حراك دبلوماسي مصري وعربي لدعم التسوية في سوريا والتصدّي للتدخّلات الإيرانيّة والتركيّة

تشهد العاصمة المصرية القاهرة حراكا دبلوماسيا مكثفا للعمل على دعم التسوية السياسية في سوريا، فيما يعقد وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومصر والأردن بعد غد الخميس اجتماعا لبحث أزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية.

تصدّرت الأزمة السورية جدول مباحثات مصر مع فرنسا وروسيا والمبعوث الأممي إلى سوريا خلال اليومين الماضيين، واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، وذلك بحضور كلٍ من سامح شكري وزير الخارجية المصري، والوزير اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية، حيث شهد اللقاء التباحث بشأن آخر المستجدات على صعيد عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما سوريا وليبيا، حيث توافقت وجهات النظر بخصوص أهمية التمسك بالحلول السياسية لمختلف الأزمات التي تمر بها المنطقة، والحفاظ على وحدة الدول وسلامة أراضيها وتماسك مؤسساتها الوطنية، بما يلبى تطلعات شعوب المنطقة في استعادة الأمن والاستقرار.

وأكد الجانبان الحاجة إلى تعزيز قنوات التشاور والتنسيق بشأن مختلف الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً في ضوء التحديات التي يتعرض لها الشرق الأوسط، والتي تمتد آثارها إلى خارج المنطقة، الأمر الذي يستدعي تكثيف التعاون بين البلدين من أجل التغلب عليها، حسبما ذكرت الرئاسة المصرية في بيان اليوم.

كما أشار المسؤول الروسي في ذات السياق إلى أهمية العمل على ترسيخ الجانب العسكري والأمني في إطار علاقات التعاون المشترك بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، مشيداً بالجهود المصرية في هذا الصدد لدحر تلك الآفة، ومنوهاً بضرورة تضافر المساعي للدفع قدماً بآليات مواجهة ذلك التحدي العابر للحدود على المستوى الدولي.

مندوب بوتين يثمّن الدور المصري في جهود تحقيق الاستقرار الإقليمي

واستقبل سامح شكري وزير الخارجية، اليوم، ميخائيل بوجدانوف المندوب الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية، وذلك أثناء زيارته الحالية إلى القاهرة، في إطار التشاور المستمر بين البلديّن في شأن مُجمل تطورات الأوضاع في المنطقة.

وتبادل شكري وبوجدانوف الرؤى حول تطورات قضايا المنطقة، ومنها الأزمة السورية، وتطورات الأوضاع في ليبيا، حيث أكد الوزير شكري في هذا الصدد على الثوابت المصرية للتعامل مع التحديات المختلفة التي تشهدها المنطقة، ويأتي على رأسها بذل كافة الجهود للحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال الدول العربية وسلامة أراضيها، فضلاً عن الدفع بالحل السياسي لتسوية الأزمات في المنطقة، إيماناً بأنه لا توجد حلول عسكرية لأي من تلك الأزمات.

وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية أن المندوب الخاص للرئيس الروسي ثمّن من جانبه الدور المصري في جهود تحقيق الاستقرار الإقليمي ومواجهة عوامل عدم الاستقرار به، معرباً عن تطلعه لاستمرار التشاور والتنسيق مع مصر خلال الفترة المقبلة.

ماكرون ينفي من القاهرة وجود اتجاه للتطبيع مع الأسد

ونفى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس الاثنين من القاهرة، الاتجاه لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد والانفتاح عليه، بل وأنتقد وجود توجهات نحو تطبيع العلاقات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرا لاتفاق وجهات النظر المصرية والفرنسية بشأن الملف السوري، وقال ماكرون إن "نظام الأسد لم يبد استعدادا للحوار السياسي، وتطبيع العلاقات مع سوريا هو قرار غير مسؤول".، وتابع في إشارة منه للتعاون مع مصر في الملف السوري: "نحن نعمل سويا على الملف السوري بهدف التوصل لحل سياسي دائم، ولدينا التقاء في وجهات النظر مع مصر حول هذا الملف".

وكان الرئيس المصري قد استقبل أمس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أول زيارة رسمية له لمصر، وشهد اللقاء تباحثاً معمقاً بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً في ظل ما يمر به الشرق الأوسط في المرحلة الحالية من تداعيات خطيرة تؤثر في استقرار وأمن المنطقة وتلقي بانعكاساتها السلبية على القارة الأوروبية، الأمر الذي يشكل دافعاً حيوياً لدعم التعاون بين مصر وفرنسا في الأطر والمنظمات الدولية متعددة الأطراف، وكذلك تعظيم التشاور والتنسيق الأمني بين البلدين في هذا الخصوص في مواجهة التحديات المشتركة مثل تفشي ظاهرتي الإرهاب والفكر المتطرف والهجرة غير الشرعية. وقد تطرق الزعيمان إلى آخر تطورات القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى بعض الأزمات الراهنة بالمنطقة، كليبيا وسوريا، حيث تلاقت وجهات النظر بشأن أهمية الدفع نحو تضافر الجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية لتلك الأزمات صوناً لكيانات تلك الدول ووحدتها وسلامتها الإقليمية وحفاظاً على مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها، حسبما افاد بيان للرئاسة المصرية أمس.

شكري يتوجه غداً إلى الأردن للمشاركة في اجتماع تشاوري عربي حول سوريا

يعقد وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومصر والأردن بعد غد الخميس اجتماعا على شاطئ البحر الميت غرب المملكة لبحث أزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية، ويتوجه وزير الخارجية المصري سامح شكري غداً الأربعاء إلى المملكة الأردنية الهاشمية؛ بهدف المشاركة في أعمال الاجتماع الوزاري التشاوري الخاص بمناقشة عدد من القضايا الإقليمية، والمُقرر عقده بمنطقة البحر الميت صباح يوم الخميس 31 الجاري بمشاركة وزراء خارجية عدد من الدول العربية.

وصرح المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بأن اجتماع البحر الميت من المُنتظر أن يبحث مُستجدات الأوضاع الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المُشترك، فضلاً عن التشاور حول سُبل التعاون والتنسيق بين الدول المُشاركة في الاجتماع للتصدي للتحديات المُشتركة الراهنة.

المبعوث الأممي الجديد لسوريا يزور القاهرة

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد استقبل أمس، جير بيدرسون المبعوث الخاص الجديد للسكرتير العام للأمم المتحدة إلى سوريا، وذلك للتباحث بشأن آخر المُستجدات على الساحة السورية، وتبادل الرؤى حول سُبل دفع العملية السياسية، والتعامل مع تحديات الوضع الإنساني هناك، فضلاً عن جهود مكافحة الإرهاب، بما تشمله من ضمان عدم تسرب المُقاتلين الأجانب والعناصر الإرهابية المُتطرفة من مناطق تمركزها إلى باقي أنحاء سوريا وسائر دول المنطقة.

وصرح المُستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بأن المبعوث الأممي الجديد حَرص على أن تأتي مصر ضمن طليعة الدول التي يتشاور معها حول الملف السوري عقب توليه منصبه مؤخراً، والاستماع إلى رؤية القاهرة حول المُضيّ قُدماً في المسار السياسي لحل الأزمة، لاسيما على ضوء الموقف المصري المتوازن الذي يهدف إلى استعادة وحدة واستقرار سوريا وسلامة أراضيها.

واستعرض شكري خلال اللقاء مُحدّدات الموقف المصري من الأزمة السورية، مُشيراً إلى أهمية العمل على كسر حالة الجمود التي تعتري العملية السياسية والتوصل لحل سياسي يُحقق تطلعات الشعب السوري، بالبناء على القرار الأممي رقم ٢٢٥٤ وبعيداً عن أية تدخلات خارجية تستهدف النيل من استقرار سوريا، وهو الأمر الذي يجب أن يأتي بالتوازي مع دفع جهود مُكافحة الجماعات الإرهابية والمُتطرفة في سوريا. كما نوه "شُكري" بضرورة إيلاء الاهتمام الدولي الكافِ للتعامل مع تحديات الوضع الإنساني في العديد من المناطق السورية، وهي الخطوات التي من شأنها التسريع من وتيرة إنهاء الأزمة ووضع حد لمعاناة الشعب السوري الشقيق.

وخلال زيارته، التقى المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا جير بيدرسون، بالقاهرة، مع بعض أعضاء منصة مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، لبحث سبل الوصول لحل للأزمة السياسية وتشكيل اللجنة الدستورية لكتابة الدستور السوري. وأوضح رئيس منصة القاهرة بالمعارضة السورية في مفاوضات جنيف، فراس الخالدي، لوكالة فرات للأنباء ANF أن لقاء المبعوث شهد عملية تقييم للمرحلة الماضية وتصوراتنا للمرحلة الراهنة والمستقبل، فضلا عن تأكيد منصة القاهرة على الحاجة الماسة لسرعة كسر الجمود الراهن في العملية التفاوضية والتحرك وفق جدول زمني محدد والتمسك بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتابع: "أكدنا له أننا نصر على وندعم العملية الدستورية واللجنة الدستورية ونعتبرها مدخل للحل السياسي".

ومن جانبه، أكد الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في الأمن الإقليمي وكالة فرات للأنباء ANF أن الأزمة السورية تمثل الشغل الشاغل للدبلوماسية المصرية في الوقت الراهن في ضوء ما تتجه له الأزمة نحو التسوية، واتصالا بالتدخلات الاقليمية في الأزمة السورية لتوجيه دفة المسار الراهن لصالح هذه القوة الاقليمية أو تلك، في ظل التدخلات التركية والإيرانية المرفوضة، وأعتبر أن التحرك المصري الراهن في الأزمة السورية يأتي انعكاسا لاهتمام القيادة المصرية بتفعيل الحضور العربي في الأزمة السورية، وتحرك الدبلوماسية المصرية في هذا الاطار، مشيرا لأهمية الاجتماع العربي الذي تشارك فيه مصر في الأردن للتباحث حول أزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية والتدخلات التركية والايرانية في الأزمة، وغيرها.

وقال أبوزيد أن الغياب العربي عن الأزمة السورية قد ساهم في تحقيق التوغل التركي والإيراني في سوريا، داعيا إلى ضرورة استغلال اجتماع البحر الميت الخميس المقبل من أجل التوصل إلى تصور عربي موحد للتحرك الراهن في الأزمة السورية بما يساهم في التصدي للرؤى التخريبية التي تدعمها الدولتين في سوريا.