جميل بايك: نضالنا الموحّد كفيل بإفشال مخطّطات الدولة التركيّة

في لقاء مع موقع "Responsible Statecraft، تحدث الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، حول آخر التطورات في كردستان والشرق الأوسط.

تجدون أدناه النص الكامل للقاء:

تتهمكم بعض الدوائر بأنكم تشكلون عبئاَ على العديد من القضايا في روج آفا. يعتقد البعض أن قادة مثل مظلوم عبدي وإلهام أحمد يتصرفون وفقاً لاملاءات قادة حزب العمال الكردستاني. ما هي علاقتكم بروج آفا؟

ليس لدي أي معلومات حول أساس تلك الادعاءات التي تجادل بأن حركتنا هي عبء على روج آفا. لكن من الواضح أن أولئك الذين يدلون بهذه المزاعم ليس لديهم معلومات عن التاريخ المعاصر لسوريا وروج آفا. أحدثت الثورة في روج آفا آثارًا عظيمة على البشرية جمعاء. نشأت في روج آفا ثورة ديمقراطية تقودها النساء وساهمت جميع الفئات في روج آفا بما في ذلك النساء والشباب وكبار السن لبناء إرادتهم الديمقراطية. لا مكان هناك لهيمنة الأيديولوجيات القومية والطائفية. الهويات المتنوعة والجماعات الدينية تعيش بحرية في تظام قائم على التعايش السلمي. هذه الحقائق نموذج ليس فقط لسوريا والشرق الأوسط ولكن للعالم كله. انتفضت شعوب روج آفا ضد النظام البعثي وحررت أراضيها. في الوقت نفسه، هزموا داعش بالاعتماد على نظامهم التحرري والديمقراطي وفي سبيل ذلك استشهد 12 ألف شخص حيث قاتل الكرد والعرب والسريان والتركمان والشركس جنباً إلى جنب ضد أعدائهم. الهزيمة التي تعرضت لها داعش ليست مسألة عسكرية فقط. وتعتمد تلك الهزيمة على نموذج الأمة الديمقراطية وصفاتهم التحررية، التي تميزت بها ثورة روج آفا. المواقف الديمقراطية والنهج السياسي لشعوب روجافا هي نتيجة مباشرة لتأثيرات أفكار القائد أوجلان. لقد عاش القائد أوجلان بين شعوب تلك المنطقة منذ 20 عامًا وترك آثارًا كبيرة على كل جانب من جوانب حياة الكرد.

كيف يمكن للمرء أن يفسر تأثيرات القائد اوجلان وحزب العمال الكردستاني على روج آفا على أنها عبء؟ تأثير القائد أوجلان على شعوب روج افا لم يؤد إلى أي مشاكل. بل على العكس تمامًا، فقد أودت إلى حل بعض المشكلات التي كانت تُعتبر غير قابلة للحل. لو لم تتأثر ثورة روج آفا بأفكار القائد أوجلان، لما حصلت روج آفا على الحرية ولما هُزِمَ تنظيم "داعش". لولا تأثيرات أفكار القائد أوجلان، لكانت داعش قد قتلت كل اليزيديين في شنكال واحتلت إقليم جنوب كردستان. الآلاف من مقاتلي حزب العمال ذهبوا إلى روج آفا واستشهدوا في القتال ضد "داعش". مقاتلي حزب العمال الذين ذهبوا إلى روج آفا، كانوا من جميع أنحاء كردستان. كيف يمكن اعتبارهم أعباء على روج آفا؟! الآلاف من المتعاطفين مع حزب العمال الكردستاني من جميع مناحي الحياة، دون أن تثنيهم هجمات وعقبات الجيش التركي وقوات الشرطة، ساروا عبر السياج الحدودي وانضموا إلى القتال ضد داعش في روج آفا. وكيف يمكن اعتبارهم عبئَ؟! لولا الدور الحاسم لقوات الكريلا، لما تم تحرير الرقة. في حين أن حزب العمال الكردستاني يستحق التقدير لدوره المميز في روج آفا، إلا أن البعض يعتبره عبئًا على روج آفا. هذا يتعارض تمامًا مع أي إحساس بالعدالة والإنصاف. في كل مكان نشجع النضال من أجل الحرية والديمقراطية للكرد. لدينا تأثير إيجابي على هذا النضال. لم نشجع أبدا التطورات السلبية. بل على العكس من ذلك، يمكن للمرء أن يرى آثارنا على كل التطورات الإيجابية.

ظل مظلوم عبدي وإلهام أحمد مع حزب العمال الكردستاني لعشرات السنين. اعتادوا على تولي الأدوار والمسؤوليات الإدارية. هذه حقيقة معروفة لدى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وتركيا وجميع الأطراف المهتمة في العالم. لقد اعتادوا أن يكونوا رفاقنا في حزب العمال الكردستاني من روج آفا. في بداية الأزمة السورية طالبوا بالذهاب إلى روج آفا والنضال من أجل حماية شعبهم وحرية أرضهم التي ولدوا فيها. كان من حقهم تقديم مثل هذا الطلب. لذلك ذهبوا إلى هناك. التحقوا بالثورة وتحملوا المسؤوليات في نضال الشعب الكردي. كان لدى الشعب الكردي بالفعل مستوى معين من التنظيم الذاتي هناك. ظل مظلوم عبدي وإلهام أحمد في صفوفنا لعشرات السنين وكان من الطبيعي أن يتأثروا بحزب العمال الكردستاني. من المستحيل أن تكون مع حزب العمال الكردستاني ولا تتأثر به. يمكن إرجاع الصفات الإيجابية التي يمتلكونها إلى إقامتهم مع حزب العمال الكردستاني. بهذه الطريقة اكتسبوا خبراتهم وقدراتهم. لا شك أن الاشتراك في الأفكار والعواطف لا ينتهي بتغيير المكان؛ أي أنه لا ينتهي عندما يذهب المرء إلى مناطق أخرى. لكن يجب أن نفهم أن ملايين الكرد والعرب والسريان يعيشون في روج آفا وشمال سوريا وقد وصلوا إلى مستوى معين من التنظيم الذاتي. لكن ما يمكنني تأكيده بانه ليس لدينا أي ارتباط تنظيمي معهم. هم يقررون بأنفسهم. في الوقت نفسه، إذا كنت تجادل بأنهم تأثروا سياسياً وأيديولوجياً بحركتنا، يمكنني بالتأكيد أن أخبرك أن هناك مثل هذه التأثيرات إلى حد ما. لقد تأثر سكان روج آفا بأفكار القائد عبدالله أوجلان.

حتى قبل ثورة روج آفا، انضم الآلاف من الشباب والشابات من روجافا إلى صفوف قوات الكريلا ووحدات ستار. استشهد الآلاف في الصراع ضد الدولة التركية. باختصار، هناك تأثيرات من حيث الأفكار والعواطف. وهذا له آثاره السياسية الخاصة. علاوة على ذلك، فإن المكان المعني هو روج آفا، وليس دولة مختلفة. روج آفا جزء من كردستان. حزب العمال الكردستاني له تأثير على أربعة أجزاء من كردستان. بالنسبة إلى روج آفا، فإن علاقاتنا تقتصر على العلاقات العاطفية والفكرية. سياسياً وإدارياً، لديهم آليات صنع القرار الخاصة بهم. لقد سبق أن وجهنا انتقادات للطريقة التي يمارسون بها السياسة. يجب أن يُنظر إليه على أنه حق طبيعي لنا أن ننتقد، وفي نفس الوقت ندعم حركة كردية.

أنت تدعو إلى اللامركزية ولكن في نفس الوقت تتركز السلطة في حزب العمال الكردستاني في أيدي عدد قليل من القادة المسنين الذين يسيطرون على مناطق بعيدة عن مكان تواجدهم. هل هذا نوع من التناقض؟

يهدف منهجنا السياسي إلى حل القضية الكردية من خلال الإدارة الذاتية للكرد داخل الحدود السياسية للدول التي يعيشون فيها، وفي نفس الوقت، دمقرطة البلدان التي يعيشون فيها. في الواقع، كل العقليات الاستبدادية والقمعية تفرض نموذج الدولة. لكننا نكافح من أجل إنشاء نموذج اجتماعي قائم على المبادئ الديمقراطية والكونفدرالية. كيف يمكن لإدارة سياسية تعتمد على مثل هذا النموذج الاجتماعي أن تكون سلطوية؟

يتنبأ مفهومنا ونظامنا السياسي بنموذج يمكن فيه لكل منطقة أن تمسك بزمام المبادرة. أي أن كل وحدة كونفدرالية تتمتع بحقها في الحرية واتخاذ القرار.

ضمن هذا النظام، للشباب والنساء الحق في التنظيم الذاتي واتخاذ القرارات المستقلة وتقاسم الواجبات. حتى القوات المسلحة لديها مثل هذا النموذج التنظيمي الحر والمستقل. من الصعب إدارة مثل هذه الحركة الواسعة من خلال آليات صنع القرار المركزية. من الصعب أيضًا إدارة الشؤون الإدارية اليومية للمناطق البعيدة جغرافيًا بشكل مباشر. على العكس من ذلك، تظهر العديد من المشاكل عندما تتخذ العديد من المناطق والمنظمات مبادرة صنع القرار بأيديها. نحن نعتبر هذه المشاكل نتيجة للصفات التمكينية المميزة لنظامنا وحركتنا.

من الممكن أن يواجه النظام الديمقراطي والكونفدرالي مثل هذه الأنواع من المشاكل. وفي هذا السياق فإن القول بأن نظامنا السياسي متمركز في أيدي قلة من كبار السن لا يعكس الواقع الأيديولوجي والنظري لحركتنا. لا يمكن أن توجد إدارة استبدادية في منظمة تقوم على تحرر المرأة، والتنظيم الذاتي الحر للمرأة وإرادتها القوية. كما أنه ليس من الصواب الادعاء بأن هيئتنا الإدارية تتكون من كبار السن. حيث أن غالبية هيئة إدارتنا تتكون من رفاق في منتصف العمر ومن الشباب. في الواقع، يتكون نصف مجلس إدارتنا من نساء شابات ومتوسطات العمر، وذلك كضرورة لميثاقنا التنظيمي. يُظهر متوسط ​​عمر مجلس الإدارة لدينا أننا أصغر إدارة سياسية في العالم.
نود أن نعيد التأكيد على أن حزب العمال الكردستاني هو أكثر حركة تعقد أكبر عدد من المؤتمرات والاجتماعات الحزبية سنوياً. يتم اتخاذ جميع القرارات في جلسات بمشاركة واسعة النطاق. أولئك المتواجدين في مجلس الإدارة يضعون هذه القرارات موضع التنفيذ فقط.
 
منظمتكم معزولة في الجبال البعيدة ولا تملكون إلا بنادق روسية قديمة. في الوقت نفسه، تعد تركيا دولة رائدة في إنتاج الطائرات بدون طيار. كيف ستنتصرون على الدولة التركية عسكريا؟ هل تسعى استراتيجيتكم الحالية إلى تصعيد عسكري أم سلام؟

ليس صحيحا أننا منعزلون في الجبال. لا شك أن لدينا مناطق جبلية شاسعة. تُعرف كردستان  بطريقة ما، بأرض الجبال. لقد ظللنا نخوض حرب كريلا في هذه الجبال منذ 40 عامًا. هذا يدل على درجة اندماج الكريلا والجبال مع بعضهم البعض. لكن أرضنا لا تتكون من جبال فقط. بالمقارنة مع جميع الحركات الديمقراطية والوطنية، تتمتع حركتنا بأوسع دعم اجتماعي. لدينا قاعدة اجتماعية كبيرة في جميع أنحاء كردستان الأربعة. على عكس بعض الادعاءات، لسنا حركة محصورة في الجبال. قاعدتنا الاجتماعية لا تزال قائمة. ربما يكون النظام الفاشي في تركيا قد قمع النشاط الاجتماعي والسياسي إلى مستوى معين، لكن الكرد يدعمون حركة الحرية ويظهرون دعمهم في كل مناسبة ممكنة. الجميع في كردستان يقرون بهذه الحقيقة المتمثلة في أن حركة الحرية لدينا تحظى بالدعم الأكثر شعبية بين جميع الكرد.

لا شك أن قدراتنا العسكرية ليست متطورة مثل المخزون العسكري للجيش التركي. تستخدم تركيا جميع أسلحة الناتو. تقدم الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية لتركيا كل أنواع الدعم. بينما نشتري نحن أسلحتنا وذخائرنا، بعضها أمريكي، من الأسواق غير الرسمية الصغيرة الحجم. على الرغم من ذلك، أوصل كفاحنا ولمرات عديدة، الدولة التركية إلى حافة الانهيار. سارعت الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي إلى مساعدتها ومنعت انهيارها.

لا توجد حركة عسكرية يمكن مقارنتها بالجيوش الرسمية من حيث تطور وكمية الأسلحة والذخائر. بعبارة أخرى، الانتصارات في حرب الكريلا لم تكن أبدًا نتيجة التفوق في الأسلحة والذخائر. على مدار التاريخ، كانت الشرعية والأحقية والتفوق في الروح المعنوية والأفكار عوامل حاسمة في نجاح حرب الكريلا ضد جيوش الأنظمة القمعية. هذه العوامل نفسها تكمن وراء تفوقنا على الدولة التركية.
 
 في السنوات الأخيرة، اشترت الدولة التركية العديد من الأسلحة المتطورة والطائرات بدون طيار. لقد استخدموا جميع الموارد المتاحة لهم لشراء مثل هذه الأسلحة. جاء شراء الأسلحة على نطاق واسع في أعقاب العديد من الانتكاسات التي عانوا منها على أيدي الكريلا. لقد تمكنوا من شراء مثل هذه الأسلحة والتقنيات المتطورة بتكلفة باهظة. ليس هناك شك في أن هذه الأسلحة عالية التقنية خلقت بعض المشاكل لنا. لكننا نعمل على تطوير حرب الكريلا والنضال الذي يمكن أن يحييد دور مثل هذه الأسلحة عالية التقنية. في واقع الأمر، هذه هي السمة المميزة لنضال الكريلا. نحن نعمل على تطوير تدابيرنا ومفاهيمنا العسكرية ضد الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة المتطورة. في الواقع، كانت هزيمة الجيش التركي في جبال كاري وانسحابه من قاعدة الكريلا هذه، بعد عملية عسكرية واسعة النطاق في 10 فبراير في المنطقة، نتيجة لمثل هذه التكتيكات والتدابير الجديدة لحرب الكريلا.

نريد تحويل الدولة التركية من خلال دمج نضال الكريلا، والنضال الاجتماعي، والإجراءات في المدن، والعديد من أشكال النضال الأخرى. من خلال مثل هذا النضال متعدد الأبعاد، نحن مصممون على هزيمة سياسات الدولة التركية المناهضة للديمقراطية المتمثلة في الإنكار والإبادة ضد الكرد. حرب الكريلا ليست سوى واحدة من أبعاد هذا الصراع متعدد الأبعاد.

فيما يتعلق بحل القضية الكردية، قدمنا ​​أكثر الاقتراحات منطقية لحل غير مسبوق في تاريخ كل النضالات المماثلة في العالم. كانت هذه الاقتراحات والمطالب ستقبل لو طُرحت في أي مكان آخر في العالم غير تركيا. لا تقبل الدولة التركية بأي شكل من الأشكال أي حل سياسي للقضية الكردية. الهدف الأساسي لهذه الدولة هو إخضاع الكرد للإبادة الجماعية. من خلال سياسات التتريك تريد الدولة التركية تحويل كردستان إلى منطقة لتوسيع القومية التركية. المأزق الحالي لا ينتج عن المطالب المفرطة من جانبنا. لقد توصلنا إلى أكثر الاقتراحات منطقية للحل. باختصار، المأزق الحالي ليس نتيجة رفع مستوى مطالبنا السياسية. موضوع الخلاف هو إنكار الهوية الوطنية والحقوق الطبيعية للشعب. نحن لا نسعى وراء الحلول العسكرية، بل الحلول السياسية الديمقراطية. لقد جربنا كل السبل لتحقيق ذلك، لكن الدولة التركية لم تخطو خطوة واحدة إلى الأمام. ما تفرضه الدولة التركية علينا هو إنكار الذات الوطنية والتخلي عن حقوقنا السياسية. إنهم يرفضون أي شيء يمكن أن يحافظ على الهوية الوطنية ووجود الكرد.

لا شك أننا نفضل الحل السلمي والديمقراطي. ولكن فيما يتعلق بالعقلية الحالية للدولة والحكم الفاشي الحالي لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، لا يوجد شيء من هذا القبيل ممكن. لن يفتح الطريق إلى الحل الديمقراطي والسلام إلا عندما ينهار هذا الحكم الفاشي.
 
هل قتلتم أسرى حرب أتراك وهو ما نفته حركتكم في وقت سابق؟ متى يجب أن يصدق العالم قصتكم؟

يمكن للمرء أن يتعلم بسهولة حول نهجنا تجاه أسرى الحرب من خلال النظر إلى سجلنا الممتد 40 عامًا في هذا الصدد. يمكن انتقاد حركتنا بسبب أمور أخرى، لكن لا يمكن أبدًا انتقادها بسبب نهجها تجاه أسرى الحرب. لقد أطلقنا عدة مرات سراح العشرات من أسرى الحرب. لم يشتك أي منهم من تعامل سلبي النوع. كان لكل منهم ردود أفعال إيجابية فيما يتعلق بسياساتنا الخاصة بأسرى الحرب. نهجنا تجاه أسرى الحرب يتوافق مع اتفاقيات الأمم المتحدة.  يمكن كتابة مجلدات عن ممارستنا الإيجابية مع أسرى الحرب. ما حدث في كاري هو أن المنطقة كانت عرضة للقصف المستمر لمدة 4 أيام، من قبل أكثر من 40 طائرة مقاتلة، على معسكر كان يحتجز فيه أسرى الحرب. وقد تغير الهيكل الجغرافي للمنطقة بفعل هذا القصف العنيف. ونتيجة لذلك، فقد كل من أسرى الحرب والمقاتلين الذين كانوا يحرسونهم أرواحهم. لا يوجد أثر للرصاص في أجساد هؤلاء المقاتلين الذين اعتادوا حراسة أسرى الحرب. وهذا يثبت أن الدولة التركية استخدمت الغاز الكيماوي ضد المخيم. الجميع يعترف بحقيقة أن هؤلاء الأسرى كانوا بأمان حتى اليوم الذي بدأت فيه العملية العسكرية. وجاء مقتلهم نتيجة قصف عنيف واشتباكات.

ووقعت اشتباكات عنيفة في المخيم الذي يحتجز فيه أسرى الحرب. فشل الجيش التركي في كسر مقاومة المسلحين، واستخدم الغاز الكيماوي لتمكينه من دخول المخيم. بما أن الأسلحة الكيميائية تقتل دون تمييز، يمكن للمرء أن يرى بسهولة من يتحمل المسؤولية عن وفاة أسرى الحرب. وقد دعا حزب العمال الكردستاني بشكل سابق جميع الجهات الدولية المستقلة والمعنية إلى زيارة المخيم وإجراء التحقيقات اللازمة.
 
الولايات المتحدة تصنفكم كمنظمة إرهابية. هل تعتقد أنه يجب على الولايات المتحدة إزالة حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب؟ هل تغير هدفكم التأسيسي منذ حقبة الحرب الباردة؟

إن تصنيف الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني في قائمة الإرهاب يستند بالكامل إلى المصالح السياسية. لقد اتخذوا مثل هذا القرار لإرضاء حليفهم العضو في الناتو، تركيا. إن قرار وضع الحزب في قائمة الإرهاب هو فرض كامل من قبل تركيا على الإدارة الأمريكية. لم تقم قوات الكريلا بأي عمل عسكري، مباشر أو غير مباشر، ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وينطبق نفس الإجراء على تصنيف دول الاتحاد الأوروبي لحزب العمال الكردستاني. وبهذا المعنى، فإن تصنيف النضال من أجل الحرية لشعب ما على أنه إرهاب يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية. الولايات المتحدة ترتكب جريمة ضد الكرد. إن الولايات المتحدة مسؤولة عن أسر وسجن قائدنا عبد الله أوجلان. وعليها الامتناع عن اتباع مثل هذه السياسات والممارسات. ليس للإدارة الأمريكية أي حق شرعي في اتخاذ قرارات نيابة عن الشعب الأمريكي ضد نضال الشعب الكردي من أجل الحرية. أدرجت الولايات المتحدة اسمنا في قائمة المكافآت. هذا هو الظلم المطلق وعدم الاحترام. على الإدارة الأمريكية أن تنتقد نفسها في هذا الصدد. وإلا فإن التاريخ سيحكم عليهم بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية للكرد وبالتالي ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

منذ تسعينيات القرن الماضي، شهدت حركة الحرية لدينا تحولات كبيرة. لم يعد هناك أي تأثير أيديولوجي وسياسي لحقبة الحرب الباردة على حركتنا. لقد مررنا بتغييرات عظيمة. لكن الولايات المتحدة لا تزال تتصرف وفقًا لزخم الحرب الباردة. إنها لا تزال تمثل إلى حد كبير الرؤى والحجج والسياسات التي تميز حقبة الحرب الباردة.

تعمل حركة الحرية لدينا على تعزيز الاشتراكية الديمقراطية ضمن الإطار المفاهيمي لـ "الحداثة الديمقراطية". نعتقد أنه بدون الديمقراطية، لا يمكن تحقيق الاشتراكية، وأن مفاهيم مثل "دكتاتورية البروليتاريا" خاطئة ومناهضة للديمقراطية. نحن لا نفرق بين الديمقراطية والاشتراكية. لم نعد نتمسك بالفهم الكلاسيكي القائل بوجوب إسقاط الدول بالقوة. يقوم نضالنا على أساس صيغة "دولة + ديمقراطية". لقد تخلينا عن المفاهيم الثورية الكلاسيكية. لقد أيدنا الديمقراطية المجتمعية بينما مررنا بالعديد من التغييرات الجذرية. منذ تسعينيات القرن الماضي، مرت حركة الحرية لدينا بثورات تاريخية عظيمة من حيث العقلية والضمير. نحن ندافع عن الديمقراطية الجذرية، بدلاً من الديمقراطية المُسيطر عليها.

الركائز الثلاث الرئيسية للديمقراطية الجذرية هي تحرير المرأة والديمقراطية المجتمعية والبيئة. نحن رواد في تعزيز هذه القيم عالميًا. يمكن فهم فهمنا للحرية على أفضل وجه في كلمات قائدنا، السيد عبد الله أوجلان، عندما قال "حرية المرأة أكثر قيمة من الحرية الوطنية والطبقية". يعتبر المعرفة البيئية معرفة أساسية.

في الواقع، تعرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التغييرات التي مررنا بها. لكنهم لا يعترفون بهذه الحقيقة. ربما وجدوا أن مفهومنا للديمقراطية راديكالي للغاية بحيث لا يمكن الاعتراف به.

أخرج الرئيس الأمريكي بايدن مؤخرًا الحوثيين من قائمة الإرهاب. ويؤيد البعض في واشنطن التواصل معكم خاصة وأنه هنالك معركة ضد الإرهاب. هل تعتقد أن إدارة بايدن ستراجع مسألة تصنيفكم في القائمة؟

إنه يعلم أننا خضنا أكبر نضال ضد تنظيم "داعش". استشهد مقاتلون قيمون من حركتنا في المعارك ضد داعش ، ولا سيما في روج آفا. لقد كان لنا دور حاسم في انتصار روج آفا على داعش. كيف تحررت الرقة؟ من الغريب أن يتحدث البعض عن الانتصار على داعش في الرقة لكنهم يتجاهلون الدور الحاسم لآلاف المقاتلين الذين ضمنوا هذا النصر بالتضحية بأرواحهم. هذا نهج غير مقبول تمامًا ويتعارض مع الأخلاق والضمير والاستقامة والمودة.

العقلية الكامنة وراء هذا النهج هي قائمة على شي يشبه الجملة التي تقول "من الأفضل أن تموت ، لا تعيش". لقد تحول تصنيف حزب العمال الكردستاني على قائمة الإرهاب إلى عبء على كاهل السياسة الأمريكية. يجب أن يكون شطب حزب العمال الكردستاني على رأس قائمة الأجندة الرئيسية للإدارة الأمريكية الجديدة. لماذا لا ينطقون بكلمة واحدة عن المقاربات اللاإنسانية للدولة التركية ودعمها الكبير لداعش ، لكنهم ارتكبوا أكبر قدر من الظلم ، في التاريخ ، ضد حزب العمال الكردستاني ، الحركة التي تشن نضالًا من أجل الحرية ضد الطموحات القذرة للداعم الرئيسي لداعش ، الدولة التركية.

إن إحساس الشعب الأمريكي بالعدالة والضمير لن يقبل بهذا الظلم. هؤلاء المسؤولون الذين أدرجوا اسم حزب العمال الكردستاني في قائمة الإرهاب قد أساءوا علانيةً استخدام السلطة التي منحها لهم الشعب الأمريكي. عندما وصل الرئيس آنذاك السيد أوباما إلى السلطة ، طلبنا منه تصحيح هذا الظلم ضد حزب العمال الكردستاني. تصحيح هذا الظلم سيكون مقياسًا لإحساس الرئيس بايدن بالعدالة والاستقامة والضمير. اتخذت إدارة ترامب المرسوم ضد ثلاثة من المسؤولين التنفيذيين في حزب العمال الكردستاني بناءً على علاقته الوثيقة بأردوغان. إذا كان هناك تغيير في السياسة الإقليمية والتركية في عهد ترامب ، فيجب إلغاء هذا المرسوم أيضًا.

هل كان لديكم أي اتصال مع الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل تم ذلك عن طريق وسطاء في روج آفا وشنكال، أم مباشرة؟

اعتدنا على تبادل الرسائل غير المباشرة عبر روج افا وشنكال. لقد أرسلنا بالفعل رسائل إلى جميع رؤساء الولايات المتحدة من خلال وسطاء مختلفين، عقدت بعض وحداتنا اجتماعات قليلة مع الوحدات الأمريكية على المستوى المحلي. ربما أرادوا معرفة وجهات نظرنا. لم تكن هذه اجتماعات رفيعة المستوى. نظرًا لأننا نخوض أكثر النضال حقًا في العالم، فنحن واثقون من آرائنا وصوابنا وسياساتنا. لذلك يمكننا أن نلتقي مع جميع الأطراف. ليس لدينا تحفظات على لقاء مختلف الأطراف. على الرغم من أننا نخوض صراعًا ضد الدولة التركية منذ حوالي 50 عامًا، فقد أقمنا علاقات عديدة وعقدنا اجتماعات معها. نحن نثق بأنفسنا. نحن نقيم كل أنواع العلاقات التي نعتقد أنها تصب في مصلحة نضال الحرية والديمقراطية لشعبنا. لكننا لا نبني علاقات مع طرف على حساب مصالح طرف آخر. لن نكون أبدًا طرفًا في أي علاقات من شأنها كبح وإعاقة إرادتنا الحرة. إذا وضعت الولايات المتحدة سياسات لصالح حل القضية الكردية وإرساء الديمقراطية، فلن نعارضها أبدًا.

في واقع الأمر، لقد طالبنا، عدة مرات، الولايات المتحدة بلعب دورها في هذا الصدد. والسبب أن تركيا، العضو في الناتو وحليفة الولايات المتحدة، هي العقبة الرئيسية في طريق الدمقرطة وحل القضية الكردية. نكرر دعوتنا إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يجب ألا يدعموا سياسات الإبادة الجماعية التي تنتهجها تركيا ضد الكرد.

منذ ولاية أوباما، قيل كثيرًا إن الولايات المتحدة ستقلل الاهتمام بالشرق الأوسط من أجل توجيه الانتباه إلى أوروبا وشرق آسيا. لم يتلق الرئيس بايدن أي اتصال من القادة في الشرق الأوسط خلال الشهر الأول من حكمه. هل تعتقد أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية بالنسبة للولايات المتحدة؟ من وجهة نظركم وحزبكم ككرد، هل هذا التطور إيجابي أم سلبي؟

يقال إن التركيز على الشرق الأوسط سينخفض ​​لأنه سيزداد على الشرق الأقصى. هذه في الغالب وجهة نظر اقتصادية وتقلل من دور التاريخ والثقافة. تعطي الرأسمالية أهمية كبيرة للاستهلاك. إنها وجهة نظر سطحية أن نقول إن هناك الكثير من المستهلكين في آسيا الأقصى. الشرق الأوسط يملك خلفية ثقافية وتاريخية عميقة الجذور. من الخطأ تقييمها حسب وضعها الحالي. من ناحية أخرى، لا ينبغي فصل الشرق الأوسط عن أوروبا. فقد قدم التراث الثقافي والتاريخي الراسخ للشرق الأوسط وقربه الجغرافي من أوروبا إسهامات كبيرة في تقدم الأخيرة. اليوم، أوروبا، بطريقة ما، متكاملة مع الشرق الأوسط. لا يوجد تراجع في الأهمية الاستراتيجية لا لأوروبا ولا للشرق الأوسط.

لا يزال الشرق الأوسط ومحيطه موطناً لأجندات السياسة الدولية الأكثر تعقيداً. كان تنظيم "داعش" تحديا مشتركا للجميع. كانت هناك تدخلات في العراق وأفغانستان. من ناحية أخرى، يجب ألا ننسى أن إسرائيل جزء من الشرق الأوسط. إن النظر إلى الموقع الجغرافي للشرق الأوسط يكفي لفهم أهميته.

لا نريد أن نتوسع في الحديث عن الأبعاد الإيجابية والسلبية للتغييرات في نقاط التركيز المحورية للولايات المتحدة. لا نعتقد أنه سيكون هناك تراجع في أهمية الشرق الأوسط. من ناحية أخرى، في عالم يزداد عولمة، من المستحيل تخيل أن أهمية الشرق الأوسط ستنخفض. ومع ذلك، هناك أسباب تشير إلى حدوث عكس ذلك تماماً.

في الشرق الأوسط، ستحافظ كردستان على أهميتها. حتى أن النضال الديمقراطي للشعب الكردي ودوره الرائد، المستوحى من فكرة الأمة الديمقراطية، في ضمان التعايش السلمي للكيانات العرقية والدينية المتنوعة، زاد من أهمية كردستان. نظرًا لثقافتهم وسياساتهم، تحول الكرد إلى أساس السلام والاستقرار والديمقراطية في الشرق الأوسط.

لقد شهدنا مؤخرا موقفاً أوروبيا أكثر حزما واستقلالية تجاه الشرق الأوسط. على سبيل المثال، يتدخل الرئيس الفرنسي ماكرون في أزمة لبنان ونزاعات مياه البحر بين اليونان وتركيا. هل ترغب في رؤية مبادرات أوروبية خاصة بالقضية الكردية؟ كيف تحددون علاقتكم بأوروبا بشكل عام؟

تبدي الدول الأوروبية اهتمامًا تجاه الشرق الأوسط. هذا أمر مفهوم. يجب أن تهتم أوروبا بالشرق الأوسط وأن تبدي اهتمامًا به. لكن يجب أن يتطور الاهتمام ويكون بطريقة إيجابية. لا نرى فرقًا كبيرًا بين أوروبا والشرق الأوسط. لذلك نعتقد أن أوروبا يجب أن تكون لها علاقات مع الشرق الأوسط. نتمنى أن تقوم هذه العلاقات على أساس المصالح المشتركة. تتحمل فرنسا والمملكة المتحدة مسؤوليات تاريخية تجاه الشرق الأوسط. يبدو أن الولايات المتحدة قد تسلمت هذه المسؤولية من المملكة المتحدة أو ربما يتشارك الطرفان في تحمل المسؤولية. في واقع الأمر، أبدت فرنسا دائمًا اهتمامًا بلبنان وسوريا. إن عدم المبالاة في هذا الصدد سيؤدي في النهاية إلى قطع علاقات فرنسا مع الشرق الأوسط. نظرًا لإدراكها لتأثيراتها في سوريا ولبنان، اختارت الولايات المتحدة ربط سياساتها الواجبة بفرنسا.

هناك عدد كبير من الكرد يعيشون في أوروبا وهذا يوفر أرضية لإقامة علاقات مع الدول الأوروبية. لدينا تأثير إيجابي على الرأي العام الديمقراطي في أوروبا. كما أقمنا علاقات على مستوى معين مع الدوائر السياسية. ومع ذلك، وبسبب العلاقات القائمة على المصالح مع تركيا وعضوية حلف الناتو، كان لهذه العلاقات تأثير محدود على سياسات الدول الأوروبية. إنهم يعرفون حركتنا ويعترفون بدورها الإيجابي في إضفاء الطابع الديمقراطي على تركيا والشرق الأوسط. لكن علاقاتهم مع تركيا لا تزال توصلهم إلى حد دعم تركيا، وهو ما يذكرنا بسياسات حقبة الحرب الباردة. لذلك، وصل بهم الأمر إلى حد التحريض على سياسات الإبادة الجماعية التركية ضد الشعب الكردي.

أعلن الرئيس بايدن نيته العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران ودعا الإيرانيين إلى العودة إلى المفاوضات بشأن الملف النووي. بغض النظر عن نجاح هذه المفاوضات، هل تعتبر قرار العودة للمفاوضات يؤثر على الكرد وحركتكم سلباً أو إيجاباً؟ ما رأيك باتفاق عام 2015؟

نحن لا نوافق على صنع الأسلحة النووية ولا أي استثمار فيها. نعتقد أن كلاهما له آثار سلبية على الشعوب. لو تبنت الأطراف المعنية نهجًا وثيقًا تجاه اتفاقية 2015، لكان من الممكن أن تكون لها نتائج إيجابية. ليس هناك ما هو أخطر من وجود الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. لا ينبغي النظر إلى الأسلحة النووية على أنها أداة للتباهي بالقوة. سيكون هذا غير أخلاقي وجريمة ضد الإنسانية، كما رأينا في الحرب العالمية الثانية. الأسلحة النووية ضارة ليس فقط للكرد، ولكن أيضًا لجميع شعوب إيران. وجود طموحات لامتلاك أسلحة نووية يعني امتلاك عقلية حقبة الحرب الباردة. سيكون لنجاح اتفاقية عام 2015 نتائج إيجابية لجميع شعوب الشرق الأوسط. 

بالنظر إلى حقيقة أن الدمقرطة هي أفضل نهج لحل المشاكل في إيران، لا ينبغي للرأي العام، في الداخل والخارج، الانخراط فقط في القضية النووية. تحتاج جمهورية إيران إلى الخضوع لعملية دمقرطة كاملة. من وجهة نظرنا، ليس من الصواب أن نضع الإسلام والديمقراطية في مواجهة بعضهما البعض. لهذا السبب روج القائد أوجلان لمفهوم الإسلام الديمقراطي. نحن نعتبر القوى الإسلامية الديمقراطية مقومات وأجزاء من الحياة الديمقراطية.

يُعرف الكاظمي بأنه سيعيد ضمان سيادة العراق. هل تعتقد أن الكاظمي سيواجه تركيا وإيران بسبب تدخلهما في الشؤون الداخلية للعراق وماذا يعني ذلك لحزبكم خاصة وأنكم أيضاً متمركزون داخل الأراضي العراقية؟ وكيف هي علاقتكم ببغداد بشكل عام؟

رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ليس في وضع يسمح له بمعارضة إيران وتركيا وهو لا يملك القوة اللازمة للقيام بذلك. يمكن ضمان سيادة العراق من خلال تبني عقلية معينة وليس تعيين شخص بعينه. يحتاج العراق إلى تبني فكرة الأمة الديمقراطية. أي أن هناك حاجة إلى نهج أيديولوجي وسياسي يمكن أن يضمن التعايش السلمي لجميع المجتمعات العرقية والدينية المتنوعة. لا يجب أن يكون للطائفية ولا للقومية اليد العليا في العراق. إن إضفاء الطابع الديمقراطي على العراق سيجعل من الصعب على الآخرين التدخل في شؤونه الداخلية. نحن ضد أي تدخل في شؤون العراق الداخلية.

تتمركز معظم قواتنا في مناطق الدفاع المشروع مديا. هذه مناطق على الحدود التركية. بمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني، تهاجم تركيا هذه المناطق. العراق ليس قويا بما يكفي لمواجهة مثل هذه الهجمات على أراضيه من قبل تركيا. علاقاتنا مع العراق ليست سيئة. في واقع الأمر، مواقفنا وتمركز قواتنا ليست ضد العراق. من خلال الضغط على العراق، خططت كل من تركيا وإيران وحاولت عدة مرات تأليب العراق علينا. لقد فشلوا في تأليب العراق علينا، لأن وجودنا لا يضر بالعراق ولا خطر عليه. أثناء المعارك ضد تنظيم "داعش"، شكر رئيس الوزراء العراقي حينها، حيدر العبادي منظومة المجتمع الكردستاني (KCK) لحماية المواطنين العراقيين. كان العراق أول بلد يُقدَر دورنا والتكاليف التي دفعناها في الحرب ضد داعش. شكر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، قواتنا الفدائية على دورها في الدفاع عن أربيل ضد داعش. ومع ذلك، وافق وأضفى الشرعية بعدها على هجمات تركيا ضد قوات الكريلا التي حاربت "داعش" وحمت أربيل والتي هو بنفسه زارها وشكرها.

ليست لدينا علاقة وثيقة مع العراق. من وقت لآخر، تُعقد لقاءات واجتماعات بين وحداتنا ومسؤولين عراقيين حول مختلف المجالات في محاولة لفهم سياسات بعضنا البعض. لكننا انتقدناهم لإبرامهم صفقة شنكال مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، في 9 تشرين الأول 2020، دون التشاور مع الأيزيديين. توصل العراق والحزب الديمقراطي الكردستاني، اللذان سلما شنكال إلى تنظيم "داعش"، إلى اتفاق بشأن المنطقة، دون التشاور مع القوات الأيزيدية التي دافعت عن شنكال ضد داعش لمدة ست سنوات طويلة وطلب وجهات نظرها. هذا يتعارض تمامًا مع الصواب والضمير والأخلاق السياسية. وهذا الاتفاق الذي أجراه الطرفان دون التشاور مع الإيزيديين فشل ولم يتحقق. حتى الولايات المتحدة التي كانت تطالب العراق وتركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني بحل قضية شنكال، بدأت تدرك أن استبعاد إرادة الإيزيديين من هذه الاتفاقية لا يساعد في إحراز أي تقدم. كان يجب على الولايات المتحدة الآن أن تتوصل إلى نتيجة مفادها أن الحل الأفضل هو الحل الذي يلعب فيه الأيزيديون أنفسهم دورًا نشطًا.