العراق يجمع تناقضات المنطقة في اجتماع موحد .. واتفاق على ضرورة مكافحة التطرف يدعو للتعجب

تدعو مخرجات القمة الأولى لرؤساء برلمانات دول جوار العراق، الفريدة من نوعها، إلى التأمل طويلاً إلى السبب الذي أدى إلى انعقادها وإلى مخرجاتها التي رغم بساطتها إلا أنها تنم عن تحول كبير.

تدعو مخرجات قمة رؤساء برلمانات دول المنطقة الذي استضافه العراق إلى التأمل مع شيء من العجب لمخرجات أشبهت حالة المهرجانات.. فالمهرج الذي يخرج لإضحاك الجماهير تعلو وجهة قسمات حزن غائر في تناقض دفع إلى كتابة الكثير من الأدبيات بشأن هذا المشهد.
نفس المسألة مع قمة رؤساء برلمانات العراق وسوريا والسعودية وتركيا وإيران والأردن والكويت، وبيانها الختامي الذي أكد ضرورة مكافحة التطرف بالمنطقة ودعم الاستقرار في الدولة العراقية.
الغريب في الأمر أن بين من يتفقوا على نبذ التطرف هم من يشعلون نارها في المنطقة، ومن يوقعون على دعم الاستقرار في الدولة العراقية هم من يشعلون نار الفرقة فيها، بل ويحتلون جزء من أرضها ضاربين كافة قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي عرض الحائط.
مشهد القمة التي عُقدت أمس احنا في طياتها رغم كل هذا العجب إيجابيات لتقول إن العراق يسعى للنهوض من جديد، ويحاول في الفئة الحالية ليس فقط تحسين وضعه مع محيطه الجغرافي بل وتقريب وجهات النظر بين دول جواره المتصارعين فكرياً وربما عسكرياً بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ورغم ضعف التمثيل الإيراني في الاجتماع بغياب رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني إلى أن تمثيل إيران وخروج هذا البيان الختامي يقول إن هناك مؤشرات جديدة تتم لابد من تحسسها. 
ويحتاج البيان الختامي لمؤتمر برلمانات دول جوار العراق، والذي عُقد لأول مرة في بغداد، إلى وقفات عدة، فالبيان  الذي أصدرته الدول الستة مع العراق أكد "على دعم استقرار العراق والحفاظ على وحدة أراضيه ووحدة نسيجه الاجتماعي، بعد أن تحقق نصره الكبير على تنظيم داعش الإرهابي"، معتبرين استقرار العراق ضرورياً في استقرار المنطقة، ويساهم في عودته بكل ثقله السياسي والاقتصادي وموارده البشرية الخلاقة إلى محيطه العربي والإقليمي، ليكون نقطة جذب والتقاء مثلما أكدت سياسته المعلنة برلمانياً وحكومياً في الحفاظ على علاقات الجوار بمسافة واحدة مع الجميع ومن دون التدخل في شؤونه الداخلية.
وقال البيان إن "الانتصار الذي حققه العراق على تنظيم داعش بات يمثل أرضية مشتركة لكل شعوب المنطقة، لبدء صفحة جديدة من التعاون والبناء ودعم الحوار المجتمعي، وصولا إلى بناء تفاهمات مشتركة على أسس جديدة في المستقبل تقوم على أساس دعم التنمية والاستثمار وبناء شبكة من العلاقات التكاملية بين شعوبها".
والنقطة الأهم في البيان تمثلت في "أهمية دعم الاعتدال ومحاربة التطرف بكل أشكاله، ولا سيما أن شعوب المنطقة هي من تدفع ثمن التطرف".
كما أكدوا على "دعم عملية البناء والإعمار والتنمية في العراق، وتشجيع فرص الاستثمار فيه بمختلف المجالات التعليمية والصحية والصناعية وتكنلوجيا المعلومات والثقافة وحركة التجارة والمال والمناطق الحرة ومرافق الحياة الأخرى، سواء منها في القطاع العام أم الخاص، ودعم إعادة إعمار المدن المحررة من تنظيم داعش الإرهابي، وتأهيل البنى التحتية فيها بما يؤمن توفير فرص عمل لإعادة النازحين إلى مدنهم".
كما أكدوا على دعم العملية السياسية والديمقراطية في العراق بكل مساراتها، والتي أسفرت عن إجراء الانتخابات واستكمال اختيار الرئاسات الثلاث وفق الاستحقاقات الدستورية، بما يضمن مشاركة جميع مكوناته وقواها السياسية، لتحقيق مستقبل زاهر لشعب العراق.
ويبدو أن القمة  التي جاءت تحت شعار "العراق.. استقرار وتنمية"، تعبر عن إطار مرحلي جديد للعراق يسعى عبره إلى علاقات تعاونية مع محيطه، خاصة دول الخليج وعلى رأسها المملكة السعودية التي بدت حالة التوافق الثنائي بين البلدين منذ نهاية فترة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وأكدت عبدالمهدي في الوقت الراهن بما يُشير إلى نهج عراقي جديد يبدو في الأفق، وعراق ينفض عنه غبار السنين ليعود تدريجياً إلى الوضع الذي كان يتبوأه قبل عقود طويلة ماضية.