترابط الأيديولوجي ‏والعضوي بينهم ومشروع الميثاق الملي الذي بموجبه أراد و يريد أردوغان وتركيا احتلال شمال ‏وشرق سوريا وإقليم كردستان العراق، هنا تدخلت تركيا وبشكل مباشر مستغلة بعض المرتزقة من ‏المعارضة السورية والإرهابيين حول العالم الذين جلبتهم لسوريا والعراق و مصالح الدول معها ‏والموقع الاستراتيجي لتركيا ووجودها ضمن حلف الناتو في احتلال ‏‎10%‎‏ من مساحة سوريا والقيام ‏بممارسة التطهير العرقي وكافة الجرائم بحق الشعب الكردي وشعوب سوريا كما في عفرين المحتلة ‏وكذلك في سري كانيه وكري سبي والباب وإدلب‎ ‎‏ المحتلين من قبل تركيا وإرهابيها ومرتزقتها من ‏الإخوان والدواعش تحت اسم ما يسمى الجيش الوطني السوري والائتلاف وحكومتي الائتلاف ‏والإنقاذ وهيئة التفاوض.‏

والآن ومع قرب الاستحقاق الانتخابي ومع استمرار وتزايد تأثير الأزمة الأوكرانية على أردوغان، ‏يحاول المحافظة على التوازن قدر الإمكان بين علاقاته بالطرفين الروسي والغربي واستغلال ‏الطرفين للسماح له ولجيشه برفع مستوى الحرب الممارسة ضد الشعب الكردي إلى مستويات أعلى ‏ومزيد من الاحتلال المباشر لرفع شعبيته المنهارة بسبب سياساتها الفاشلة وما اللقاءات الثلاثية ‏والحديث عن تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري بالضغط والرعاية الروسية وتصريحات ‏لافروف المحبذة والمسايرة لتركيا وأردوغان عن تفهم روسيا لمخاوف تركيا حول الكرد السوريين ‏وكذلك زيارة وزير خارجية دولة الاحتلال التركي إلى أمريكا هي في هذا الإطار في إطار عداء ‏دولة الاحتلال التركي للشعب الكردي ومحاولة ضم الأخريين بشكل أكثر فعالية لهذه الحرب ضد ‏الشعب الكردي الذي قام بحماية سوريا والعراق والبشرية من خطر وإرهاب داعش.‏
‏ وهنا أيضاً ظهر دعوة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الذي صفع أردوغان في انتخابات البلدية ‏بالتنسيق مع المعارضات الأخرى، ويريد صفعه بتحالف الحرية والكد هذه المرة والذي بدأ حملته قبل ‏يومين في تجمع جماهيري كبير في إسطنبول، رغم أن الكثير من المعارضة التركية الحالية ‏والظاهرة في الوسط السياسي التركي غير تحالف الحرية والكد هي تكرار و نسخ بالية من أردوغان ‏وخطه الأيديولوجي والسياسي الاسلاموي البراغماتي الوقح ولا تملك رؤية استراتيجية وطنية ‏ديمقراطية للتعامل في الداخل والخارج مع القضايا الوطنية و التحديات الكثيرة كحل القضية الكردية ‏ومعالجة تداعيات الحرب الأوكرانية على تركيا وبناء علاقات سليمة مع المحيط والعالم يما يخدم ‏الاستقرار والأمن.‏
‎4‎‏-‏ إيران: ‏

ربما تكون إيران من الدول القليلة وخاصة بعد فشل المفاوضات بينها وبين المنظومة الغربية على ‏برنامجها النووي، من التي ذهبت مع روسيا في حربها وغزوها لأوكرانيا الى مستويات متقدمة ‏كتقديم الدعم الاقتصادي والعسكري وربما مستشارين و جنود ومسيرات لروسيا كما تؤكده العديد من ‏الأنباء بعد أن حافظت الصين على علاقاتها ومسافاتها السابقة من روسيا والمنظومة الغربية دون ‏تغير كبير ومفصلي يذكر، رغم صعود الحديث عن تايوان وبعض الزيارات الاستفزازية وتطور ‏ماهية العلاقات العسكرية بين أمريكا واليابان وبعض الدول القريبة من الصين، لكن الصين فضلت ‏عدم الذهاب مع روسيا كثيراً والاكتفاء ببعض المواقف الأقرب للشكلية والتي حافظت علي علاقاتها ‏مع المنظومة الغربية.‏
ربما تدرك إيران أن خسارة روسيا الحرب و مقتل بوتين وتقسيم روسيا لحوالي عشرة دول كما ‏تريدها أمريكا وبريطانيا كسقف أعلى لهدفهم من الحرب في أوكرانيا، أنه لن يكون في صالح إيران ‏إذا حصل، بل أن إيران وبعض الدول ستكون التالية مباشرة بعد روسيا أو حتى قبلها مع استمرار ‏توسع نطاق وتداعيات الأزمة الأوكرانية ورغبة الطرفين ربما في اشعال جبهات جديدة في الشرق ‏الأوسط وإضعاف كل طرف للأخر ولحلفائه الذين اختاروا الوقوف معه من دول وشعوب المنطقة، ‏في ظل قدوم حكومة إسرائيلية وضعت من أولوياتها الأربعة منع إيران وبمختلف الطرق من ‏الحصول أو الوصول للسلاح النووي والعمل لعدم تعزيز نفوذها بالقرب منها، وكذلك في ظل تصاعد ‏الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية الواسعة من مختلف الشعوب في إيران واستمرارها على غير العادة ‏رغم كل الاتهامات الغير صحيحة و ممارسة العنف الممنهج و البطش والإعدامات التي تمارسها ‏السلطات الإيرانية.‏
ولو لاحظنا الخريطة الإيرانية ندرك محاولة إتمام إطباق الحصار عليها من عدة جوانب مع تزايد ‏النفوذ الإسرائيلي في أذربيجان وكذلك وجود طالبان من طرف أفغانستان بالقصد الذي تم العمل عليه ‏إضافة لتزايد علاقات باكستان المملكة العربية السعودية وتوغل إسرائيل في الإمارات والبحرين وفي ‏معظم دول الخليج وإن لم يظهر ذلك للعلن، فكل هذا دفعت إيران أن تكون في صف روسيا وتطور ‏علاقاتها وفي جوانب عديدة مع الحكومة الروسية.‏

‎5‎‏-‏ إسرائيل: ‏

رغم تمدد وتوسع علاقات أو هيمنة إسرائيل في الشرق الأوسط مع حالة الربيع العربي وضعف ‏منظومة الدول العربية و بالترافق مع تمدد إيران وتركيا في الدول العربية، إلا أن الأزمة الأوكرانية ‏تركت أثر وشعور بأهمية التحرك وتدارك الوضع والاحتساب لأسوء وضع في الأزمة الأوكرانية ‏ولقد تحركت الدولة العميقة واللوبيات اليهودية في العالم ليكون النفوذ والرأسمال اليهودي العالمي في ‏روسيا والغرب حاضر في رسم ملامح نتيجة الحرب وتداعياتها و أي ترتيبات جديدة في المشهد ‏الإقليمي والدولي، لذلك نجد معظم الأطراف المتشددة اليهودية حاضرة في حكومة يمينية يهودية ‏لتكون إسرائيل جاهزة لكافة الاحتمالات والتداعيات التي من الممكن أن تكون مصيرية لمستقبل ‏المنطقة ومنها حتى ضرب إيران أو إضعاف إيران وضربها في سوريا ولبنان والعراق كما هو الآن ‏حتى لا تستغل إيران علاقاتها ودعمها لروسيا في أوكرانيا في تعزيز نفوذها ومد أزرعها في المنطقة ‏وخاصة في الدول العربية سواء في المشرق أو المغرب العربي، في ظل تخبط الدول العربية وضعف ‏الثقة الذي تسبب به انسحاب أمريكا من أفغانستان والشروط التي تضعها على المساعدات العسكرية ‏والاقتصادية لبعض الدول العربية ومحاولة تدارك دول الخليج أمنها وخوفها بفتح مسارات ولقاءات ‏مع الصين ومع إيران لإرسال رسائل متعددة إلى مختلف الأطراف ومنها أمريكا وبريطانيا و أوربا ‏وإسرائيل. ‏

وعليه، فإن الأزمة الأوكرانية أو الحرب العالمية الثالثة ستكون مستمرة إلى أن تكون هناك حدث أو تطور ‏نوعي أو تهور حقيقي بالأسلحة النووية أو قناعة عند طرفي الصراع أو تفاعلات ومعطيات جديدة ربما تأتي ‏نتيجة للتداعيات التي خلقتها وتخلفها هذه الحرب على العالم ومنها ساحة الشرق الأوسط، ونستطيع القول أن ‏مجتمعات وشعوب ودول الشرق الأسط ستكون معنية بنتائج هذه الحرب مباشرة، وبل أن العديد من الدول ‏والنظم والثقافات والسياسات يمكن أن تنتهي أو تظهر في المنطقة مع خسارة أحد طرفي الحرب في حال عدم ‏الوصول إلى صيغة وسط ترضي الطرفين وتحافظ على مصالح الأثنين حول العالم، وهنا يمكننا القول أن كافة ‏الاحتمالات واردة والظروف ربما تكون مناسبة حتى لمجتمعات وشعوب المنطقة لكي تكون لها كلمتها ونفوذها ‏ومشروعها الديمقراطي للحل وتجاوز ذهنية وعقلية وسلوك الأزمة وإيجاد الحلول الديمقراطية، وهنا تظهر ‏أهمية الحلقات والأبعاد المحلية وضرورتها لمجتمعات وشعوب وكذلك دول المنطقة في تفعيل طاقاتهم الذاتية ‏والاعتماد على أنفسهم بدل الخارج في معالجة التحديات ومواجهتها ومنها تأمين وبناء الساحة الديمقراطية ‏التشاركية لكل المجتمعات وشعوب المنطقة وكذلك تعزيز العلاقات والتحالفات على كافة المستويات بين ‏الشعوب والدول في المنطقة ومراجعة الدساتير والقوانين وكذلك المنظومة الأخلاقية والسياسية والتعلمية ‏والاقتصادية وكذلك الأفكار والسياسات التي تجعل دول المنطقة وشعوبها تحت رحمة الأخريين ومساعداتهم في ‏الوقت الذي نستطيع وبتحقيق التحول الديمقراطي في دول المنطقة وبين شعوبها وفي كافة مؤسساتها من ‏مواجهة كافة التحديات معاً والانتصار عليها وردع كافة التدخلات الخارجية والإقليمية في شؤون شعوب ودول ‏المنطقة بامتلاكنا للذهنية الديمقراطية التشاركية والإرادة الحرة القادرة على البناء والعمل ومواجهة التحديات ‏مهما كانت وبمختلف الوسائل والتي تعيد للمنطقة وشعوبها دورها الحضاري والإنساني البناء.‏